الرئيسية » تحقيقات وأخبار
رحلة طالب المنيا " أحمد عبد اللطيف" من التسليح للحصول على درجة الدكتوراه

القاهرة - المغرب اليوم

«بعد ما شاب ودوه الكتاب».. خمس كلمات أعطاها السيد أحمد عبداللطيف ظهره، وبدلا من أن يتحسر على شعيرات رأسه البيضاء جعلها نورًا يستلهم منها قوة الإرادة في استكمال دراسته ومنها إلى رسالة دكتوراه تحت حصار «الظروف المعيشية الصعبة». قصة إنسانية من الطراز الرفيع بطلها الدكتور السيد أحمد عبداللطيف، صاحب الـ62 عاما، بعد انتهائه من رسالة الدكتوراه التي حصل عليها قبل أيام، مستنداً على أسرته التي ظلت عوناً له في تحقيق حلمه. بدأ قصته قائلا: «اسمي السيد أحمد عبد اللطيف، من مواليد 30/1/1958، حينما أتيت إلى هذه الحياة، كان والدي قد بلغ من العمر 46 عاما، وكان مصابًا بمرض الفشل الكلوي، وضاع كل ما يمتلكه أمام العلاج، فاضطررت وأنا في سن الثامنة من عمري، أن أتحمل أعباء البيت، ولي أخ أصغر مني بـ3 سنوات، بجانب إخوتي البنات، مما أثر على طفولتي لم أكن ألهو مثل الأطفال من هم في نفس عمري، حتى أستطيع شراء الملابس كنت أعمل في فرن بـ3 قروش في اليوم».

حصل «السيد» على الابتدائية بتفوق في سنة 1970، ثم حصل على الإعدادية، حيث كان والده يعمل في تجارة «لمبات الجاز»، ومنه تعلم الصنعة.. وهنا يتحدث صاحب الدكتوراه، قائلا: «بعد حصولي على الإعدادية عملت بها لقضاء حاجات البيت في ظل الظروف المرضية الصعبة التي يمر بها والدي، ومع مرور الوقت وبدء انتشار الكهرباء بدأت تلك المهنة في الاندثار وقلة الطلب عليها». وأضاف: «كان لابد أن أتجه إلى مصدر رزق آخر، حتى وجدت إعلان في الجريدة، عن عمل دورات تدريبية في مهن المعمار من (حدادين، نجارين، سباكين) فتقدمت لهذه الدورة وكان وقتها وزير الإسكان المهندس عثمان أحمد عثمان، وحصلت على الدورة بتقدير جيد عام 1975، وأول مكان عملت به محطة مياه جنوب الجيزة في المنيب بأجره 30 قرشا ومع الوقت وصلت لـ85 قرشا، وكان زملائي في المدرسة يلقبوني بالدكتور كل منا كان يرى في الآخر نظرة مستقبلية ومكانة مرموقة، وهذا ما خلق الحزن بداخلي لأني كنت حادا عن هذا المستقبل نظرا للظروف الحياتية التي أمر بها».

 «حداد مسلح»

وعن الحافز وراء خوضه تجربته قال: «في الوقت الذي أعمل فيه حداد مسلح - وهي مهنة مشرفة لمن يعملون بها -، ولكن الحزن يعتصر قلبي عندما يمر بجانبي زملائي في الشارع وأنا أقوم بتقطيع الحديد، ومنهم الظابط والمعلم، قائلين: إزيك يا سيد.. وأنا أرد «الحمدلله ياباشا، ولكن صعبان علي نفسي، من خلال هذه المهنة علمن أخوتي وتزوجت، وزوجت إخوتي البنات، وبنيت بيتي وعلمت أولادي، وفي سنة 2000 كان هناك مسابقة للتوظيف، فتقدمت بالشهادة الإعدادية ومعي شهادة من معهد القراءات، وبالفعل جاء لي جواب بقبولى عامل نظافة، في الوقت الي كنت أصعد فيه المنبر، مما أصابني بالذهول».

«الدافع والتغيير»

ويكمل: «من هنا قررت أن أكمل دراستي وكان حلم بعيد وصعب، وبالفعل كان ابني في الثانوية العامة، وتقدمت للثانوية منازل، وأنا عمري 47 سنة، وبدأت في الدراسة وحصلت على الثانوية العامة من أول مرة خلال الـ3 سنوات، في الوقت  تعرضت فيه لسخرية شديدة من أهالي البلد، ولكن لم أصغي لأحد، ولم أنكسر».

«أول يوم جامعة»

«من حبي في اللعة العربية التحقت بكلية دار العلوم جامعة المنيا، وكان إحساس غريب في أول يوم بداية من الدكاترة والطلبة، حسيت إن في حاجة غريبة، ولكن مع الوقت بدأ التودد بيني وبين الجميع، وأمنت في قرارة نفسي أنى تركت 5 أولاد في البيت، عوضت عنهم بـ5 آلاف ابن وابنة في الكلية، أصبحت أفهم ويفهموني، وأتحاور معهم في كل حاجة، شعور الأب بأبنائه، ناصحا لهم وواقفا بجوارهم، وكنت أمين اللجنة الثقافية في اتحاد الطلاب بالتصويت باكتساح، مما جعلنى بكيت في هذا اليوم».

«موقف صعب»

«لم تخلو الرحلة من المواقف الصعبة والنفوس الحاقدة، أتذكر عندما أردت عمل اشتراك في القطار من المنيا الى البدرشين، توجهت لنظر المحطة وبحوزتي الأوراق المطلوبة من الكلية، ولكنه رفض بشدة قائلا: لو جبت الوزير مش هعمل الاشتراك مش كفاية انك واخد حق طالب في الجامعة، والحمدلله ذهبت بحلوها ومرها، وحافظت على تقديري جيد جدا خلال سنوات الدراسة».

«الماجستير والدكتوراه»

فور انتهاء سنوات الدراسة، تقدمت لتمهيدي ماجستير، ونجحت، وكنت أول طالب يحصل على امتياز مع التوصية بالطبع على نفقة الجامعة وثناء من لجنة التحكيم على الرسالة، وفي نفس العام سجلت الدكتوراه عن «علاقات الدولة العباسية بالحركات والديانات والعبادات غير الإسلامية في البلاد الفارسية»، وناقشت في يوم 19/12/2019، وكانت فرحة لا توصف، عندما سمعت لجنة التحكيم تقول منحه درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، قسم التاريخ الإسلامي، مع مرتبة الشرف الأولى، ولم أتمالك نفسي من البكاء لشدة الفرحة، في حضور أسرتي وأولادي وأحفادي. والحمدلله حصلت على الدكتوراه وأنا في عمر الـ62 عاما، وكانت فرحة لاتضاهيها فرحة لأنى فعلت مالم يفعله الشباب.

«أسرة الدكتور سيد»

عبرت زوجة الدكتور سيد، عن فرحتها لحصوله على الدكتوراه، رغم البدايات الصعبة، وسخرية الناس، لكنها كانت داعمة له طوال الوقت، قائلة: نظرة الناس له ولنا تغيرت، مع إني حاصلة على الابتدائية، لكنى تعلمت منه الكثير، وكلنا فخورين به، وكنت أول الحاضرين في مناقشة الدكتوراه، شعرت بفرحة كبيرة بحصوله عليها. كما عبر أبناؤه عن فرحتهم بوالدهم، وفرحة أبنائهم لأن جدهم حاصل على الدكتوراه، وهذا فخر لهم جميعا، يضعهم في مكانة مجتمعية كبيرة.

قد يهمك ايضا :

طرق جديدة لتعليم الأطفال غسل أيديهم والاهتمام بالصحة الشخصية

أكاديمية التربية والتكوين تعد بتعميم التعليم الأولي في الدار البيضاء قبل 2025

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الذكور في المغرب أكثر عرضة للفشل الدراسي بحسب خبير…
اليونيسف تحذر من ضياع جيل كامل في غزة بسبب…
اليونيسف تدق ناقوس الخطر في غزة مع غياب المدارس…
نصف طلاب الجامعات المغربية في مسار العلوم القانونية والاقتصادية…
جامعة سيدي محمد بن عبد الله ضمن أفضل أربع…

اخر الاخبار

وزير الخارجية المغربي يؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية ستقود…
زيلينسكي يصف محادثات السلام مع واشنطن بالبناءة والصعبة
أخنوش يحث الأساتذة التجمعيين على تعزيز التواصل وتطوير برنامج…
تقرير يكشف قرب انتهاء مهلة ترامب لتجريد حزب الله…

فن وموسيقى

منى زكي تؤكد أن تجسيد أم كلثوم كان الأصعب…
زينة تتحدث عن بداياتها الفنية وتكشف أسرار حياتها ونجاحاتها…
آيتن عامر تكشف العديد من أسرارها الشخصية والفنية وتروي…
تكريم حسين فهمي بمهرجان مراكش الدولي عن مسيرته الفنية…

أخبار النجوم

محمد عبده يقدّم ليلة تاريخية ويغني يا حبيب الروح…
جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله
ياسمين صبري تغيب عن دراما رمضان 2026
ليوناردو دي كابريو يكشف سر نجاحه في هوليوود

رياضة

قمة مشتعلة بين السعودية والمغرب بحثًا عن الصدارة وتعزيز…
راموس يعلن نهاية مشواره مع مونتيري المكسيكي
محمد صلاح يهاجم إدارة ليفربول ويكشف أسباب توتر علاقته…
الركراكي يؤكد أن حكيمي يبذل جهداً شاقاً ليكون حاضرا…

صحة وتغذية

اكتشاف مسار جديد لعلاج سرطان الكبد العدواني
الذكاء الاصطناعي يتنبأ بهشاشة العظام في مراحلها المبكرة
وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية…
ست نصائح يومية لحياة صحية أفضل أبرزها الشبع بنسبة…

الأخبار الأكثر قراءة

توقيع إتفاقية لدعم منح طلبة الدكتوراه في مجالي الانتقال…
الذكور في المغرب أكثر عرضة للفشل الدراسي بحسب خبير…
اليونيسف تحذر من ضياع جيل كامل في غزة بسبب…
اليونيسف تدق ناقوس الخطر في غزة مع غياب المدارس…
نصف طلاب الجامعات المغربية في مسار العلوم القانونية والاقتصادية…