المضيق: جميلة عمر
توفي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق، الاستاذ عبد الكبير بن العربي بن هاشم العلوي المدغري، عن عمر يناهز 75 عاما، بعد مرض عضال دخل على إثره في غيبوبة طويلة، مخلفًا وراءه مسارًا حافلًا بالعلم، وظل المدغري على رأس وزارة الشؤون الدينية للمملكة لمدة 19 عاما، بعدما حظي بدعم وافر من قبل المرحوم الملك الحسن الثاني، وهو من الشخصيات المعروفة في المغرب، ولد سنة 1942 في مكناس، خاض معارك كبيرة في بحر العلوم الشرعية والشؤون الدينية والإسلامية.
وتمتع بقيمة اعتبارية كبيرة لدى الحسن الثاني، أهلته ليحظى بشرف تلاوة خطاب البيعة إثر جلوس الملك محمد السادس على عرش المغرب، عقب وفاة والده الحسن الثاني، بعدما قيل إنه شخصيا من تولى كتابة وثيقة البيعة رفقة المستشار الملكي عباس الجيراري، الذي كان أحد المصرين على ضرورة أداء البيعة فورا قبل دفن جثمان الملك، لتجاوز أي فراغ في الحكم ولو لمدة قصيرة، وسبق للراحل ،أن شغل مناصب وظيفية متعددة أبرزها ممارسته مهنة المحاماة وأستاذ جامعي بعدة جامعات، حظي بشرف آخر وهو تكليفه بمنصب "مدير عام لوكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس"” التي يترأسها محمد السادس، ملك المغرب
وقضى الراحل، شبابه كله بين مدرجات العلم المعرفة والخزانات العلمية، إذ بعد حصوله على شهادة الباكلوريا من جامعة القرويين بفاس، التحق الرجل بكلية الآداب العلوم الإنسانية بنفس المدينة، ليحصل على شهادة الإجازة في الدراسات الاسلامية، ثم تلتها شهادة الإجازة في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالرباط وشهادة دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية في الرباط
وتوج دراساته العلمية بدار الحديث الحسنية، بحصوله على دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية من نفس المؤسسة الجامعية، إذ قدم بحثا عن تخرجه في موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم. ويعتبر المدغري من أوائل خريجي دار الحديث الحسنية، وتمكنت شواهده ، أن يحصل على إثرها كأستاذ التعليم العالي باحث بكلية الشريعة جامعة القرويين في فاس، قبل أن يصبح أستاذا محاضرا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، ثم أستاذا في المعهد المولوي بالرباط، وهو معهد تابع إلى القصر الملكي يدرّس به الأمراء والأميرات، وقبل أن يصبح وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية كانت له عدة أنشطة ثقافية وحقوقية، أبرزها العضوية بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وفي المجلس العلمي في فاس ورابطة علماء المغرب، وتعدى صيته حدود المغرب، إذ قبل أن يصبح المدير العام لوكالة بيت مال القدس، سبق أن كان عضوا بأكاديمية آل البيت للفكر الإسلامي في الأردن، وفي الثمانينات عندما كان وزيرا للأوقاف أشرف على جامعة الصحوة الإسلامية، بضوء أخضر من الحسن الثاني الذي كان يريد إدماج جزء من الإسلاميين في المجال السياسي، وكان حريصا على التواصل مع كل الأطياف الفكرية بما فيها المتشددة، رغم أن ذلك جر عليه انتقادات واسعة، إلا أنه لم يأبه بذلك وواصل مسيره ومساره، إلى أن أصبح عاجزا على التأثير بسبب الأمراض التي ألمت به، قبل أن يرحل في صمت إلى جوار ربه، صباح اليوم السبت، بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، بعد فترة غيبوبة قضاها في العناية المركزة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر