اسئلة ثقافة 30 يونيو في الذكرى الأولى للثورة الشعبية
آخر تحديث GMT 05:09:57
المغرب اليوم -

اسئلة "ثقافة 30 يونيو" في الذكرى الأولى للثورة الشعبية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - اسئلة

ثورة 30 يونيو المصرية
القاهرة - أ ش أ

بقدر ماحمل الهتاف الخالد :"تحيا مصر" منذ عام واحد رسالة امل في الثقافة السياسية المصرية ورفض الشعب المصري الاستسلام للتدهور العام ولقوى الهيمنة ومخططات تزييف الوعي والتاريخ فان ثقافة ثورة 30 يونيو مازالت تطرح اسئلتها التي تتطلب اجابات جادة وامينة في الواقع المصري واوجه الحياة اليومية للمصريين.
وتأتي الذكرى الأولى لثورة 30 يونيو المجيدة متزامنة مع اطلالة شهر رمضان هذا العام واشراقة انوار اليوم الثاني للشهر الفضيل على المصريين فيما تنادت بعض القوى السياسية للاحتفال بهذه الذكرى بدعوات افطار او سحور جماعي مع عروض ثقافية-فنية في "ميادين الثورة" على امتداد مصر المحروسة .
فاليوم يمر عام كامل على تلك الثورة الشعبية التي صححت مسار الثورة الأم في الخامس والعشرين من يناير 2011 واستردتها من جماعة حاولت خطفها بل وخطف وطن بأكمله والعدوان على هويته بمكوناتها الثقافية البالغة الثراء والتنوع فيما تبقى تحديات ماثلة في المشهد المصري وتتطلب جدية الاستجابة من منطلق اعلاء الضمير الوطني.
وفيما ينبغي لثقافة هذه الثورة ان ترسخ نظاما اقتصاديا واجتماعيا يجسد اهدافها في الواقع واوجه الحياة اليومية ويستعيد فاعلية مصر في محيطها الاقليمي والعالم فان ثورة 30 يونيو برهنت مجددا على جدارة المصريين بالديمقراطية واصالة وعيهم الوطني واثبتت تهافت المزاعم التي تطعن في احقية هذا الشعب العظيم في ان ينعم بالحرية.
وكما تدعو اللحظة الراهنة كل المصريين للعمل بلا هوادة من أجل مستقبل افضل يقوم على التنمية المستقلة باعتبارها السبيل الحقيقي لتحرير الارادة الوطنية المصرية. فلايمكن في هذا السياق التقليل من حجم واهمية الحقوق الثقافية التي تضمنها الدستور الجديد بعد ثورة 30 يونيو جنبا إلى جنب مع الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية فضلا عن الانتخابات الرئاسية التي اتسمت بالنزاهة والشفافية.
وبينما يستعد المصريون لاستكمال استحقاقات خارطة الطريق بالانتخابات البرلمانية وصولا لبناء الدولة المدنية الحديثة فالحقيقة ان ثورة 30 يونيو شأنها شأن أي ثورة عظيمة ضد الاستبداد الداخلي او الاستعمار الخارجي يمكن ان يتعرض تاريخها وجوهرها لمحاولات تزييف الوعي غير ان الملايين التي شاركت في هذه الثورة الشعبية لها ان تكون الحارس الأمين على ثورتها المجيدة وحمايتها من " فلول الفساد ورأسمالية المحاسيب وقوى الظلام" التي يهمها معا اعادة عقارب الساعة للوراء.
التصدي للفساد
وإذا كانت ثورة 30 يونيو مازالت تثير اسئلتها فقد اتفق العديد من المثقفين المصريين ومن بينهم الدكتور حازم حسني استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة على ان التصدي للفساد بكل صوره يشكل اولوية لثقافة 30 يونيو التي تدعو لنموذج الدولة العادلة والقوية ..فيما قال الشاعر والكاتب فاروق جويدة :"اننا امام مجتمع يعاني فسادا مزمنا في مؤسسات الدولة وامام اجيال ترهلت على المستوى السياسي والفكري" .
واعتبر جويدة أن هناك حاجة "لصحوة حقيقية تعيد للعقل المصري قدراته وتعيد لأجهزة الدولة دورها من خلال ضخ دماء جديدة في جسد تهاوى وتحلل امام واقع متجمد وفكر لايقبل التغيير"، لافتا إلى أنه إذا كانت المؤسسات تحتاج إلى اعادة تأهيل ودفع دماء جديدة في شرايينها "فإن الشارع المصري يشهد الآن تجربة قاسية في ظل تشرذم وتشتت القوى السياسية التي لم تستطع ان تقدم واقعا سياسيا مناسبا".
ورأى أنه "شيء مخجل" ان الشعب الذي اطلق ثورتين "لم يستطع ان يجمع شبابه في حزب سياسي قوي ومؤثر بين جموع المصريين" فيما خلص فاروق جويدة الى اننا فس الوقت ذاته "امام رئيس جديد له فكره ورؤيته ويعلم الكثير عن امراض هذا المجتمع وقد جاء الوقت لتشهد مصر على يديه ميلادا جديدا لعصر جديد".
وهذا العصر الجديد الذي يتطلع له المصريون يعني الحرية والعدل والنمو المتكافيء ودعم التحول الديمقراطي والتطور التكنولوجي والغاء الدعم للاحتكارات الخاصة مقابل ضمان استمراريته بكفاءة للفئات المحتاجة والاستقلالية في مجال العلاقات الدولية.
ولايمكن في الذكرى الأولى لثورة 30 يونيو تجاهل مغزى المشهد المصري الفريد والهتاف الخالد "تحيا مصر" حيث كانت كل كل اطياف المجتمع المصري في الشوارع والميادين تؤكد على ان "الوطن اولا" وتستظل بعلم مصر ولاتلوح سوى بهذا العلم تماما كما تنطق بأهمية الحلم الوطني الواحد.
وفي كتابه:"الأرض المتصدعة" يتناول الكاتب باتريك فلانري معنى الحلم الواحد لمجتمع ما مثل المجتمع الأمريكي الذي توحد على حلم "الحرية والعدالة للجميع" وخطورة تفريط النخب في هذا الحلم لأن التكلفة المجتمعية تكون في هذه الحالة مريعة وتدفع برجل الشارع لليأس.
والتفريط في الحلم الجامع لشعب ما يلحق ايضا اضررا فادحة بفكرة الديمقراطية ذاتها ويكرس انقسامات داخل المجتمع الواحد بحيث يكون لكل جماعة او فئة حلمها الخاص والمتصادم مع الحلم العام تحت علم واحد في بلد واحد.
فالتصور الديمقراطي يقوم على ان الجميع شركاء داخل الوطن واحد وان كان البعض في الحكم والبعض الآخر في المعارضة وهو تصور ينبذ تحويل الصراع السياسي الى عداء مقيم واحتراب داخلي او قيام طرف بشيطنة الطرف الآخر وادعاء اي فريق انه يمتلك الحقيقة المطلقة في عالم البشر بحقائقه النسبية او الممارسات العبثية والدموية التي تعمد لدفع الدولة والكيان الوطني المصري لهوة الفراغ .
المسئولية السياسية والقانونية
ولاحظ نبيل عبد الفتاح الباحث والكاتب في جريدة الأهرام ظاهرة تتجلي حاليا في الواقع المصري وهي "غياب ثقافة المسؤولية السياسية والقانونية او ضعفها " لدى العناصر المحسوبة على النخب الأمر الذي يدفع تلك العناصر "لاضاعة الوقت والجهد بعيدا عن العمل الجاد الذي يكشف القادرين على العمل السياسي والتنموي البناء".
وفي بلد مثل بريطانيا يوصف بأنه "عريق في الديمقراطية" فان تشريعات "الاصلاح العظيم" التي صدرت عام 1832 مازالت ملهمة على المستوى الثقافي لكتابات وكتب جديدة تبحث عن اجابات اعمق لمواقف النخب والجماهير في تلك الأيام الفاصلة في تاريخ بريطانيا بقدر ماتثري الثقافة السياسية لأنتونيا فريزر مثل الكتاب الجديد:"السؤال الخطر:دراما الاصلاح العظيم".
واذا كان هذا الكتاب الجديد يتحدث عن لحظات مفصلية في تاريخ بريطانيا واهمية اتخاذ قرارات حاسمة في لحظات بعينها يكشف عنها الواقع فان الثقافة السياسية المصرية بحاجة واضحة للابتعاد عن الأفكار التي لاتتصل بالواقع ولايمكن تحقيقها وهي قضية مختلفة عن مسألة الحلم الوطني المصري للتقدم وصياغة آليات لتجسيد هذا الحلم في الواقع اليومي برؤية مستقبلية قابلة للتحقيق ومجاوزة للواقع ذاته.
ان الجماهير التي خرجت في مصر لتصنع ثورة 30 يونيو انما اسهمت في صنع التاريخ الانساني للحرية ومقاومة الاستبداد لتثبت مجددا ان اكثر الأخطاء جسامة الاستهانة بالشعب او عدم الوعي بحقيقة تلك الجماهير والاعراض عن قراءة رسالتها.
كما ان هذه الثورة الشعبية المجيدة برهنت على ان الأمور لايمكن ان تدار بلا رؤية او خيال سياسي او مهارات وخبرات حقيقية او "بخطابات سياسية سطحية وانشائية وهتافات لفظية صاخبة وعدم الدراسة العميقة لمحمولات وعمق الخطابات" في عصر الثورة الرقمية وتحدياتها.
وكذلك اظهرت ثورة 30 يونيو فداحة خطأ عدم مواكبة التغيير العميق في عالمنا المعولم ومايجري داخل بلادنا ومايعتمل من تغيرات وتحولات اجتماعية وسياسية في حنايا المجتمع المصري وتشكيلاته الجيلية الجديدة ولاماوصلت اليه حالة الدولة الوطنية التي اصابتها عديد الأعطال الهيكلية.
ومن المنظور الثقافي التاريخي فان العقل المصري المتمسك بثوابته الدينية كان دوما منفتحا على متغيرات الزمان ويأبى الانغلاق مدركا أن عنصر المكان أو المعطيات الجغرافية لموقع مصر ذاتها لاتسمح بمثل هذا الانغلاق او الاقامة المستديمة في الماضي.
فمصر لايمكن أن تقف عاجزة عن الاجابة عن قضايا العصر والمشاركة الفاعلة في ثورة العلوم والتكنولوجيا كما ان ثورتها الشعبية لن تكتمل الا بتغيير علاقات الانتاج باقتصاد يستجيب للجوهر الانساني ويضمن كرامة الانسان بعيدا عن الجموح الرأسمالي اللاانساني كشرط لنجاح اي ثورة فضلا عن تحديث مؤسساتها وبناء نموذج التنمية المنحاز للأغلبية والمرتكز على العدالة وتكافؤ الفرص والمنسجم مع التحولات الكبرى كما عبرت عنها الثورة بمحركاتها وفي طليعتها كتلها الشابة بروحها الوثابة.
هذا وطن لن يموت وشعب لاينكسر وثورة قادرة على تصحيح المسارات وتعديل موازين القوى ووضع خريطة طريق لتجسيد الحلم المصري في الواقع المصري وهي خريطة لايمكن الا ان تكون مصرية خالصة ومعبرة عن هوية مصر.
وهاهي ثورة 30 يونيو في ذكراها الأولى قد باتت فخرا لكل المصريين بعد ان اصبحت بمعانيها وقيمها ملكا للانسانية كلها.. فتحيا مصر..تحيا مصر وقد عقدت العزم على تحقيق حلمها والاجابة على اسئلة ثورتها وتحديات زمنها تحت علمها .

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اسئلة ثقافة 30 يونيو في الذكرى الأولى للثورة الشعبية اسئلة ثقافة 30 يونيو في الذكرى الأولى للثورة الشعبية



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 16:11 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ميغان ماركل تطلب من امرأة عدم الوقوف بجانب هاري

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 20:25 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فنان تشكيلي يبدع في رسم الأشكال على الأيادي بالجزائر

GMT 09:44 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حاميها حراميها...
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib