أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأن “الأجواء بالمغرب تشهد، هذه الأيام، تقلبات ملحوظة تعكس أجواء الانتقال الفصلي بين الصيف والخريف؛ الذي غالبا ما يمتاز بالتذبذب، إذ يكون تارة حارّاً ثم يتحول إلى معتدل، وهو ما يُميّز فترة بداية التحول التدريجي نحو فصل الخريف، أكثر مما هي مجرد موجة برودة عابرة”.

وتفاعلاً مع الأسئلة المطروحة أوضح الحسين يوعابد، مسؤول التواصل في المديرية العامة للأرصاد الجوية، أنه “مع تراجع تأثير الكتل الهوائية الحارة برزت تيارات بحرية غربية محمّلة بالرطوبة، ساهمت في خفض درجات الحرارة بالسواحل الشمالية والوسطى وحتى بعض المناطق الداخلية، مع طقس ليلي يميل إلى البرودة”، قبل أن يستدرك: “رغم ذلك فمؤشرات ارتفاع درجات الحرارة مازالت قائمة، حيث مازال الطقس في هذه الفترة متذبذباً، وهذه المؤشرات تعد من العلامات الأولى على الانتقال الموسمي الذي عادة ما يميز نهاية الصيف وبداية الخريف”.

وتتجلى أبرز ملامح هذه التقلبات، بحسب معطيات الأرصاد الجوية المغربية، في “انخفاض درجات الحرارة بالمناطق الساحلية والشمالية بعد أن عرفت المملكة موجة حر طويلة (في عز فترة ‘الصمايم’) منذ بداية شهر غشت الجاري؛ فيما استقرت الحرارة الحالية بين 26 و30 درجة نهاراً، بينما تتراوح ليلاً بين 18 و24 درجة، مع بقاء المناطق الجنوبية والشرقية أكثر دفئاً”.

كما شهدت المرتفعات، خاصة الأطلس المتوسط والكبير، “تشكّل سحب ركامية غير مستقرة أعطت زخات مطرية رعدية محلية أحياناً قوية، مصحوبة أحياناً بالبَرد”، وفق يوعابد.

مجيباً عن سؤال التوقعات المرتقبة أكد أنه “مِن المنتظر أن تستمر الأجواء المعتدلة نسبياً منتصف الأسبوع الجاري، قبل أن ترتفع درجات الحرارة تدريجيا خلال نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل”، وأضاف: “يبرز احتمال تسجيل زخات رعدية محلية خلال نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل في الأطلس والريف وسايس؛ بينما ستبقى الأجواء الليلية باردة نسبياً بالمقارنة مع الأسابيع الماضية”.

وتشير التوقعات الجوية، بحسب المعطيات الرسمية المقدمة، إلى أن “الحالة الجوية ببلادنا خلال منتصف الأسبوع ستتسم بدرجات حرارة في حدود معدلاتها الموسمية بالشمال والمناطق الساحلية؛ أما الجنوب الشرقي وأقصى الجنوب فسيعرفان طقساً حاراً نسبياً”، مفيدة بأن “درجات الحرارة العليا ستتباين ما بين 39 و43 درجة بالجنوب الشرقي وأقصى الجنوب، وبين 34 و39 درجة بالمنحدرات الجنوبية-الشرقية والسهول الداخلية، بينما لن تتعدى 22 إلى 28 درجة بالأطلس وقرب السواحل”.

وتابع المتحدث ذاته: “ستظهر سحب منخفضة كثيفة خلال الليل والصباح فوق السواحل الأطلسية وشمال-غرب الأقاليم الجنوبية، حيث قد تعطي قطرات مطرية خفيفة أو تشكل كتلا ضبابية محلية. كما ستتشكل سحب ركامية غير مستقرة فوق الأطلس الكبير والمتوسط، ما سيؤدي إلى زخات مطرية رعدية محلية، خاصة يوم الخميس، قد تمتد أحياناً إلى الجنوب الشرقي وأقصى الجنوب، حيث ستصعد بعض السحب المدارية غير المستقرة لتهم أقصى الجنوب.. وستهب رياح قوية نسبياً بالسواحل الوسطى، الأطلس، الجنوب والجنوب الشرقي وكذا المنطقة الشرقية، مصحوبة أحياناً بزوابع رملية محلية، ما قد يقلص من مدى الرؤية”.

وابتداءً من نهاية الأسبوع “يُرتقب أن تعرف درجات الحرارة بعض الارتفاع بالسهول الداخلية، الجنوب الشرقي والمنطقة الشرقية، مع استمرار تكون ضباب أو قطرات خفيفة قرب السواحل ليلاً وصباحاً؛ في حين ستسجل درجات الحرارة العليا ارتفاعاً تدريجياً خلال الأيام الموالية مع بداية الأسبوع المقبل”، حسب أحدث تنبؤات “الأرصاد”.

في سياق متصل أفاد يوعابد بأنه على مستوى الحصيلة المناخية لصيف 2025 “فقد عرف المغرب بدوره موجات حر قوية، على غرار إسبانيا مثلا التي سجلت الموجة الأشد حرا منذ بداية تسجيل البيانات”.

وجدد المتحدث للجريدة تأكيده أن “الحرارة تجاوزت في عدة مدن مغربية عتبة 46 و47 درجة مئوية، ضاربا مثال: مدينة السمارة التي سجلت 46.6°، بن كرير 46.3°، مراكش 45.6°، فيما بلغت الحرارة بالصويرة 47.9° خلال منتصف غشت 2025”.

وخلص مسؤول التواصل: “تأتي هذه المعطيات في سياق إقليمي عرف مستويات غير مسبوقة من الحرارة، حيث سجلت إسبانيا خلال الفترة ما بين 8 و17 غشت الموجة الأشد حرارة في تاريخها، والمغرب كذلك تأثر بموجة حر طويلة، ما يعكس حجم التغيرات المناخية التي تطبع المنطقة المتوسطية برمتها”.

كما مست هذه الموجة مناطق واسعة من المغرب واتسمت بطولها من حيث الأمَد الزمني، إذ استمرت 17 يوماً منذ بداية شهر غشت إلى منتصفه.

وكان المغرب شهد خلال هذه الفترة المعروفة شعبياً باسم “الصمايم” (فترة الحر الشديد) موجة حر قوية وطويلة الأمد قاربت الأسبوعين، ومست بالأساس المناطق الوسطى والجنوبية وكذا السهول الداخلية، وامتدت حتى إلى بعض المناطق الساحلية.

وأبانت المقارنة بين درجات الحرارة القصوى المسجلة يوم 17 غشت 2025 والمتوسطات المناخية الخاصة بالعشرية الثانية من غشت تسجيل ارتفاعات عامة تراوحت بين +3 و+13 درجات مئوية، مع “فوارق أكبر بالسهول الداخلية والهضاب الوسطى، حيث تجاوزت درجات الحرارة المعدلات الفصلية بكثير”. أما السواحل التي تتميز عادة باعتدالها بفعل التأثير البحري – مثل الدار البيضاء، آسفي والصويرة – فسجلت بدورها ارتفاعات لافتة تراوحت بين +5 و+8 درجات مئوية، نتيجة ضعف تأثير نسيم البحر وتغلغل الهواء القاري الحار نحو السواحل.

وترتبط هذه الوضعية بظاهرة “الشرگي” الناتجة عن تعزز موقع المرتفع شبه المداري على شمال إفريقيا، متزامناً مع نشاط منخفض حراري صحراوي امتد نحو المغرب. هذا ما أدى إلى صعود كتل هوائية حارة وجافة من قلب الصحراء، زاد من حدتها محلياً تأثير “الفوين” (Foehn) على السفوح الغربية للأطلس والريف، إضافة إلى “قلة الغيوم التي ساهمت في زيادة التسخين النهاري”.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

المديرية العامة للأرصاد الجوية المغربية تُحذر من هطول أمطار رعدية قوية خلال الساعات القادمة

"موسم أصيلة" الثقافي يعقد هذا العام في دورتين في الصيف والخريف