مطعم سوداني في القاهرة ليس للأكل فقط
آخر تحديث GMT 21:14:10
المغرب اليوم -

مطعم سوداني في القاهرة ليس للأكل فقط

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مطعم سوداني في القاهرة ليس للأكل فقط

القاهرة - المغرب اليوم

عندما توقفت حركة الطيران من جوبا عاصمة جنوب السودان وإليها، لم تجد فلورا وصديقتاها خلال فترة الانتظار في القاهرة سوى المطعم السوداني قرب ميدان الأوبرا العريق في العاصمة المصرية لتناول الطعام الذي يفضّلنه. هناك وجدن طاولة وسط تجار ومقيمين سودانيين يتخذون أماكنهم حول الطاولات المغطاة بمفارش بلاستيكية تحمل أيضاً إعلانات لشركات سياحة ونقل إلى السودان ودول شرق أفريقيا. منذ بدأوا الهجرة، احتفظ السودانيون بعاداتهم وتقاليدهم، وفي مقدمها الطعام المميز. وفي القاهرة حيث بدأ التوافد السوداني منذ السبعينات في عهد جعفر النميري، أقام أبناء الجالية مطاعم تخصهم يعتمد نشاطها على صنع مأكولات يصعب طهوها منزلياً في شقق القاهرة الضيقة وتسليمها إلى طالبيها، أو استقبال زبائن لتناول الطعام والتسامر. مطعم «الخرطوم»، أقامته السيدة بتول مع زوجها وشقيقه. وتقول المالكة إن المطعم فتح أبوابه في القاهرة عام 1986 حين كان الزوج في زيارة طالت قليلاً واشتاق إلى وجبة «الكسرة» التي يتطلب إعدادها طريقة خاصة على صاج ناري. واختمرت الفكرة في ذهنه، ثم وُلد المطعم في منطقة درب المناصرة الشعبية. وبالإضافة إلى الهدف التجاري، فإن صلاح وأفراد عائلته فكروا في مكان يجمع السودانيين الذين لم تخل منهم مصر يوماً منذ كان البلدان دولة واحدة تحت العرش الملكي، وارتفعت أعدادهم في نهايات عهد النميري الذي أطاحته ثورة شعبية، وقبلها هناك الآلاف من الدارسين والمهنيين الذين كانوا يتوافدون على القاهرة ومحافظات مصرية أخرى، خصوصاً الإسكندرية والشرقية. ومن رواد المكان، عادل الذي يعمل في مجال الاستشارات السياحية، وزوجته نصف أوروبية، ولا تجيد طهو الطعام السوداني. يقول إنه يمر أحياناً بالمطعم لتناول وجبة، أو لشراء وجبات لضيوفه الآتين من السودان، بعد أن يطلبها هاتفياً. أما علي فهو عازب ويعيش خارج السودان منذ وصل عمر البشير إلى الحكم عام 1989، وهذا المطعم هو المفضل بالنسبة إليه خصوصاً أن تشكيلة أطباقه تتفاوت في أسعارها بما يناسب حالته المادية، بخاصة في نهاية الشهر. ويمكن مرتادي المكان مشاهدة الفضائيات السودانية ومعرفة أخبار الحفلات الغنائية التي يحييها فنانون سودانيون في مصر ويشترون تذاكر لها من المطعم نفسه، كما يشترون تذاكر السفر عبر حلفا المنفذ الشمالي النهري، وأحياناً يتفقون مع بائعي البخور والعطور والسلع التقليدية ورسّامة الحناء عندما تحتاج إليها الزوجات. ويباع في مطعم «الخرطوم» أيضاً حليب الإبل، وأكياس «الدَكوَة» وهي الفول السوداني المطحون، وبعض حبوب التسالي. كما أن مرتادي المكان يتفاوتون من حيث انتماؤهم الطبقي والمهني، ويمكن أن تجد سفيراً أو أستاذاً جامعياً مع عامل إلى طاولة واحدة. كما أن صور الرئيس السوداني عمر البشير ظهرت لفترة وأضيفت إليها صور الزعيم الراحل جون قرنق بعد اتفاقَي السلام في 2005 ثم صورة سلفاكير، ولاحقاً رفعت الصور كلها لتبقى فقط بعض صحون مشغولة من سعف النخيل ورسوم من مناطق سودانية مختلفة. مواطن سوري يقطن في الفندق الملحق بالمطعم يقول إنه معجب بتلاقي السودانيين في الغربة والسهولة التي يتعارفون بها بعضهم إلى بعض، وإنه يلاحظ أن الوقت الذي يمضونه في تناول الطعام ربما أقل مما يمر في حواراتهم الاجتماعية وربما السياسية، على عكس التخوف الذي يسري بين السوريين في الخارج، فليس من السهل التواصل من دون حيطة واقتصاد في سرد المعلومات والتوجهات. تقول بتول إنهم يقدمون أطعمة مصرية أيضاً خصوصاً للعائلات المختلطة أو الذي طال بها المقام في مصر، وأن بعض المصريين الذين عاشوا في السودان يأتون إلى المطعم أيضاً، كذلك بعض العرب من المشرق العربي أو الأجانب الذين يرغبون في التجديد وبعض طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة. يقدم المطعم تشكيلة من الأطباق والمقبلات المشتركة مع بعض التجديد، فسلطة «البابا غنوج» تعرف في السودان بـ «الأسود» وتختلف قليلاً عن النسخة المصرية، وهناك الحساء بأنواعه. ويقتصر تقديم العصيدة (أشبه بالبودينغ) على يوم الجمعة حين تقدم ساخنة، أما القُـرَّاصة (فطائر ثخينة) فيحتاج إعدادها إلى وقت، وتتطلب أن تكون «الطاوة /المقلاة» ساخنة للغاية. ويفضَّل السمك النهري هنا مطهواً في الزيت، ويأتي مصريون أيضاً لتناوله أو جلبه إلى بيوتهم. وفي رمضان تقدم بتول مشروب «الحلو مُر» المميز في السودان، كما أن سلطة اللبن (الزبادي) مع الخيار المفروم حاضرة دائماً. والمؤكد أن المكان يقدم ما هو أكثر من الطعام، فـ «الخرطوم» يوفر الدفء والتواصل وأحياناً حل المشاكل أو إيصال رسائل وأمانات، بالإضافة إلى الاستشارات لمن يريد مستشفى أو مكاناً للدراسة أو استئجار شقة للإقامة أو تمضية شهر العسل مثلاً. وعلى رغم الاضطرابات التي تشهدها مصر فإن السودانيين ما زالوا موجودين فيها بكثافة، خصوصاً أنهم لا يتدخلون في الشؤون السياسية للبلد المضيف. وعلى مدخل المطعم يمكن البعض فقط احتساء الشاي أو «الجَبَنة»، وهي القهوة السودانية المميزة بالبهارات الحارة، والتي تحضرها فتاة هادئة، يعاملها الجلوس باحترام... بضعة أمتار هي مساحة المكان لكنه وطن بالنسبة إلى كثيرين هنا.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطعم سوداني في القاهرة ليس للأكل فقط مطعم سوداني في القاهرة ليس للأكل فقط



GMT 18:42 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib