التونسي الواد يقتحم ملف الفساد روائيًا
آخر تحديث GMT 02:43:42
المغرب اليوم -

التونسي الواد يقتحم ملف الفساد روائيًا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - التونسي الواد يقتحم ملف الفساد روائيًا

الجزائرـ وكالات

عرف حسين الواد باحثا متميزا في الأدب العربي وأستاذا بالجامعات التونسية والعربية، مهتما بالشعر العربي القديم، ومقدما فيه العديد من البحوث والدراسات المهمة، حتى خرج على المشهد الثقافي التونسي سنة 2010 برواية 'روائح المدينة' ضمن أهم السلاسل الروائية التونسية 'عيون المعاصرة'، التي يشرف عليها الناقد التونسي المعروف توفيق بكار. وبهذا العمل البكر تحصّل الواد على جائزة الكومار الذهبي لأفضل رواية تونسية، وبعد سنة واحدة ينشر روايته الثانية 'سعادته...السيد الوزير' في نفس السلسلة، لتصل إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 'البوكر' وليكون التونسي الوحيد أيضا في هذه الدورة.وكشف توفيق بكار أن ما نشره لحسين الواد من روايات كتبت منذ سنوات، لكنها بقيت في الأدراج مخفية، إما يأسا من واقع الثقافة في تونس أو نتيجة تخوف من النشر والظهور بهوية جديدة، بعد أن عرف الكاتب ناقدا وباحثا ناجحا.كما يعود تأخر نشر هذه الأعمال إلى جرأة ما تطرحه من خلال مساءلتها الواقع السياسي التونسي في العهد السابق الذي قامت ضده ثورة 14 يناير وخاصة روايته 'سعادته...السيد الوزير'.يضع الباحث الجامعي التونسي شكري المبخوت، عنوانا دالا لتقديمه للرواية، مؤكدا على الثيمة التي تداورها رواية حسين الواد وهي 'Dégage يا عصابة السراق...'، وهي الشعارات التي رفعها الشعب التونسي إبان ثورته على الدكتاتور، وهو بذلك يرفع من الهتاف الشعبي فوق خطاب النخبة.ويقول المبخوت: 'كتب حسين الواد هذه الرواية قبل الثورة التونسية بسنوات، ولسنا نشك في أنه قد استلهم زمن كتابتها من بعض ما كان يتداول من أخبار عن دولة الفساد والسراق وفضائح وزرائها وزعيمهم وعائلته المالكة..'.وتسرد الرواية قصة عثور أحدهم على مخطوط مجهول بالمكتبة الوطنية، وبعد أن فشل في العثور على صاحبه دفعه إلى نشره، منتظرا أن يتعرف عليه صاحبه. ويتضمن المخطوط مرافعة أحد الوزارء المتهمين من النظام بعد أن رفض المحامون الدفاع عنه وخط فيه قصته مع ابن خالته رئيس الوزارء الفاسد، خادم النظام القديم، الذي دفعه إلى التهلكة السياسية، مستغلا وضعه الاقتصادي المتدهور كمعلم، ليقع تعيينه وزيرا 'للموارد الطبيعية والممتلكات'.يتحول الرجل من معارض للنظام إلى خادم ومدافع عنه، ومن نقابي أصيل إلى عدو للمنظمة العمالية التي تدافع عن حقوق المسحوقين، وليصل به الأمر إلى وصف رفقاء النضال بـ'الحاقدين على الدولة' بعد أن طالبوا بالاضراب العام.كما أصبح المعلم صاحب المبادئ أداة النظام -الحزب- لبيع ممتلكات الدولة والتفريط فيها للقطاع الخاص، ولئن لم يسرق الوزير كما يرد في مرافعته إلا أنه قد أمضى على كل السرقات وبشكل قانوني فأفلس البلاد لصالح 'سيادته' عبر التفريط في ممتلكات الشعب بأبخس الأثمان.وترصد الرواية في أكثر من مائتين وخمسين صفحة سيرة انحطاط القيمة أمام سطوة المال وكأن حسين الواد يخرج إلينا اللاوعي البشري، مذكرا بالمثل الفرنسي 'اليد النظيفة هي اليد القصيرة'. لا يمكن لرواية تتوغل في سراديب السياسة أن تغفل عن واقع الفساد الأخلاقي الذي تحتضنه دولة الحزب الواحد، عبر مظاهر متعددة، وتنهض المرأة كأحد ميكانزمات اشتغال ذلك الفساد وإدارته من السكرتيرة إلى السياسية إلى صاحبة 'الجلالة الملكية'.فهناك في مكاتب الوزارات والقصور تنشط الدعارة كعصب أساسي يشكل الخط الموازي للدعارة السياسية. كل ذلك وفق رؤية خاصة للسياسة باعتبارها العدو الحميم للأخلاق، فالأخلاق في عرف الساسة في دولة الفساد تعد حمقا.ولذلك كان رئيس الوزراء أو 'سيادته' يغير زوجاته كما يغير جواربه، ولا يعنيه من أمر جمالهن وصغرهن شيئا وهو يتسلق سلم المراتب السياسية، فالجاه والنفوذ لديه هو المقياس الوحيد للزواج.وبذلك تلامس رواية حسين الواد ثلاثيا جديدا قديما، هو السياسة والمال والجنس، معلنة عن هذا 'التواطؤ الجذري بين هذه الأقانيم الثلاثة' على حد قول الناقد شكري المبخوت.وتدعم رواية حسين الواد تيارا جديدا في الرواية التونسية كان مغيبا ومحتشما وهو 'الرواية السياسية'. وبدأ هذا النمط الروائي ينمو في ظل هذا البصيص من الحرية الذي يعيشه الكاتب التونسي، رغم المهالك الكبيرة التي تتهدد الروائيين التونسيين، الذين تسرع الكثير منهم في كتابة السياسي بشكل منبري وسطحي. غير أن حسين الواد قد نجا من ذلك، ربما لأنه كتب روايته قبل الثورة، وربما لأنه اقتحم أيضا الكتابة الإبداعية والروائية في مرحلة متقدمة من العمر والتجربة، إنه من مواليد 1948. والرواية على الرغم من طرافتها وجديتها ولغتها المتينة والساخرة أحيانا بإقحام المتداول اليومي والعامية التونسية مثلا، ظهرت بها مواطن ضعف هنا وهناك وخاصة إحساس القارئ بالرتابة أحيانا من أحداثها البطيئة. كما لم يفلح الروائي في القصة الإطار باعتبار أن الرواية كلها مرافعة أمام القضاء كتبها الوزير للدفاع عن نفسه، حيث تغيب الإشارة إلى ذلك بالعبارات المطلوبة فيسرد فصولا أحيانا دون الإشارة إلى أصل النص باعتباره مرافعة، وكلما ذكر ذلك بدت تقنية مسقطة أو مقحمة إقحاما.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التونسي الواد يقتحم ملف الفساد روائيًا التونسي الواد يقتحم ملف الفساد روائيًا



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib