باحثة في الدراسات القرآنية تكشف الخطاب الفقهي يخلط بين زواج الصغيرة والقاصر
آخر تحديث GMT 02:51:19
المغرب اليوم -

باحثة في الدراسات القرآنية تكشف الخطاب الفقهي يخلط بين "زواج الصغيرة" والقاصر

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - باحثة في الدراسات القرآنية تكشف الخطاب الفقهي يخلط بين

القرآن الكريم
الرباط - كمال العلمي

باعتبار ما للزواج من “وظائف عمرانية تتطلب الإعداد الكافي داخل المحضن الأسري”، و”ما صار عليه الحال من تعقيد”، خلصت أطروحة للدكتوراه إلى أن “الأهلية المطلوبة للزواج لا بد أن تستبصر بوظيفة الزوجين في إعداد الإنسان الحامل لقيم الأمانة والشهود، ولإقامة الصرح الأسري وتشييد بنائه على نحو واع، يسند العمران ويقويه؛ فهذه الغاية العمرانية تستدعي رعاية خاصة، وتأهيلا راشدا، يباشره الأبوان بعلم ووعي، ولا يمكن أن تكون الزوجة شاردة عن متطلبات الوقت، ولا أن ينظر في أهليتها للزوجية بمجرد مُؤَهِّل الإطاقة والقدرة على تحمل الجماع”.

أطروحة مونية الطراز، الباحثة في الدراسات القرآنية وقضايا المرأة والأسرة والقيم، التي حصلت بها على شهادة الدكتوراه من جامعة القاضي عياض بمراكش، سجلت أن القاصر “لا تكون في الغالب قادرة على تحقيق المقاصد المطلوبة”، وذكرت أن “سن الأهلية للزواج محدد متغير، تحكمه تقلبات الأحوال والظروف، وتعقيدات الحياة؛ وكانت هذه الخصوصية فيه ذريعة سابقة للاختلاف حول مشروعية زواج الصغيرة، وهي اليوم ذريعة تسمح بالاختلاف حول زواج القاصر، اعتبارا لاختلاف ظروف العصر ومتطلبات الحاضر، واعتبارا لما يتطلبه الزواج من استعداد لم يكن مراعا عند السابقين”.

وتابعت شارحة: “لقد ظهر لي وأنا أبحث في هذا الموضوعِ، في خضم النقاشات الاجتماعية والحقوقية الملتهبة، أن الخطاب الفقهي المعاصر يبدو مرتبكا في عرضه لموضوع مستجد بخلفية ثقافية مغايرة، حتى إن بعض الفقهاء والباحثين تشبثوا بنقل آراء السابقين الذين لم يروا بأسا في تزويج الصغيرة التي لم تبلغ ما دامت مطيقة، وبعضهم قال في الموضوع أقوالا مختلفة لم تخفَ فيها تأثيرات الواقع ومعطياتُه، وكنت أرى أن تقلب القول الفقهي في الموضوع حتى حين يستند إلى التعليل المصلحي لا ينبعث في الغالب على وعي دقيق بعمق مشكلاته اللفظية والفقهية وتوظيفاته المقاصدية”.

“ارتباك النظر الفقهي في موضوع زواج القاصرات” هذا ليس “خصوصية مغربية حادثة”، وفق الباحثة؛ فـ”المغرب تعرض لهذا الموضوع قبل أكثر من قرن، في سياقات فقهية محدودة ارتبطت بنوازل معدودة، في حين إن المشارقة خاضوا فيه منذ أواخر القرن التاسع عشر تشريعا وتأصيلا، إلا أن أغلب ما قدمه الفقهاء، منذ ذلك الوقت، لم يخرج عن حدود النقاش الفقهي القديم حول زواج الصغيرة، دون أن يَتوسع في مفهوم القصور الذي يُقصد في الخطاب المعاصر الوافد ويراد به عدم بلوغ سن الرشد”.

وشددت مونية الطراز على أنه “لا يمكن، بحال، أن يقاس العصر الحاضر على ما مضى من عصور الناس وحاجاتهم”، مبرزة في خلاصاتها أضرار زواج القاصرات على “الأفراد، والجماعات، وعموم الأمة”.وذكرت الباحثة ذاتها أن انشغالها بالموضوع قد بدأ سنة 2013، “في سياقات مشحونة، أعقبت حادثة انتحار شابة يافعة قيل إن أهلها زوجوها كَرها من مغتصبها، فكانت هذه الحادثة فتيل نقاش قانوني وشرعي حاد شهده المغرب على مدى سنوات”، وأضافت: “وحيث إن الموضوع كان يتعلق بمدونة الأحوال الشخصية (التي تقوم أساسا على مقررات الشريعة الإسلامية وأصولها)، فقد أُجبر الفقهاء وأهل الفكر والنظر من الباحثين في علوم الشريعة على الانخراط في هذه النقاشات (…) وفي هذا السياق كلفني، يومئذ، فضيلة الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ببحث هذا الموضوع من أجل توطين القول فيه بما يناسب مقاصد الشريعة (…) وأنا له ممتنة اليوم أن فتح لي أول فرصة للبحث في هذا الموضوع الشائك والانخراط في عبابه ولججه، قبل أن تتاح لي هذه الفرصة (الثانية) للتعمق أكثر في الموضوع ضمن (…) وحدة “مدارك الاجتهاد في المستجدات المعاصرةِ””.

وهكذا، جاء هذا البحث متتبعا “مسالكَ النظر الاجتهادي في مسمى زواج القاصر وليس زواج الصغيرة”، مع التطرق للظروف المعاصرة التي دفعت الفقهاء إلى تجديد النظر في سن الأهلية للزواج، حتى لا يبقى محصورا في مجرد البلوغ، بغرض “التنبيه على حقيقة الظروف المستجدة وإكراهاتها”، والوصول إلى “تدقيق الدلالة الحديثة للمركب الاصطلاحي «زواج القاصر» والكشف عن الأصول التي نقل منها في متون الفكر الغربي”، إلى جانب نظم شتات آراء الموضوع المتعددة “في قالب مقاصدي يجمع بين المقاصد الخاصة للزواج ومقاصده العامة، ويربط بين الحاجات الفطرية والحاجات العمرانية، ويَصِل مصالح الأفراد بمصالح الأمة”.

وأوضحت خلاصات الأطروحة المناقشة أن “جهود الفقهاء المعاصرين في بناء هذا الموضوع، ومعهم باقي المتدخلين المنتسبين للشريعة وعلومها خلال قرن ونصف القرن، لم تكن في حقيقة أمرها إلا محاولات للتوافق حول ماهيته، بعد أن وقع ما وقع من تأثيرات الفكر الوافد على الثقافة الإسلامية الأصيلة”. كما سجلت أن “أغلب الآراء الفقهية ومستنداتِها الشرعية كانت تدور حول رحى النصوص ذات الصلة بالبلوغ وعدمه، ولم تلتفت، في عمومها، إلى الاختلاف الواضح بين مفهومين يختلفان في مقصودهما، وفي السياقات التاريخية لتشكلهما الدلالي.

بالتالي، سعى هذا البحث إلى “تمييز ألفاظ الفقهاء ذات الصلة بالموضوع عن غيرها من الألفاظ الوافدة التي أسيء إدراجها في الثقافة الإسلامية”؛ فعرض “لجملة من المفاهيم الدالة على القصور ونقيضه في الفقه الإسلامي، كالصغر، والكبر، والبلوغ، وعدم البلوغ، والنضج، والرشد، وغيرها من المفاهيم والمصطلحات التي يستقل كل واحد منها بمجال مختلف عن غيره”.

ومن خلال النبش في مصطلحات الفقهاء، ظهر للباحثة أن “الألفاظ الفقهية الدالة على القصور، حين تختلف في دلالاتها ومقاصدها، وفي سياقات ورودها، ينظمها على الدوام ناظم متحرك هو مفهوم الأهلية، ويعني في الاصطلاح الفقهي الصلاحية لوجوب الحقوق المشروعة للإنسان بمحددات وشروط مخصوصة، وتقابله عبارة نقصان الأهلية التي تعني انتفاء شروط الصلاحية وعدم استجماعها في المكلفين”.

وسجل البحث أن “القاصر لا تكون في الغالب قادرة على تحقيق المقاصد المطلوبة، وأن سن الأهلية للزواج محدد متغير، تحكمه تقلبات الأحوال والظروف، وتعقيدات الحياة؛ وكانت هذه الخصوصية فيه، ذريعة سابقة للاختلاف حول مشروعية زواج الصغيرة، وهي اليوم ذريعة تسمح بالاختلاف حول زواج القاصر، اعتبارا لاختلاف ظروف العصر ومتطلبات الحاضر، واعتبارا لما يتطلبه الزواج من استعداد لم يكن مرعيا عند السابقين”.

ودعت الأطروحة إلى الانتباه إلى أن “الأهلية المطلوبة للزواج لا بد أن تستبصر بوظيفة الزوجين في إعداد الإنسان الحامل لقيم الأمانة والشهود، ولإقامة الصرح الأسري وتشييد بنائه على نحو واع، يُسند العمران ويقويه”؛ ثم استرسلت شارحة: “هذه الغاية العمرانية تستدعي رعاية خاصة، وتأهيلا راشدا، يباشره الأبوان بعلم ووعي، ولا يمكن أن تكون الزوجة شاردة عن متطلبات الوقت، ولا أن ينظر في أهليتها للزوجية بمجرد مُؤَهِّل الإطاقة والقدرة على تحمل الجماع. وإن كانت ظروف الزمن الحاضر لا تتوافق مع ظروف الأزمنة السابقة، فإن النظر في مفهوم الأهلية واجب؛ بالنظر إلى أهمية المؤسسة الزوجية في البناء الحضاري والعمراني للأمة. وهذه المسؤولية العمرانية لا يتمايز في تحملها الجنسان”.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الوزارة تطلب امتحانات عن بعد بالجامعات المغربية

جامعة القاضي عياض تستعد لتنزيل نظام البكالوريوس في مراكش

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باحثة في الدراسات القرآنية تكشف الخطاب الفقهي يخلط بين زواج الصغيرة والقاصر باحثة في الدراسات القرآنية تكشف الخطاب الفقهي يخلط بين زواج الصغيرة والقاصر



أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:05 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
المغرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
المغرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 12:05 2023 الخميس ,20 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 20 أبريل/ نيسان 2023

GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 21:30 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات كبيرة في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 11:15 2023 الأحد ,02 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام

GMT 15:40 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الإعلامية المغربية مريم العوفير تطل على القناة الأولى

GMT 09:54 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أفريقيا تلهم إيلي صعب ELIE SAAB تصاميم أنيقة

GMT 19:46 2022 الأحد ,28 آب / أغسطس

ديكورات مميّزة للكوشة في حفلات الزفاف

GMT 20:29 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

"أرض الإله" في المرتبة الثانية لمبيعات "ديوان"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib