حلم الحياة من جديد

حلم الحياة من جديد

المغرب اليوم -

حلم الحياة من جديد

بقلم - سهير بشناق

 لماذا ينتابها هذا الخوف؟.
 
 تشعر بان جسدها يرتعش، غير قادرة على الإحساس بشيء وكأنها تحلق في عالم آخر ليس جزءا منها.
 
 لطالما أضجرتها الحياة والأيام المحملة بالمسؤوليات وأشعرتها بالتعب والوحدة تارة والروتين الذي يتسلل إلى حياتها يوما بعد يوم، لتكاد تشعر بأنها تتقن ما هو مطلوب منها وتنجزه دون الحاجة للتفكير به لحظة واحدة.
 
 أحلامها ..كانت اكبر بكثير من واقعها الذي تعيشه تحلم دوما بتحقيق شيء ما لا تعيشه وكأنها على موعد دائم مع الأيام التي لم تكن ترضى عنها وتتقبلها.
 
 لا تختلف حياتها عن حياة نساء أخريات فهي زوجة عليها كم كبير من المسؤوليات، من اللحظة التي قبلت بها ان تكون زوجة وتشارك إنسانا آخر الحياة.
 
 وهي أم تتضاعف مسؤولياتها يومًا تلو الآخر اتجاه أطفالها تشعر بهم مرة ويصيبها العجز مرات أخرى لتشعر بأنها لم تعد قادرة على الاعتناء بهم وتربيتهم وتحمل أخطائهم ومتطلباتهم وحجم اعتمادهم عليها لتقسو عليهم مرات ومرات..
 
 كانت أيامها تسير برتابة، تكاد تسرق منها معنى الوجود، كما تراه هي .
 
 لا ينتهي يوم إلا وتتذمر من كل ما حولها ؛مسؤولياتها،أحلامها التي لا تتمكن من تحقيقها... رغبتها بان تعيش حياة مختلفة لا تعلم كيف تكون إلا أن عدم الرضا عن أيامها كان يرافقها دوما.. في أعماقها توتر دائم يحكم علاقاتها مع كل من حولها وكأنها كانت غير مبالية بهم تشعر أنها تحيا بدونهم لا يعنيها بقاؤهم او رحيلهم.
 
 لم تشعر بالحياة ولم تفهم معناها كما يجب إلا بلحظة واحدة كانت أمامها مجردة من كل شيء، كانت تعيشه سابقا لحظة واحدة غيرت نظرتها للحياة وأدركت معنى أن تكون إنسانة تتعلم أن تحيا كل يوم بما فيه من فرح وسعادة بقرب من تحب..
 
 لحظة واحدة شعرت بها بالخوف ومعنى أن يكون الإنسان قريبا من الرحيل تاركا وراءه كل من أحبهم ولم يدرك قيمتهم ووجودهم بأيامه.
 
 هي تلك الخطة التي اكتشفت بها بان ما تبقى لها من أيام تربطها بالحياة قليلة.. هي تلك اللحظة التي يكون الإنسان بها بمواجهة مع العمر كله يراه بمكان وهو بمكان آخر يبعد عنه ليودعه دون أن يملك خيار آخر يجدد به الأمل بالبقاء.
 
 نظرت لأطفالها وكأنها تراهم للمرة الأولى وكأنها تكتشف معنى وجودهم بحياتها.. هذا الوجود الذي لطالما كان سببا في تذمرها مرات ومرات ومدعاة لشعورها بالتعب والمسؤولية.
 
 نظرت إليهم واكتشفت بأنها لم تتعلم أن تحبهم كما يجب... أن تمنحهم الحب كما يجب أن تقضي أوقاتها معها تشاركهم أيامهم وأحلامهم وتكون جزءا منها عوضا عن كل ما كانت تقوم به من تأدية لاحتياجاتهم فقط غير قادرة على تفهم نوع آخر من الاحتياج لا يمكنهم أن يعبروا عنه لكنهم يشعرون بعدم وجوده في كل مرة يقتربون منها مطالبين بان تكون أما بلا قيود..
 
 استعادت رؤيتها للحياة وكيف تعاملت مع الأيام ومع الآخرين.. كيف حملت هم العمر والأيام وتفاصيلها الصغيرة لتفقد قدرتها على أن تحيا هذه الحياة ولو بقليل من الفرح الذي يمنحها السعادة
 
 أن تحيا دون أن تفكر بالغد الآتي... أن تعيش اللحظة بكل ما فيها لتتمكن من ان تكون كما تريد.
 
 هي اليوم اقرب إلى الرحيل عن البقاء وكم موجع أن يكون الإنسان قد اقترب من النهايات دون أن يعيش البدايات دون أن يفكر للحظة ما بأنه سيغادر كل من أحبهم ليكتشف انه احبهم دون ان يتعلم كيف يحيا بهذا الحب ليتغلل إلى أعماقه ويشعره بقيمتهم.
 
 في هذه اللحظات يصبح الإنسان عاجزا متمسكا بالحياة التي كان لفترات سابقة يتعامل معها من زاوية واحدة أنها لم تقدم له ما يستحقه وما يحلم به ليكتشف بان كل ما تمناه وغضب لأجله لا يستحق لحظة واحدة من الشعور بمعنى الرحيل عنها..
 
 أرادت أن تقترب من كل الذين أحبتهم ولم تراهم كما هم بعد أن عجزت عن أن تحيا بهذا الحب كما هو أرادت ان تخبرهم بان وجودهم بحياتها ليس عابرا بل هو كل ما تملكه وستغادره.
 
 أرادت أن تحيا عمرا جديدا لتودع الحزن ولتفهم معناه الحقيقي عندما يطرق أبواب نفوسنا ويحولها لنفوس متعبة عاجزة ليكون حينها حزنا وألما لا حدود له.
 
 أرادت أن تستعيد كل ما مضى وتتعلم كيف تحيا تمر مرور الكرام من أمام غضبها وتوترها وحزنها لا يستوقفها اي منهم لأنها تحب الحياة ولا تزال تحلم بوجودها بين كل من أحبتهم.
 
 لكنها تشعر بالخوف وجسدها يرتعش.. لا تقوى على الحديث ويداها عاجزتان عن طلب المساعدة ممن حولها اتراها رحلت..؟
 
 أتراها عاجزة عن تقبيل أطفالها للمرة الأخيرة وإخبارهم عن أسفها لكل ما بقلبها من حب لهم لم تمنحهم إياه كما يريدون..
 
 أتراها الآن في عالم أخر لا احد يسمعها... ليتها الحياة تمنحها يومًا آخر.. يوم واحد فقط تعيد ترتيب أيامها كما تتمنى وتعيشها وكأنها لن ترحل أبدا..
 
 يوم آخر كان بصورة لم ترها من قبل..
 
 هو ذاك اليوم عندما سمعت صوت أطفالها للمرة الأولى وهم حولها وينادونها لتصحو وتساعدهم للاستعداد للذهاب إلى مدارسهم..
 
 مدت يدها لهم وهي ترتعش وحضنتهم وحدقت بملامحهم جيدا.. فهي لم ترحل بعد لكنها شعرت بوجع أثقل قلبها ونفسها.. شعرت بالخوف الحقيقي للمرة الأولى بحياتها.. لتكتشف معنى الحياة من جديد بيوم آخر، بعد أن عاشت تجربة الرحيل بأحلامها التي كانت تحياها بطريقة أخرى.. لتدرك بان الحياة خيارات..
 
 وكم تنقلنا الأحلام من حال لحال وتغير قلوبنا ونفوسنا إلى الأبد..
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم الحياة من جديد حلم الحياة من جديد



GMT 08:13 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

سيّدتي لا تصدّقينا

GMT 06:20 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

الجنة تحت أقدام النساء

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 02:41 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

سؤال للازواج

GMT 15:55 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الصداقة، سعادة

GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 09:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت
المغرب اليوم - قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib