الرئيسية » أحداث ثقافية

الرباط - وكالات

في ختام فعاليات ندوة همزة وصل التي نظمت على هامش المهرجان الوطني للمسرح الذي اختتم يوم الخميس االماضي، قدم (الدكتور عبد الرحمن بن زيدان) قراءة تحصيلية لأشغال الندوة. ذكر فيها: « أن الغاية من إعادة قراءة حصيلة ندوة (همزة وصل حول المسرح المغربي)، هو القيام بعملية تركيبية لمجمل الأفكار، والمواضيع، والمفاهيم، والطروحات، والتأويلات التي تقدم بها النقاد والباحثون قراءات نقدية لتجارب مسرحية مغربية لإعلام مسرحيين لم يتخلوا في تجاربهم الكتابية تنظيرا وممارسة عن التوكيد عن العلاقة الجدلية القائمة بينهم وبين المسرح، واختيارته. ننشر في ما يلي نص ما جاء فيها: هؤلاء الباحثون ومن باب الاعتراف بالزمن الجميل للمسرح المغربي فقد تأملوا من خلال مداخلاتهم، وقراءاتهم المختلفة للتجربة المسرحية، ما به حددوا العديد من المداخل لكل تجربة، وفتحوا مغالق تجربة هؤلاء الأعلام على حقيقتها، وعلى كلامها، وعلى مواقفها من مجتمعها، و تتبعوا روافد الإبداعات الفكرية، والمهنية، والثقافية لهؤلاء الأعلام، و رصدوا هذه الروافد لتحديد التقاطعات، والإضافات النوعية التي أسهمت في كتابة التجربة الخاصة لكل علم، و أسهمت في كتابة تاريخ المسرح المغربي. شارك في هذه الندوة ثلة من الباحثين ذوي الحضور المنتج للقراءة النقدية، تناولوا تجربة علم من أعلام المسرح المغربي، وأعادوا استنطاق ذاكرته المسرحية ، وهم حين قاموا بقراءة تجربة هؤلاء الأعلام فإنهم في الحقيقة كانوا يتناولون حساسيات مسرحية مختلفة لها مقوماتها الخاصة، ولها تميزها الذي كان تجربة ثقافية، ومجتمعية، وسياسية كانت تدعو إلى جعل حساسية كل كاتب تنخرط في الصيرورة الثقافية والسياسية في المغرب، وهو ما جعل هؤلاء الباحثين يلتقون كقراء بحساسية الكاتب المسرحي، وكانوا بحساسياتهم الخاصة يسعون إلى توليد سمات التجربة من داخل التجربة ذاتها ذات العلاقة بهؤلاء الكتاب، وبالمخرجين، وبالسياق المسرحي في المغرب، أو في بالسياقات المسرحية العالمية. ما ميز شكل إعادة قراءة هذه الحساسيات اعتمادها على قراءات مختلفة لكل من تجربة محمد تيمد، وعبد الصمد الكنفاوي، ومحمد قاوتي، والمسكيني الصغير، ومحمد شهرمان، وعبد الحق الزوالي، ومحمد مسكين، ومحمد حسن الجندي، وكانت هذه القراءة على الشكل التالي: المقاربة المعتمدة على قراءة نصوص مسرحية لتقديم هذه الحساسية المسرحية فقد قدم الباحث سعيد الناجي قراءته لتجربة محمد قاوتي، والباحث إبراهيم الهنائي قام بتفكيك مكونات النص الشهرماني (الضفادع الكحلة). المقاربة المعتمدة على استحضار السيرة الكتابية للكتاب كما قام بذلك الباحث عبد المجيد شاكر حين قدم تجربة الكاتب عبد الصمد الكنفاوي في تحولاتها، ومعاناة كاتبها إبداعيا، وهو يؤسس اللحظات التأسيسية الحقيقية للمسرح المغربي. القراءة القائمة على رصد العلاقة بين سيرة الكاتب زمن الكتابة وزمانه الصعب كما قدم نموذج ذلك الباحث محمد زيدان وهو يتحدث عن محمد تيمد في فاس، ومكناس، وطنجة. القرءاة الراصدة لموضوع التنظير، والممارسة المسرحية حيث قام الباحث سالم كويندي بإعادة قراءة المكونات المعرفية للتنظير في مسرح محمد مسكين، كما قام الباحث أحمد أمل باستحضار مكونات التنظيرعند المسكيني الصغير. وقام الباحث حسن يوسفي بتتبع مكونات الطقس المسرحي في تجربة المسرح الفردي عند الكاتب عبدالحق الزروالي. تمت ترجمة هذه الحساسيات القرائية للتجربة المسرحية المغربية بكثير من التفاصيل، وبكثير من الاختلاف على مستوى مناهج القراءة، وعلى مستوى التحليل، وتركيب المواقف، و يمكن تقديم أهم ما قدمه كل باحث على حدة لرسم خارطة هذه الحساسيات وهي تؤثث فسيفساء الاختلاف في تجربة كل كاتب، وفي تجربة القراءة نفسها». وبعد مناقشة الطروحات التي قدمها كل باحث قدم الباحث (عبد الرحمن بن زيدان) أهم الإشكالات المتعلقة بتجربة المسرح المغربي حددها كالتالي: لقد تتبعت كل هذه المداخلات الحساسيات المسرحية التي أرسى قواعدها، وأساليبها، كتاب مسرحيون كانوا يحركون إبداعهم المسرحي بمعاناة توزعت بين التجربة الشخصية، والتجربة الاجتماعية ، والتفاعل مع ثقافات وحساسيات ثقافية في المغرب ، وفي الغرب، وقد كان السؤال المنهجي الذي سار بهذه المداخلات نحو كتابة معرفتها بموضوعها هو الانطلاق من النصوص المسرحية، أو الانطلاق من التنظير المسرحي، أو اتخاذ الواقع السياسي المعطى بوصلة حقيقية لمعرفة السياقات التي تحكمت في التجربة المسرحية المغربية من خلال الكتاب الذين اتخذت منهم (همزة وصل حول المسرح المغربي) موضوعا للفهم، والتفسير، والتفكيك، وبناء رؤية التلقي بناء يقوم على تجريب مناهج متعددة لتحقيق فعل القراءة، وقد كانت من بين أهم المتواليات الدلالية التي كونت مفهوم هذا التلقي ما قدمته الخلاصات والنتائج التالية التي هي نتائج تدل على الحيوية المنتجة للتجارب المسرحية، سياسيا، وثقافيا، وفنيا، وهي كالتالي: وجود كتاب ربطوا كتابتهم بتجربة الاعتقال من بينهم محمد قاوتي، والمسكيني الصغير، ومحمد مسكين في مسرحية (عاشور) فقدموا نموذجا حيا عن الإحساس بوطأة الاعتقال. كتاب أعادوا التعامل مع اللغة التي صارت شخصية ذات حضور رمزي يتجاوز الكلام المرصع كما مثلت ذلك تجربة محمد شهرمان ذات الميزة الصافية التي تتوخى تحقيق مصالحة حقيقية مع المتلقي، فالكلمة الشهرمانية، والمسرح الشهرماني يمثلان تيارا جديدا في المسرح المغربي مصدره الزجل الغنائي المستوحي من المعايشة اليومية للتقاليد المراكشية، وللنفحات الصوفية، مما أعطى قاموسا لغويا مميزا فيه يحضر الزجال والكاتب المسرحي لتكون اللغة فيه مأخوذة من الحياة الشعبية بعيدة عن الكلمة البراقة ، اللغة عند شهرمان تحتج حتى لا تموت، تصور البطل الإيجابي ، وتعتمد على الاختلال الذي هو جوهر المأساة، وتضع الشخصية الإشكالية داخل الحدث، وتتعامل مع الفضاء الدرامي تعاملا إشكاليا أيضا في السلب، وفيه النهب، وفيه الفرد المتحكم،وفيه الجماعة الثائرة التي تقاوم في نسق حكائي أساسه لغة تخلق معادلة التجدد. المسرح الفردي في تجربة عبد الحق الزروالي صوت محتج يعيش صيرورة الحياة بكل الاحتمالات، بحساسية جمالية تكمن قوة انتظامها في الشخصيات التراثية ذات العلاقة بالتصوف، والطب والملك، وقوة الجسد، وقوة الروح، و تمجيد قوة الروح، و الهروب من المُلك إلى زمن عشق، والبحث عن جمالية جسد، و الكتابة الأدبية الراقية، واعتماد طقس التمسرح بشخصيات تاريخية تجعل الكاتب يستمع إلى الذات حول قضايا الذات والراهن، وجود كتاب نظروا للمسرح وكتبوا مسرحهم من منطلق التطبيق مثل المسكيني الصغير، ومحمد مسكين. وجود كتاب عرفوا كيف يعتمدون في كتابتهم المسرحية على الاستنبات كما في تجربة محمد قاوتي. أن تجارب كل من محمد قاوتي، ومحمد شهرمان، ومحمد مسكين جاءت لتؤسس كتابة مسرحية مختلفة عن الكتابة السائدة في التجربة المسرحية المغربية لدى الهواة اعتماد محمد مسكين على مفهوم (الكولاج) القائم على البعد الجمالي، والإيديولوجي، والمعرفي، حيث الكتابة عنده تبقى متونا محملة بالمفاهيم الفلسفية، وبحيرة السؤال، ورفض النمط القديم ، واختراق التاريخ من خلال إعادة بناء الحدث اعتمادا على الكتابة الشذرية القائمة على التشظي. وجود كتاب مسرحيين أحدثوا انقلابا في شكل التعامل مع المسرح بنية ومفهوم ، وعرضا مسرحيا فكانوا يكتبون بعين المخرج كيفية صناعة الفرجة المسرحية كنوع جديد من التجريب المسرحي المغربي كما هو الشأن لدى محمد تيمد، ولدى محمد قاوتي. أن المسرح المغربي من خلال بعض التجارب كان يعرف كيف يقرأ نظريات المسرح الملحمي، وكيف يتعامل مع الجهاز المفاهيمي الذي بنى شعرية مسرحية درامية تختلف عن الشعرية الكلاسيكية كما قعدها أريسطوطاليس، وهذا ما ظهر في تجربة التنظير عند محمد مسكين، وعند المسكيني الصغير خصوصا أثناء التعامل مع اللغة، وفي بناء الشخصية، وفي تحديد وظيفة المسرح. هذه الخاصيات تؤكد أن روافد التجربة المسرحية المغربية تبقى تجربة فنية إذا قيست بالمقاييس الجمالية، وتبقى تجربة اجتماعية سياسية كتبت بواقعية الأحداث، وبمتخيل الكتابة الدرامية كتبت أهم الأحداث التي عرفها المغرب، وتبقى كلاما كان يجرب بناء الحوار بما يليق بمعاني البوح، وتصوير الواقع وتقديمه بما هو واقع يجرب به الكاتب تقديم رؤيته للواقع، وبهذا كله فقد كانت المداخلات التي قدمت في همزة وصل حول المسرح المغربي في دورتها الثانية إعادة قراءة للذاكرة المسرحية، وكانت إعادة تحديد بعض الإشكالات المتعلقة بالممارسة المسرحية، وهذه الإعادة فيها احتفاء بالذاكرة المسرحية المغربية التي تتطلب بحثا متواصلا لملء الفراغات الموجودة في تاريخ المسرح المغربي، بل وإعادة قراءة هذا التاريخ بما يضمن لخارطة هذا المسرح (همزة وصل حول المسرح المغربي) أن تكتمل، وتحدى أزمنة الغياب العصي، العنيد، وهذا ما يمكنه أن يترجم الوفاء للثقافة المسرحية المغربية في عمليات هذا الوصل الذي سيظل وصلا محكوما بكل الاحتمالات التي لا تنسى ولكنها تتذكر، تتكلم بالزمن المغربي، وبالواقع المغربي، وبالتاريخ المغربي. ********** المسرح حقيقة لن تموت أبدا... بوسرحان الزيتوني بعد حيازته جائزة أحسن إخراج أدلى لنا مخرج فرقة اللواء للإبداع المسرحي بوسرحان الزيتوني بالتصريح التالي الذي ننشر أدناه نص ما جاء فيه: لا يمكن اعتبار مكناس ونتائجه مقياسا يتم البناء عليه في تقويم التحربة المسرحية المغربية لأسباب كثيرة، تتلخص في كون عروض المهرجان هي منتقاة من بين طلبات فرق، ليس ترشيحات لجن مشاهدة... وبالتالي فإن نتائج المهرجان الوطني لا تلغي تميز تجارب مسرحية بقيت في الظل وأخرى لم يسعفها الوقت... وسواء تعلق الأمر بمسرحية أوسويفان أو العساس أو دموع بلكحل، فإنها مجرد غيض من فيض ربما لم نشاهده أو لم نسمع به، ومن المؤكد أن خلف الغياب، هناك أسماء أخرى وإبداعات أخرى.... وعلى هذا، فإن ما بمكناس يجب أن يبقى في حدود ما كان بمكناس، وتتويج السينوغرافيات والممثلين والمخرجين هو تتويج في السياق وبالسياق وليس في اللامحدود والإطلاق.... لهذا ليس مفيدا أن نختصم حول الجوائز... ولا أن يتخذها أي واحد مطية لتصفية الحسابات سواء مع المنظمين، أو مع المبدعين. فهم جميعا التقوا بمكناس ليس ضد أحد، وليس لأن العروض الحاضرة أحسن من عروض أخرى، لأن هذا الاعتقاد سيجعل من مكناس تفويضا بذاته، وامتيازا بذاته، والحالة أن الأمر مختلف كلية. يجب أن نهنيء الفائزين في السياق أيضا، وأن نلتمس العذر للغائبين، وأن نقول أن المتوجين وغير المتوجين هم جزء من الدينامية المسرحية، التي علينا أن نتوجه انطلاقا منها في صياغة الأسئلة الصعبة.... إن احترام التجارب، ومن بينها بعض التي حضرت على هامش المهرجان، ومنها تلك التي تتبنى خيارات جمالية مختلفة، وتؤمن بما تتبناه في منعرجات تجربة المسرح المغربي، قلت أن احترام هذه التجارب، واجب علينا إن نحن اعتبرنا مكناس مجرد لقاء لتجارب قدر لها أن تكون في الزمان والمكان، منذ صياغتها داخل لجنة الانتقاء وانتهاء بوجودها فوق ركح حفل الاختتام... وليحيا المسرح المغربي... وشكرا... لمن حضر ومن غاب.. من أدني ومن أقصي... ولا تيأسوا فالمسرح حقيقة لن تموت أبدا.... ********* قراءة في مسرحية فرقة تيفاوين للمسرح الأمازيغي بالحسيمة عقب فوزها بجائزة الأمل في المهرجان الوطني للمسرح في نسخته الأخيرة الترقيع في الأحلام المعلقة.. وسؤال اللغة المسرحية محسن زروال حين غامر سعيد ايت باجا بركوب تجربة الإخراج المسرحي لمسرحية «الترقيع في الأحلام المعلقة» لفرقة تيفاوين للمسرح الأمازيغي بالحسيمة.. كان يعي.. ومنذ البداية.. حجم المسؤولية التي تنتظره.. فالتجربة الإخراجية الاحترافية هي الأولى بالنسبة له.. وفي الوقت نفسه هي مغامرة في مسرح أصلا لا يتقن لغته ولا يعرف تركيبة جمهوره.. لذلك وجد نفسه أمام مفارقة غريبة.. ذلك أن المتلقي المغربي غالبا ما يتحجج باللغة الأمازيغية كعائق في التواصل المسرحي.. في الوقت الذي لا يطرحه مع لغات أجنبية أخرى.. فالمتلقي المغربي قد يشاهد عرضا عالميا ويستمتع به دون أن يستطيع فك طلاسيم لغته الألمانية أو الرومانية أو الصينية.. لذلك وجد سعيد ايت باجا نفسه أمام سؤال غير محسوب العواقب.. كيف يجعل المتلقي المغربي وغيره يتابع العرض المسرحي ويستمتع به دون الحاجة أو الضرورة إلى معرفة اللغة الأمازيغية/ الريفية؟.. سؤاله هذا.. دفعه إلى البحث في اللغات المسرحية الأخرى والاستكانة إليها علها تساعده في تقريب عرضه من المتلقي.. فكان أن اهتدى أولا إلى الفضاء الذي جعله لا يتعدى مساحة 6 متر مربع.. وبارتفاع لا يتجاوز المترين المربعين.. في إحالة على العلب الإسمنيتة التي أضحى الإنسان المعاصر يعيش حبيسها.. وجعلها/ العلبة.. حضنا لكل المكونات السينوغرافية الأخرى.. فالكراسي والطاولة جزء من الأرضية.. تخرج منها لتعود إليها.. والأبناء المفترضون/ الدمى يستقرون في الثلاجة.. يخرجون منها ليأخذوا أمكانهم في الأرضية قبل أن يباعوا لامرأة تحملهم في الشاحنة التي تشكل النافذة إحالة عليها.. فقد تعامل المخرج مع الفضاء/ العلبة تعاملا بلاغيا اقتصد فيه على مؤثتاته السينوغرافية لكنه فسح للفضاء والأكسيسوارت مستعا أرحب في القدرة على التعبير وجعله مطواعا قادرا على استيعاب كل التحولات التي تعرفها أحداث المسرحية.. فقد انزاح المخرج بالبيت الذي ارتآه سجنا يحرم ساكنيه أبسط شروط العيش بالنسبة للمواطن البسيط.. فمابالك بالكاتب الذي يسكنه حلم كتابة كتابه الأول والأخير ويبحث عن موضوع مثير يشكل تيمة أثره.. لكنه لم يجد غير حياته الشخصية موضوعا له.. غير أن المشاكل تعيقه عن ذلك.. خاصة وأن زوجته تحلم بإنجاب الأطفال لكن الزوج الغارق في حلمه يتحاشى اقتناص لحظة حميمية معها حتى يحقق حلمها.. وحين يرضخ لها يكتشف أن البيت ليس به سرير يليق بمستوى اللحظة.. إن شكل الفضاء وطبيعة الشخصيات حدا بسعيد ايت باجا.. بغية تكسير الرتابة التي يفرضها ضيق الفضاء والروتين الذي تعيشه الأسرة.. إلى أن يختار أسلوبا متميزا في التشخيص يقوم على السيرك.. فقد جعل شخوصه تتحرك بخفة أقرب إلى البهلوانات منها إلى شخصيات عادية.. وخلق جملة من الصور التعبيرية التي تكسر إيقاع المحكي الذي لازالت الأذن المعربة غير قادرة على استيعاب نبراته وأصواته.. وتخلق فضاءات استيهامية ولدها أحلام الزوج والزوجة.. إن الاستحالة هذه.. يعمقها ويزيد من تعقيدها.. حضور الأخ المهووس بالموسيقى.. والحاضر/ الغائب.. على الأقل في فكر الزوجين إذ يشكل مشكلة نفسية وتهديدا لهما بحضوره.. لذلك ارتأى آيت باجا أن يضعه في إطار صورة بالبيت.. تؤشر على غيابه رغم حضوره في الصورة.. لكنه حين يقرر الحضور فإن سعيد يخرجه من الإطار ويدخله البيت بحقائبه الكثيرة.. في دلالة على إقامته الطويلة في بيت أخته رغم غياب متسع في البيت لاستيعابه.. مما يدفع بالحدث الدرامي في المسرحية إلى أقصى مستويات الغروتيسكية في أجوائها.. إن تأرجح الحدث الدرامي في المسرحية بين الواقع والخيال.. وبين الحلم والحقيقة.. والداخل والخارج.. والأسفل والأعلى.. والحب والكره.. والقبول والرفض.. دفع بسعيد أيت باجا إلى أن يرامح عرضه بين الجدية والهزل.. وبين الضحك.. والضحك الأشبه بالبكاء.. إن المخرج ولوعيه أن الواقع المر يستدعي السخرية منه لاستيعاب تناقضاته.. فقد اشتغل على الصور البلاغية في التشخيص وعلى ترسيمات في الميزانسين غالبا ما تنحو منحى غريبا في تمثلها وتصورها.. فالأخ الذي يحلم بأن يصبح مغنيا معروفا ويتخيل نفسه يغني في حفل كبير على خلفية تصفيق الجمهور وتهاطل الورود عليه.. يستفيق على وقع الأحذية التي يقذف بها من الأعلى.. كما أن الصراع بين الزوج والزوجة يأخذ شكل مباراة في الملاكمة يديرها الأخ.. أو شكل مباراة في كرة المضرب.. أبدع المخرج في رسم تفاصيلها.. كما أن استحالة قبول الأخ داخل البيت يدفع بهم إلى اختيار السطح ونهج سبيل القرعة في اختيار من يسكنه.. أو يصعده ويقيم فيه.. وحين يقع الاختيار على الأخر ينتقل إلى السطح وهناك يقضي سنة كاملة هناك نعيشها معه عبر لوحات كل واحدة منها تحيل على فصل معين.. الشتاء من خلال الإحساس بالبرد.. الربيع من خلال خلفية صوتية للعصافير.. السباحة في إحالة للصيف.. وتدلية الأرجل على حافة السطح في تعبير جمالي على نهاية الرحلة والسقوط الذي تمثله حالة الانتحار التي لم يؤشر عليها المخرج وتركها معلقة.. ففي الخريف يتعرى كل الشيء.. أحلام الأخ بهجرته إلى المدينة والبحث عن سبل للشهرة.. أحلام الزوج في كتابة الكتاب.. وأحلام الزوجة في إنجاب الأطفال وتربيتهم... كلها أحلام تنتهي بالفواجع لتبقى معلقة أشبه بفقاقيع الصابون التي تنطلق في أخر العرض من داخل البيت ومن أعلى السطح لينتهي بالجميع إلى الاستيقاظ على صعوبة الحلم رغم بساطته وعلى استيحالة تحقيقه.. يبدو أن سعيد آيت باجا قد وقع على بداية متميزة في مجال الإخراج المسرحي.. وأعتقد شخصيا أننا ربحنا مخرجا شابا ومبتدئا ربما سيعلن ميلاده بشكل رسمي وقوي في تجارب لاحقة فيما لو سلك نفس السبيل وطور اختياراته الجمالية وذهب في مقترحاتها الإخراجية حتى النهاية ولم يكتف في أفكاره ومقترحاته على مستوياتها الأولى.. ذلك أننا لمسنا أن الفكرة عند سعيد آيت باجا لا تكاد تنضج أوتستوي حتى ينهينا و يفسح المجال لفكرة ثانية.. واعتقد أن عرض «الترقيع في الأحلام المعلقة».. لو أعطى لنفسه متسعا أكبر ونضج بشكل هادئ وسلس.. ربما كان سيخلق المفاجئة ويقلب الطاولة على نتائج المهرجان الوطني الخامس عشر.. وأعتقد شخصيا أن انفتاح الفرق الأمازيغية على مخرجين وممثلين حرفيين خاصة خريجي المعهد العالي للفن المسرحي سواء من خلال تجربة سعيد أيت باجا أو تجارب سابقة كما الشأن مع يوسف العرقوبي وحفيظ بدري سينقل المسرح الأمازيغي من سؤال المضمون إلى سؤال الشكل التعبيري.. وسيرهن تاريخه ليس بالضرورة على انفتاحه على تيمات ومواضيع مرتبطة بالثقافة الأمازيغية بقدر ما سيرهنا بانفتاحه على تجارب وحساسيات جمالية مختلفة قد تيسير سبل تلقيه وتفاعله مع الجمهور المختلف والمتنوع الثقافة واللغة..

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ترجمة جديدة تعيد دراسات حول "أصوات العيطة" إلى المغرب…
الدورة ال 14 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي في طنجة…
الفنان محمد الأمين الأكرمي يوثق الموسيقى الأندلسية المغربية
دار الشعر في تطوان تفتح أبواب التواصل مجددا مع…
ممثلون يوظفون المسرح للمساهمة في التربية والتثقيف والتوعية

اخر الاخبار

رئيس الوزراء الفلسطيني يُقدر جهود المملكة المغربية في تقديم…
أميركا تسّتعد لمناورات الأسد الإفريقي في المملكة المغربية
النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في…
رئيس مجلس النواب المغربي يٌجري مباحثات بالرباط مع رئيس…

فن وموسيقى

غادة عادل تشعر بالنضج الفني وتتمنى تقديم أعمال ذات…
المغربي سعد لمجرد يزُور قبر عدد من نجوم الفن…
هالة صدقي تتحدث عن علاقتها مع صلاح السعدني وتستعيد…
نيللي كريم تكشف عن ملامح دورها بفيلم "السرب"

أخبار النجوم

المغربية سميرة سعيد تُروج لأحدث أغانيها «كداب»
تكريم مصطفى شعبان في مهرجان عنابة السينمائي في الجزائر
منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
تكريم المغربية لطيفة أحرار في الدورة الـ3 لمهرجان إثران…

رياضة

مدرب باريس يُهدّد بالكشف عن كافة تفاصيل قضية كيليان…
تشافي ينتقد حكم المباراة عقب الخسارة من باريس سان…
فرنسا تطرد مئات المٌهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب…
مبابي يقود باريس إلى قبل النهائي من دوري أبطال…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُعطي انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية…
طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي
الكشف عن صلة بين استخدام المستحلبات والإصابة بالسكري

الأخبار الأكثر قراءة