مسؤولية الفلسطينيين أيضا…

مسؤولية الفلسطينيين أيضا…

المغرب اليوم -

مسؤولية الفلسطينيين أيضا…

بقلم : خير الله خير الله

يلتقي الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع الرئيس عبد الفتّاح السيسي ثم الملك عبدالله الثاني الذي كان أوّل زعيم عربي اجتمع به على هامش مناسبة ذات طابع اجتماعي في واشنطن. كان ذلك بعيد دخول ترامب البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني – يناير الماضي.

الأكيد أن الرئيس الأميركي الجديد سيبحث مع الرئيس المصري والعاهل الأردني في الموضوع الفلسطيني. أعادت القمّة العربية، التي انعقدت على الضفّة الأردنية للبحر الميت، الاعتبار للقضية الفلسطينية. شدّدت على أنها لا تزال، ولو نظريا، القضية المحورية لدى العرب وعلى أن لديهم ما يطرحونه في مواجهة إسرائيل التي تريد تكريس احتلالها للضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

هذا لا يعني من دون أدنى شك أن الهمّ العربي محصور هذه الأيّام بالفلسطينيين وقضيتهم، بمقدار ما يعني أنّ هموم المنطقة والتحوّلات الكبيرة والعميقة التي تشهدها لا تعني أن إسرائيل باتت قادرة على أن تفعل ما تشاء من دون ردّ فعل عربي. أكثر من ذلك، هناك رسالة عربية إلى إدارة ترامب فحواها أن العرب على استعداد للسلام وأن لديهم عرضا متكاملا من أجل تحقيق تسوية شاملة. هذا العرض هو مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمّة بيروت في العام 2002.

إضافة إلى ذلك، تشير الرسالة التي خرجت بها قمة البحر الميّت إلى أن لا استقرار في الشرق الأوسط من دون تسوية معقولة تقوم على خيار الدولتين. هذا ما بدأت تستوعبه إدارة ترامب التي طرأ أخيرا تعديل، وإن كان طفيفا، على موقفها من الاستيطان الإسرائيلي.

كان على العرب الإقدام على خطوة في اتجاه فلسطين. هذا عائد إلى سببين الأوّل أن ليس مسموحا أن تستمرّ إيران في المتاجرة بفلسطين والفلسطينيين من أجل تحقيق مآرب معيّنة تصب في نهاية المطاف في مصلحة المشروع التوسّعي الإسرائيلي الذي يلتقي في مكان ما مع المشروع التوسّعي الإيراني. أمّا السبب الآخر فهو عائد إلى ضرورة تحمّل القيادة الفلسطينية مسؤولياتها بعـدما دخلت مرحلة صارت تشبه بهـا إلى حدّ كبير بعض الأنظمة العربية التي لا همّ فيها للحاكم ومن يدور في فلكه سوى البقاء في السلطة، أيّا يكن ثمن ذلك.

عندما يكون هناك تحرّك عربي جدّي من أجل فلسطين، لا خيار أمام الفلسطينيين غير العمل على ترتيب أوضاعهم الداخلية كي يكونوا في مستوى القرارات الصادرة عن قمّة البحر الميّت. ليس في استطاعتهم التصرّف وكأنّ الأهداف الفلسطينية كلّها تحقّقت، وأنّه صارت لديهم دولة في حين أن بنيامين نتانياهو يعمل يوميا من تكريس الواقع المتمثّل في استمرار الاستيطان. إنّه يبعث برسالة إلى الرئيس الأميركي يطلب فيها التغاضي عن بناء مستوطنة جديدة وذلك كي يتمكّن من المحافظة على التماسك داخل حكومته!

هناك وضع فلسطيني، أقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّه مهترئ. لا وجود لقيادات فلسطينية ذات شأن حول رئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس (أبومازن). لم يعد هناك سفير فلسطيني واحد لديه قيمة من أي نوع كان في هذه العاصمة العربية أو الآسيوية أو الأوروبية أو الأميركية، أو تلك. مطلوب أن يكون السفير الفلسطيني نكرة حتّى يحتفظ بموقعه.

من يتذكّر أن هناك رئيسا للوزراء في الأراضي الفلسطينية. من يعرف اسم رئيس الوزراء الذي خلف الدكتور سلام فيّاض الذي ذنبه أنّه أدخل مفاهيم جديدة على الإدارة الفلسطينية، وهيّأ بالفعل لقيام دولة فلسطينية تحظى باحترام المجتمع الدولي، وهي دولة قد ترى النور في يوم من الأيّام. صحيح أن هناك حربا على الدولة الفلسطينية المستقلّة، لكن الصحيح أيضا أن لا خيار آخر أمام الفلسطينيين غير أن يُظهروا للعالم، خصوصا للذين يقدمون لهم مساعدات، أنّهم قادرون على إدارة دولة وإن في ظلّ الاحتلال وممارساته..

أمّا حركة “فتح” التي كان يمكن أن تشكّل عامل توازن مع “حماس” التي أخذت على عاتقها تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، فيمكن القول بكلّ راحة ضمير أنّها تعاني من أزمة عميقة. لم تستطع “فتح” تجديد نفسها واستعادة حيويتها في غياب ياسر عرفات. يمكن قول الكثير عن أخطاء ارتكبها الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، لكنّ ما لا مفرّ من الاعتراف به أنّه كان يمتلك القدرة على إحاطة نفسه بشخصيات ذات وزن تمتلك مزايا معيّنة تنتمي إلى تيّارات مختلفة ومتنوعة. فقدت “فتح” وزنها. لم يعد مسموحا أن تنتج “فتح” قيادات جديدة تمتلك شبكة علاقات عربية ودولية… أو حتّى وجهة نظر محدّدة يمكن أن تساهم في تعزيز وضع فلسطين في إحدى الدول المهمّة أو في منطقة معيّنة. مرّت سنوات طويلة لم نشاهد فيها شابا فلسطينيا ذا شأن انضمّ إلى “فتح”.

لا حاجة إلى شرح وضع منظمة التحرير الفلسطينية التي لم يعد معروفا ما هي مهمتها، علما أن اتفاق أوسلو الذي هو في أساس قيام السلطة الوطنية هو اتفاق بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير. في المقابل، هناك حاجة إلى تأكيد الدور السلبي الذي تلعبه حركة “حماس” الساعية حاليا إلى الخروج من تحت عباءة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كي تعد نفسها لخلافة “أبومازن” متى دعت الحاجة إلى ذلك.

لا تدري “حماس” أن مشكلتها ليست في أنّها جزء لا يتجزّأ من الإخوان المسلمين ومن فكرهم المتعفّن والمتخلّف. المشكلة في أنّها حوّلت غزّة إلى “إمارة إسلامية” على الطريقة الطالبانية (نسبة إلى طالبان). غيّرت “حماس” نظرة العالم إلى الشعب الفلسطيني. أعطت، منذ سيطرتها على غزّة، صورة أخرى عن وجه هذا الشعب الذي كان تاريخيا من أكثر الشعوب انفتاحا على كلّ ما هو حضاري في العالم. لم تكتف “حماس” بنشر فوضى السلاح والوجوه المقنّعة وقهر المرأة وإطلاق الصواريخ التي وفّرت لإسرائيل كلّ ما تطلبه من أجل إزالة كلمة السلام من قاموسها، بل دفعت في اتجاه تبرير الانقسام الفلسطيني وتكريسه. فعلت كلّ شيء من أجل أن تكون في خدمة إسرائيل وتبرير حصارها للقطاع، وهو حصار ظالم…

من المفيد أن يدعم العرب القضية الفلسطينية. لكن المفيد أكثر إقناع الفلسطينيين بمساعدة أنفسهم أوّلا، كي تأخذهم الولايات المتّحدة وإسرائيل على محمل الجدّ ولا تحصر دورهم في الضفّة الغربية بالتنسيق الأمني بين الأجهزة التابعة للسلطة الوطنية وتلك التابعة لإسرائيل. فالسقوط الفلسطيني، خصوصا منذ القرار الخاطئ الذي اتخذه ياسر عرفات في أواخر السنة 2000 بعسكرة الانتفاضة، لعب دوره في زيادة الوجود الإيراني في فلسطين ومتابعة طهران لعبة المتاجرة بالفلسطينيين وقضيّتهم…

قام العرب في قمّة البحر الميّت بما يستطيعون القيام به. جاء دور الفلسطينيين ليثبتوا أنهم في مستوى القرارات المتخذة في القمة. إنّها مسؤولية تقع على عاتق الفلسطينيين أيضا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسؤولية الفلسطينيين أيضا… مسؤولية الفلسطينيين أيضا…



GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 22:22 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

GMT 19:02 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

لعبة نتنياهو... ولعبة "حماس" وإيران

GMT 21:05 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حرب غزّة ورهانا «بيبي» و«حماس»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib