الرئيسية » آخر الأخبار الطبية
تحوّل التدخين من "عادة صحية" إلى "قاتل صامت"

لندن - المغرب اليوم

يقتل التبغ نصف مستهلكيه، بحسب منظمة الصحة العالمية، وتشير بيانات إلى أن 6 ملايين شخص يموتون كل عام نتيجة الاستهلاك المباشر للتبغ، بينما يموت نحو 900 ألف شخص من غير المدخنين بسبب التدخين السلبي، لكن طيلة قرون مضت كان التدخين يُعتبر عادة صحية، فيما كانت نبتة التبغ تُلقّب بـ"العشبة المقدسة" و"العلاج الرباني" في القرن السادس عشر.

وكان الباحث الطبي الهولندي، جيل إيفرارد، يعتقد، مثلما كان سائدا وقتها، أن التبغ يقلل الحاجة إلى الاستعانة بالأطباء، ويصف في كتابه "باناسيا"، أو العلاج من كل الأمراض، عام 1587 فضائل التبغ وتدخينه باستخدام الغليون، قائلا "كل نفثة منه تعتبر مضادا لجميع السموم والأمراض المعدية".

ويعد أول أوروبي شاهد محاولة استعمال التبغ لأغراض طبية هو البحار كريستوفر كولومبس، حسب مقال كتبه البروفيسور آن تشارلتون في مجلة الجمعية الملكية للطب، فقد لاحظ تدخين التبغ في الغليون في الجزر التي تسمى اليوم كوبا وهايتي والبهاما. وفي بعض الأحيان كانت تحرق أوراق التبغ لتطهير المكان وإبعاد الأمراض والتخلص من التعب.

أقرأ أيضا :

خُطوات وقائية بسيطة تُجنِّبك خطر ارتفاع الكوليسترول

وكان التبغ، مخلوطا بالجير أو الطباشير، ويُستعمل في البلاد التي تسمى اليوم فنزويلا لتنظيف الأسنان، ولا تزال هذه العادة موجودة اليوم في الهند.

اهتم الأطباء والعطارون الأوروبيون بفوائد التبغ المحتملة، وهناك أمثلة أخرى عن استعمال التبغ لأغراض طبية، من بينها تلك التي وصفها المستكشف البرتغالي، بيدرو ألفاريس كابرال، الذي وصل إلى البرازيل عام 1500 فقال إن نبتة التبغ كانت تستعمل في علاج أمراض مثل الدمل أو الأورام الحميدة، وفي المكسيك، علم المبشر برناردينو ساهاغون من الأطباء المحليين قديما أن أمراض غدد الرقبة يمكن علاجها بإحداث فتحة ثم وضع أوارق التبع المطحونة الساخنة في موضع الجراحة.

وفي القرون التالية، حسب متحف ويلكوم، كان الغليون أو السيجارة من الضروريات بالنسبة لأي طبيب أو جراح أو طالب طب خاصة في غرفة التشريح، فكان المتخصص في التشريح ينصح بالتدخين للتخلص من رائحة الجثة ولحماية نفسه من الأمراض المحتملة منها، وخلال تفشي وباء في لندن عام 1665 أمر التلاميذ بالتدخين في قاعات الدرس.

وكان الاعتقاد السائد أن الدخان يحميهم من أجسام غير مرئية تحمل المرض. وكان المكلفون بدفن الجثث يدخنون الغليون أيضا لإبعاد الوباء عنهم، لكن كان هناك مَن شككوا في فعالية استعمال التبغ في العلاج، إذ كتب الطبيب الانجليزي، جون كوتا، الذي له مؤلفات عديدة في الطب والسحر عام 1612 أن النبتة التي كانت تعتبر علاجا لكل الأمراض قد يظهر أنها "وحش يسبب العديد من الأمراض".

في القرن 18 كان ينفخ دخان التبغ في جسم المريض لتوفير الدفء، وعلى الرغم من التحذيرات فإن الطلب على التبغ بقي كبيرا وكان العطارون حريصون على تخزينه في متاجرهم.

ومن بين استعمالات التبغ الغريبة هو نفخ دخان التبغ في مؤخرة ضحايا الغرق. فالأطباء كانوا يعتقدون أن الدخان يعالج الزكام والشعور بالدوار، ويوفر الدفء ويحفز الجسم. وكانت تنتشر أجهزة نفخ الدخان على طول نهر التيمز من أجل الطوارئ، وكان نفخ دخان التبغ في الأذن يستعمل لعلاج آلام الأذن أيضا في القرن 18.

وبعد عزل النيكوتين من أوراق التبغ عام 1828 بدأ الأطباء يشككون في استعمال التبغ في أغراض علاجية، لكن استمر استعمال عقاقير تحتوي على التبغ، من بينها علاج الإمساك ونزيف البواسير، وعندما بدأت القلق من تأثير التدخين على الصحة يتزايد في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي حاولت شركة سجائر "كامل" طمأنت زبائنها بادعائها أن الأطباء يوصون بالتدخين وأنهم يدخنون سجائرها، وقالت الشركة أيضا إن المغنين يوصون بالتدخين "لتنظيف أنسجة الحنجرة".

حملة دعائية في الثلاثينات من القرن الماضي تقول إن التدخين يحمي الحنجرة، وتبين في الثلاثين عاما الأخيرة ضرر التدخين على الصحة، مثلما هو ضرر التدخين السلبي. وهو ما دفع العديد من الدول إلى منع التدخين في الأماكن المغلقة.

واستعملت حملات التوعية أساليب صادمة لتوصيل رسالتها إلى عامة الناس. فقد فرضت بعض الدول على شركات التبغ وضع صور صادمة لمرض سرطان الرئة وأمراض الأوعية الدموية وأمراض أخرى يسببها التدخين على علب السجائر، ففي انجلترا وضعت دمية لتوعية الحوامل بمخاطر التدخين على الجنين.

وظهرت في السنوات الأخيرة السيجارة الالكترونية لتحل محل التدخين التقليدي، ويتم شحن السيجارة الالكترونية ببطارية تسمح للمدخن باستنشاق النيكوتين في بخار بدل دخان التبغ، ولا تنتج السيجارة الالكترونية القطران أو أول أكسيد الكربون، وهما من أخطر العناصر في دخان التبغ، ولكنها ليست خالية من الضرر، حسب هيئة الصحة العامة في بريطانيا، وهي محل جدل واسع.

وتعرضت شركة فيليب موريس، وهي أكبر شركة سجائر في العالم، تستثمر في السجائر الالكترونية إلى متابعات قضائية بتهمة استهداف الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حملاتها الدعائية، كما لاحقت هيئات ضبط الأسواق في الولايات المتحدة البائعين الذين يسهلون حصول الأطفال والمراهقين على السيجارة الالكترونية.

وتصنف منظمة الصحة العالمية التبغ "وباء وواحدا من أكبر الأخطار على الصحة العامة في التاريخ"، وتحض الدول على اتخاذ تدابير تمنع التدخين، مثل تقليص إعلانات ورعاية شركات التبغ ورفع الرسوم على السجائر، وقالت إن التدخين في تناقص، إذ أن 20 في المئة من الناس في العالم كانوا يدخنون في 2016 مقارنة بنسبة 27 في المئة عام 2000. لكن هذه الوتيرة غير كافية لتحقيق الأهداف المتفق عليها دوليا، فهناك 1.1 مليار مدخن بالغ في العالم، 80 في المئة منهم في الدول ذات الدخل المتوسط والضعيف.

قد يهمك أيضا :  

دراسة تكشف أنَّ السجائر الإلكترونية تضاعف نجاح الإقلاع عن التدخين

منظمة الصحة العالمية تكشف عدد المصابين بالحصبة في أوروبا

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

بحث جديد يقدّم نتائج واعدة في مجال علاج أمراض…
شركة أسترازينيكا تعترف لأول مرة بآثار جانبية نادرة للقاحها…
وزير الصحة المغربي يٌعطي انطلاقة خدمات 34 مركزًا صحيًا…
النظام الغذائي الذي نتبعه يؤثر على أدمغتنا
دراسة جديدة تكشف عن الأنشطة اليومية التي تقلل خطر…

اخر الاخبار

بوعياش تتسلم بلشبونة جائزة الشمال-الجنوب تقديرًا لمساهمتها في الدفاع…
رئيس مجلس النواب المغربي يٌجري مباحثات مع نظريه السويسري
المغرب يٌعزي الشعب الإيراني بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي…
المغرب وإسبانيا يٌناقشان آخر الترتيبات العملياتية لضمان انطلاق عملية…

فن وموسيقى

حملة شرسة ضد سعد لمجرد ومطالب بمنعه من الغناء…
جولة عالمية للفنان كاظم الساهر في صيف 2024 ستضم…
أنغام تُحيي حفلاً بمهرجان موازين في المغرب بمشاركة كوكبة…
يسرا تتحدث عن تجربتها المختلفة في فيلم "شقو" وتُشيد…

أخبار النجوم

نجوى كرم تلتقي الجمهور في "موازين" بالمغرب بعد ألمانيا
تامر حسني يٌمازح هنا الزاهد وباسم سمرة ومحمد ثروت…
عبير صبري تٌعلّق على واقعة اعتداء سائق شركة نقل…
المطربة مروة نصر تتهم صناع أغنية روبي الجديدة بالسرقة

رياضة

محمد صلاح يٌصنف ضمن قائمة أفضل 10 لاعبين في…
كيليان مبابي ينتظر مٌوافقة باريس ويكشف قراره لـ ثنائي…
أندية الدوري الإنجليزي تطلب إلغاء تقنية حكم الفيديو المٌساعد…
الفيفا يعتمد 3 نسخ من كأس العرب في قطر…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يٌجري مباحثات مع مسؤولين عن المعهد…
انعدام الأطباء المٌتخصصين في الأمراض النفسية والعقلية يٌسائل وزير…
وزير الصحة المغربي يٌعطي انطلاقة خدمات ستة مراكز صحية…
الخبراء يختارون "التفاح" كأفضل فاكهة لتعزيز صحة القلب

الأخبار الأكثر قراءة

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان
برنامج "الأغذية العالمي" يحذر من تفاقم المجاعة في السودان
الأمم المتحدة تؤكد أن هناك زيادة صادمة في عدد…
طرق لزيادة الاستهلاك اليومي للمياه للتمتع بصحة أفضل
تناول البيض "المدعم" مفيد أكثر من العادي