مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب هل «انتهى الكلام»

مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب: هل «انتهى الكلام»؟

المغرب اليوم -

مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب هل «انتهى الكلام»

بقلم : عبد العالي حامي الدين

مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب وصل إلى منعطفات حاسمة، فبعد عدة جولات من المشاورات مع الأحزاب السياسية، أقدم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على إصدار بيان صارم يغلق فيه باب المفاوضات مع حزبين من الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكومة، وهما حزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا) وحزب الحركة الشعبية (26 مقعدا)، وذلك بعدما أقدما على التوقيع على بيان رباعي رفقة حزبين آخرين ليسا معنيين بالمشاركة في الحكومة وهما حزب الاتحاد الدستوري (19 مقعدا) وحزب الاتحاد الاشتراكي (20 مقعدا).

مضامين البلاغ الذي أصدرته الأحزاب الأربعة نهاية الأسبوع المنصرم، تؤكد على الالتزام الرباعي بالمشاركة في الحكومة بشكل جماعي، وتطلب من رئيس الحكومة الاستمرار في المشاورات حتى مع الأحزاب التي لا يحبذ هو مشاركتها في الحكومة، بعدما استقر رأيه على حصر المشاورات في دائرة الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي الحالي، وهي أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

البلاغ الذي أصدره عبد الإله بنكيران لقي تجاوبا كبيرا من طرف الرأي العام، وبات يعرف في الأوساط الشعبية ببيان «انتهى الكلام»، وهي العبارة التي وردت في البلاغ، ومن المعروف أن رئيس الحكومة كثيرا ما يختم بها تدخلاته المرتجلة، سواء في اللقاءات العامة أو في جلسات البرلمان.

الكثير من المتابعين اعتبروا أن هذا البلاغ كان نتيجة طبيعية لانحراف مسلسل المشاورات عن منهجيته المفترضة، وتحوله إلى مسلسل من الابتزاز الذي لا ينتهي، فبعدما كانت مطالب حزب الأحرار تنحصر في الاستغناء عن حزب الاستقلال، وهو ما تم التأكد منه بعد تداعيات تصريحات حميد شباط وتأثيرها على العلاقات المغربية الموريتانية، فقد انتقلت مطالب الملياردير عزيز أخنوش الرئيس الجديد لحزب الأحرار، إلى المطالبة بإدخال حزبين آخرين إلى الحكومة ضدا على رغبة رئيس الحكومة.

وهو ما يعني بالنسبة للمراقبين أن السيد عزيز أخنوش تجاوز صلاحياته كرئيس لحزب سياسي، وبدأ يمارس صلاحيات رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها، الشيء الذي رأى فيه قياديون من حزب العدالة والتنمية تصرفا ماسا بالكرامة، وفيه نوع من الإذلال لمؤسسة رئاسة الحكومة.

ولذلك رأى الكثيرون في بلاغ «انتهى الكلام» دفاعا عن الدستور وعن مكانة مؤسسة رئيس الحكومة وعن وظيفة الأحزاب السياسية المستقلة، كما رأوا فيه دفاعا عن الإرادة الشعبية المعبر عنها يوم 7 أكتوبر 2016، والتي بوأت حزب العدالة والتنمية الرتبة الأولى بـ125 مقعدا..

إلى حدود كتابة هذه الحروف، ليست هناك مؤشرات دالة على إمكانية حلحلة الوضع..

هذا التمرين الصعب هو من نتائج التقدم الدستوري الذي عرفه المغرب بعد يوليوز 2011، والذي جعل مهمة تشكيل الحكومة ملقاة على عاتق رئيس الحكومة المعين من قبل الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات، وفي ظل نظام انتخابي لا يسمح بفرز أغلبية برلمانية من حزب واحد أو حزبين، فإن مهمة رئيس الحكومة تستلزم إجراء مشاورات مع الأحزاب الأخرى قصد بناء أغلبية حكومية، غير أن هذه المهمة تصطدم بضعف استقلالية القرار لدى العديد من الأحزاب السياسية، مما يجعل الصورة تبدو أمام الرأي العام وكأنها عبارة عن صراع إرادات بين اتجاه يناضل من أجل احترام الاختيار الديمقراطي والإرادة الشعبية المعبر عنها بواسطة صناديق الاقتراع، واتجاه آخر يعرقل هذا التوجه وهو غير قادر على التفاعل بشكل مستقل مع التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية السريعة التي يعرفها المجتمع المغربي، خصوصا بعد إقرار دستور 2011..

العارفون بشخصية عبد الإله بنكيران، يدركون جيدا بأنه رجل التوافقات الكبرى، وكثيرا ما قدم تنازلات معتبرة لحلفائه ولخصومه على حد سواء، ولذلك فإن استمرار عرقلة تشكيل الحكومة يثير الكثير من التساؤلات حول المنطق الذي تُمارس به السلطة في المغرب، ويطرح الكثير من التحديات حول مستقبل المشاركة السياسية في المحطات الانتخابية القادمة.

وفي رأيي الخاص، فإن السلطة في المجال السياسي هي تعبير عن قوة معنوية تتمتع بها مؤسسات حاكمة لتدبير شؤون المجتمع، فكل دولة تتوفر على عدد من المؤسسات التي تمارس السلطة استنادًا إلى شرعيات متعددة، تعبر في النهاية عن القبول الطوعي بالسلطات الحاكمة، وهذا القبول يتم التعبير عنه بطرق مختلفة…
طبعا، في مجتمع يشق طريقه بثبات نحو الديمقراطية، فمن المفترض أن تُمارس هذه السلطات في ظل سيادة القانون، وصلاحياتها ووظائفها تكون نابعة من الدستور الذي يحدد فلسفة نظام الحكم والإطار العام الذي تمارس فيه السلطة، وتتكفل القوانين العادية والتنظيمية بتفصيل المقتضيات الضرورية لممارسة هذه السلطة، وفي دولة كالمغرب اختارت النظام الديمقراطي، فإن المؤسسات التمثيلية المنبثقة عن الاقتراع الحر والنزيه تحتل مكانة معتبرة في هندسة السلطة، وهذه المؤسسات هي تعبير في النهاية عن حيوية تنافسية تجري بين المشاريع المعروضة من طرف الأحزاب السياسية، والعرض الفائز بثقة الناخبين يكون له نصيب من السلطة بطبيعة الحال.

السؤال المطروح: لماذا هذا التنافس على السلطة؟ هل السلطة مقصودة لذاتها أم الغرض منها هو الإسهام في إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟
أعتقد بأن خطاب عبد الإله بنكيران، ومنهج حزب العدالة والتنمية عموما، قائم على أساس التعاون مع باقي المؤسسات من أجل المساهمة في الإصلاح وليس من أجل احتكار السلطة أو الاستيلاء عليها لأغراض معينة..

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب هل «انتهى الكلام» مسلسل تشكيل الحكومة في المغرب هل «انتهى الكلام»



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 17:54 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

مبابي يدافع عن ميسي وينتقد جماهير باريس

GMT 20:13 2021 السبت ,18 أيلول / سبتمبر

دلالات اللون الأخضر في ديكور المطابخ

GMT 16:56 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء البيضاوي يحدد سعر خروج محمود بنحليب من الفريق

GMT 09:33 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يقطع إصبعه بسبب لدغة أفعى غير سامة

GMT 16:07 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

طريقة تحضير تارت الكنافة بالمانجو اللذيذ
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib