صمت المثقفين وراء ظاهرة الأنبياء الجدد في المغرب
آخر تحديث GMT 02:43:42
المغرب اليوم -

صمت المثقفين وراء ظاهرة "الأنبياء الجدد" في المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - صمت المثقفين وراء ظاهرة

جواد مبروكي
الرباط - المغرب اليوم

أكّد جواد مبروكي أنه يلاحظ دائما في كل مكان وفي أي مناسبة بعض الأشخاص يتظاهرون بالتّدَين عن طريق أشكال أزيائهم (قميص طويل أبيض)، وهيئة وجوههم (اللحية وخِتم أثر السجود على جبينهم)، ورائحة المِسك تفوح منهم. وبشجاعة يأخذون الكلمة بين الجموع ويشرعون في حديث ديني، ويرشدون ويطلقون المواعظ كأنهم أنبياء جدد بعثتهم سماء العطاء لإنقاذ البرية من الضلال.

وأتساءل من بعثهم؟ وبأي حق يقتحمون هؤلاء الوعاظ حرمة مجالس الناس ويمنعون الأقرباء والأصدقاء من تبادل الأخبار ويفرضون عليهم كلماتهم ومواضيعهم؟

وبعد البحث والتحليل لهذه الظاهرة توصلت إلى النتائج الآتية:

1. صمتُ المثقفين وتحمُّل مواعظ الأنبياء الجدد

حتى المثقفون يصمتون ويستمعون رغم إرادتهم إلى خُطب هؤلاء الوعاظ ولا يستطيعون أن يُعبِّروا عن رفضهم لإقحام حريتهم خوفا من الاتهام بالإلحاد، على اعتبار أنه اعتراض على كلام الله الذي لا يعلوه شيء. ولكن ليس الله تعالى هو المتحدث!

مع الأسف الشديد، فإن التربية المغربية هي التي رسخت في ذهن المغاربة هذه الاعتقادات وكرست لديهم عدم الثقة في النفس، للتعبير بكل حرية عن آرائهم حتى لو كانت مخالفة لمضامين تلك المواعظ الدينية. وفهؤلاء الأنبياء الجدد رغم أنهم لا يتوفرون حتى على شواهد التعليم الثانوي، أدركوا نقطة ضعف المجتمع المغربي، بما في ذلك فئات المثقفين فيه، وأصبحوا يفرضون وجودهم ويبرهنون للجميع أنهم يفوقونهم في العلم والثقافة وحتى درجات الإيمان.

2. اعتبار الدّين عِلمًا

مع الأسف، رُسِّخ في الأذهان أن الدّين هو علم فوق كل العلوم وله علماؤه وليس لغيرهم حق مناقشتهم! وهكذا ينتهز هؤلاء الدعاة الجدد هذه الثقافة السائدة ويعتبرون أن عِلمهم يفوق علوم القاضي والمحامي والمهندس، بالرغم من أنهم لا يتوفرون في أغلب الأحيان على أي مؤهل دراسي يفوق شهادة البكالوريا.

وفي هذا التصور تناقض عظيم، لأن الدّين أعمال وسلوك وليس مجرد مواعظ بدون أعمال! كما أن الدّين غايته السامية تحويل الفرد إلى "إنسان راقٍ ونبيل" يخدم مجتمعه ووطنه بدون استغلال.

3. التصورات الخاطئة المتعلقة بهيئة المتدين الواعظ

المغربي منذ صغره رُسخ في عقله الباطن أن الإنسان العالِم في الدّين يجب أن تكون لديه لحية وعلى جبينه خِتم أثر السجود، والجلباب الأبيض لا يفارق بدنه، وينطق بالآيات والأحاديث كلما فتح فمه. وهذه التصورات الخاطئة تجعل الجميع يصمتون أمام هؤلاء الأنبياء الجدد الذين يستغلون هذه الاعتقادات الخاطئة لفرض هيبتهم وإلقاء مواعظهم.

4. دُعاة جدد أشبه بالقساوسة

كلما أحلل ظاهرة هؤلاء الأنبياء الجدد أراهم أشبه بالقساوسة، يرتدون أزياء خاصة ويجعلون من مواعظهم مهنة ومن كلمة الله مِلكية حصرية لهم، ولا ينقصهم سوى أن تُقام لهم مؤسسة أشبه بالكنيسة. وأرى أن هؤلاء الدعاة الجدد قد أقاموا لأنفسهم كنائس افتراضية بكل بناياتها في عقول المغاربة.

5. الجهل سبب تفشي ظاهرة أنبياء الوعظ الجدد

في الماضي البعيد لم تكن هناك مدارس تعليم متوفرة للعموم وكان الجهل قائما بين عامة الناس، ولهذا كانت هناك ثلة قليلة من الدعاة لِحفظ وتلقين التعاليم الدينية، وشكلوا حلقة وصل بين العِلم والمجتمع. لكن اليوم هناك مدارس وجامعات ومواقع إلكترونية، وبإمكان أي أحد أن يصبح بسهولة على دراية بأي ميدان من العلوم.

في الواقع، الإنسان المثقف متواضع جداً وليس في حاجة إلى الاستدلال بعلمه والتفاخر به، بينما الجاهل هو في حاجة دائمة ليبرهن عما لا يمتلكه من علوم ومعرفة! وأسهل طريقة لذلك هي من خلال أبواب استغلال الدّين بتصنيفه كعِلم، وهكذا فإن الأنبياء الجدد ما عليهم سوى ارتداء أزياء معينة وحفظ بعض الآيات والأحاديث وبعض القصص وأن يضيفوا إليها توابل اجتهاداتهم وفنونهم التمثيلية، المستوحاة من جهلهم، حتى يؤثروا في جموع الناس.

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صمت المثقفين وراء ظاهرة الأنبياء الجدد في المغرب صمت المثقفين وراء ظاهرة الأنبياء الجدد في المغرب



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib