الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا

واشنطن - المغرب اليوم

تتحول قرية دافوس السويسرية لخمسة أيام في السنة إلى "ماكينة مالية وسياسية"، تضبط عقارب العالم، وترسم توجهاته، حيث اكتسب المنتدى الاقتصادي العالمي، سمعته النخبوية في العقدين الماضيين، إذ أصبح ساحة القادة المفضلة للكشف عن سياساتهم الدولية بخصائص محلية، ولقاء نظرائهم بعيدًا عن عدسات الإعلام، والإعلان عن صفقات مليارية مع كبرى الشركات.

وجاءت دورة "دافوس"، هذا العام جاءت بنكهة مختلفة، عكَسَت التوتر السائد في مجتمع الأعمال من سلسلة التقلبات السياسية المتواصلة منذ أشهر، ولم ينجح حضور "نجوم" مجتمعات المال والأعمال وندواتهم الكثيرة، في إخفاء الغياب الصارخ لأبرز قادة العالم، إذ لم يحظَ أيّ من المشاركين بالحماس والترقب نفسهما اللذين أحاطا، السنتين الماضيتين، بالأميركي دونالد ترمب، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والصيني شي جينبينغ، والهندي ناريندرا مودي، وحتى الكندي جاستن ترودو، والألمانية أنغيلا ميركل.

وتكفي جولة في الصالة الرئيسية للمنتدى لاستشعار الإحباط المنتشر، خاصة بين رجال وسيدات الأعمال والناشطين البيئيين، في غياب توافق سياسي دولي بشأن سبل مواجهة تراجع معدلات النمو العالمي، والمخاوف المتزايدة من فترة ركود جديدة، وفي مقابل هذه المخاوف، طرح لاعب شهد صعودًا سريعًا إلى قلب الساحة الدولية نظرة تفاؤلية، فقد رفضت الصين، على لسان نائب رئيسها وانغ كيشان، التوقعات الاقتصادية المتشائمة وجدّدت ثقتها في استمرار نموها ونمو العالم، شريطة الحفاظ على تجارة عالمية حرة.

- العامل الصيني

كانت مشاركة بكين في فعاليات "دافوس"، هي الأبرز هذا العام، بفضل تقاطع عوامل تشمل مواجهتها التجارية المستمرة مع أكبر اقتصاد في العالم، وتأثير تباطؤ نموها على الأداء الاقتصادي العالمي، والانتقادات الغربية المحيطة بعملاقي الاتصالات "هواوي" و"زي تي إي"، وفيما حمل وانغ ووفده الكبير رسالة تفاؤل وتحدٍّ، لم يتردد مشاركون في انتقاد سياسات الصين المتعلقة بالملكية الفكرية ومزاعم التجسس عبر شركات الاتصال، وعمليات التجسس الإلكتروني التي اتهم الغرب بكين بالوقوف وراءها، وكان آخر المنتقدين الملياردير جورج سوروس، الذي هاجم الرئيس الصيني شي جينبينغ، معتبرًا إياه "أخطر عدو" للمجتمعات الحرة والديمقراطية، وأوضح سوروس في خطابه التقليدي على هامش أعمال "دافوس"، أن الصين ليسَتْ النظام المستبد الوحيد في العالم، لكنها بلا شك الأغنى والأقوى والأكثر تطورًا في مجال الذكاء الاصطناعي، مضيفًا، "هذا يجعل شي جينبينغ أخطر عدو للذين يؤمنون بالمجتمعات الحرة"، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

ودعا سوروس أمام حشد من الصحافيين والسياسيين والاقتصاديين الولايات المتحدة، إلى التحرك ضد مجموعتي الصناعات التقنية الصينيتين "هواوي" و"زي تي إي"، واعتبر أنه "إذا تمكنت هذه الشركات من السيطرة على أسواق الجيل الخامس من تقنيات الهواتف الجوالة، فإنها ستمثل خطرًا غير مقبول على أمن العالم"، وتابع، "العام الماضي كنت أعتقد أنه يجب تعزيز استيعاب الصين في مؤسسات الحوكمة العالمية، لكن منذ ذلك الحين، دفعني سلوك شي إلى تغيير رأي".

ولم تتأخر الخارجية الصينية في الرد على هذا الهجوم اللاذع، وقالت إن تصريحاته بلا معنى "ولا تستحق التفنيد"، وبعيدًا عن التصعيد السياسي بين الصين والغرب، سعت بكين إلى طمأنة المستثمرين، وقال أحد أعضاء الوفد الصيني إن تراجع نمو الاقتصاد الصيني "لا يشكل كارثة".

وأوضح فانغ شين هاي، نائب رئيس هيئة تنظيم سندات الضمان الصينية، مخاطبًا جلسة بشأن "المخاطر المالية الدولية"، أن السياسات الاقتصادية الصينية سريعة الاستجابة للمتغيرات، وتقوم على الانفتاح وإتاحة فرص استثمار للشركات عبر العالم.

وعزز نائب الرئيس الصيني هذه الرسالة، الأربعاء، بقوله إن اقتصاد بلاده لا يدخل نهاية دورته التوسعية، وإنه سيواصل تحقيق نمو مستدام على الرغم من الشكوك العالمية، ووجّه وانغ رسالة مبطّنة لواشنطن بتأكيده على الترابط العضوي للاقتصاديين الصيني والأميركي، وإشارته إلى أن "أي مواجهة (بين البلدين) ستلحق ضررًا بمصالح الجانبين".

- الانقسام الأوروبي

يصعب تجاهل التباين الكبير في السياسات الأوروبية، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل الاتحاد الأوروبي والتعاون الدولي واتفاقيات التجارة الحرة، ففي الوقت الذي دافعت فيه ميركل عن "التعددية والإصلاح" لمواجهة تفاقم الاختلالات العالمية، هاجم رئيس الوزراء الإيطالي جوسبي كونتيه المشروع الأوروبي، واليورو الذي "تسبب في تنامي الدين العام وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي"، على حد قوله، وتحدث كونتي عن حاجة ملّحة لرؤية جديدة "تركّز على الإنسان والعائلات والمجتمعات".

كما فرضت قضية خروج بريطانيا نفسها على فعاليات هذا العام، رغم غياب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وقوبلت جهود أعضاء الوفد الذي ضمّ وزير الخزانة، فيليب هاموند والتجارة الدولية ليام فوكس لطمأنة المستثمرين الدوليين بكثير من التشكك.

- المشاركة العربية

خصص المنتدى الاقتصادي العالمي عددًا من الجلسات حول آفاق العالم العربي الأمنية والاقتصادية، أجمع المشاركون فيها على أن الاستقرار السياسي هو مفتاح تنمية وازدهار اقتصاديين محورهما الشباب، وبرزت السعودية كنموذج إصلاحي يُقتدى به ويرسم الطريق لجذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى المنطقة، وأكدت الرياض من دافوس التزامها بالمضي في برنامج الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والمالية تماشيًا مع "رؤية 2030"، وقال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان في هذا الإطار، إن بلاده حوّلت الوعود إلى إنجازات ومشاريع واضحة نُفّذت، وتُرجمت باستثمارات كبيرة جدًا من القطاع الخاص خلال الشهور الماضية.

وبحثت الجلسات بشأن المستقبل الأمني للشرق الأوسط، سبل إرساء الاستقرار السياسي في المنطقة، وحظي الوضع السوري باهتمام خاص في هذا السياق، واعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أنه ينبغي التعامل مع الأزمة السورية عبر مقاربات واقعية، تُقدّم مصلحة سورية والسوريين على صراع الأجندات الدولية والإقليمية.

ووصف عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، المشاركة العربية في دورة "دافوس" لهذا العام بالجيدة، على مستويي التمثيل السياسي والأعمال، ولاحظ في المقابل ضعف المشاركة الإيرانية، وقال إنها تراجعت خلال السنتين الماضيتين.

وبيّن السياسي المصري الذي شارك في 27 دورة من المنتدى الاقتصادي العالمي، أن إيران في حاجة إلى مراجعة علاقتها مع العالم العربي، موضحًا، "ارتكبت إيران أخطاء كثيرة، ونعارض كثيرًا من سياساتها، لكنه ينبغي عدم الخلط بين مشكلاتنا ومشكلات طهران مع إسرائيل، ومشكلاتها مع الولايات المتحدة".

ولفت إلى أن "مشكلة إسرائيل الأساسية مع إيران تتعلق بقدراتها النووية، وإن عولجت هذه المشكلة بشكل أو بآخر، مع ابتعاد الوجود الإيراني في سوريا عن حدود الوجود الإسرائيلي، وهذا يحدث بالفعل، فقد يتراجع التوتر في العلاقات بينهما، وكذلك مع الولايات المتحدة، وتصبح التقديرات الحالية في خبر كان".

- انفصال عن الواقع؟

تردَّدت في أروقة "دافوس"، خلال الأيام الماضية، أسئلة بشأن ما إذا كان المنتدى يعمل فعلًا تجاه تحقيق الهدف الذي حدده لنفسه، الذي لخّصه مؤسسه الثمانيني كلاوس شواب بـ"تحسين وضع العالم"، حتى إن بعض المشاركين ذهبوا إلى اعتبار المنتدى "منفصلًا عن واقع مواطني العالم"، وهمومهم اليومية.

وفي محاولة لتفنيد هذه النظرة، عمد المنتدى إلى تنويع المشاركين ومجالات عملهم واهتماماتهم، فإلى جانب رجال وسيدات الأعمال والسياسيين والصحافيين، تجد بين رواد المنتدى ناشطين بيئيين وموسيقيين وعلماء أحياء، وأطباء وغيرهم، كما سلط المنتدى الضوء على مبادرات لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، كمشروع موسيقي يُمكّن ضعيفي السمع من استشعار الموسيقى عبر "قمصان ذكية".

كما اهتمّ منظمو "دافوس" بالمبادرات البيئية، عبر تخصيص ندوات لمواجهة الاحتباس الحراري وتقديم تجربة واقع افتراضي تتيح لمستخدميها "تجربة الحياة كشجرة" لدقائق، وكان الأمير ويليام من أبرز المشاركين في قضايا التغير المناخي والصحة النفسية، وتحول الأمير البريطاني إلى صحافي لساعة واحدة، حاور خلالها مقدّم البرامج المخضرم ديفيد أتينبورو بشأن سبل مواجهة التغير المناخي وتداعياته.

قد يهمك ايضا :

كلمة الرئيس الأميركي أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس

معلومات عن منتدى دافوس الاقتصادي 2018 في سويسرا

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

هل النفط يقف وراء التصعيد الأميركي ضد فنزويلا
الشراكة التجارية بين المغرب وإسبانيا تتوسع مع ارتفاع حجم…
الحكومة المغربية ترفض توسيع الخصم الضريبي ليشمل الوالدين وتعتبر…
المغرب يعزز التحصيل والعدالة عبر المراجعات الضريبية لنهاية السنة
المغرب يسرّع الاستثمار في محطات تحلية المياه لتعزيز الأمن…

اخر الاخبار

ترامب يدرس تعيين جنرال أميركي لقيادة القوة الدولية في…
مصر تؤكد رفض أي تغيير جغرافي أو سكاني في…
الأمين العام للناتو يحذر من سيناريو روسي بأوكرانيا يهدد…
إسرائيل تؤكد نزع سلاح حماس في إطار اتفاق الهدنة

فن وموسيقى

يسرا تكشف فلسفتها المهنية وتستعد للعودة إلى الدراما والسينما…
مي عمر تتحدث عن علاقتها بالنقد وتؤكد اعتمادها على…
منى زكي تؤكد أن تجسيد أم كلثوم كان الأصعب…
زينة تتحدث عن بداياتها الفنية وتكشف أسرار حياتها ونجاحاتها…

أخبار النجوم

دينا الشربيني تستفتي جمهورها حول خطوة جريئة في مسلسلها…
هاني رمزي يكشف مفاجأة عن الجزء الثاني من غبي…
هند صبري تحصد جائزة عمر الشريف في "غولدن غلوب"
ريهام عبد الغفور تكشف الصدفة التي غيّرت حياتها

رياضة

تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال
بى بى سى تنصف محمد صلاح ضد ليفربول وترشحه…
مغردون يعلقون على أزمة محمد صلاح مع ليفربول بين…
ميسي يعتلي قمة التاريخ ويكرس نفسه الأكثر تتويجاً في…

صحة وتغذية

تجارب سريرية تكشف عن فاعلية عالية لعلاج جديد للصلع
دراسة تحذر من ترتيب السرير فور الاستيقاظ وتكشف التوقيت…
إدارة الأغذية الأميركية تحقق في وفيات محتملة بسبب لقاحات…
دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم…

الأخبار الأكثر قراءة

لقجع يؤكد أن الإعفاءات الضريبية للشركات الرياضية مرحلية وتهدف…
الحكومة المغربية تعلن عن إمكانية تأجيل تسديد قروض الشرف…
ترامب يشير لاحتمال خفض الرسوم على الصين قبل لقائه…
المغرب وتركيا يوقعان اتفاقا جديدا لتقليص العجز التجاري
فضيحة مالية جديدة تهزّ النظام المصرفي الإيراني "بنك باسارغاد"…