الملك يفاجئ المغاربة بجيل جديد من الخطب المعارِضة
آخر تحديث GMT 02:43:42
المغرب اليوم -

الملك "يفاجئ" المغاربة بجيل جديد من الخطب "المعارِضة"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الملك

الرباط - المغرب اليوم

قد لا يختلف اثنان حول ملاحظة التحول الجذري الذي طرأ على خطابات الملك محمد السادس في الآونة الأخيرة، حيث باتت تُخصص لمواضيع محددة وتتخللها انتقادات صريحة، بلغة معارضة غير معهودة في خطابات الملك من قبل، إذ درج المغاربة على سماع خطابات تتخذ طابعا عاما في شتى المواضيع والمناسبات. وبعد أن كان يتطرق الملك في خطابات سابقة، طيلة سنوات ماضية، إلى قضايا معينة في عموميتها، مستحضرا غير ما مرة المنجزات المبذولة من طرف الدولة في عدد من المجالات، أفرد حيزا هاما في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في غشت الفائت لمشكلة التعليم، حيث خص هذا القطاع الحيوي بانتقادات شديدة، وقام بتشخيص قاس للمنظومة التربوية في البلاد، على غير عادة خطابات الملك الحالي. وفي خطابه الافتتاحي للدورة الخريفية للبرلمان، قبل أيام قليلة، لم يتردد الملك محمد السادس في توجيه رسائل ذات حمولات صارمة في حق مدبري الشأن المحلي للعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، بعد أن نعتها بشتى الأوصاف المتناقضة، فهي مدينة المال والأبراج، لكنها أيضا مدينة البؤس والأكواخ، منتقدا الأوضاع الاجتماعية والجمالية التي تعيشها هذه المدينة العملاقة. خطابات الملك محمد السادس شهدت إذن، في الفترة الأخيرة، انعطافة ملحوظة لا يمكن أن تغفلها عين كل مراقب لبيب.. فما الذي تغير في البلاد حتى تتحول خطابات الملك وتصير أكثر انتقادا لأوضاع البلاد..وهل يحمل هذا التحول في طياته دلالات سياسية معينة، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون توجها مغايرا لأسلوب الخطاب الذي يشرف عليه متخصصون في كتابة وصياغة خطابات الملك. الملك يقظ وقريب من هموم المغاربة ويعزى هذا التغير، بحسب الدكتور محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، من خطب ملكية عامة وشاملة إلى خطب باتت تطرح وتركز على قطاعات أو حالات خاصة ودقيقة بعينها، إلى عاملين رئيسيين، الأول يتمثل في الانطلاق من الشعور بالمسؤولية. ويشرح الغالي بأن الملك هو ضامن دوام الدولة، واستقرارها واستمرارها، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم ضمان تدفق الخدمات للمواطنين والمواطنات بشكل فعال وناجع، ومستمر وعادل من حيث التوزيع وتكافؤ الفرص”. وهذا الشعور بالمسؤولية من خلال طرح حالات خاصة بعينها، يضيف الغالي، أملته التحولات السياسية الداخلية والإقليمية التي أبانت بأن الخطاب العام يبقى بعيدا، ولا يرتب أية التزامات أو مسؤوليات، في وقت أصبحت الحكامة في مجال السياسات العامة مرتبطة بالقدرة على ربط المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة”. أما العامل الثاني، وفق تحليل الغالي، فيرتبط بهاجس إنتاج وإعادة إنتاج الشرعية الملكية، وتكييف ذلك مع نظام القيم الصاعد الذي يطغى عليها الطابع النفعي والبراغماتي من خلال الإيمان بالأشياء الملموسة وليس الخطب الرنانة”. وخلص المحلل ذاته إلى أن التطرق إلى هذه الحالات والوضعيات القطاعية أو المجالية الخاصة يتضمن “إشارة قوية لخلق الاعتقاد لدى المواطنين والمواطنات بأن المؤسسة الملكية يقظة وقريبة من همومهم ومشاكلهم، وبأنها تواكب وتراقب عن كثب، وأن هناك عزما لتحسين جودة الخدمات وتلبية الحاجيات”. تكسير تقاليد الخطب الملكية خطابات الملك الأخيرة ليست عادية، ولا تسير وفق منوال سابقاتها من الخطب التي دأب على إلقائها إما أمام الشعب، أو أمام ممثلي هذا الشعب في البرلمان” يقول محمد طاسيلة، الباحث في سيميائية الخطاب، حيث إن خطب الملك منذ اعتلاء العرش كانت على خط “تحريري” واحد لا يتغير، بيد أن التحول في الخطابات القليلة الأخيرة فاجأت الجميع. وتابع طاسيلة بأن المفاجأة تلقاها الفاعلون السياسيون والمحليون ربما أكثر من المواطن العادي الذي قد لا يكترث لنقطة التحول في الخطب الملكية، مبرزا أن هؤلاء المسؤلوين ألفوا منذ سنوات أن الخطاب الملكي يسير بوتيرة روتينية لا يضم عادة أية إشارات تشير إليهم بالبنان، فإذا بهم يقعون تحت الأضواء بعد خطابي التعليم والدار البيضاء”. ولفت الباحث في سيمولوجيا الخطاب إلى أن الخطب الملكية، في العادة، كانت تنحو منحى التعميم الذي لا يخل بالتخصيص، وتحرص على ذكر الإيجابيات دون الإفراط في المغالاة، مردفا أنه بمجرد ما تغيرت هذه المعايير “المرعية” في الخطاب الملكي، أي التخصيص عوض التعميم، ونبش السلبيات والمساوئ عوض تمجيد المحاسن، حتى أثار ذلك انتباه الجميع، وصار البعض يسمي الخطب الأخيرة للملك بالجيل الجديد من الخطب الملكية”. هل تغير مُدبجو الخطب الملكية وسرعان ما ذهبت تحليلات أخرى، بعد أن تفاجأ أصحابها بالخطاب الصارم الذي انتقد فيه الملك تدبير الدار البيضاء، وأعلنها مدينة فاشلة رغم غناها المادي، إلى أن السبب الذي يُعزى إليه تغير نبرة وطبيعة الخطابات الملكية الأخيرة، يتمثل ببساطة في تغير مُدبجي الخطب الملكي، سواء كان شخصا منفردا، أو فريقا متكاملا يسهر على صياغة محاور الخطابات الملكية. وبحسب هذه التحليلات “الافتراضية”، فإن الجهة التي أشرفت على صياغة وخروج الخطابات الملكية في الفترة الأخيرة ليست بالضرورة هي الجهة الاعتيادية التي كان موكولا لها هذه المهمة “الحساسة” منذ سنوات خلت، باعتبار أن الخطاب الملكي يمكن عده وثيقة سياسية سامية لا تقبل المراجعة. وبالتالي فالراجح ـ وفق هذا الرأي ـ أن المستشار الملكي محمد معتصم الذي كان يقال إنه يقف وراء الخطابات الملكية ذات الصبغة السياسية قد تراجع إلى الخلف ليترك المكان ربما لجهة جديدة باتت المكلفة بصياغة خطب الملك، وفق توجيهاته وأفكاره التي يرغب في إيصالها للمغاربة. ويعيد هذا التحول الملموس في خطابات الملك محمد السادس بالنحو اتجاه انتقاد المظاهر السلبية أو تحفيز القطاعات المتخلفة، إلى الأذهان خطابات والده الملك الراحل الحسن الثاني التي كان يعتبرها الكثيرون مدرسة سياسية في حد ذاتها، نظرا لارتجاليته في إلقاء الخطب، عدا خطب العرش في الثالث من مارس من كل سنة، ولأسلوبه المشوق في التفاعل مع الخطاب الذي يلقيه أمام شعبه.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملك يفاجئ المغاربة بجيل جديد من الخطب المعارِضة الملك يفاجئ المغاربة بجيل جديد من الخطب المعارِضة



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib