الرئيسية » قصص وروايات
رواية "في غرفة العنكبوت"

القاهرة - المغرب اليوم

اعتاد القارئ العربى دومًا أن تكون المثلية عرضًا ثانويًا فى الأحداث، ضيفة على الرواية لا تذكر إلا كهامش، كما فعل نجيب محفوظ حينما ذكر عرضًا واحدًا من فتواته من أبناء الناجى اتخذ حوله غلمانًا، وعندما حطّم علاء الأسوانى شيئًا من هذا التابو جعله واحدًا من سكان عمارة يعقوبيان، تمتزج أحداثه بيوميات العمارة.

لم يفعل أحد كما كتب صراحة الفرنسى جان جينيه الذى طالما تباهى بشذوذه، ويجعل المثلية بطلًا لعمله، هنا تجد القارئ فضوليا نحو ذلك العالم الذى يُثير مشاعره السلبية، يترك مكونات الرواية على حساب التفاصيل، ويستغرق فى نافذة تطل على عالم هو الأكثر اضطهادًا فى هذا المجتمع المليء بالعواصف، والذى تكون المثلية هى آخر الموضوعات التى تشغله.. هكذا كتب محمد عبدالنبى روايته «فى غرفة العنكبوت»، التى تحكى عن حياة مثلية منذ صفحتها الأولى وحتى الأخيرة، ولكنها فى الوقت نفسه لا تتناول عالم المثلية الجنسية فى مصر.

كانت قضية المثليين الأكثر شهرة فى مصر فى أوائل القرن الحالى، والتى عُرفت إعلاميًا بعنوان «كوين بوت» -مركب الملكة ناريمان- وهى القضية التى تم التنكيل فيها بمئات المثليين جنسيًا، وتم حبسهم وفضحهم أمام الرأى العام هم وعائلاتهم هى المدخل لعالم هانى محفوظ، مهندس الديكور المثلى، الذى طالما رأى حياته ضيقة وهشة كشبكة العنكبوت، والذى كان تكرار اسمه الثنائى فى مواضع عدة من الرواية يوحى برغبة عبد النبى فى صب الاهتمام والتأسيس لشخصيته، بهدف تعلق القارئ باسمها وتذكره، دافعًا إياه لاستكشاف البعد المميز فى تلك الشخصية، وسيرة حياتها، حيث رسّخ الكاتب الصورة الموجودة فى الوجدان الجمعى عن الشاذ جنسيًا؛ فجاءت ميول هانى الجنسية باتجاه الرجال، والتى ظهرت عليه فى سن مبكرة، تتناسب مع صورته كبدين يملك أثداء مثل النساء لفرط بدانته، إضافة إلى مُعاناته من نشأة اجتماعية مفككة، حيث توفى والده وهو لا يزال طفلًًا، بينما انشغلت عنه والدته فى مراهقته بعملها كممثلة، والتى قامت بتعويضه عن انشغالها بالمزيد من الأموال، ليُنفق على حياته الأخرى فى البارات المنتشرة فى القاهرة.

كذلك لم يستعرض الكاتب أيا من هؤلاء الذين ولدوا ميالين للرجال، بل على العكس استمر فى تقديم الصورة النمطية، فعبد العزيز الذى يقع هانى فى حبه، الطرف الإيجابى فى العلاقة، صعيدى وأسمر، عانى تنشئة ذكورية محضة، أبوه عسكرى صارم ولا وجود تقريبًا للأنثى فى بيتهم، كما تستعرض الرواية لمثلى آخر، وهو كريم سعدون، خفيف العقل المولود فى أسرة فقيرة وأبوه الغائب عن البيت منذ ولادته، واستمرارًا فى الخط ذاته يرتبط هانى بامرأة فقيرة قليلة الجمال تأخرت فى سن الزواج لاستكمال مظهره الاجتماعى، بالطبع تسوقه للاقتران بها ظروف أخرى، ولكن يظل موقعه الاجتماعى كفيلا لها للتغاضى عن الشكوك فى ميوله الجنسية، وأكدت الصورة أحاديث هانى وكريم، اللذين لم يعتبرا نفسيهما رجالًا نظرًا لكونهما الطرف السلبى فى العلاقة، رغم نفى عبد النبى فى سرده فكرة الجوع الجنسى لدى المثليين، وعدم إبرازه أى صبغة أنثوية فى ملابسهما. 

يبدو هدف السرد فى الرواية استعراض الحالة النفسية للبطل أكثر من استعراض العالم المحيط به، والذى اختصر الكاتب تفاصيله خلال صفحتين، وربما كانت اللغة التى سرد بها عبد النبى أحداثه هى ما منعته من مُلاقاة مصير أحمد ناجى، ابتعد عن فجاجة الألفاظ ووضوح التفاصيل إلى طريق آخر، فقد اجتهد الكاتب لصياغة لغة خاصة وناعمة، مثل ما أطلق «الحبايب» كلفظ يدل على المثليين، وحرص على عدم استخدام المصطلحات الخاصة بعالم المثليين المعروفة «كوديانا، برغل، طلية بطلية»، فلم يستخدم أحدها إلا على لسان أحد المساجين، هكذا لم يسقط فى فخ الابتذال فى صياغته للقاءات الجنسية التى وضعت ناجى فى محبسه.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رواية "نهر النار" عن مشروع كلمة تسرد تاريخ الهند…
"نصف شمس صفراء" رواية أفريقية عن أحزان نيجيريا في…
إتاحة كافة إصدارات الوزارة عبر الموقع الرسمى لهيئة الكتاب
صدور "زوجات من اليابان" رواية ترصد معاناة المهاجرين فى…
"زوجات من اليابان" رواية ترصد قصة المهاجرين في أميركا

اخر الاخبار

غانتس يتفوّق على نتنياهو
تغييرات منتظرة على تعيينات بإدارات الدولة
كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء الفنيدق بلغت 41…
وزير الخارجية المغربي يٌجري مباحثات مع نظيره الغامبي لتعزيز…

فن وموسيقى

الفنان المغربي ديستانكت يطرح جديده الفني بعنوان ''سلام''
إيمي سمير غانم تعود للسينما عقب تجاوز أحزان وفاة…
غادة عادل تشعر بالنضج الفني وتتمنى تقديم أعمال ذات…
المغربي سعد لمجرد يزُور قبر عدد من نجوم الفن…

أخبار النجوم

محمد هنيدي يتوّجه إلي السعودية خلال أيام لتصوير فيلمه…
ميّ كسّاب تعلّق على عدم معرفة الجمهور بأنها مغنّية
وفاء عامر تكشف تفاصيل تعاونها مع شقيقتها آيتن في…
إسعاد يونس توجّه رسالة قوية لياسمين عبد العزيز وأحمد…

رياضة

مدرب باريس يُهدّد بالكشف عن كافة تفاصيل قضية كيليان…
تشافي ينتقد حكم المباراة عقب الخسارة من باريس سان…
فرنسا تطرد مئات المٌهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب…
مبابي يقود باريس إلى قبل النهائي من دوري أبطال…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُعطي انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية…
طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي
الكشف عن صلة بين استخدام المستحلبات والإصابة بالسكري

الأخبار الأكثر قراءة