مرحلة الصواريخ الباليستية والميليشيات

مرحلة الصواريخ الباليستية والميليشيات

المغرب اليوم -

مرحلة الصواريخ الباليستية والميليشيات

بقلم - خيرالله خيرالله

الصواريخ الباليستية التي تعمل إيران على تطويرها والتي يتبين مع الوقت أنها، مع الميليشيات المذهبية، أخطر بكثير من الملف النووي الذي كان موضع اهتمام إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

كان ردّ الفعل الإيراني على البيان الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية الذي يدين ممارساتها “الإرهابية” في المنطقة وممارسات ميليشياتها، في مقدمها “حزب الله”، بأنّه من النوع الذي “لا قيمة له”.

تتصرّف إيران في المنطقة من منطلق أن كلّ شيء مباح لها، بما في ذلك الحصول على أسلحة إسرائيلية في أثناء حربها مع العراق بين العامين 1980 و1988 في ما عرف بـ“إيران غيت”.

كان الصاروخ الذي أطلقته إيران من أراضي اليمن في اتجاه مطار الملك خالد في الرياض بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

لم يكن الصاروخ سوى تتويج لسلسلة من العمليات العدائية والاستفزازية تستهدف المملكة انطلاقا من الأراضي اليمنية التي تقع تحت سيطرة الحوثيين (أنصار الله) الذين تربطهم علاقة عضوية بـ“حزب الله” في لبنان والذين تديرهم إيران بصفة كونهم ذراعا من أذرعها في المنطقة.

ليس الاجتماع الاستثنائي الذي عقده مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية سوى دليل على أن المملكة العربية السعودية باتت تعتبر أن كفى تعني كفى، وأنّ لا مفرّ بعد الآن من خطوات عملية لمواجهة الخطر الإيراني.


صار واضحا من خلال البيان الصادر عن مجلس الجامعة أنّ هناك وعيا كاملا لما تقوم به إيران في المنطقة. هناك متابعة في غاية الدقّة لنشاطاتها مع تركيز خاص على الصواريخ الباليستية. تلك الصواريخ التي تعمل إيران على تطويرها والتي يتبين مع الوقت أنها، مع الميليشيات المذهبية، أخطر بكثير من الملفّ النووي الذي كان موضع اهتمام إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

هل في استطاعة الدول العربية الإقدام على خطوات تقنع إيران بأنّ البيانات الصادرة عن جامعة الدول العربية ليست من النوع الذي “لا قيمة له”؟

سيتوقف الكثير على ما سيلي الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة. في هذا الاجتماع، كان هناك وضوح ليس بعده وضوح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير. كذلك، كان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في غاية الدقّة، خصوصا عندما تطرّق إلى نشاطات “حزب الله” وسلوكه.

لم يعد سرّا أن هناك علاقة في العمق بين الحزب ومواطنين بحرينيين يعادون المملكة الصغيرة التي استقبلت تاريخيا أعدادا كبيرة من اللبنانيين والتي كان أبناؤها يعتبرون لبنان وجهة سياحية طبيعية لهم.

سيكون موضوع الصواريخ الباليستية موضوع الساعة في الأشهر والأسابيع المقبلة. الموضوع ليس مرتبطا بإيران وحدها، بل بدول تسميها الولايات المتحدة بـ“المارقة”.

تستفيد هذه الدول من التكنولوجيا الكورية الشمالية لتطوير ترسانتها الصاروخية. لذلك، كانت فرنسا على حقّ عندما دعت الولايات المتحدة إلى معالجة هذا الموضوع بما يستحقّ من اهتمام، بدل التركيز على الملفّ النووي الإيراني والاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في شأنه صيف العام 2015.

لم يكن الملفّ النووي الإيراني في واقع الحال سوى غطاء لنشاطات أخرى أكثر خطورة منه بكثير. في مقدّم هذه النشاطات، يأتي تحرّك الميليشيات المذهبية التابعة لإيران في دول عدّة من بينها العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن. يأتي دور الصواريخ الباليستية حيث لا تستطيع هذه الميليشيات الوصول، أي إلى مدينة مثل الرياض على سبيل المثال.

كانت الشكوى من الملفّ النووي الإيراني إسرائيلية، فيما كانت الشكوى العربية من الميليشيات المذهبية الإيرانية ومن سعي إيران إلى اختراق نسيج المجتمعات العربية والاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية.

زاد الآن ملفّ الصواريخ الباليستية الذي يمكن إدراجه في الخطة الإيرانية البعيدة المدى القاضية بتهديد كل مدينة عربية، خصوصا المدن ذات الطابع السني أو المختلط والمتنوّع. لعلّ ما حل ببغداد ثم في الموصل أفضل دليل على نيات إيران تجاه المدن العربية القديمة.

كل مدينة سورية تعاني الآن من ارتكابات إيران وفظاعاتها. ماذا حلّ بحلب وحمص وحماة؟ ماذا سيكون مصير دمشق المطوّقة من كلّ الجهات؟

إذا لم تل الكلام الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة أفعال حقيقية، ستبقى إيران تستخفّ بالعرب، خصوصا بعد ابتلاعها للعراق. يمكن الانطلاق من ملفّ الصواريخ الباليستية للتأكيد لإيران أن لكلّ شيء ثمنا.

أعلن وزير الخارجية السعودي أن بلاده “لن تقف مكتوفة”. هذا كلام كبير يفترض أن تليه خطوات عملية وترجمة على الأرض، خصوصا أن الأكثرية الساحقة بين الدول العربية الأعضاء في مجلس الجامعة أيّدت الموقف السعودي. جرت العادة أن تتحفّظ الجزائر. لكنها لم تفعل هذه المرّة. لم يشذّ سوى لبنان والعراق لأسباب لم تعد تخفى على أحد.

عاجلا أم آجلا، سينتقل ملفّ الصواريخ الباليستية إلى مجلس الأمن. سيحمي “الفيتو” الروسي إيران مجددا مثلما يحمي استخدام نظام بشّار الأسد للسلاح الكيميائي في حربه على الشعب السوري. في ظلّ “الفيتو” الروسي، سيكون هناك مزيد من العقوبات الأميركية والأوروبية على إيران.

المفارقة أن إيران التي لا تجد ما تصدّره غير الميليشيات المذهبية والصواريخ والأسلحة تتحدّث عن “انتصارات” في المنطقة. على من تتحقق هذه الانتصارات التي يتولى تعدادها الأمين العام لـ“حزب الله” السيّد حسن نصرالله، الذي قلبه على الشعب اليمني، فيما مهمّته الحقيقية الانتقام من السوريين من شباب ورجال ونساء وشيوخ وأطفال وتهجيرهم وتجويعهم. كلّ ذنب هؤلاء أنهم طالبوا ببعض من كرامتهم.

في النهاية ليس إثارة ملف الصواريخ الإيرانية ونشاطات إيران وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة في مجلس جامعة الدول العربية سوى بداية. ليس سرّا أن السعودية ما كانت لتقدم على مثل هذه الخطوة لولا شعورها بأنّ مرحلة ما بعد صاروخ الرياض ليست مثل مرحلة ما قبل هذا الصاروخ.

تكمن أهمية هذا الصاروخ في أنّه كشف أنّ هناك حاجة إلى عمل عربي مشترك وما يتجاوز العمل العربي المشترك إلى تعاون مع الأميركيين والأوروبيين لإفهام إيران أن هذه ليست مرحلة شبيهة بمرحلة ملفها النووي، بمقدار ما أنّها مرحلة من نوع مختلف.

في النهاية، هل تستطيع إدارة دونالد ترامب التأكيد أنها مختلفة عن إدارة باراك أوباما، وأن تبرهن أن وقوفها مع حلفائها العرب في المنطقة ليس وقوفا بالكلام فقط، بل أنّ لدى هذه الإدارة ما تدعم به الكلام؟

اتخذت فرنسا، عبر الرئيس إيمانويل ماكرون، موقفا في غاية العقلانية عندما دعت إلى التركيز على ملفّ الصواريخ الباليستية والنشاط التخريبي لإيران في الشرق الأوسط والخليج.

يفترض في إدارة ترامب تجاوز عقدة الملفّ النووي. بكلام أوضح، يفترض بها الاقتناع بأن الصواريخ والميليشيات المذهبية وإثارة الغرائز المذهبية هي السلاح الأخطر لإيران… وكلّ ما عدا ذلك تفاصيل وتلهّ بها وهرب من مواجهة الواقع في منطقة تقف على كفّ عفريت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة الصواريخ الباليستية والميليشيات مرحلة الصواريخ الباليستية والميليشيات



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
المغرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 11:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib