ترامب والمخاطر الأمنية في أفريقيا

ترامب والمخاطر الأمنية في أفريقيا

المغرب اليوم -

ترامب والمخاطر الأمنية في أفريقيا

بقلم : ادريس الكنبوري

في الوقت الذي تتأكد فيه نوايا الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وتتوالى تصريحاته حول إعطاء الأولوية للمصالح الأميركية، فإن السياسة الخارجية التي يمكن أن تنتهجها إدارته تجاه القارة الأفريقية تظل غير واضحة حتى الآن، وما إن كانت واشنطن ستبتعد أكثر عن المسرح الأفريقي مقارنة بإدارة باراك أوباما، أم أنها ستشهد المزيد من الانفتاح، في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تعيشها القارة.

لم يشر ترامب خلال تصريحاته، سواء قبل أو بعد انتخابه، إلى أفريقيا، ما عدا مرتين أو ثلاثا، في إحداها قال ساخرا إن القارة الأفريقية في حاجة إلى استعمار جديد لمدة مئة عام قادمة. ويبدو أن مزحة السياسيين ليست دائما هازلة، بل قد تعكس نظرة معينة إلى الأمور. فترامب، الذي أظهر قدرة فائقة على خلق المفاجآت، يمكنه أن يعدّ مفاجأة جديدة للأفارقة، أقلها التراجع عن القرارات التي كانت الإدارة الأميركية السابقة قد اتخذتها، خصوصا بعد القمة الأميركية – الأفريقية في واشنطن قبل عامين، حين أعلن عن تخصيص 33 مليار دولار كمساعدات اقتصادية للبلدان ذات الهشاشة، والتي تعاني على الصعيدين الأمني والاقتصادي.

فريق ترامب أعلن في أكثر من مناسبة أن السياسة الجديدة للرئيس الجمهوري ستتجه أكثر فأكثر نحو الانعزالية والنأي عن النزاعات الدولية، ما عدا حينما يتعلق الأمر باستهداف المصالح الأميركية أو المساس بالأمن القومي الأميركي بشكل مباشر، وهو ما يثير مخاوف البلدان الأفريقية التي راهنت على دعم واشنطن في معركة مكافحة التنظيمات الإسلامية المسلحة. وتتوفر واشنطن حاليا على قاعدة عسكرية ثابتة في جيبوتي تعد محورا هاما في منطقة القرن الأفريقي، وتعاقدت مع حكومة النيجر على إقامة قاعدة عسكرية جديدة من منطقة الساحل، حيث تنشط العديد من التنظيمات المتطرفة المسلحة، مثل حركة الشباب الصومالية وبوكو حرام النيجيرية وأفرع تنظيم القاعدة. وتضم قاعدة جيبوتي قرابة الثلاثة آلاف جندي أميركي إضافة إلى الموظفين المدنيين، وفي بلدان أفريقية أخرى هناك تواجد عسكري أميركي متفاوت الأهمية، كما هو الحال في الصومال وأوغندا والنيجر وجنوب السودان.

وفي الوقت الذي تأمل البلدان الأفريقية، المتضررة أكثر من المخاطر الإرهابية، في زيادة الدعم الأميركي والانخراط أكثر في استراتيجية محاربة الإرهاب، فإن السيناريو الذي يؤرق الأفارقة هو أن تَعْمَد الإدارة الأميركية الجديدة إلى إعادة نشر قواتها المتواجدة في القارة، وإعادة النظر في تركيبتها وفي الميزانية المخصصة لها. ففي وثيقة من أربع صفحات وجهها فريق الرئيس الأميركي إلى هذا الأخير وكشفت عنها صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أسابيع، طرحت تساؤلات حول أهمية الانخراط في المشاكل الأفريقية بالنسبة إلى واشنطن، حيث ورد فيها أن الولايات المتحدة تحارب جماعة بوكو حرام النيجيرية قبل عشر سنوات دون أن تنتهي تلك الحرب، كما طرحت فيها تساؤلات حول جدوى القتال ضد أشخاص إرهابيين يقودون جماعات مسلحة دون أن يكونوا قد شكلوا خطرا على الأمن القومي الأميركي.

وبالرغم من هذه المعطيات التي يعتمدها البعض لتأكيد العزلة الأميركية عن القضايا الأفريقية، فإن تصريحات ترامب التي أعلن فيها أن الحرب ضد الإرهاب الإسلامي ستكون من بين أهدافه الرئيسية، تعطي أهمية لسيناريو التدخل الأميركي في النزاعات الأفريقية الراهنة. فالتنظيمات المسلحة المتواجدة في منطقة الساحل، علاوة على الوضع الأمني في ليبيا، لا تشكل فقط تهديدا للبلدان الأفريقية، بقدر ما تشكل خطرا بنفس الحجم على المصالح الأميركية والأوروبية، وانتشارها في غياب سياسة للردع سوف يزيد من المخاطر المحتملة على الأمن القومي الأميركي، خاصة المصالح الاقتصادية الأميركية في أفريقيا، في ظل اهتمام الإدارة الأميركية الجديدة بمنافسة النفوذين الصيني والروسي في القارة الأفريقية.

المصدر: صحيفة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والمخاطر الأمنية في أفريقيا ترامب والمخاطر الأمنية في أفريقيا



GMT 09:24 2024 الخميس ,14 آذار/ مارس

لياقة العقل لا الجسد

GMT 14:53 2024 الأحد ,10 آذار/ مارس

شراع دونالد ترامب!

GMT 17:20 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

جزيرة المتعة!

GMT 16:27 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

GMT 18:50 2023 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

اعتراف رئيس مخابرات

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:27 2024 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أول تعليق من داني ألفيس بعد خروجه من السجن

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إجلاء نحو 117 ألف شخص بسبب الفيضانات في كازاخستان

GMT 04:59 2024 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

نصائح لاستعادة التوازن الغذائي عقب شهر رمضان

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 12:38 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib