الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مَتن المثل المغربي الدّارج

الرباط - المغرب اليوم

من يبغي الاطلاع على التّعبيرات الشفهيّة عن حكمة المغاربة وقيَمِهم ورؤيتهم لثقافتهم، بتعدّدها، ورؤيتهم الآخرين، يجد ضالّته في "مَتن المثل المغربي الدّارج"، الذي يوثّق أزيد من عشرة آلاف مثلٍ يعبّر عن علاقة المغاربة بالإيمان والأخلاق والسياسة والمال، ويشهد على تفاعلات اجتماعهم، فضلا عن أمثال تنبز أو تسفِّه، أو تعض المتَّعِضَ، وتقيم الحُجَّة على غيرِه.

وصدرت هذه المدوَّنَة الضّخمة التي يقرب عدد صفحاتها من 800 صفحة من القطع الكبير، ضمن "سلسلة التراث"، عن مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، وقامت على جمعه وضبطِه وتحقيقه الجمعية المغربية للتّراث اللّغوي "AMAPATRIL"، في شخص أعضائها زكيّة عراقي سيناصر، وعبد الرحيم يوسي، وفوزية بنجلون، وحفيظة العمراني، ومحمد الدهبي، وعبد الحق الشرّادي.
وفي مقدّمة الأكاديمي الرّاحل محمد بنشريفة لهذا المَتْن، ذكر أنّ إنجازه جاء في سياق مشروع تنهض بتنفيذِه أكاديمية المملكة المغربية، ويتمثّل في جمع التّراث الشّعبيّ المغربيّ وتحقيقه ونشره ودراستِه، مضيفا أنّ الأمثال الواردة فيه يزيد عددها عن سبعة عشر ألفا، دون أن يعني ذلك إحصاءَهُ كلَّ الأمثال السّائرة في المغرب.
ويستشهد بنشريفة برأي كاتب "علم الأمثال الألمانية"، الذي لاحظ أن أمثال الطّبقة المتوسّطة هي التي غالبا ما تعبّر عن تجارب إنسانية، وهي الأكثر وفرة وانتشارا، كما استحضر حديثَ أحمد أمين عن مَزِيَّة الأمثال المتمثّلة في كونها تنبع من كلّ طبقات الشّعب.
ويرى الباحث أن المرجعية التّاريخية لعدد من الأمثال المغربية تدلّ على عراقة المجتمع المغربي واستمرارية تجاربه وخبراته، مذكّرا بأن الأمثال كانت ومازالت تنتقل عن طريق الرواية الشفوية، مقدّما مثالا بالأمثلة الفصيحة التي رويت شفويا ثم دُوِّنَت، في مجتمعات عرفت تراكما حضاريا مثل المجتمع العباسي والمجتمع المصري والمجتمع الأندلسي المغربي.
وذكر بنشريفة أنّ دراسة المدوَّنات التي جمعها وحقّقها كشفت له أنّ عددا من الأمثال التي تسمّى مولّدة أو عامية هي أمثال فصيحة في الأصل، ولكن اعتراها "الابتذال"، كما عبّر عن ذلك الأقدمون للدّلالة على "التّغيير في ألفاظ الأمثال أو في تراكيبها أو في معانيها، أو في سوء أدبها وقلّة حيائها".
وكانت الأمثال المغربية، وفق الأكاديمي الرّاحل، مجالا تلاقى فيه أهل الثقافة العالِمة وذوو المعرفة العامية، مضيفا أن هذا التلاقي يُرى في المُزواجَة بين الأمثال الفصيحة والأمثال العامية عند الزّجّالي وابن عاصم وابن عبّاد الرنْدي وأبي مدين الفاسي وأبي علي اليوسي، كما يتجلّى في المجالس العلمية بالمساجد التي كانت مفتوحة في وجه عامّة النّاس.
ووضّحت الجمعية المغربية للتّراث اللّغوي أن هذه الأمثال وُضِعَت حسَبَ التّرتيب الأبجدي، وزادت أن لـ5 بالمائة منها شكل أو هي من أصل فصيح، وأغلبها من المتن العربي وبعض الأحاديث النبوية أو آيِ القرآن. وتضيف الجمعية المشرِفة على هذا المتن أنّها اعتمدت "الدّقّة في تدوين كلّ عناصر النّطق ذات الوظائف المميّزة"، وحرصت كلّما تيسّر ذلك على "الإبقاء على القواعد الإملائية للفُصحى، مع اعتماد اقتصاد في الرّموز".
وتفسّر الجمعية اختيارها عدمَ شَكل الأمثال بإثقالِها التّراكيبَ بالرّموز، وزيادتها القراءة تعقيدا وتعثُّرا حين تُجبَر العينُ على التوقُّف عند كلِّ حرف وما أحاط به من علامات الشّكل ورموز إملائية أخرى زائدة عن الحاجة، علما أنّ العين عند مسحها تراكيب النّصّ المكتوب لا تقف عند كلّ حرف من حروف الكلِمات، بل تقتطف صورا تركيبية ودلالية في آن واحد.
كما وضّح المصدر نفسه أنّ لولوج النّص عند قراءة نصوص من العامّيّة التي هي اللغة الأم، والقارئ على دراية فطرية بجميع وظائفها، لا يكون في حاجة إلّا للتّطابقات بين الشّفرة الأبجدية للبنيات التركيبية المؤسِّسَة لها، والمضامين السوسيو ثقافية للعشيرة.
واستباقاً لردودٍ قد تعتبر بعض ما ورد من الأمثال بذيئا أو فيه تشجيع على البذاءة، أوردت الجمعية مقتطفا من مقدّمة الراحل بنشريفة لكتابِه "عيون الأخبار"، قال فيه: "وإذا مرّ بكَ حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة، فلا يحملنّك الخشوع أو التّخاشع على أن تصعر خدّك وتُعرِض بوجِك، فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم وإنّما المأثَم في شتمِ الأعراض، وقول الزّور والكذب وأكل لحوم النّاس بالغيب...".

قد يهمك ايضا:

أثريون يدّعون للاهتمام بترميم "كنوز مصر المنسية"

باحثون أثريون يفحصون رأسًا لمومياء فرعونية مشوهة كليًّا

  


 
 
 
 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

كتاب ومختصّون من 25 دولة أجنبية يشاركون في مهرجان…
جائزة محمد بن راشد للغة العربية تُسجل رقمًا قياسيًا…
بيع مخطوطة مصرية تمثل أقدم نسخة من الكتاب المقدس…
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي للكتاب 2024 ونجيب محفوظ…
مساجد الطائف الأثرية تُحاكي التاريخ بعمارتها الإسلامية العريقة

اخر الاخبار

وزير النقل المغربي يٌعلن ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير…
مدينة فاس تتهيأ لإطلاق برنامج ضخم من أجل ترميم…
وزير النقل المغربي يستعرض الإجراءات المٌتخذة لتلبية حاجيات المسافرين…
ذوو الرهائن يهدّدون نتانياهو بقبول عرض حماس او حرق…

فن وموسيقى

محمد عبده يكشف تفاصيل اصابته بمرض السرطان ورحلة علاجه…
الفنان المغربي ديستانكت يطرح جديده الفني بعنوان ''سلام''
إيمي سمير غانم تعود للسينما عقب تجاوز أحزان وفاة…
غادة عادل تشعر بالنضج الفني وتتمنى تقديم أعمال ذات…

أخبار النجوم

أيتن عامر تتألق مع تامر حسني في حفل العين…
كندة علوش توّجه رسالة قوية لأولياء الأمور بسبب الـ…
يسرا اللوزي تٌعلن مفاجأة حول لجوئها لطبيب نفسي على…
هاني رمزي يكشف الأسباب الحقيقية لتأجيل مسلسله لرمضان المٌقبل

رياضة

إصابة “طويلة” تُنهي موسم ماغواير مع مانشستر يونايتد
مدرب باريس يُهدّد بالكشف عن كافة تفاصيل قضية كيليان…
تشافي ينتقد حكم المباراة عقب الخسارة من باريس سان…
فرنسا تطرد مئات المٌهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب…

صحة وتغذية

تعرفِ علي أعراض الاكتئاب الذهاني والعوامل التي تعّزز الحالة…
وزير الصحة المغربي يُعطي انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية…
طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

الأخبار الأكثر قراءة

مساجد الطائف الأثرية تُحاكي التاريخ بعمارتها الإسلامية العريقة
وزارة الأوقاف المغربية تفرض على الحُجّاج توقيع التزام بعدم…
"اليونيسكو" تختار طنجة كمستضيف دولي لليوم العالمي لموسيقى الجاز…
المملكة المغربية تُراهن على المساجد لتكريس الهوية الوطنية في…
افتتاح معرض في الرياض لنوادر المصاحف المذهّبة والمزخرفة