باحث مغربي يضع إسبانيا الليبرالية والوطنية تحت مجهر التحليل التاريخي
آخر تحديث GMT 03:58:49
المغرب اليوم -

باحث مغربي يضع "إسبانيا الليبرالية والوطنية" تحت مجهر التحليل التاريخي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - باحث مغربي يضع

الرباط - المغرب اليوم

شكلت الفترة الفاصلة بين سنتي 1875 و1975 مرحلة تاريخية لقراءة نقدية للمشاكل الكبرى للجارة الإيبيرية، إذ وضعها الباحث المغربي عبد الرحيم برادة، المتخصص في علم التاريخ بكلية الآداب بمراكش، تحت مجهر منهج التحليل التاريخي، في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان “إسبانيا الليبرالية والوطنية”.

أعد الباحث برادة هذا الكتاب ذا 442 صفحة، والذي يتكون من تقديم، ومقدمة، وثلاثة فصول، والخاتمة، معتمدا على أزيد من 450 مرجعا ودراسة ومقالا، واختار القراءة النقدية والتعليق على الأحداث بدل عمليات السرد والمناهج التقليدية المتجاوزة، كمنهج للتحليل والبحث.

وتحمل فصول هذا الإصدار مغامرة علمية تجاوزت المرحلة الإسلامية، في تاريخ شبه الجزيرة الإيبيرية، ما فرض الرجوع إلى كثير من الدراسات والأبحاث المنهجية التي تعرف بالبحث التاريخي الإسباني في مراحل مختلفة، رغم نتائجها المتباينة بشكل كبير، بسبب القناعات والاعتبارات الإيديولوجية والقومية وغيرها.

وكشف تناول هذه الحقبة من تاريخ إسبانيا عن ظهور تقسيم ترابي جديد هو الأقاليم المستقلة سنة 1978، جعل البحث التاريخي الإسباني ينصب في غالبيته على الاهتمام بالذاكرة المحلية والوطنية. واستنتج الباحث أن ذلك قد يرجع إلى النخب التقليدية والأحزاب التاريخية والجديدة، مثل حزب “بوديموس اليساري” الذي مازال يعتقد في أسطورة: “أن البلاد في انحطاط مستمر” ويطالب بالقطيعة مع الماضي، أو حزب “فوكس اليميني” الذي انشغل بقضايا الذاكرة الوطنية ومشاكلها، وكأن البلاد تحن إلى أمجادها التاريخية.

ومن خلال هذه الدراسة وقف الباحث على مشكل منهجي يفرض نفسه على مستوى البحث التاريخي، يتطلب تعاملا موضوعيا، لأن هذه الفترة تميزت بصراع النخب القديمة والجديدة، بخصوص تعويض ضحايا النظام الفرانكوي وإزالة رموز الفرانكوية، كالتماثيل والنصب التذكارية من الشوارع والساحات العمومية. لكن البحث لم يتوقف عند ذلك، بل ذهب بعيدا في عدة اتجاهات، ما استوجب إبداء ملاحظات من قبيل أن التاريخ الإسباني مليء بالأساطير في غياب التوثيق التاريخي.

وبتسليط الضوء على هذه المرحلة القديمة والوسيطة التي كان الباحث مضطرا للرجوع إليها لاستقصاء الهوية الإسبانية الوطنية وتكوينها، يستنتج أن الأساطير ليست دائما سلبية، إذ قد تؤدي أدوارا تاريخية مهمة، أحيانا وفي سياق معين، لأنها ترتبط بملاحم كبيرة وبصناعة الأبطال التاريخيين؛ لذلك نجد في قسم كبير من هذه المراجع والدراسات الحديثة الكثير من الأحكام الجاهزة والقراءات والتأويلات المتعددة والمبطنة من طرف الباحثين الإسبان وغيرهم، بسبب الصدمات الكثيرة التي مر منها التاريخ الإسباني الحديث والمعاصر.

ووقفت الدراسة نفسها على وظيفة هذه الأساطير كوسيلة للإدماج الاجتماعي لبناء الهوية الجماعية الكبرى، وأن من الصعب تصور بناء جماعي على أسطورة سلبية، مستنتجة أن “هذه الأساطير تعوزها الوثائق التاريخية التي تؤكدها”، باستثناء روايات الكنسية، ضاربة المثل برواية مجيء الحواري “سانت ياقب” الذي اعتبره البعض أخا بل وتوأما للمسيح عيسى عليه السلام، إلى شمال إسبانيا، وهو الذي يعتبره الكثيرون من وراء إدخال المسيحية إلى شبه الجزيرة الإيبيرية التي كانت عاملا في إبراز هويتها الجماعية، وأسطورة المقاوم “بلايو” الذي يعتبره البعض أب الأمة لأنه قاوم الفتح الإسلامي بزعامة الأمير الخافقي.

وأوضح برادة أن غاية الأسطورة هي إعادة تأسيس المملكة القوطية التي شكك فيها بعض الباحثين أمثال “ألفاريث خونكو” في كتابه الشهير: “إبداع إسبانيا”، وقد أقر في كتاباته التاريخية الكثيرة أن المركزية لم تعرفها إسبانيا إلا في القرن 18، بتأثير من الفكر التنويري، كما أن إسبانيا كوحدة سياسية لم تظهر إلا في القرن التالي، بسبب الإسلام الذي هدم الوحدة الوطنية الإسبانية، حسب بعض الباحثين والكتاب الإسبان، مشيرا إلى أن التعايش بين هذا الدين والمسيحية أسطورة أخرى.

ورغم محاولات دمج الوحدات السياسية التي تسمى المماليك تجاوزا في نظام ملكي تقليدي في القرن 17، وآخر “بوربوني” في القرن 18 ينشد المركزية، إلا أن المشاريع الفيدرالية التي أعطيت لتلك المماليك في نهاية القرن 19 و20 كانت صلاحياتها محدودة، لذلك طالبت بالانفصال، وفق الباحث، الذي أكد أن التاريخ الإسباني سجال بين المؤرخين المحليين والأجانب الذين أبدعوا بعض الأساطير السلبية، مثل أسطورة “القراءة السوداء”، التي يعتبرها الباحثون الإسبان مؤامرة خارجية وعداء ضد إسبانيا العاجزة عن مسايرة التاريخ والحضارة الأوروبية بسبب المشاكل البنيوية والعقلية وغيرها.

وفي هذا العمل اعتبر الباحث هذه الأسطورة سخافة لا تستحق الرد ومضيعة للوقت، فهناك أسطورة أخرى رددها الإسبان وغيرهم، وإن كانت قريبة إلى الواقع التاريخي، وهي أسطورة “إسبانيا السوداء” أو المحافظة في مواجهة “إسبانيا الحمراء” التي تتوق إلى التغيير، حتى انجلى الأمر عن حرب أهلية مدمرة بين الإسبانيتين ابتداء من سنة 1936، وإن كان البعض يرى أن أسبابها خارجية أكثر مما هي داخلية.

يذكر أن هذا البحث تميز بتوظيف الهوامش بشكل مكثف من أجل المزيد من الشروح والتعاليق والحواشي وغيرها، بالإضافة إلى الإحالات المرجعية لمن أراد المزيد من التوسع في معرفة معلومات أكثر عن الصورة النمطية التي أعطيت للإنسان الإسباني أو ما يعرف بـ”هسبومانيا”.

قد يهمك ايضاً :

أجواء وصول عاملات الفراولة من إسبانيا إلى طنجة

فتح حدود المغرب البحرية مع إسبانيا بشكل استثنائي

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باحث مغربي يضع إسبانيا الليبرالية والوطنية تحت مجهر التحليل التاريخي باحث مغربي يضع إسبانيا الليبرالية والوطنية تحت مجهر التحليل التاريخي



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib