ماهو مستقبل الكتاب المسموع
أخر الأخبار

ماهو مستقبل الكتاب المسموع؟

المغرب اليوم -

ماهو مستقبل الكتاب المسموع

بقلم : عبده حقي

((قل لي .. إحك لي قصة ... )) كم من مرة في طفولتنا توسلنا بإلحاح كبير إلى آبائنا

بأن يحكوا لنا قصصا . إن حبنا للأدب بصفة عامة ليس إلا عشقا ناتجا عن تلك الحكايات والقصص التي سردها علينا آباؤنا أوجداتنا ونحن نتهيِؤ للنوم في المساء . فلو لم تكن والدتي قد روت لي حكاية عن مغامرات عائلة (باسيفلورPASSIFLORE ) ـــ وهي سلسلة كتب فرنسية خاصة بالأطفال كتبها (Geneviève Huriet جونيفييرهوريي) ـــ هل كنت سأهتم بالأدب اليوم ؟ ومن دون شك أننا تعلمنا القراءة في الأقسام المدرسية الأولى حيث إنتقلنا من التعلم بواسطة السمع إلى التعلم بالكتابة . فالدواوين والكتب التي كنا نرغب في سماعها في البيت قد صار لها نفس آخر حيث بات اليوم بإمكاننا بدورنا أن نكتبها من جديد.

لقد شرعنا في إثبات قدراتنا على القراءة وذلك بإلقائنا للنصوص بصوت عال ومسموع .

وما من شك في أن الشفاهية والكتابية مرتبطتان جدليا في تصور وإدراك الأطفال ، لكن مع مرور سنوات العمر تصبح لديهم السيطرة للكتابية والقراءة الصامتة بدل التعلم عن طريق السمع. ورغم هذا التحول فإن ظهور أسانيد النشر الرقمي قد أعادت البوصلة إلى الشفاهية من جديد .

إن ظهور الكتاب المسموع the audio book بصيغة قرص مدمج CD-ROM أو عن طريق تحميل ملف صوتي MP3 فهذا يعد في حد ذاته تجربة إيجابية في المجال الأدبي بشكل عام .

وإذا كان الكتاب المسموع مايزال مغمورا في فرنسا فإنه على العكس من ذلك فقد بات يمثل مايناهز 10 % في سوق النشر في الدول الأنجلوساكسونية .

لقد تم إختراع الكتاب المسموع ثم تطويره فيما بعد منذ مطلع القرن العشرين خصوصا لفائدة الشباب بغاية تسميعهم قصص وحكايات أو تعليمهم مناهج اللغة وفونيماتها (صوتياتها) كما تم أيضا تعميمه لفائدة المكفوفين الذين فتح في وجوههم آفاق جديدة من الأمل في التعلم والتكوين ..إلخ
لكن مع ظهور وسائط ميديا جديدة مثل التلفاز تراجع دور الكتاب المسموع منذ بداية الستينات .

وفي ظل التقدم الحاصل في علوم التكنولوجيا في الوقت الراهن والثورة الرقمية طفا على السطح من جديد دور الكتاب المسموع في مجال النشر بشكل عام .

ففي أيامنا هاته التي تتميز بظاهرة تنقيل المحتويات من شكلها المادي إلى سند رقمي فقد بات من السهل الحصول على كتاب مسموع عن طريق تحميله بواسطة رابط إنترنت .

وبالرغم من كل هذه الإيجابيات فواقع الكتاب المسموع اليوم يثبت عكس ذلك إذ لايتجاوز عدد الكتب المسموعة 4000 عنوان كما أن الكتاب المسموع لايمثل سوى 1% من سوق النشر في فرنسا . فهل يتعلق الأمر إذن بظاهرة فرنسية فحسب ؟

تتبدى إذن مشروعية هذا السؤال في كون الكاتالوغ الأنجليزي يحتوي على 200000 عنوان وعدد الكتب المسموعة إرتفع من 38% سنة 2015 في دول فولكنيرFAULKNER*) حسب جمعية للناشرين في الولايات الأمريكية المتحدة وبحسب نفس المصدر فقد تم تحميل مايناهز44 مليون كتاب مسموع . وليست الولايات الأمريكية المتحدة التي تتصدر وحدها هذا المجال فحسب بل إن في ألمانيا وأنجلترا بلغت نسبة الكتب المسموعة 10% من إجمالي سوق النشر.

إن رقمنة وتسجيل المحتويات والنصوص قد يتطلب بعضا من الوقت . وثلثا الكتب المسموعة توجد على أقراص مدمجة CD أما الناشرون فهم منهمكون حاليا في أوراش إصدار الكتب الإلكترونية ولم يفكروا بعد في أهمية الكتب المسموعة إذ ينصب إهتمامهم أساسا على رقمنة المصنفات الأدبية الكلاسيكية التي لن يكون لها تأثير كبير وواضح لدى القراء.

من جانب آخر فمن المؤكد أن الثقافة عموما في فرنسا تعتبر شيئا بالغة الأهمية ففي سن السابعة من عمر الأطفال يتم الإنخراط في هذه الحقيقة عن طريق الكتابة والقراءة الصامتة.

وجذير بالذكر أن الملفات الصوتية وملفات الفيديو ماتزال مرتبطة بالرغبة في الترفيه والتمتع عكس دور الكتاب الورقي الذي يعتبر في تفكيرنا التقليدي منذ قرون رافدا للمعرفة والتعلم ..إلخ

ومن الأمور السلبية كذلك بهذا الصدد أن الضريبة على القيمة المضافة value added tax تصل إلى 5,5 % على الأقراص الصوتية المدمجة مثل الكتب الإلكترونية وأيضا الكتب الورقية فيما ظلت نفس الضريبة مرتفعة والتي تصل إلى 19,6% في مجال تحميل الكتب المسموعة .

الكتاب المسموع يمتلك عديدا من الخاصيات الإيجابية التي تميزه عن الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي . إنه يمكننا من إنجاز عملين في وقت واحد . فبفضله نحن لسنا في حاجة إلى حمل كتاب وتقليب أوراقه أو حمل لوح إلكتروني (تابليتة) بين أيدينا لأن الكتاب المسموع قابل للإستعمال في مختلف الأوضاع مثل وسائل التنقل حيث يتعذرعلينا أحيانا تصفح كتبنا الورقية في راحة وحرية في التناول. وإذا كنا نقضي الكثير من أوقاتنا في الإستماع للإذاعات والموسيقى فذلك يعني بكل تأكيد أنه بوسعنا أن نستمع إلى الكتب المسموعة .

بالإضافة إلى كل ما سلف ذكره فإن الكتاب المسموع يعفي عيوننا من تعب وسلبيات القراءة على الورق أو الشاشة لأنه يمنحنا متعة إغلاق عيوننا والإنصات إلى صوت السارد تماما مثلما تعودنا على ذلك في الطفولة في حكايات وقصص جداتنا ، هذا فضلا عن كون الكتب المسموعة تمكننا من تجويد نطق اللغات الأجنبية بواسطة سلسلة الدروس المسموعة في نسختها الأصلية مايعرف إختصارا ب OV أي ORIGINAL VERSION وأخيرا يمكن القول أن إيجابيات الكتب المسموعة لاحصر لها .

لقد حاول عديد من الفاعلين في هذا المجال إبداء آرائهم بخصوص رهانات الكتب المسموعة audio book في المستقبل وقد عمدت مؤسسة (أوديبيل AUDIBLE) المنتجة للكتب المسموعة والتابعة لشركة أمازون AMAZON من المشاركة في المعرض الدولي للكتاب في باريس سنة 2015 وهي تخطط حاليا لمضاعفة منتوجاتها في هذه السنة .
من جانبها قامت جمعية (ريشة الطاووس) بتنظيم ملتقيات بهدف مكافأة الفاعلين في مجال الكتب المسموعة وتحفيز القراء على الإقبال على إقتنائها ويروم هذا العرض إلى البحث عن المزيد من التطوير والتقدم وإنتاج كاتالوغات جذابة وحديثة .

أخير يبدو أن إستعمال الكتب المسموعة في السنين القادمة سوف يعيدنا إلى زمن التقليد الجميل .. زمن الشفاهية وثقافاتها التي أنارت حضاراتنا .

ـــ ماتيلد دو شالانج* مساعدة في هيأة إدارة تحرير الكتاب لدى مؤسسة FNAC وهي سلسة من التاجر المتخصصة في توزيع المنتوجات الثقافية والإلكترونية منذ سنة 1954

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماهو مستقبل الكتاب المسموع ماهو مستقبل الكتاب المسموع



GMT 15:00 2020 الثلاثاء ,26 أيار / مايو

مستقبل العالم بعد فيروس كورونا؟

GMT 08:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا غير الويب في مهنة المتاعب ؟

GMT 04:55 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

بداية الحكاية

GMT 05:13 2017 الخميس ,08 حزيران / يونيو

عودة الروح لابن عربي

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

عمّان - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات
المغرب اليوم - أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات

GMT 06:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 14 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 10:53 2024 الجمعة ,23 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 23 فبراير / شباط 2024

GMT 09:56 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الخميس 18 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 08:26 2023 الخميس ,04 أيار / مايو

شركة تويوتا تكشف عن بوس الرياضية الجديدة

GMT 05:05 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الأحد 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023

GMT 10:08 2023 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib