زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات
آخر تحديث GMT 23:44:05
المغرب اليوم -

تفتقر إلى أبسط المواصفات التي تجعلها تنال لقب مدينة

زايو "حظيرة" الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - زايو

زايو "حظيرة" الصراع السياسي
وجدة - كمال لمريني

يتغير كل شيء، ولا تتغير "زايو" التي تبقى وفية إلى سياسة التهميش والإقصاء واللامبالاة من قبل المسؤولين، الذين ضربوا المسؤولية المنوطة بهم عرض الحائط، وجعلوا هذه البلدة الواقعة في ضواحي إقليم الناظور تفتقر لأبسط المواصفات التي من شأنها أن تجعلها تنال لقب "مدينة"، في الوقت الذي تحولت فيه إلى حظيرة لـ "الصراع السياسي"، بين أشخاص إتخذوا من اللعبة السياسية، وسيلة لتصفية الحسابات، الأمر الذي قالت عنه الساكنة "أنها مدينة قد علاها الصدأ، وأصبحت لعبة للاعبين، وبقرة حلوبًا لمن يريدون مراكمة الثروات". 
زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات
تُشير عقارب الساعة إلى العاشرة ليلًا، حركة عادية وظلام دامس يُغطي سماء مدينة زايو، ومن هنا وهناك، تتعالى أصوات مخمورين، يلعنون المدينة طولًا وعرضًا، ويسبون الأوضاع المزرية التي تعيش على وقعها، إذ هناك من قال أنّ الوضع الذي آلت إليه المدينة، ساهمت فيه النزعة القبلية التي كرسها المستعمر الأسباني، والتي بفعلها تم الزج بـ "زايو" في مستنقعات السواد.
زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات
على طول الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين الناظور ووجدة، تمتد مدينة زايو على مساحة 52 كلم مربع، ويكتسي موقعها الجغرافي أهمية استراتيجية من الناحية الاقتصادية، حيث تعتبر محورا لمرور البضائع والمنتوجات الفلاحية، بالإضافة إلى المواد المهربة من مدينة مليلية المغربية المحتلة والقطر الجزائري، وعلى طول الطريق تمتد العديد من المقاهي.
 
سمير شاب (25 عامًا) يضع في فمه سيجارة ملفوفة، تنبعث منها رائحة "الحشيش"، ينفث دخانها ويبدأ في الحكي، "هاد زايو كلها ورايو"، ليُضيف قائلًا "ما بقى فيه ما يدار، ولا صالح غير آل دوك اشوابن اللي عندهم التقاعد نتاع الخارج، أمّا الشباب لكن ماشي ديك مليلية، والمازوت نتاع الجزائر اكونو حركو للخارج ولو في البسينة"، بسخرية يتحدث وبانفعال شديد يضيف، "إنها مدينة شاحبة بامتياز، تبعث اليأس والبؤس في النفوس، وتحتم على شبابها الانخراط في دائرة التهريب المعيشي، والبحث عن لقمة العيش، كونها تفتقر للمشاريع الاقتصادية التي من شأنها أن تحد من شبح البطالة".
زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات
مدينة "زايو" التي تركن على هامش الهامش، عرفت تقلصًا في عدد الساكنة مقارنةً مع إحصائيات عام 2004، الأمر الذي قالت عنه مصادر "المغرب اليوم"، أنه راجع إلى الهجرة سواء للديار الأوربية أو إلى المدن المجاورة، نتيجة تراجع الأنشطة التجارية والفلاحية في المنطقة، إذ أنّ غالبية المهاجرين كان لهم ارتباط بالأنشطة المذكورة، حيث كانت إحصائيات 2004 قد حددت عدد الساكنة بـ 29851 نسمة، مقارنة مع إحصائيات 2010 التي أشارت إلى أنّ عدد الساكنة محصور في 27123 نسمة، من ما يبين أنّ عدد المهاجرين بلغ 2728 نسمة.

واقع السياسة والتعليم
الوضع السياسي المتأزم بالمدينة، جعل العديد من المواطنين يفقدون الثقة في الكائنات السياسية، ويعتبرونها لا تمثل سوى نفسها، في الوقت الذي تخلت عن هموم المواطنين، وابتعدت عن المشاكل التي تؤرقهم بشكل يومي، فضلًا عن تقديم المسكنات والوعود التي وصفوها بـ "الكاذبة"، حيث أنّ كافة القطاعات الحيوية في المدينة أصابها الخلل، بفعل غياب المراقبة الفعلية للأجهزة المسؤولة، وتقاعسها في تحريك المساطر القانونية المعمول بها في هذا الإطار، ما جعل ملف البناء العشوائي على سبيل المثال يتحول إلى ملف "للمزايدة السياسية".
 
وأشارت مصادر مطلعة، إلى أنّ القائمين على أمور المدينة ينهجون سياسة الكيل بمكيالين، لدرجة أنه تم تحوير مطالب الساكنة، وإفراغها من محتواها، في الوقت الذي رفعت شعارات مطالبة بالحق في الشغل، والتعليم، والصحة، وخروج ما يناهز 15 ألف نسمة للشارع للمطالبة بحقها الدستوري، كون المدينة تعيش على وقع مجموعة من المشاكل التي من شانها أن تؤجج الأوضاع.

ومن بين المشاكل التي تؤرق المشهد المحلي، واقع التعليم الذي أصبح الشغل الشاغل للقوى الحية والمتتبعين للشأن العام، حيث تتوفر المدينة على 8 وحدات مدرسية تستوعب 3636 تلميذًا، يُشكل الذكور نسبة 47.74 في المائة، والإناث نسبة 52.25 في المائة، وتتوفر على 108 أقسام، في حين يكون توزيع المؤسسات غير متكافئ بين الأحياء، ما يدفع بتلاميذ العديد من الدواوير إلى التنقل لمسافات متفاوتة إلى مدارس توجد في الأحياء المجاورة، الأمر الذي جعل عدد المنقطعين عن الدراسة يتجاوز 2 في المائة من الأطفال.

وتوجد في الجماعة الحضرية، ثلاث اعداديات و ثانوية واحدة مكونة من 87 قسما، تستوعب 3813 تلميذا، يشكل الذكور نسبة 63 في المائة، والإناث 37 في المائة، وتضم الأقسام 44 تلميذا ، مما يدل على الاكتظاظ، في حين يلاحظ أن نسبة الانقطاع عن الدراسة تتجاوز نسبة 9.75 في المائة في التعليم الإعدادي، أما في التعليم الإعدادي و الثانوي ككل فالنسبة تبلغ 7 في المائة، و هذا ما يؤشر على الهدر المدرسي بما له من عواقب سلبية على مستقبل التلاميذ المعنيين.

وشهد الدخول المدرسي لعام 2015/2016، إقبالًا متزايدًا، ما جعل بعض المدارس في المدينة تعرف وقفات احتجاجية متتالية، نتيجة الاكتظاظ داخل الأقسام، والتي وصل بها العدد إلى ما يناهز 50 تلميذًا وتلميذة، الأمر الذي يرفع من نسبة المنقطعين عن الدراسة، أمام غياب مرافق تعليمية من شأنها أن تكون في المستوى المطلوب.

وبخصوص التعليم الثانوي، فإنّ ثانوية حسان بن ثابت الوحيدة التي تتوفر عليها المدينة تعاني من الاكتظاظ داخل الأقسام، وسوء التسيير للإدارة المعنية، ما يجعل العديد من آباء وأولياء التلاميذ يعبرون عن استيائهم العميق إلى "المغرب اليوم" لما وصفوه بـ "التسيير الأعوج" الذي قالوا عنه بأنه ينذر بكارثة في المستقبل، ويؤدي بمصير كل تلميذ وتلميذة إلى الشارع، أمام عدم الاكتراث لمطالب الساكنة من قبل المسؤولين على مستوى الإقليم.

وضع صحي متدهور
"هاد السبيطار داير بحال شي خربة مهجورة لوكان كان فحالي كاع مانجيلو"، تكررت هذه العبارة على لسان العديد من الوافدين على المركز الصحي في "زايو"، في الوقت الذي يعيش على وقع مجموعة من المشاكل التي أدت إلى تأزيم الأوضاع، حيث يفتقر إلى التجهيزات الضرورية كـ "قسم الولادة، وسيارة الإسعاف، وجناح للمستعجلات، وغياب نظام المداومة الطبية، والنقص في الأدوية"، بفعل غياب المراقبة الفعلية للوزارة الوصية، في حين تتخوف الساكنة من تنصل وزارة "الصحة" من وعودها إلى إنجاز مستشفى محلي متعدد الاختصاصات في المدينة في أفق عام 2013 .

وبينّت مصادر "المغرب اليوم" أنّ الطريقة التي يتعامل بها مسؤولو المركز الصحي مع المرضى، والقاصدين لهذا المستوصف تتسم بالانتقائية، والزبونية، وغض الطرف عن الجهة التي يتدخل لها السياسيون لقضاء أغراضها، في حين يبقى المرضى البسطاء يعانون مرارة الانتظار في الطابور، حتى تتم المناداة عليهم من طرف "الشاوش"، الأمر الذي يزيد من حدة مرضهم.

ويقول أحد المرضى في تصريحه إلى "المغرب اليوم"، «جيت ندير الدوا ورجعت أمريض، واش ممن حقيش نداوا؟ ولا نجي لسبيطار، ولا معنديش الحق من الاستفادة الطبية، راه هادا حقي"، ويؤكد أنّ قلة الشيء هي التي دفعته للمجيء إلى المركز الصحي، ليستطرد قائلًا "أنا مواطن بسيط مفحاليش لوكان كان أفجهدي نمشي للمصحات الخاصة كاع مانجي نهز الجميل نتاع هاد الطبة، والسبيطار داير فحال شي خربة مهجورة".

ويتوافد على المركز الصحي يوميًا أزيد من مائة شخص ينحدرون من مدينة زايو، وجماعة أولاد ستوت، وجماعة حاسي بركان، وجماعة أولاد داود الزخانين، وباقي المناطق المجاورة، في حين يتوفر المستوصف على طبيب واحد، وطبيبة واحدة، وبعض الممرضين والممرضات.

ويرى متتبعون للشأن المحلي، أنّ المركز الصحي يفتقر إلى أطر طبية ذات خبرة عالية في مجال الطب، من شأنها أن تُساهم في استتباب الوضع الصحي الذي تشتكي منه الساكنة، حيث تحوّلت هذه المشكلة إلى محطة نقاش عارم لدى مختلف الطبقات الشعبية بغرض إيجاد حل لهذه المعضلة، أمام عجز المجلس البلدي، وبعيدا عما طبل له المسؤولون في الحملات الانتخابية.

فوضى وتسيب
من فوق جبال "سيدي عثمان" الصامدة، تبدو مدينة "زايو" على شاكلة مداشر متفرقة، وواد "شرويط" يقسمها إلى نصفين، تتراءى المشاهد، وترتسم لكل زائر غريب للمدينة صورة تعكس الوضع الذي تتواجد عليه، بيوت هنا وهناك، على جنبات الأودية داخل، منتشرة كالفطر في كل مكان وبشكل عشوائي.

الكل يتساءل، كيف تحولت مدينة زايو إلى مرتع خصب للبناء العشوائي أمام الحديث الرائج عن متابعة المسؤولين عن الشأن المحلي أمام القضاء؟ لصيانة ما أسمته المعارضة في المجلس البلدي، حقوق المواطنين والمواطنات، وإثبات النية المعلنة للدولة للقطع مع الفساد والمفسدين.

النسيج العمراني في المدينة يتميز بعدم التوازن من حيث التجهيزات الأساسية التي تعرف نقصًا ملحوظًا في بعض أحياء المدينة، إن لم نقل المدينة بأكملها، حيث نتجت هذه الوضعية عن انفجار العمران العشوائي الذي لم يخضع للمقاييس القانونية باستثناء بعض الأحياء التي أنجزت أخيرًا، في حين تبقى معها العديد من الأحياء المهمشة تفتقر للماء الصالح للشرب والكهرباء والواد الحار، إلى حين إنهاء المتصارعين جولتهم الأولى من (الصراع المفتعل)، ودخولهم الجولة الثانية التي ستعلن قبيل الانتخابات المقبلة.

عبر جولة صغيرة داخل أحياء مدينة زايو، يتضح أنّ المدينة قد طواها النسيان وكسرها الخمول، في الوقت الذي تعج بالمئات من الباعة المتجولين الذين إحتلوا كل شيء، حتى أبواب المساجد، أمّا في ما يخص الملك العام فحدث ولا حرج، أمام صمت المسؤولين، وغضهم الطرف عن الظواهر التي من شأنها أن تشعل الفتيل.

أسواق مفتوحة في شوارع المدينة
على مستوى شارع أثينا، القلب النابض، ينتشر المئات من الباعة المتجولين، الذين استوطنوا مختلف الأماكن المحيطة في المركب التجاري، وحولوها إلى أملاك خاصة بهم دون أي ترخيص من السلطات المحلية، ولا مصالح المجلس البلدي، حيث يجثم المئات منهم فوق الأرصفة والشوارع ويزاحمون أصحاب المحلات التجارية "المنظمة"، حيث تتوالى مشاهد الفوضى والتسيب، خارج رقعة المتاجر القارة، من عربات يدوية، وطاولات، وصناديق خشبية، ومنشورات من البلاستيك تؤثث الشارع يوميًا، تعرض أنواعًا شتى من السلع، وخلفها يقف شباب تتعالى صيحاتهم المبحوحة لإثارة اهتمام المارة لأهمية ما يعرضون من بضائع وسلع مختلفة.

مختلف شوارع مدينة زايو تحولت إلى أسواق تكدست فيها البضائع والسلع، فأين ما تولي الوجه تُشاهد الباعة المتجولين قد اكتسحوا جميع الأمكنة والشوارع ولم يتركوا أي مكان إلا واستغلوه لعرض بضاعتهم، والتي تكون غالبًا خضرًا وفواكه، ومواد غذائية وألبسة مهربة. 

الواقع المعيش، الذي تعرفه المدينة، يبقى رهين صراعات مفتعلة مصدرها عدم التوافق على "الكعكة"، في حين تبقى الساكنة تترقب بشكل يومي بزوغ فجر الأمل والتغيير، أمام عدم الاكتراث لمطالبها، واستيعاب الهتافات الغاضبة التي أظهرتها في الاحتجاجات السابقة بصوت عال جدًا، وهي تقول "الشعب يريد إسقاط الفساد"، وتبقى معها الأسئلة المطروحة إيقاظًا للذاكرة. 

 

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات زايو حظيرة الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات



GMT 18:42 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib