الرئيسية » عناوين الاخبار

الرباط - المغرب اليوم

قد لا يختلف اثنان حول ملاحظة التحول الجذري الذي طرأ على خطابات الملك محمد السادس في الآونة الأخيرة، حيث باتت تُخصص لمواضيع محددة وتتخللها انتقادات صريحة، بلغة معارضة غير معهودة في خطابات الملك من قبل، إذ درج المغاربة على سماع خطابات تتخذ طابعا عاما في شتى المواضيع والمناسبات. وبعد أن كان يتطرق الملك في خطابات سابقة، طيلة سنوات ماضية، إلى قضايا معينة في عموميتها، مستحضرا غير ما مرة المنجزات المبذولة من طرف الدولة في عدد من المجالات، أفرد حيزا هاما في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في غشت الفائت لمشكلة التعليم، حيث خص هذا القطاع الحيوي بانتقادات شديدة، وقام بتشخيص قاس للمنظومة التربوية في البلاد، على غير عادة خطابات الملك الحالي. وفي خطابه الافتتاحي للدورة الخريفية للبرلمان، قبل أيام قليلة، لم يتردد الملك محمد السادس في توجيه رسائل ذات حمولات صارمة في حق مدبري الشأن المحلي للعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، بعد أن نعتها بشتى الأوصاف المتناقضة، فهي مدينة المال والأبراج، لكنها أيضا مدينة البؤس والأكواخ، منتقدا الأوضاع الاجتماعية والجمالية التي تعيشها هذه المدينة العملاقة. خطابات الملك محمد السادس شهدت إذن، في الفترة الأخيرة، انعطافة ملحوظة لا يمكن أن تغفلها عين كل مراقب لبيب.. فما الذي تغير في البلاد حتى تتحول خطابات الملك وتصير أكثر انتقادا لأوضاع البلاد..وهل يحمل هذا التحول في طياته دلالات سياسية معينة، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون توجها مغايرا لأسلوب الخطاب الذي يشرف عليه متخصصون في كتابة وصياغة خطابات الملك. الملك يقظ وقريب من هموم المغاربة ويعزى هذا التغير، بحسب الدكتور محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، من خطب ملكية عامة وشاملة إلى خطب باتت تطرح وتركز على قطاعات أو حالات خاصة ودقيقة بعينها، إلى عاملين رئيسيين، الأول يتمثل في الانطلاق من الشعور بالمسؤولية. ويشرح الغالي بأن الملك هو ضامن دوام الدولة، واستقرارها واستمرارها، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم ضمان تدفق الخدمات للمواطنين والمواطنات بشكل فعال وناجع، ومستمر وعادل من حيث التوزيع وتكافؤ الفرص”. وهذا الشعور بالمسؤولية من خلال طرح حالات خاصة بعينها، يضيف الغالي، أملته التحولات السياسية الداخلية والإقليمية التي أبانت بأن الخطاب العام يبقى بعيدا، ولا يرتب أية التزامات أو مسؤوليات، في وقت أصبحت الحكامة في مجال السياسات العامة مرتبطة بالقدرة على ربط المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة”. أما العامل الثاني، وفق تحليل الغالي، فيرتبط بهاجس إنتاج وإعادة إنتاج الشرعية الملكية، وتكييف ذلك مع نظام القيم الصاعد الذي يطغى عليها الطابع النفعي والبراغماتي من خلال الإيمان بالأشياء الملموسة وليس الخطب الرنانة”. وخلص المحلل ذاته إلى أن التطرق إلى هذه الحالات والوضعيات القطاعية أو المجالية الخاصة يتضمن “إشارة قوية لخلق الاعتقاد لدى المواطنين والمواطنات بأن المؤسسة الملكية يقظة وقريبة من همومهم ومشاكلهم، وبأنها تواكب وتراقب عن كثب، وأن هناك عزما لتحسين جودة الخدمات وتلبية الحاجيات”. تكسير تقاليد الخطب الملكية خطابات الملك الأخيرة ليست عادية، ولا تسير وفق منوال سابقاتها من الخطب التي دأب على إلقائها إما أمام الشعب، أو أمام ممثلي هذا الشعب في البرلمان” يقول محمد طاسيلة، الباحث في سيميائية الخطاب، حيث إن خطب الملك منذ اعتلاء العرش كانت على خط “تحريري” واحد لا يتغير، بيد أن التحول في الخطابات القليلة الأخيرة فاجأت الجميع. وتابع طاسيلة بأن المفاجأة تلقاها الفاعلون السياسيون والمحليون ربما أكثر من المواطن العادي الذي قد لا يكترث لنقطة التحول في الخطب الملكية، مبرزا أن هؤلاء المسؤلوين ألفوا منذ سنوات أن الخطاب الملكي يسير بوتيرة روتينية لا يضم عادة أية إشارات تشير إليهم بالبنان، فإذا بهم يقعون تحت الأضواء بعد خطابي التعليم والدار البيضاء”. ولفت الباحث في سيمولوجيا الخطاب إلى أن الخطب الملكية، في العادة، كانت تنحو منحى التعميم الذي لا يخل بالتخصيص، وتحرص على ذكر الإيجابيات دون الإفراط في المغالاة، مردفا أنه بمجرد ما تغيرت هذه المعايير “المرعية” في الخطاب الملكي، أي التخصيص عوض التعميم، ونبش السلبيات والمساوئ عوض تمجيد المحاسن، حتى أثار ذلك انتباه الجميع، وصار البعض يسمي الخطب الأخيرة للملك بالجيل الجديد من الخطب الملكية”. هل تغير مُدبجو الخطب الملكية وسرعان ما ذهبت تحليلات أخرى، بعد أن تفاجأ أصحابها بالخطاب الصارم الذي انتقد فيه الملك تدبير الدار البيضاء، وأعلنها مدينة فاشلة رغم غناها المادي، إلى أن السبب الذي يُعزى إليه تغير نبرة وطبيعة الخطابات الملكية الأخيرة، يتمثل ببساطة في تغير مُدبجي الخطب الملكي، سواء كان شخصا منفردا، أو فريقا متكاملا يسهر على صياغة محاور الخطابات الملكية. وبحسب هذه التحليلات “الافتراضية”، فإن الجهة التي أشرفت على صياغة وخروج الخطابات الملكية في الفترة الأخيرة ليست بالضرورة هي الجهة الاعتيادية التي كان موكولا لها هذه المهمة “الحساسة” منذ سنوات خلت، باعتبار أن الخطاب الملكي يمكن عده وثيقة سياسية سامية لا تقبل المراجعة. وبالتالي فالراجح ـ وفق هذا الرأي ـ أن المستشار الملكي محمد معتصم الذي كان يقال إنه يقف وراء الخطابات الملكية ذات الصبغة السياسية قد تراجع إلى الخلف ليترك المكان ربما لجهة جديدة باتت المكلفة بصياغة خطب الملك، وفق توجيهاته وأفكاره التي يرغب في إيصالها للمغاربة. ويعيد هذا التحول الملموس في خطابات الملك محمد السادس بالنحو اتجاه انتقاد المظاهر السلبية أو تحفيز القطاعات المتخلفة، إلى الأذهان خطابات والده الملك الراحل الحسن الثاني التي كان يعتبرها الكثيرون مدرسة سياسية في حد ذاتها، نظرا لارتجاليته في إلقاء الخطب، عدا خطب العرش في الثالث من مارس من كل سنة، ولأسلوبه المشوق في التفاعل مع الخطاب الذي يلقيه أمام شعبه.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس الوزراء الإسرائيلي يشعُر بالتوتر من احتمال صدور مذكرة…
انتقادات لطريقة تحرير الملك العام في كلميم
سفينة مساعدات تحمل مواد غذائية تبحر من قبرص إلى…
حماس تؤكد أن الحركة تسلّمت رد إسرائيل الرسمي على…
بلينكن يحدد 3 كتائب إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ضد الفلسطينيين

اخر الاخبار

غانتس يتفوّق على نتنياهو
تغييرات منتظرة على تعيينات بإدارات الدولة
كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء الفنيدق بلغت 41…
وزير الخارجية المغربي يٌجري مباحثات مع نظيره الغامبي لتعزيز…

فن وموسيقى

الفنان المغربي ديستانكت يطرح جديده الفني بعنوان ''سلام''
إيمي سمير غانم تعود للسينما عقب تجاوز أحزان وفاة…
غادة عادل تشعر بالنضج الفني وتتمنى تقديم أعمال ذات…
المغربي سعد لمجرد يزُور قبر عدد من نجوم الفن…

أخبار النجوم

محمد هنيدي يتوّجه إلي السعودية خلال أيام لتصوير فيلمه…
ميّ كسّاب تعلّق على عدم معرفة الجمهور بأنها مغنّية
وفاء عامر تكشف تفاصيل تعاونها مع شقيقتها آيتن في…
إسعاد يونس توجّه رسالة قوية لياسمين عبد العزيز وأحمد…

رياضة

مدرب باريس يُهدّد بالكشف عن كافة تفاصيل قضية كيليان…
تشافي ينتقد حكم المباراة عقب الخسارة من باريس سان…
فرنسا تطرد مئات المٌهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب…
مبابي يقود باريس إلى قبل النهائي من دوري أبطال…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُعطي انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية…
طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي
الكشف عن صلة بين استخدام المستحلبات والإصابة بالسكري

الأخبار الأكثر قراءة

الاتحاد الأوروبي يدين مصادرة إسرائيل أكثر من 800 هكتار…
وزير الخارجية المصري وغويتريتش يُؤكدان حتمية إنهاء مأساة الفلسطينيين
أسعار الإفطار خارج البيوت في المغرب توحد موقف "حماية…
المتصرفون يُطالبون المركزيات النقابية بالضغط على الحكومة المغربية من…
أعوان السلطة المغاربة يُعبرون عن غضبهم من السلسلة الرمضانية…