سوريا انقلاب المشهد

سوريا... انقلاب المشهد

المغرب اليوم -

سوريا انقلاب المشهد

بقلم - عريب الرنتاوي

تتلاحق تطورات الميدان السوري على نحو متسارع، ودائماً في مصلحة النظام وحلفائه ... بعد تطهير جرود عرسال من “النصرة”، تقترب معركة تطهير جرود راس بعلبك والقاع من فلول داعش ... في الغوطة وجوبر وعين ترمة، تندلع معارك عنيفة، بعض محاورها بين النظام وخصومه، فيما تندلع على محاور أخرى، معارك “الإخوة الأعداء”، جيش الإسلام في مواجهة النصرة، وفيلق الشام ضد جيش الإسلام، لكأن الأزمة الخليجية “تتنفس” حمماً وخرائب بين فصيلين محسوبين على قطر والسعودية... وثمة صراع على “جلد النصرة” قبل تصفيتها من تلك المنطقة، وليس مستبعداً أن يتدخل الوسطاء وتتحرك الوساطات لإخراج النصرة من المنطقة، ودائماً صوب إدلب.
الأزمة الخليجية لم تنفجر في حضن الائتلاف السوري المعارض الذي لم يستفق بعد من تداعيات “زلزال الجبير”، بل وفي معاقل وخنادق المسلحين التابعين لأطراف الأزمة كذلك... فيلق الشام، الإخواني الصبغة، المحسوب على قطر، يخوض معارك الحسم والاقتلاع مع جيش زهران علوش الإسلامي- السلفي، المحسوب على السعودية، وكلاها يتبرأ من النصرة، مع أنه تحالف معها وقاتل في خنادقها طوال سنوات، بعد أن أخذ جميع رعاة المعارضة التنصل من هذه الجبهة تفادياً لموجة الاتهام بدعم الإرهاب العاتية.
التطورات الأهم، تجري بعيداً عن هذه المحاور، على المقلب الآخر من سوريا، في البادية الشرقية الجنوبية على وجه الخصوص “مغاوير العشائر” يسلمون أنفسهم بالعشرات لقوات النظام، ومعهم أسلحتهم الأمريكية التي رفضوا إرجاعها لمصادرها، وجماعة “القريتين” ومعها فصائل عشائرية أخرى، ترفض الانتقال إلى معسكر “الشدادي” وقتال داعش حصراً في وادي الفرات والحسكة ... فيما الأنباء لم تتأكد بعد، وإن كانت مرجحة، عن قرب تفكيك “قاعدة “التنف” الأمريكية بعد أن فقدت الوظيفة التي أسندت لها وأقيمت من أجلها.
لم يتضح بعد ما الذي تنوي واشنطن فعله في هذه القاعدة وانطلاقاً منها ... فكرة تقطيع “الحزام البري” الإيراني العابر للحدود السورية – العراقية، يبدو أنها سقطت مع وصول الجيش السوري وحلفائه إلى خط الحدود الشرقية، ووصول القوات العراقية والحشد الشعبي إلى معبر الوليد على مقربة من المثلث الحدودي الأردني – السوري – العراقي و”مقاطع” أخرى من الحدود ... ونجاح الجيش السوري في تقطيع أوصال البادية الشرقية، ومنع تواصل قوات المعارضة على امتداد البادية والأرياف الشرقية، أو حتى التقائها مع قوات سوريا الديمقراطية، هذه التطورات المتسارعة، أفقدت القاعدة وظيفتها العسكرية، وأحالتها إلى مجرد موقع لوجستي يمكن الاستغناء عنه بسهولة من قبل إدارة لا تبدي رغبة واستعداداً للانخراط أكثر من اللازم في مستنقع الأزمة السورية، ولا ترغب في تحمّل كلف هذا الانخراط وتبعاته.
إن ظل الحال على هذا المنوال، لن يكون لجبهة النصرة وجود في الغوطة الشرقية وأطراف دمشق، وسينحصر وجودها في إدلب والجبهة الجنوبية – الغربية، إلى أن تتقرر الكيفية التي سيجري التعامل بها مع النصرة على هاتين الجبهتين ... وثمة ما يؤكد بأن “نصرة” القنيطرة – درعا، أمام خيارين، لا ثالث لهما: إما مواجهة خطر التصفية الكاملة أو إعادة انتاج سيناريو الغوطة – جوبر – عين ترمة ... سيناريو عرسال غير ممكن جنوباً في ضوء الخطوط الحمراء المرتسمة في وجه حزب الله وحلفائه على تلك الجبهة.
أما “نصرة إدلب” فهي بانتظار عمليات التفاوض والمقايضة مثلثة الأطراف: روسيا، تركيا والولايات المتحدة، حيث يتأكد يومياً ما كنا أشرنا إليه من قبل، وهو أن تركيا تعرض مقايضة تطيح بموجبها برأس النصرة في إدلب، نظير حصولها على رأس الكيان الكردي في الشمال السوري، وتحديداً مناطق غرب الفرات، وهي تسوية/صفقة، لم تنضج شروطها بعد، وقد لا تنضج أبداً، وقد تتحول إدلب إلى “تنف كبيرة”، متروكة لروسيا وسوريا وحلفائهما، إن ظل الرئيس التركي على عناده.
أين الجيش السوري الحر؟
إن ظل الحال على هذا المنوال، والأرجح أن وجهة تطور الميدان السوري ستظل سائرة في هذا الاتجاه، فإن أقصى ما يمكن استحصاله من أدوار لهذا الجيش، الذي كان يختصر المعارضة المسلحة المعتدلة، هو القيام بدور “درك محلي” في مناطق التهدئات والتسويات و”خفض التصعيد”، بموافقة النظام حيناً وتحت إشرافه في غالب الأحيان، إلى أن تتبلور صيغة الحل النهائي للازمة السورية، والتي لم تعد بعيدة المنال على أية حال.
ومن الطبيعي أن يأتي دور الائتلاف في مفاوضات الحل النهائي، متناغماً ومتناسباً مع دور الجيش السوري الحر على الأرض، ما لم تتدخل حسابات العلاقة بين موسكو وواشنطن، فتعظم الإنجازات السياسية لفريق على الرغم من تواضع تحصيله في ميادين الحرب ومحاور القتال على الأرض.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا انقلاب المشهد سوريا انقلاب المشهد



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما
المغرب اليوم - دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 10:44 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع طفيف لأسعار النفط قبل بيانات أمريكية

GMT 10:23 2022 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب يستورد مليون طن من القمح الفرنسي

GMT 14:29 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

عزيز أخنوش يشيد بأدوار البرلمانيات في حزب "الأحرار"

GMT 03:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأرصاد المصرية تحذر من سقوط أمطار غزيرة خلال الفترة القادمة

GMT 17:35 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شركة نيسان تكشف عن "ماكسيما 2019" بتحديثات جديدة

GMT 06:55 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

تعرف على بطلة "التسجيل السري" الجديدة لترامب

GMT 14:52 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس ينعى وفاة الدولي السابق حميد العزاز

GMT 19:00 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار ومواصفات مازدا CX5 2016 في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib