الرباط - المغرب اليوم
بعدما استحضر بيت الشعر في المغرب روح الشاعر المصري الراحل حلمي سالم خلال الدورة التاسعة عشرة لمعرض الكتاب والنشر، استحضر خلال الدورة العشرين، التي أسدل عنها الستار أمس، روح زجال مصري آخر هو أحمد فؤاد نجم، الذي وافته المنية خلال دجنبر الماضي.إذ دعا البيت لهذه الأمسية الاحتفائية ابنة الراحل الفنانة زينب فؤاد نجم، رفقة زوجها وصديق والدها الشاعر زيد العابدين فؤاد.وقد اعتبرت زينب أن العالم كله فقد أحمد فؤاد نجم الشاعر، مشيرة إلى أنها فقدت، في المقابل، نجم الأب والصديق صاحب الكاريزما، الذي رأت فيه إنسانا أفضل من الشاعر الذي يعرفه الجميع. في هذا السياق، قارنت زينب نفسها مع أختيها نوارة وعفاف، فيما ورثنه عن الراحل، حيث قالت الأولى أخذت عنه السياسة، والثانية ورثت الشكل، بينما أخذت شخصيته. إذ أوضحت أنه إنسان صبور استطاع تحمل حياة صعبة، وإن لم تكن له مطالب محددة، واصفة إياه بأنه عصبي بعض الأحيان. لكن مصر كلها كانت صديقة نجم، كما أكدت.
وكشفت زينب أن والدها كتب قصيدة منذ 13 عشر سنة تمنى فيها حدوث الثورة المصرية، قائلة إنه ظل ينتظرها، وإنه كان متأكدا من أنها ستحدث. كما كشفت أنه فرح يوم 25 يناير، لكنها أشارت إلى أنه اعتبر أن الثورة الكبرى لم تحدث بعد.من جانبه، توقف الزجال زيد العابدين فؤاد، الذي يعتبر أحد الأصدقاء المقربين من أحمد فؤاد نجم على امتداد نصف قرن، عند محطات بارزة من حياة الراحل، امتزج فيها ما هو شخصي بما هو وطني وقومي. فقد أشار زيد العابدين إلى حالات الاعتقال، التي تعرض لها نجم على امتداد فترات حياته، إلى جانب الفنان الراحل الشيخ إمام وشعراء آخرين، من بينهم فؤاد حداد. كما قال إنه تعرف على الشيخ إمام سنة 1964، مشيرا إلى أن صداقتهما لم تقتصر على الغناء، بل على الشعر أيضا، وأن أول عمل مشترك بينهما ظهر سنة 1967، بعد الهزيمة أمام الكيان الصهيوني.
من جهة أخرى، قال زين العابدين فؤاد إن نجم ارتبط بالحركة الطلابية سنة 1968، عندما ألقى قصائده أمام حوالي 5000 طالب بجامعة القاهرة. لكنه تعرض للاعتقال بعد ذلك، حيث مكث في السجن إلى غاية سنة 1971. في هذه الفترة، ارتبط نجم أيضا بالحركة السياسية، لتتوالى بعدها تجارب الاعتقال على امتداد السبعينيات. إذ اعتبر فؤاد أن نجم كان طيلة هذه المحطات ينسج علاقة خاصة مع الشارع، حيث استمع لنبضه، لينطق بلسان الناس.
وقال الزجال مراد القادري إن النضال الطلابي المغربي كان في حاجة إلى من يتابع حركته فنيا، مشيرا إلى أن الطلبة المغاربة وجدوا في الثنائي أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، فضلا عن سعيد المغربي وآخرين، رموزا ثائرين أغنوا حركتهم من الناحية الفنية. كما أشار إلى زيارة نجم إلى المغرب سنة 1986 بجواز سفر ليبي، وإقامته التي امتدت طوال ستة أشهر، قبل أن تطرده السلطة. لكن القادري ذكر أن نجم زار المغرب مجددا سنة 2009، بطلب رسمي هذه المرة.
واعتبر القادري أن نجم لم يكن مجرد زجال، بل شاعرا ملهما دوخ الجمهور بكلماته خلال الزمن الثوري. كما اعتبره رمزا للإنسان والأرض ضد الزيف والادعاء والانتهازية. وقصيدته كانت قريبة من الإنسان المغربي، حيث قال إنه لم يعرف المحاباة، ولا المجاملة. وخلص إلى أنه قال كلمته كاملة وصادقة وعفوية، مشيرا إلى أن ميدان التحرير استوعب طراوتها وقوتها، وأن الطواغيت سقطوا بسحر كلماته.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر