الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
تطّور الفن السابع وطّد علاقة التزاوج بين السينما والأدب

بيروت - غيث حمّور

بدأ التزاوج بين الأدب والسينما مع تطور الفن السابع، الذي ظهر منذ أكثر من مئة عام، عبر الأفلام الصامتة، حيث كانت الصورة هي الوسيلة الوحيدة للتعبير، وكان لها مكانة كبيرة، وحين دخل الصوت تراجعت هذه المكانة، مع مزاحمة الحوار لها، حتى ترسخت السينما الناطقة، وكبرت أهمية السيناريو، ليصبح همزة وصل بين السينما والأدب.
وتحوَّل سيناريو الفن السينمائي إلى أحد الأشكال الأدبية الجديدة، حيث شبّه بالنص المسرحي، الذي يعد أدبًا في طريقه إلى الخشبة، والسيناريو هو أدب في طريقه إلى السينما.
وعبّر الكاتب الكولومبي الشهير غابريل غارسيا ماركيز عن هذه العلاقة بين السينما والأدب بقوله "أعتقد أنَّ السينما، بإمكاناتها البصرية الهائلة، أداة التعبير المثلى، ولعل كل مؤلفاتي السابقة، على غرار (مئة عام من العزلة)، منحدرة من هذا اليقين، فهي مكتوبة باندفاع نحو تصوير المشاهد والأشخاص، والصلة الدقيقة بين وقت الحوار والفعل، ولم يجعلني عملي في السينما أدرك ما يمكن أن يقوم به الكاتب فحسب، بل ما يجب ألا يقوم به كذلك، حيث بدا لي أنَّ سيطرة الصورة على عناصر روائية أخرى ليست ميزة وحسب، وإنما هي تحديد لها، وقد بهرني هذا الاكتشاف، وأدركت أن الإمكانات الروائية غير محدودة، من هنا أتجرأ على القول أنَّ تجربتي في السينما ضخمت إمكاناتي الروائية دون ريب".


ووافق ماركيز الرأي المخرج ألن جريفث، الذي كان من أوائل المخرجين الذين استخدموا الأدب في السينما، حيث أعترف بأن "العديد من تجديداتي في السينما تعود إلى ما أوحته لي روايات تشارلز ديكنز"، فيما اعترف الروائي العربي الكبير نجيب محفوظ بفضل السينما عليه، بوصفه "أنا نجيب محظوظ السينما".
وأوضح المخرج الإيطالي الشهير فيليني جدلية هذه العلاقة بأنَّ "الإيقاع الأدبي للكتابة مختلف عن لغة السينما، فالكلمات مغرية، ولكنها تضيع في المساحة المحدودة التي تتطلبها صورة الفيلم".
ويبيّن الخبراء السينمائيون أنَّ "الفن السابع اعتمد، في غالبية أعماله، على الآداب القصصية والمسرحية والروائية، وبعد ظهور السينما على نطاق جماهيري واسع، لوحظ أن القصة والرواية بدأتا بأخذ منحى مختلف، واستخدمتا تقنيات السينما، لاسيما على مستوى البناء الزماني والمكاني، والنهايات المفتوحة، وعدم الالتزام بحل الحبكة".


وأكّد الخبراء أنّ "تحويل الروايات والقصص الأدبية إلى أفلام سينمائية حقق نجاحاً باهراً، وأكسبها عمقاً ملحوظاً، ما شجع المخرجين السينمائيين العالميين على خوض التجربة"، مشيرين إلى أنّ "جورج ميليه، وألن جريفث، كانا أول من وطّد أواصر هذه العلاقة، وعمل على تطويرها منذ بداية القرن الماضي، وقد لحقهم الكثير من مشاهير المخرجين، ومنهم جون فورد وسكورسيزي وكوبولا، فنقلوا إلى الشاشة أعمالاً روائية وقصصية معروفة، وقدموا للمتفرج أفلاماً عديدة، ألفها أدباء عظماء، مثل تولستوي، وهمنجواي، وديكنز، وزوسكيند، ومن هذه الأفلام (ذهب مع الريح)، و(أحدب نوتردام)، وغيرها، وبذلك بدأت دور النشر الفنية بنشر السيناريوهات في كتب، وأضحى الروائيون الكبار يكتبون السيناريو أيضًا".
ولفت الخبراء إلى أنّه في المقابل، وعلى الرغم من تأخر العالم العربي بالاعتراف بالسينما كنوع أدبي جديد جدير بالمتابعة، لكن السينما العربية حذت حذو نظيرتها العالمية، ووجدت ملاذها الحقيقي في الأدب العربي، في ضوء غياب كتّاب السيناريو المتخصصين، حيث بدأ السينمائيون العرب بالاقتباس من الروايات والقصص العربية، وفي باكورتها رواية "زينب"، للكاتب المصري محمد حسنين هيكل، والتي قدمها للسينما المخرج محمد كريم، لما تحمله الرواية من أحداث وصور وحوارات.
واعتبر الخبراء أنّ السينما المصرية وجدت ضالتها في الكاتب نجيب محفوظ، الذي وصل عدد الأفلام التي ظهر عليها اسمه كمؤلف لـ62 فيلم، ومنها "خان الخليلي" و"المنتقم" من إخراج صلاح أبو سيف، و"قلب الليل" من إخراج عاطف الطيب، وغيرها الكثير.
ولم تقتصر السينما المصرية على نجيب محفوظ، بل امتدت إلى إحسان عبد القدوس، الذي اشتهرت رواياته بالرومانسية، ومن الكتاب أيضاً توفيق الحكيم، ويحيى حقي، ويوسف إدريس، وأسامة أنور عكاشة، ووحيد حامد، ومصطفى محرم، وغيرهم.
واستعان روّاد الفن السابع في سورية، على الرغم من تواضع الحركة السينمائية، بكتاب الرواية والقصة، وعلى رأسهم الكاتب حنا مينة، الذي كان المزود الأكبر للسينما السورية، ومن الأفلام التي قدمت له "بقايا صور"، للمخرج نبيل المالح، و"الشمس في يوم غائم"، و"آه يا بحر"، عن رواية "حكاية بحار"، التي أخرجها للسينما محمد شاهين.
ويرى الخبراء أنه "على الرغم من هذه العلاقة بين السينما والأدب، إلا أنها مع ذلك في بعض الأحيان كانت تؤدي إلى الطلاق، حيث اعترض عدد كبير من الكتاب على الأفلام التي قدمت باقتباس من أدبهم، وعلى وجه التحديد في السينما العربية، فإن لم يكن يكترث نجيب محفوظ لذلك، ولكن بالمقابل كان القاص يوسف إدريس يعترض كثيراً على طريقة تقديم أعماله، وكان يحضر عمليات التصوير، ويناقش الممثلين في شخصياتهم، وكذلك الكاتب حنا مينة، الذي اعترض كثيراً على فيلم (اليازرلي)، للمخرج قيس الزبيدي، حيث اتهم مينا المخرج بتشويه القصة الأصلية".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…
مساجد الطائف الأثرية تُحاكي التاريخ بعمارتها الإسلامية العريقة
وزارة الأوقاف المغربية تفرض على الحُجّاج توقيع التزام بعدم…
"اليونيسكو" تختار طنجة كمستضيف دولي لليوم العالمي لموسيقى الجاز…

اخر الاخبار

إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال…
موريتانيا تتراجع عن رفع التعريفة الجمركية ومهنيون متفائلون بعد…
رئيس مجلس المستشارين المغربي يدعّو إلى إيجاد صيغ فعالة…
الرباط تحتضن النسخة الـ3 للدورة التكوينية المتخصصة لملاحظي الانتخابات…

فن وموسيقى

غادة عادل تشعر بالنضج الفني وتتمنى تقديم أعمال ذات…
المغربي سعد لمجرد يزُور قبر عدد من نجوم الفن…
هالة صدقي تتحدث عن علاقتها مع صلاح السعدني وتستعيد…
نيللي كريم تكشف عن ملامح دورها بفيلم "السرب"

أخبار النجوم

حمادة هلال يٌثير جدلاً على مواقع التواصل بصورة مركّبة…
آيتن عامر تتحدث بصراحة عن انكسارها بسبب وفاة شقيقتها…
ناهد السباعي توجّه رسالة قوية الى المرأة مٌؤكدة أن…
أحمد السقا يصف كريم عبد العزيز بكلمات من القلب…

رياضة

مدرب باريس يُهدّد بالكشف عن كافة تفاصيل قضية كيليان…
تشافي ينتقد حكم المباراة عقب الخسارة من باريس سان…
فرنسا تطرد مئات المٌهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب…
مبابي يقود باريس إلى قبل النهائي من دوري أبطال…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُعطي انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية…
طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي
الكشف عن صلة بين استخدام المستحلبات والإصابة بالسكري

الأخبار الأكثر قراءة

"اليونيسكو" تختار طنجة كمستضيف دولي لليوم العالمي لموسيقى الجاز…
المملكة المغربية تُراهن على المساجد لتكريس الهوية الوطنية في…
افتتاح معرض في الرياض لنوادر المصاحف المذهّبة والمزخرفة
وزير الأوقاف المغربي يُناقش أمام الملك محمد السادس موضوع…
المملكة المغربية تحتل الرتبة الثانية عربيا والـــ 16 عالميا…