هل انتهى حزب العدالة والتنمية المغربي

هل انتهى حزب العدالة والتنمية المغربي

المغرب اليوم -

هل انتهى حزب العدالة والتنمية المغربي

بقلم - ادريس الكنبوري

حزب العدالة والتنمية يتقدم تدريجيا نحو الهاوية، بعد أن فقد بوصلته ولم تعد له سياسة واضحة، وباتت اختياراته الاجتماعية والاقتصادية خصما للناخبين، ما يهدده بفقدان مركزه الانتخابي وخسارة جزء كبير من وعائه الانتخابي التقليدي.

فقدان المركز الانتخابي
يعيش حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو التوجه الإسلامي، أصعب اختبار في تاريخه منذ أن ظهر عام 1997. فقد بدأت شعبيته تتآكل في الأشهر الأخيرة التي أعقبت تشكيل حكومة سعدالدين العثماني، إذ لا يمر يوم دون أن يبرهن الحزب على أنه غير مؤهل لقيادة المرحلة السياسية في المغرب والتعاطي مع الشأن العام من موقع المسؤولية، الأمر الذي دفع الرأي العام المغربي إلى التعبير عن الاستنكار والسخرية من حزب ظل ينادي دائما بأنه القوة الحزبية الأولى في البلاد.

الضربة القاسية التي تلقاها الحزب في الآونة الأخيرة تمثلت في “المسيرة الوطنية” التي دعا إليها الأسبوع الماضي تضامنا مع الشعب الفلسطيني بمناسبة ذكرى يوم النكبة عام 1948 في العاصمة الرباط. لكن لم يتجاوب مع دعوته سوى العشرات من الأفراد الذين بدوا في قلب العاصمة مثل جماعة صغيرة في الزحام، وهو ما دل على أن عددا كبيرا من أعضاء الحزب لم يكلفوا أنفسهم عناء النزول إلى الشارع.

وقد تناقل العديد من المواطنين المغاربة صور المسيرة التي أطلقوا عليها تسمية “المهزلة”، ساخرين من الحزب الإسلامي الذي لا يزال مصرا على استثمار القضايا القومية، بينما يترجم واقعه أسوأ تدبير له في الشؤون الوطنية الداخلية.

المسيرة الفاشلة مثلت امتحانا لشعبية الحزب، بحيث لم يعد أحد ينصت إلى خطاباته أو يقرأ بلاغاته إلا على سبيل التهكم، وصار الزمن الذي كان فيه يتمتع بحضور لافت في حكم الماضي البعيد، مثل تلك المسيرة الكبرى التي دعا إليها مع شركائه عام 2002 في الدار البيضاء وشارك فيها ما يزيد عن المليون شخص، احتجاجا آنذاك على ما كان يسمى “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”، التي كانت قد تقدمت بها حكومة الاشتراكيين بزعامة عبدالرحمان اليوسفي.

وما زاد الطين بلة موقف الحزب والحكومة التي يرأسها من حملة المقاطعة التي أطلقها بعض الناشطين المغاربة قبل أكثر من شهر، احتجاجا على غلاء الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة، وأثبتت نجاحها بعد أن تحولت إلى حالة شعبية عامة.

فالعثماني التزم الصمت طيلة أسابيع، قبل أن يخرج بموقف ضعيف وُوجه باستياء عام، حين صرّح بأن حكومته ستطلق حملة تواصلية لمواجهة الآثار السلبية للمقاطعة. وبدل أن تتخذ الحكومة قرارات عملية لمواجهة الآثار السلبية للغلاء، قررت الاصطفاف إلى جانب الشركات المنتجة للبضائع التي طالتها المقاطعة.

وزاد عبدالإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق وأمين عام الحزب السابق، صب الزيت على النار حين صرح للصحافيين بأن حملة المقاطعة مشبوهة، ما عرّضه لانتقادات من المواطنين الذين حملوه المسؤولية عن ارتفاع الأسعار في المرحلة التي ترأس فيها الحكومة بين 2012 و2017. وبينما كان الكثيرون، حتى داخل حزبه، قد نسوه تماما بعد أن توارى عن الأنظار، أعاد ذلك التصريح تذكير المواطنين بمسؤولياته في إنهاك جيوب المغاربة عبر نهج سياسات غير شعبية، والرفع من ثمن المحروقات في عهد حكومته، الأمر الذي يحتج عليه المواطنون اليوم ويقاطعون واحدة من الشركات الموزعة له.

الواضح أن حزب العدالة والتنمية يتقدم تدريجيا نحو الهاوية، بعد أن فقد بوصلته ولم تعد له سياسة واضحة، وباتت اختياراته الاجتماعية والاقتصادية خصما للناخبين، ما يهدده بفقدان مركزه الانتخابي وخسارة جزء كبير من وعائه الانتخابي.

وتظهر نتائج الانتخابات الجزئية التي أجريت خلال السنتين الأخيرتين في إحدى عشرة دائرة انتخابية أن الحزب فقد تماما أي حضور له، بحيث لم يتمكن من الفوز سوى في دائرة واحدة هي مدينة تطوان بصعوبة، بينما خسر في عشر دوائر، بينها دوائر انتخابية كانت تعتبر معاقل له في كل المحطات الانتخابية التي جرت منذ نهاية التسعينات.

وتظهر هذه المعطيات أن نموذج الإسلام السياسي الذي يمثله حزب العدالة والتنمية في المغرب أصبح نموذجا فاشلا في بضع سنين فقط، منذ أن تولى لأول مرة رئاسة الحكومة قبل ست سنوات. وبالمقارنة مع التجارب الحزبية الأخرى التي تولت مسؤولية قيادة الحكومات في البلاد، يتبين أن حزب العدالة والتنمية قضى أقصر مدة ولم يحافظ على شعبيته لأمد طويل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتهى حزب العدالة والتنمية المغربي هل انتهى حزب العدالة والتنمية المغربي



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما
المغرب اليوم - دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 14:38 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

إطلالات المشاهير بالتنورة القصيرة لإطلالة راقية

GMT 22:45 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

نصائح للتعامل مع الزوج الذي لا يريد الإنجاب

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يٌخطط لحسم 4 صفقات كبرى في الصيف

GMT 15:02 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

برشلونة يتراجع عن ضم موهبة البرازيل

GMT 02:29 2024 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

قرار حاسّم بشان مستقبل سيرجي روبيرتو مع برشلونة

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib