إيران تردّ على أميركا في لبنان

إيران تردّ على أميركا في لبنان!

المغرب اليوم -

إيران تردّ على أميركا في لبنان

بقلم : خيرالله خيرالله

ماذا تريد إيران أن تقول عبر الجولة “الإعلامية” التي نظمها “حزب الله” قبل أيّام لجنوب لبنان متجاهلا نص القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن صيف العام 2006؟

من الواضح أنّ إيران لا تعترف بهذا القرار الذي أوقف “الأعمال العدائية” بين إسرائيل و”حزب الله”، وهي أعمال كان ضحيتها لبنان واللبنانيون.

تريد إيران الآن القول إنّه لا تزال لديها ورقة اسمها “الساحة” اللبنانية تستطيع من خلالها التحرّش بإسرائيل بغض النظر عن كلّ ما ورد في نص القرار الدولي الذي وافق “حزب الله” وقتذاك على كلّ حرف فيه.

كان الهدف الإيراني من افتعال حرب صيف العام 2006 الانتصار على لبنان ومباشرة سلسلة من الانقلابات من أجل تغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه من جهة وإثبات أن الوصاية الإيرانية حلّت مكان الوصاية المشتركة مع النظام السوري من جهة أخرى.

بعد حرب صيف 2006، وقف “حزب الله” على جسد لبنان المدمى ورفع علامة النصر. هذا كلّ ما في الأمر. هذه هي النتيجة الفعلية لحرب 2006 التي سعت إيران ومعها النظام السوري الذي أخرجه اللبنانيون من أرضهم إلى استغلالها إلى أبعد حدود.

من يتذكّر كيف وقف بشّار الأسد وقتذاك يعيّر القادة العرب الذين وقفوا مع شعب لبنان وسعوا إلى ترميم الدمار والتخلص من الخراب واصفا إيّاهم بـ”أنصاف الرجال”؟ هل على الرئيس العربي، أيّ رئيس أو ملك أو أمير، قتل شعبه وتشريده من أجل أن يستأهل لقب رجل كامل؟

بالنسبة إلى إيران، لا وجود لمصالح لبنانية كما لا توجد قيمة لحياة اللبنانيين، بما في ذلك أهل الجنوب، الذين نعموا بفضل القرار 1701 بفترة طويلة من الهدوء سمحت لهم بالعيش بأمان في حماية الجيش اللبناني والقوات الدولية التي عزز القرار 1701 عديدها ووجودها ومناطق انتشارها.

الملفت حاليا أن إيران تحرّك جبهة جنوب لبنان مستخدمة “حزب الله” في وقت بدأت تتبلور فيه سياسية أميركية جديدة في الشرق الأوسط كان أفضل من عبّر عنها وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس خلال زيارته للسعودية حيث التقى الملك سلمان بن عبدالعزيز ووليّ وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان الذي هو في الوقت ذاته وزير الدفاع في المملكة.

كان كلام الجنرال ماتيس في السعودية واضحا كلّ الوضوح، خصوصا عندما قال “حيث توجد مشاكل، توجد إيران”. هناك للمرّة الأولى فهم حقيقي لدى الإدارة الأميركية لما يدور في اليمن ولخطورة الظاهرة الحوثية فيه.

هناك استيعاب لخطورة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يُعتبر اليمن من بين ضحاياه الكثيرة. لا يمكن الاستخفاف بتشديد وزير الدفاع الأميركي على أنّ “علينا منع إيران من زعزعة استقرار اليمن ومن إنشاء ميليشيا جديدة على غرار ‘حزب الله’ في لبنان”.

في الماضي القريب، في عهد باراك أوباما، كان كلّ تبادل لوجهات النظر مع مسؤول أميركي ينتهي بتجاهل لهذا المسؤول لأيّ علاقة بين الحوثيين وإيران. كان المسؤولون الأميركيون يؤكّدون أن ليس لديهم أيّ دليل على تورّط إيران في اليمن. كانوا يشددون على أن المشكلة الوحيدة في اليمن هي “القاعدة”.

هناك الآن فهم أفضل لما يدور في اليمن. لا يزال الجنرال ماتيس يركّز مع غيره من المسؤولين الأميركيين على أن الأولوية هي للحرب على “داعش” وما شابه “داعش”. لكنّ مجرّد الربط بين سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة التي تمارسها إيران بواسطة ميليشياتها المذهبية وبين الإرهاب الذي لجأت إليه التنظيمات السنّية المتطرّفة، التي ولدت من رحم الإخوان المسلمين، يشكّل خطوة أميركية ضخمة إلى الأمام.

ليس إعادة التذكير بجبهة جنوب لبنان والقرار 1701 سوى نقطة ضعف إيرانية، لا لشيء سوى لأن إيران تستوعب قبل غيرها أنّ وجودها في سوريا صار يمثل مأزقا لها على الرغم من كلّ التفاهمات التي تربطها بروسيا. فوق ذلك كلّه لم تعد إيران تتحكّم كليّا بالعراق بعد تحول الجيش فيه إلى مؤسسة تعتمد على الدعم الأميركي قبل أيّ شيء آخر.

في مقابل الميليشيات المذهبية التي تدعمها إيران والتي تتجمع تحت عنوان “الحشد الشعبي”، يبدو الجيش في المدى المنظور وفي وقت ما زالت معركة الموصل مستمّرة الأمل الوحيد للعراقيين، خصوصا أن التفكير منصبّ حاليا على مرحلة ما بعد الموصل وإمكان التعايش بين جيش وطني، يفترض به أن يمثّل كل العراقيين، وبين “الحشد الشعبي” الذي يعكس رغبة إيرانية في تكريس العراق مستعمرة إيرانية.

تواجه إيران حاليا كلّ أنواع المشاكل، هي التي تخصصت في خلق المشاكل للآخرين، خصوصا للدول العربية المحيطة بها وحتّى البعيدة عنها. من اليمن، إلى العراق، إلى سوريا، لم تعد إيران في وضع مريح كما كانت عليه في عهد أوباما. امتلكت السلطات في البحرين ما يكفي من الشجاعة لتسمية الأشياء بأسمائها والكلام مباشرة عن الدور الإيراني لدى اكتشاف أيّ شبكة تعمل على زعزعة الاستقرار في هذا البلد الصغير.

الأكيد أن الهرب إلى لبنان لن يحلّ أيّا من مشاكل إيران العائدة إلى أن ليس لديها مشروع من أيّ نوع تقدّمه إلى محيطها باستثناء الرهان على إثارة الغرائز المذهبية والمتاجرة بالقضيّة الفلسطينية.

هناك إفلاس إيراني على كلّ المستويات. كشفت إدارة ترامب هذا الإفلاس عندما قرّرت التصدي للمخططات الإيرانية في وقت تبيّن أن ليس لدى القيادة في طهران ما تقدّمه لشعبها.

في نهاية المطاف، هناك وعي لبناني لأهمّية المحافظة على القرار 1701. أكثر من ذلك، هناك ضرورة لبنانية للاستعانة بهذا القرار وجعله يشمل الحدود مع سوريا أيضا، وهي حدود ألغاها “حزب الله” عندما قرّر، بناء على طلب إيراني، المشاركة في الحرب على الشعب السوري من منطلق مذهبي بحت.

أين مصلحة لبنان في ذلك كلّه؟ لا مصلحة لأيّ لبناني، بغض النظر عن طائفته أو مذهبه أو منطقته في أن تعتبر إيران القرار 1701 ورقة في يدها وجنوب لبنان منطقة سائبة وأهله مجرّد كبش محرقة في لعبة لا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد بأيّ شكل من الأشكال.

إذا كانت لدى إيران مشكلة مع الإدارة الأميركية لتحلّ هذه المشكلة معها بدل الردّ عليها في جنوب لبنان. القوات الأميركية موجودة علنا في غير مكان من المنطقة، بما في ذلك سوريا..

أما لبنان فقد شبع متاجرة به وبجنوبه. لم يكن القرار 1701 سوى خشبة خلاص بالنسبة إليه بعدما عانى الأمرّين من رغبة إسرائيل الدائمة في بقاء الجنوب خارج الشرعية منذ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969.

هل في استطاعة إيران بعد كل العذابات التي مرّ فيها اللبنانيون تركهم وشأنهم وتبتعد عن القرار 1701؟ هذا السؤال ليس في رسم الذين يرسمون السياسة الإيرانية فحسب، بل في رسم المراجع العليا في لبنان أيضا.

يفترض في هذه المراجع إدراك أن القرار الصادر عن مجلس الأمن صيف العام 2006 هو رمز للسيادة اللبنانية. هذا القرار الذي أعاد الجيش إلى جنوب لبنان خطوة أولى على طريق استعادة البلد كلّه وليس الجنوب وحده.

من هنا البداية وليس من أيّ مكان آخر إذا كان مطلوبا استعادة حقوق اللبنانيين جميعا وليس حقوق المسيحيين التي يكثر المتاجرون بها هذه الأيّام.

المصدر : صحيفة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تردّ على أميركا في لبنان إيران تردّ على أميركا في لبنان



GMT 20:00 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

تحقيق مع مكرم رباح... مع الحقيقة والمنطق

GMT 21:17 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

بين بايدن وترامب... وضع أميركي مخيف

GMT 03:10 2024 الجمعة ,16 شباط / فبراير

عالم من دون قيادات

GMT 19:38 2024 الجمعة ,09 شباط / فبراير

رفيق الحريري وثمن إنقاذ الجنوب!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 17:54 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

مبابي يدافع عن ميسي وينتقد جماهير باريس

GMT 20:13 2021 السبت ,18 أيلول / سبتمبر

دلالات اللون الأخضر في ديكور المطابخ

GMT 16:56 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء البيضاوي يحدد سعر خروج محمود بنحليب من الفريق

GMT 09:33 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يقطع إصبعه بسبب لدغة أفعى غير سامة

GMT 16:07 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

طريقة تحضير تارت الكنافة بالمانجو اللذيذ

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الجزائر تتراجع قرار منع الاستيراد والتصدير عبر موانئ المغرب

GMT 17:43 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يسجل ارتفاعاً بدعم من استقرار مؤشر الدولار الأميركي

GMT 17:49 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

إنستغرام يختبر الأغانى في دورات الصور

GMT 10:05 2022 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مبابي يحسم جدل الرحيل عن باريس سان جرمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib