نهاية الحرب الأهلية في واشنطن
أخر الأخبار

نهاية الحرب الأهلية في واشنطن

المغرب اليوم -

نهاية الحرب الأهلية في واشنطن

بقلم - خيرالله خيرالله

يبدو إبعاد تيلرسون عن الخارجية الأميركية مؤشرا إلى تغييرات كبيرة ليس على الصعيد الداخلي الأميركي فحسب، بل أيضا على صعيد العلاقة بإيران وتركيا وحتى قطر.

ترامب تعمّد إهانة تيلرسون
ما حصل في واشنطن كان أمرا أكثر من طبيعي في ضوء العلاقة السيئة القائمة منذ فترة طويلة بين دونالد ترامب وركس تيلرسون. لم يتردّد تيلرسون في وصف ترامب بـ”الأحمق” في مرّة من المرات.

ما ليس طبيعيا أن يُقيل رئيس الولايات المتحدة وزير الخارجية بالطريقة التي لجأ إليها دونالد ترامب، أي بواسطة تغريدة. تعمّد ترامب إهانة تيلرسون. هذا لا يحدث عادة في الولايات المتحدة حيث يوجد حدّ أدنى من اللياقات في التعاطي بين المسؤولين في الإدارة الواحدة.

لم يراع ترامب، عندما طرد ركس تيلرسون، أي لياقات من أي نوع. أظهر بكل بساطة أنه رئيس غير تقليدي للقوة العظمى الوحيدة في العالم. هل يكفي الأسلوب المعتمد في إخراج تيلرسون من وزارة الخارجية كي يستطيع الرئيس الأميركي القول بعد الآن إنّه بات طليق اليدين في إتباع سياسة أكثر هجومية في المجال الخارجي، خصوصا مع إيران؟

منذ تولّى تيلرسون وزارة الخارجية الأميركية والسؤال هل لا يزال من وزن لهذه الوزارة؟ أدار الرئيس السابق لشركة “إكسون موبيل”، وهي من أكبر شركات النفط الأميركية، وزارة الخارجية كما لو أنّها مؤسسة في حاجة إلى إعادة هيكلة كي تتحوّل إلى شركة رابحة.

لم يفرّق في أي لحظة بين الدور السياسي الذي يفترض لوزارة الخارجية لعبه من جهة، وبين الشركة التي كان يديرها من جهة أخرى. كان همّه محصورا في كيفية خفض موازنة الخارجية، كما لو أن الأمر يتعلّق بشركة مساهمة، وليس بوزارة تلعب دورا على صعيد تنفيذ أهداف سياسية مرتبطة بسياسة أميركا ودورها على الصعيد العالمي.

ليس معروفا، أقله حتى الآن، هل كانت إقالة تيلرسون نهاية للحرب الأهلية الدائرة داخل الإدارة الأميركية، أم أنّها فصل من فصول هذه الحرب. يطرح مثل هذا السؤال نفسه إذا أخذنا في الاعتبار أنّ تيلرسون، الذي اعتمد خطا سياسيا مختلفا عن ترامب، كان قريبا من وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر. قبل فترة قصيرة، اصطدم مكماستر بجاريد كوشنر، بصهر ترامب الذي يدير ملف الشرق الأوسط، ومنعه من الاطلاع على جزء من المعلومات والملفات السرية التي تصل إلى البيت الأبيض.

انتظر دونالد ترامب أربعة عشر شهرا ليقول إنه شكّل أخيرا الحكومة التي يريدها. انتظر أربعة عشر شهرا ليقول إنه ليس باراك أوباما

كان سائدا في واشنطن أن ماتيس ومكماستر وتيلرسون يشكلون جبهة تحول دون اتخاذ ترامب مواقف “متهورة” من وجهة نظر هؤلاء الثلاثة. بين هذه المواقف التي يعتبرها الثلاثة “متهوّرة” رفض الولايات المتّحدة التزام بنود الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الموقع في الرابع عشر من تموز – يوليو 2015، وهو الاتفاق الذي يعتبره الرئيس الأميركي ووزير الخارجية الجديد مايك بومبيو من أسوأ الاتفاقات التي وقعتها بلادهما في التاريخ.

كان الانطباع أن استقالة أو إقالة أي من الثلاثة سيؤدي إلى خروجهم جميعا من الإدارة على طريقة نبقى معا أو نذهب معا. لم يحصل ذلك بعد، لكنّ هناك كلاما كثيرا في العاصمة الأميركية عن احتمال استبدال جون بولتون، المعروف بمواقفه المتشدّدة من إيران، بهربرت مكماستر. ما الذي سيفعله ماتيس عندئذ، علما أنه لعب إلى الآن دورا في جعل وزارة الدفاع تكتفي بالسيطرة عسكريا على شمال شرق سوريا وإقامة قواعد عسكرية فيها، والتعاطي بشكل مرن مع تركيا التي تسيطر بدورها، لأسباب كردية، على جزء من الأراضي السورية؟ وضعت أميركا نفسها في منطقة حساسة ومنعت أيا كان من الاقتراب من “سوريا المفيدة”، شرق الفرات، حيث النفط والغاز والزراعة والثروة المائية.

أظهرت المؤسسة العسكرية أنها لن تمزح مع أي طرف يقترب من شرق الفرات. أكدت ذلك عندما قضت الشهر الماضي على مجموعة من المرتزقة الذين يعملون لدى شركات روسية أرادوا الاستيلاء على حقل للنفط.

ما هو مطروح الآن إلى أي حد سيحصل تغيير في السياسة الأميركية وذلك قبل القمة التي يُتوقع أن يعقدها ترامب بعد شهرين مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ – أون؟

سيكون شهر أيار – مايو المقبل مليئا بالأحداث. في هذا الشهر سيتوجب على الولايات المتحدة اتخاذ موقف من الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. هل ترفضه أم تقبل به ضمن شروط معيّنة مستجيبة لرغبات الأوروبيين؟

سيشهد هذا الشهر انتخابات في لبنان يسعى من خلالها “حزب الله” إلى تأكيد أن إيران باتت تسيطر على أكثرية النصف زائد واحدا في مجلس النواب اللبناني. ستكون هناك أيضا انتخابات في العراق. تستهدف إيران من هذه الانتخابات تكريس “الحشد الشعبي”، أي الميليشيات المذهبية التابعة لها قوّة سياسية، إضافة إلى أنّها قوة عسكرية بديلة من الجيش العراقي.

هناك استحقاقات كثيرة تبدو المنطقة مقبلة عليها في أيار – مايو وحتّى قبل ذلك. يظلّ الاستحقاق الأهمّ ذلك المرتبط بالوضع السوري.

كيف ستتصرف الولايات المتحدة في ظلّ الإصرار الإيراني على وجود عسكري في الجنوب السوري، والموقف الروسي المحيّر الذي لا يريد أن يأخذ في الاعتبار أن هناك رغبة إسرائيلية في التخلّص من القواعد الإيرانية والصواريخ التي نُصبت في سوريا ولبنان.

في كلّ الأحوال، يبدو إبعاد تيلرسون عن الخارجية الأميركية، حيث لم يكن شخصا محبوبا، مؤشرا إلى تغييرات كبيرة ليس على الصعيد الداخلي الأميركي فحسب، بل أيضا على صعيد العلاقة بإيران وتركيا وحتّى قطر… والوضع القائم في سوريا حيث يوجد مبرر لتدخل أميركي يقطع الطريق على حرب يمكن أن تشنها إسرائيل على الوجود الإيراني. هذا المبرر هو ما يجري في الغوطة الشرقية التي تشهد إحدى أفظع الجرائم في القرن الواحد والعشرين. ترتكب هذه الجرائم ميليشيات تابعة للنظام السوري وبقايا جيشه بدعم من سلاح الجو الروسي الذي يستهدف المدنيين من أجل نشر الذعر والدمار. أما إيران وميليشياتها فتكتفي هناك بدور مساند. هذا عائد إلى أسباب غير واضحة بعد، قد تكون ذات طابع مذهبي.

يمكن أن تكون الغوطة الشرقية مدخلا كي تظهر إدارة ترامب أنها ليست نسخة طبق الأصل عن إدارة باراك أوباما. من يتابع ما صدر عن بومبيو، الذي انتقل من الـ”سي. آي. إي” إلى الخارجية، لا يستطيع سوى أن يحبس أنفاسه. فوزير الخارجية الأميركي الجديد ليس سوى يميني متطرّف لا يؤمن بإمكان التفاهم مع إيران بأيّ شكل من الأشكال.

انتظر دونالد ترامب أربعة عشر شهرا ليقول إنه شكّل أخيرا الحكومة التي يريدها. انتظر أربعة عشر شهرا ليقول إنه ليس باراك أوباما. هل يثبت ذلك بالأفعال وليس بالكلام والتغريدات… أم يكتفي بتصفية حسابات ذات طابع شخصي مع رجل نجح في القطاع الخاص، وفشل في كلّ ما له علاقة بالقطاع العام، أي بإدارة السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومواجهة تحديات المرحلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية الحرب الأهلية في واشنطن نهاية الحرب الأهلية في واشنطن



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

عمّان - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات
المغرب اليوم - أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات

GMT 06:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 14 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 10:53 2024 الجمعة ,23 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 23 فبراير / شباط 2024

GMT 09:56 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الخميس 18 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 08:26 2023 الخميس ,04 أيار / مايو

شركة تويوتا تكشف عن بوس الرياضية الجديدة

GMT 05:05 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الأحد 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023

GMT 10:08 2023 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib