المغرب والجزائر واتحاد المغرب العربي

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

المغرب اليوم -

المغرب والجزائر واتحاد المغرب العربي

بقلم - عبد العالي حامي الدين

لماذا لا نتذكر اتحاد المغرب العربي ونحن نتابع تفاعلات الأزمة المفتعلة حول قضية الصحراء المغربية؟
لم يعد أحد يكترث لذكرى التوقيع على معاهدة اتحاد المغرب العربي بمراكش سنة 1989، بين المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا..
كانت أهداف القادة الموقعين على اتفاقية الاتحاد متفائلة وهم يتوقعون تذويب الاختلافات السياسية وسط المصالح الاقتصادية المتبادلة..
اقتصاد الدول الخمس يكمل بعضه بعضا، وهو قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي لمعظم حاجياتها.
تبلغ مساحة دول الاتحاد مجتمعة 261 .041. 6 كلم²، وهي مساحة تفوق مساحة الاتحاد الأوروبي، ويبلغ عدد سكان اتحاد المغرب العربي حوالي 100 مليون نسمة، 80٪ منهم يعيش في المغرب والجزائر، كما أن البلدين يملكان أقوى اقتصادين في هذا الاتحاد، حيث إن مجموع اقتصاد البلدين يساوي ٪75 من الاقتصاد الإجمالي لدول الاتحاد..
بعد ثلاثين سنة تبدو حصيلة الاتفاقية ضعيفة على المستوى السياسي والاقتصادي، ومازال مستوى التبادل التجاري والاندماج الاقتصادي يسجل أرقاما ضعيفة، بينما تحتل دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا مرتبة الشريك الأول لعدد من دول المغرب العربي.
طبعا، لا خلاف حول أن السبب الرئيس وراء جمود مؤسسات الاتحاد هو إصرار الجزائر على اعتماد منطق معاكس لدينامية الاتحاد عبر احتضان جبهة انفصالية فوق أراضيها، ولم تكن الجزائر محايدة يوما ما في ملف الصحراء، وإنما كانت طرفا أساسيا في هذا الملف ودعمت فكرة الانفصال بالمال والسلاح، كما وضعت خبرتها الدبلوماسية في خدمة أطروحة الانفصال.
هل معنى ذلك أنه ليس من حقنا أن نحلم بمغرب عربي كبير؟ مقومات التكامل بين بلدان المغرب العربي موجودة رغم سيادة العديد من العوامل المسؤولة عن إخفاق التكامل في المنطقة، أهمها راجع إلى طغيان الخلافات السياسية الثنائية، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية ومواجهة معضلات الفقر والبطالة، وتحدي الإرهاب ومخاطر التجزئة، التي تهدد بعض البلدان مثل ليبيا، باتت تفرض على كل العقلاء التفكير بمنطق مختلف وتجاوز الحساسيات السياسية القديمة.. من المؤكد أن العلاقات البينية المغاربية لم تشهد استقرارا منذ استقلال دول المغرب العربي، فالعلاقات في الفترة الفاصلة بين بداية الستينيات ومنتصف السبعينيات، شهدت مواجهات عسكرية وقطيعة دبلوماسية بين المغرب والجزائر، وبعد ثمانينيات القرن الماضي لم تكن العلاقات الجزائرية الموريتانية على ما يرام، بل أكثر من ذلك دخلت المنطقة في سياسة المحاور بعد توقيع المغرب لاتفاقية التعاون العربي الإفريقي بين المغرب وليبيا سنة 1984. وبالتالي، فإن العلاقات لم تكن بأحسن حال قبل الإعلان عن ميلاد اتحاد المغرب العربي سنة 1989. وإجمالا، إذا كان تأسيس اتحاد المغرب العربي مدعاة لتطبيع العلاقات الثنائية مغاربيا، فإن هذه العلاقات لاتزال تتأرجح بين استمرار رواسب الغموض، والتشكك والحذر بسب طغيان الخلافات السياسية. ومرة أخرى نؤكد أن تعثر مشاريع التحول الديمقراطي في المنطقة ـ مع تفاوت بين دول المغرب العربي على هذا المستوى ـ كان له الأثر البليغ على فشل مشروع الوحدة المغاربية، ذلك أن الخلاف ليس بين الشعوب، ولكنه خلاف بين الأنظمة السياسية الحاكمة. غير أن التطورات السياسية السريعة التي شهدتها المنطقة بعد اندلاع دينامية الربيع الديمقراطي، وبعد سقوط نظامين دكتاتوريين في المنطقة، وبعد التحولات السياسية الواضحة في المغرب، كانت تنبئ بإمكانية حلحلة هذا الملف من جديد، قبل دخول الملف إلى قاعة الانتظار مرة أخرى..
لقد تابعنا التحركات الكثيرة التي قادها الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي حول ضرورة بناء الاتحاد المغاربي، لكن هذه الجهود اصطدمت بإرادة معاكسة للجزائر، التي لازالت تعيش تحت قبضة العسكر منذ إيقاف المسار الديمقراطي في بداية التسعينيات، وهو ما يعطينا الحق لوضع الفرضية التالية: إن تحقيق الوحدة المغاربية رهين بالانتقال الديمقراطي في الجزائر.. في انتظار ذلك، تبقى تكلفة غياب الاتحاد في ارتفاع مستمر.. إن التوتر الأخير المفتعل من طرف الجزائر يخفي وراءه صراعا جيوستراتيجيا يتجاوز الخلافات السياسية البينية المرتبطة بعقدة الصحراء، ويجعل الجزائر منخرطة بالوكالة في خدمة أجندات الجهات المستفيدة من غياب المغرب العربي الموحد…
إن الموقع الجيوسياسي المتميز للمغرب العربي كجزء من شمال إفريقيا، وحوض البحر الأبيض المتوسط وقربه من أوروبا وامتداده جنوبا نحو القارة الإفريقية، يعتبر بمثابة محددات رئيسة في إدراك حجم التفاعلات الإقليمية في المنطقة حاليا، سواء تعلق الأمر بالجوار الأوروبي أو بالمنافسة الأمريكية الأوروبية للحصول على مواقع النفوذ أو ما يرتبط بالحوار مع منظمة شمال الحلف الأطلسي (الناتو). وأخيرا ما يتعلق بمسلسل التقارب مع إفريقيا جنوب الصحراء عبر آلية المبادرة الإفريقية الجديدة للتنمية المعروفة اختصارا – بالنيباد- أو عن طريق التجمع الإقليمي الجديد الذي يضم دولا من المغرب العربي والساحل والصحراء، والذي يطلق عليه تجمع (سين- صاد) أو مجموعة الساحل والصحراء.. ومن المؤكد أن مضاعفة تركيز المغرب على العمق الإفريقي في سياسته الخارجية في السنوات الأخيرة يمثل إزعاجا حقيقيا للساسة الجزائريين..
من خلال ما سبق يتضح حجم المصالح المشتركة بين دول المغرب العربي، وتبرز الإمكانيات الموضوعية والمؤشرات العملية، التي بإمكانها-إذا توفرت مجموعة من الشروط- أن تسهم في تحويل منطقة المغرب العربي إلى قوة إقليمية ذات رهانات استراتيجية كبرى، بالنظر إلى المؤهلات الاقتصادية والثروات المعدنية والموقع الجغرافي الذي تتميز به المنطقة، فضلا عن القوة الديموغرافية الهائلة. مع استحضار حجم المعوقات والتحديات والرهانات الجيوسياسية التي تستهدف المنطقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب والجزائر واتحاد المغرب العربي المغرب والجزائر واتحاد المغرب العربي



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
المغرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

3 نصائح للرجال لاختيار لون ربطة العنق المناسب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib