الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الدكتور مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ

القاهرة - اسامة عبد الصبور

 

يصادف اليوم السبت الموافق 31 تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى وفاة الدكتور مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، والذي اشتهر بين الناس باسم "مصطفى محمود" ويعتبر أحد أبرز المفكرين العرب الذين تمتعوا بشعبية جارفة بين جماهير الشعوب العربية، كما أنه أحد أغزر الكتاب إنتاجًا فكريًا ، وأكثرهم جدلًا حيث اشتبك بكتاباته وأفكاره النقدية مع رجال الدين والعلم والسياسة.

ولد مصطفى محمود في 27 كانون الأول/ ديسمبر 1921 في بلدة ميت خاقان في شبين الكوم - محافظة المنوفية، وينحدر من أسرة عريقة تنتمي لقبائل الأشراف وهي قبائل ينحدر نسلها عن أحفاد رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

ودرس مصطفى محمود الطب وتخرج عام 1953 متخصصًا في الأمراض الصدرية، غير أن ميله للأدب طغى على اهتمامه وحدد مساره في الحياة، حيث تفرغ للكتابة عام 1960، وحفلت مسيرته الأدبية بالكثير من المؤلفات التي تميزت بالتنوع ، فكتب القصة والرواية والمسرحية والكتب الفكرية والدينية والفلسفية والعلمية، وتميز أسلوبه فيها جميعا بالثراء والجذب والعمق والبساطة.

وللدكتور مصطفى محمود برنامج شهير جذب جماهير التليفزيون على تنوع اهتماماتهم، وهو برنامج "العلم والإيمان" الذي قدم منه نحو 400 حلقة، وفي 1979 قام بإنشاء مسجد له في المهندسين حمل اسم مسجد "مصطفى محمود"، وألحق به 3 ‏مراكز‏ ‏طبية‏ تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظرًا إلى سمعتها الطبية، ‏كما شكل‏ ‏قوافل‏ ‏للرحمة‏ ‏من‏ 16 ‏طبيبًا‏ تجوب القرى النائية وتقدم خدماتها للبسطاء، فضلًا عن تأسيس‏ 4 ‏مراصد‏ ‏فلكية‏، ‏ومتحفا ‏للجيولوجيا‏، يقوم عليه أساتذة متخصصون.

ويذكر أنه في القرن الماضي تناول عدد من الشخصيات الفكرية مسألة الإلحاد، تلك الفترة التي ظهر فيها مقال "لماذا أنا ملحد؟" لإسماعيل أدهم، وأصدر طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي"، وكان مصطفى محمود في حينها بعيدا عن الأضواء لكنه لم يكن بعيدا عن الموجة السائدة، تلك الموجة التي أدت به إلى أن يدخل في مراهنة عمره التي لا تزال تثير الجدل حتى الآن.

وفي الستينات من القرن الماضي اجتاح قطاعات من مثقفي مصر تيار الوجودية والمادية القادم من باريس، ولم يكن هو بعيدا عن ذلك التيار الذي أحاطه بقوة، ويقول عن ذلك: "كنت منخرطًا في تقليب الفكر على كل وجه لقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان، إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين، ثلاثون عاما من المعاناة والشك والنفي والإثبات، ثلاثون عاما من البحث عن الله".

وقرأ عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة ومارس تصوف الهندوس القائم على وحدة الوجود، حيث الخالق هو المخلوق والرب هو الكون في حد ذاته، وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات، ولكن الثابت أنه لم يلحد فهو لم ينفِ وجود الله بشكل مطلق، لكنه كان عاجزا عن إدراكه وعن التعرف على التصور الصحيح لله.

وصنعت منه هذه التجربة مفكرا دينيا خلاقًا، فكتب "حوار مع صديقي الملحد"، و"ورحلتي من الشك إلى الإيمان"، و"التوراة"، و"لغز الموت"، و"لغز الحياة"، وغيرها، وعندما عرض على التلفزيون مشروع برنامج "العلم والإيمان" وافق التلفزيون مقابل 30 جنيها للحلقة.

وبذلك فشل المشروع منذ بدايته ، إلا أن أحد رجال الأعمال علم بالموضوع فأنتج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح من أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشارا على الإطلاق، حتى صدر قرار برفع البرنامج من خريطة البرامج التليفزيونية وقيل إن وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف هو الذي فعل ذلك.

وكان قبل ذلك تعرض لأزمات فكرية كثيرة كان أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه "الله والإنسان" بناء على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر، وانتهت المحاكمة بمصادرة الكتاب، والمدهش أن الرئيس السادات بعد ذلك أبلغه أنه معجب بالكتاب وقرر طباعته مرة أخرى.

وكانت أزمته الثانية مع  كتاب "الشفاعة"، أي شفاعة رسول محمد عليه الصلاة والسلام في إخراج العصاة من المسلمين من النار وإدخالهم الجنة، وقد تعرض لهجوم شديد بسبب الكتاب بل وصدر 14 كتابا للرد عليه، وقالوا إنه مجرد طبيب لا عالم دين ووصفوه بالمارق، ولم ينصفه سوى مفتي الجمهورية الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، وكانت هذه الأزمة محنة شديدة جعلته يعتزل الكتابة إلا قليلا، وينقطع عن الناس حتى أصيب بجلطة في القلب، وفي 2003 أصبح يعيش منعزلًا وحيدا، إلى أن توفي في مثل هذا اليوم 31 تشرين الأول 2009 تاركًا خلفه رصيدًا من الأفكار والرؤى والتنبؤات التي يستشهد بها الشباب لإنطباقها على واقعنا العربي وما نعانيه من محن على كافة المستويات.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المايسترو العالمي شومان يقود الأوركسترا الفلهارمونيّة والعازفة بيريزوفسكي ويحلّقان…
كتاب ومختصّون من 25 دولة أجنبية يشاركون في مهرجان…
جائزة محمد بن راشد للغة العربية تُسجل رقمًا قياسيًا…
بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…

اخر الاخبار

رئيس الحكومة المغربية يتباحث مع الرئيس العراقي على هامش…
المغرب وإسبانيا يٌواصلان تعاونهما لمٌكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب…
إسبانيا تٌحذر رعاياها من الاقتراب من الحدود مع الجزائر…
المغرب والصين يٌوقعان اتفاقية تعاون تهم مجالات القضاء والانتقال…

فن وموسيقى

يسرا تتحدث عن تجربتها المختلفة في فيلم "شقو" وتُشيد…
يسرا تكشف عن كواليس أحدث أفلامها السينمائية وموقفها من…
أصالة تنفي الشائعات التي تم تداولها بشأن انفصالها عن…
إليسا تطرح ألبومها الجديد كاملاً بشكل مفاجئ وبدون دعاية

أخبار النجوم

تامر حسني يٌمازح هنا الزاهد وباسم سمرة ومحمد ثروت…
عبير صبري تٌعلّق على واقعة اعتداء سائق شركة نقل…
المطربة مروة نصر تتهم صناع أغنية روبي الجديدة بالسرقة
كريم محمود عبد العزيز يحتفل بميلاد ابنتيه في أجواء…

رياضة

الفيفا يعتمد 3 نسخ من كأس العرب في قطر…
مبابي يودع باريس سان جيرمان بخسارة قاسية أمام تولوز
مبابي يُعلن رحيله رسميًا عن باريس سان جيرمان
تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس

صحة وتغذية

الخبراء يختارون "التفاح" كأفضل فاكهة لتعزيز صحة القلب
نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة عن طريق تناول الأطعمة…
علماء بريطانيون يٌعلنون عن اكتشاف خصائص في الخلايا المناعية…
مخاوف من سموم ومواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين

الأخبار الأكثر قراءة

بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…
مساجد الطائف الأثرية تُحاكي التاريخ بعمارتها الإسلامية العريقة
وزارة الأوقاف المغربية تفرض على الحُجّاج توقيع التزام بعدم…
"اليونيسكو" تختار طنجة كمستضيف دولي لليوم العالمي لموسيقى الجاز…