الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
القاهرة

القاهرة - المغرب اليوم

تتقارب الفنون في مجمل عناصرها البنائية، وتلتقي في إطار عام يجمع بينها، وقد شهد تاريخ الفن تعمد كثير من الفنانين تفعيل الدراما في منجزهم التشكيلي بأسلوب تقني يقترب من الواقعية حيناً، ويجنح إلى الأساطير وحكايات الموروثات الشعبية أحياناً أخرى. وهو ما يشهده الآن عنوان «المعرض الصيفي الأول» الذي يحتضنه غاليري «نوت» في القاهرة، ويستمر حتى الأسبوع الأول من شهر أغسطس (آب) المقبل، حيث سيطرت على الأعمال الفنية حالة درامية شيقة جعلته بمثابة رحلة سردية ولونية ممتعة.

حتى أنه، وعلى غير المعتاد، جاءت الأعمال النحتية بالمعرض درامية بامتياز، على غرار المنحوتات البرونزية السبع التي يشارك بها الفنان الدكتور حسام أبو العلا، أستاذ الدراما بمعهد السينما بأكاديمية الفنون، الذي استمد أفكارها وشخوصها من أسطورة ابتكرها تحت عنوان «قبائل الزووما»، فقد سبق لأبو العلا تنظيم معرضين فرديين عن الأسطورة نفسها، ليواصل في هذا المعرض تقديم المزيد من المنحوتات المرتبطة بها، ويصف أبو العلا تجربته في إكساب المنحوتات بعداً درامياً بـ«تكامل الفنون» الذي يساهم في إثراء الأعمال الفنية، وشحذ خيال المتلقي: «لطالما كان النحت ونقده يقومان على القيم الجمالية والنسب التشكيلية ومساحة الكتلة والفراغ، في الوقت الذي ينحيان فيه الموضوع جانباً، ومن هنا تساءلت لماذا لا نعلي من قيمة الفكر والموضوع بالأعمال الفنية، ولا نبقي عليها من أجل الجمال وحده؟».

تأثر أبو العلا بعمله الأكاديمي في مجال الدراما، يقول عنه: «حين أردت أن أكسب النحت قيمة إضافية جديدة، وهي الدراما، وجدت نفسي أبحث عن موضوع محدد، على أن يكون خيالياً وغير تقليدي، ما دفعني إلى ابتكار أسطورة جديدة، تقول إنه كانت توجد على الأرض منذ مائة ألف سنة مجموعة من الأشخاص اتفقوا معاً على أن يروحوا في سبات عميق في باطن الأرض، وأن أي شخص من البشر سيكتشف أمرهم سيكون ذلك مصدراً لسعادته، ولذلك تلتقي في المعرض بشخوص أسطورية الملامح والروح والتفاصيل، تأخذك إلى أحداث درامية قد تنسج بعضها بنفسك، لتصل إلى نتيجة مفادها بأن على الإنسان أن يبحث، ويعمل دوماً على اكتشاف هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون عليه السعادة، ولا يتردد في البقاء معهم، حتى لو تطلب الأمر مواجهة كل التحديات أو موروثات المجتمعات، لتستنبط في هذه اللحظة رمزية معيشتهم تحت باطن الأرض، فعليك أن تنقب عنهم وتصر على الوصول إليهم أينما كانوا».

ومن الطريف أن هذه الشخوص ساهمت في إدخال السعادة على قلبه، وتغيير حياته لتسري قوانين الأسطورة عليه: «كنت أمر بمرحلة صعبة من حياتي لظروف شخصية، وجاء اكتشافي لشخوص أسطورتي، والتوصل إلى أشكالهم كقارب نجاة لي ساعدني على الخروج من الإحساس بالشقاء إلى السعادة».

ولأنها نتيجة لتكوينات من الرمل والحجر وانصهارات البراكين، فإنها تتغذى على الرمال، ومن ثم اختار لها أبو العلا خامة البرونز، باعتبارها خامة نبيلة تتوافق من جهة مع طبيعة شخوص الأسطورة الذين جاءوا من باطن الأرض، ومن جهة أخرى لأن البرونز سهل التطويع، ويسمح بإبراز تفاصيل دقيقة وكثيرة ما يساهم في إثراء البعد الدرامي للمنحوتات.

بدورها أضافت الفنانة إيمان حكيم على المعرض حالة درامية خاصة تتخذ من التمسك بقوة المرأة وحضورها الطاغي ملمحاً أساسياً لها، ولذلك تأتي في صدارة بعض اللوحات مجسدة دورها المهم الذي تقوم به دوماً، كما تعكس اللوحات سعيها المستمر للتغيير، بينما تحتل مساحة من التهميش سطح بعض لوحاتها الأخرى، في إشارة إلى مقاومة أي محاولات لتقليص دور المرأة في المجتمعات العربية، وتقول: «المرأة هي مرادف الحياة أو المعادل الموضوعي لها».

ذلك إلى جانب أعمال أخرى تنحاز فيها إلى البسطاء والمهمشين، وتستخدم حكيم ألواناً دافئة مستمدة من الشمس، وتضفر أسلوبها التأثيري المعروف برؤى مصرية خالصة. وهي تعتبر هذا المعرض نوعاً من نتاج «العزلة الجبرية» بسبب «كورونا»، والمحفزة للفنان على التأمل والتفكير، والتزود بالجمال والثقافة ومن ثم إبداعات فنية جديدة.

وفي عودة للاهتمام بتقديم أفكاره الفلسفية وتركيزه على البورتريه، بما يمثله من دراما تشكيلية تنطوي على مشاعر وتعبيرات ذات زخم إنساني، وحكي متدفق، يمر المتلقي بمرحلة فنية جديدة مع الفنان تامر سيد الذي يقدم أعمالاً تعتمد البساطة في البناء الشكلي، مكتفياً بلمسات خاطفة محدودة في تناول الجسد أو الوجه البشري، وكأنه يخشى أن يضيع منه المعنى الفلسفي، أو تتوه الفكرة الدرامية إذا ما لجأ إلى التفاصيل، ولعل ذلك أيضاً ما يفسر لنا استعانته بقدر من العلامات البارزة الخاطفة لانتباه المشاهد مثل تحديق العينين لبعض شخصياته، وتنبع دراما تامر سيد من الواقع، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد مشاركتي بالمعرض استعادة لاحتفائي بالمضمون بعد فترة انقطاع ركزت فيها على الجماليات، والأعمال تعكس ضغوط الحياة المعاصرة بكل وجعها وسرعة أحداثها، ولذلك اخترت بالتة ألوان داكنة، وأعتبر هذه المشاركة بداية لمرحلة فنية جديدة سأقدمها في معرض فردي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

قد يهمك ايضا

وزارة الأوقاف المغربية تعلن عن فاتح شهر ذي القعدة لعام 1441 هجرية

فريق مسرحية "Mission Apollo 212" في المغرب يستأنف التدريب 15 تموز المُقبل

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المايسترو العالمي شومان يقود الأوركسترا الفلهارمونيّة والعازفة بيريزوفسكي ويحلّقان…
كتاب ومختصّون من 25 دولة أجنبية يشاركون في مهرجان…
جائزة محمد بن راشد للغة العربية تُسجل رقمًا قياسيًا…
بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…

اخر الاخبار

رئيس الحكومة المغربية يتباحث مع الرئيس العراقي على هامش…
المغرب وإسبانيا يٌواصلان تعاونهما لمٌكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب…
إسبانيا تٌحذر رعاياها من الاقتراب من الحدود مع الجزائر…
المغرب والصين يٌوقعان اتفاقية تعاون تهم مجالات القضاء والانتقال…

فن وموسيقى

يسرا تتحدث عن تجربتها المختلفة في فيلم "شقو" وتُشيد…
يسرا تكشف عن كواليس أحدث أفلامها السينمائية وموقفها من…
أصالة تنفي الشائعات التي تم تداولها بشأن انفصالها عن…
إليسا تطرح ألبومها الجديد كاملاً بشكل مفاجئ وبدون دعاية

أخبار النجوم

تامر حسني يٌمازح هنا الزاهد وباسم سمرة ومحمد ثروت…
عبير صبري تٌعلّق على واقعة اعتداء سائق شركة نقل…
المطربة مروة نصر تتهم صناع أغنية روبي الجديدة بالسرقة
كريم محمود عبد العزيز يحتفل بميلاد ابنتيه في أجواء…

رياضة

الفيفا يعتمد 3 نسخ من كأس العرب في قطر…
مبابي يودع باريس سان جيرمان بخسارة قاسية أمام تولوز
مبابي يُعلن رحيله رسميًا عن باريس سان جيرمان
تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس

صحة وتغذية

الخبراء يختارون "التفاح" كأفضل فاكهة لتعزيز صحة القلب
نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة عن طريق تناول الأطعمة…
علماء بريطانيون يٌعلنون عن اكتشاف خصائص في الخلايا المناعية…
مخاوف من سموم ومواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين

الأخبار الأكثر قراءة

بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…
مساجد الطائف الأثرية تُحاكي التاريخ بعمارتها الإسلامية العريقة
وزارة الأوقاف المغربية تفرض على الحُجّاج توقيع التزام بعدم…
"اليونيسكو" تختار طنجة كمستضيف دولي لليوم العالمي لموسيقى الجاز…