بعيداً عن «التنف» قريباً من درعا و«نصيب»

بعيداً عن «التنف» قريباً من درعا و«نصيب»

المغرب اليوم -

بعيداً عن «التنف» قريباً من درعا و«نصيب»

بقلم - عريب الرنتاوي

صمت المدافع المفاجئ على جبهة درعا من جهة و»التسريبات» حول مفاوضات أردنية – سورية غير مباشرة لفتح معبر نصيب الحدودي من جهة، مؤشران كافيان للدلالة على أن ثمة ما يجري «طبخه» على نار ساخنة على خط الحدود الأردنية – السورية، وأن مفاوضات عمان الروسية الأمريكية، ليست مجرد «طبخة حجارة» أو «طبخة بحص» وفقاً للترجمة الشعبية اللبنانية.

الأسابيع القليلة الفائتة، شهدت تصعيداً غير مسبوق منذ عدة سنوات، على خطوط التماس في درعا، ولقد أوردنا معطيات في مقالات سابقة حول هذا الموضوع، تتحدث عن قرار دمشق و»القوات الرديفة» بكسر هذه الجبهة، واستدللنا على ذلك بالمعلومات عن حشود من الفرقة الرابعة وزيارة غير مسبوقة لماهر الأسد للمنطقة مع حشد من الجنرالات ... يومها كان التقدير لدينا، بأن النظام وحلفائه، قد يظفرون باستعادة السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية، إن أمكن لهم ميدانياً تحقيق اختراق سريع وحاسم في الميدان.

كثفت القوات السورية و»الرديفة» عمليات وضرباتها الجوية والأرضية، ويقال أن الطيران الحربي الروسي كان حاضراً بقوة على هذه الجبهة، لكن «الاختراق» لم يحدث، على الرغم من مضي ما يقرب من الأسبوعين، ما أفسح في المجال إمام الاتصالات السياسية والعسكرية، للخروج بتفاهم على وقف مؤقت لإطلاق النار على تلك الجبهة، قابل للتمديد، إن أمكن للمفاوضات، أن تصل إلى نتائج مرضية لمختلف الأطراف.

المفاوضات هذه المرة، ليست أردنية – سورية بوساطة روسية، بل هي مثلثة الأطراف (الأضلاع)، يتخرط فيها جنرالات روس وأمريكيون وأردنيون، ولقد انتهت بنتيجة ملموسة تؤكدها هدأة محاور القتال وغياب الطيران الحربي عن سماء المنطقة ... لكننا لا نعرف أي نوع من الهدنات والتهدئات، تلك التي تم التوصل إليها: هل هي هدنة إنسانية؟ ... لا أعتقد ذلك، فالوضع الإنساني في هذه المنطقة، لم يبلغ نقطة الحرج التي تستدعي التدخل العاجل، ثم أن الكثرة الكاثرة من سكان مناطق العمليات، قد هجروها من قبل كما تقول مصادر محلية.

هل هي هدنة سياسية، تتأسس على تفاهمات أولية، وتمهد لتوافقات لاحقة؟ ... لا ندري حتى الآن، لكن الأمر اللافت في المشهد أن التهدئة تزامنت مع حدثين: الأول، التسريبات بشأن مفاوضات بوساطة روسية، تجري بين عمان ودمشق تستهدف فتح الطريق الدولية بين العاصمتين وتفعيل معبر نصيب الحدودي البري ... الأردن توّاق لأمر كهذا، ولا يمانع (بل يحبذ) ان تكون رموز الشرعية السورية (رموز الدولة السورية)، على الضفة الثانية من الخط الحدودي.

الحدث الثاني، ما تشيعه مصادر دمشق وحلفائها، من أن التهدئة أبرمت من اجل إفساح المجال أمام الجهود الرامية لإتمام بعض المصالحات المحلية في تلك المنطقة، على غرار ما حصل في مناطق عديدة من سوريا ... حديث المصالحات في درعا وجوارها، قديم جديد، عطلته في مرات كثيرة، جبهة النصرة والفصائل المتشددة الدائرة في فلكها، وتعطل أحياناً بفعل الشروط القاسية التي حاول النظام فرضها على الأطراف الأخرى، وفي كل الأحوال، أضعفت فرصها الخلافات والصراعات الإقليمية والدولية الممسكة بتلابيب القوى المتحكمة بالمنطقة والنافذة فيها.

يصعب فهم التهدئة في محيط درعا بمعزل عن ارتفاع حدة التصعيد على جبهة البادية الشرقية «محور التنف»، سيما بعد نشر القوات الأمريكية بطاريات صواريخ بعيدة المدى في قاعدتها هناك، الأمر الذي حذرت منه موسكو، واعتبرته اقتراباً خطراً من حافة الهاوية، إذ ارتفعت على نحو غير مسبوق، احتمالات وقوع صدام مباشر بين القوات الأمريكية والجيش السوري في تلك المنطقة ... فهل التهدئة في درعا، هي بمثابة ابتعاد الأطراف خطوتين للوراء عن حافة الهاوية، وهل تمهد لقطع الطريق على احتمالات الصدام المباشر على خط الحدود السورية – العراقية؟

اليوم، تندرج درعا في إطار مناطق تخفيف التصعيد الأربع التي تمخضت عن مسار أستانا ... النظام لم يسجل «خرقاً» ميدانياً ذا طبيعة استراتيجية ... والمعارضة لم تهزم بيد أنها أضعفت، الأمر الذي يفتح الباب لمصالحات محلية ... ولكن متى كانت المصالحات قراراً محلياً مستقلاً عن القوى الإقليمية والدولية؟

يبدو أن الصراع داخل البيت الخليجي، قد رفع الغطاء وجفف منابع الدعم عن «الأذرع» المحلية لبعض الأطراف الخليجية، ويبدو أن واشنطن التي تواصل عملية بناء القوة في المنطقة وسوريا، ما زالت غير راغبة في التورط عميقاً وبعيداً في الرمال السورية المتحركة، ما يبقي الباب مفتوحاً لخيار التسويات وأنصاف الحلول والتهدئات والهدنات ... وقد تكون جبهة درعا، واحدة من الساحات المرشحة لاختبار النوايا الأمريكية

في المقابل، يبدو الأردن، بما لديه من تفوق (جيوبوليتيكي) من جهة، ومصالح متشابكة مع سوريا، ومن وراءها لبنان وأوروبا وتركيا كذلك من جهة ثانية، هو الأكثر استعجالاً للتهدئة والأوفر حماسة لحلول توافقية في الجنوب السوري ... الأردن، بعلاقات الوثيقة مع واشنطن وصداقته القوية من موسكو، يضغط في هذا الاتجاه، مراهنا على تفهم القوى الكبرى، لحراجة الموقف وحساسية المشهد ... ما يجعل الوضع على الجبهة الجنوبية، مفتوح للتسويات والمقايضات وإن كانت من النوع الهش والمفخخ، القابل للكسر والانفجار، عن أول تضارب في المصالح أو تصادم في الأولويات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعيداً عن «التنف» قريباً من درعا و«نصيب» بعيداً عن «التنف» قريباً من درعا و«نصيب»



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 17:54 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

مبابي يدافع عن ميسي وينتقد جماهير باريس

GMT 20:13 2021 السبت ,18 أيلول / سبتمبر

دلالات اللون الأخضر في ديكور المطابخ

GMT 16:56 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء البيضاوي يحدد سعر خروج محمود بنحليب من الفريق

GMT 09:33 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يقطع إصبعه بسبب لدغة أفعى غير سامة

GMT 16:07 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

طريقة تحضير تارت الكنافة بالمانجو اللذيذ

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الجزائر تتراجع قرار منع الاستيراد والتصدير عبر موانئ المغرب

GMT 17:43 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يسجل ارتفاعاً بدعم من استقرار مؤشر الدولار الأميركي

GMT 17:49 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

إنستغرام يختبر الأغانى في دورات الصور

GMT 10:05 2022 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مبابي يحسم جدل الرحيل عن باريس سان جرمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib