حميد زناز يؤكد أن وباء فيروسكورونا يعرّي فقهاء الدين
آخر تحديث GMT 01:42:10
المغرب اليوم -

أوضح أن الأنظمة المغاربية تدعم السلفية

حميد زناز يؤكد أن وباء فيروس"كورونا" يعرّي فقهاء الدين

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - حميد زناز يؤكد أن وباء فيروس

حميد زناز، باحث جزائري مهتمّ بقضايا الفلسفة والإسلام السياسي
الجزائر - المغرب اليوم

قال حميد زناز، باحث جزائري مهتمّ بقضايا الفلسفة والإسلام السياسي، إن "المهاجرين أكثر تأثرا بالفكر الأصولي بسبب وجودهم كأقليات في مجتمعات حديثة متفتحة وعلمانية، وهو ما يجعلهم يخافون من الذوبان في تلك المجتمعات، فيلجؤون إلى التدين المبالغ فيه بدفع من الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات الناشرة للتعصب والكره".وأضاف زناز، الذي قدّم بحثًا حول "التفردن" في فلسفة سيوران بجامعة نانسي الفرنسية، أن بلدان المنطقة المغاربية "لا تستطيع تطبيق الشريعة كاملة ولا رفضها كاملة، فهي بلدان شبه إسلامية وشبه حديثة، وهو الاختلال الذي يولد الأزمات الاجتماعية والسياسية والنفسية".

لم تتغير ردود فعل المجتمعات الإسلامية بشأن مضاعفات الأوبئة إلى حدود الزمن الراهن، حيث ساد التفكير الأسطوري والتفسير المستغرق في الفكر الغيبي. كيف يمكن فهم المتخيل الشعبي الذي يستسلم في فهْم تمفصلات الكوارث الطبيعية والأوبئة؟

يعود الأمر إلى غياب نخبة فكرية حقيقية جريئة تطالب بقطيعة نهائية وحاسمة مع الموروث الغيبي الإسلامي، ووجود نخبة سياسية تستغل هذا التراث الغيبي لتزييف وعي الناس من أجل التحكم فيهم، والبقاء في الحكم باسم هذا التراث والانتماء الوهمي إليه.لقد عملت حكومات الاستقلال في شمال إفريقيا على استيراد هوية لا علاقة لها بهوية شمال إفريقيا سوى في صدامها معها واستعمارها. وباسم هذه الحضارة العربية الإسلامية تم تشويه الهويات المحلية واستبدالها بهوية مستوردة مرتكزة على تراث خرافي في غالبيته لا علاقة له مع العصر وإشكالياته، ما شجع التفكير الغيبي والاتكالية والإيمان بالمعجزات وغيرها، وشكل ذلك طبعا عائقا كبيرا أمام انتشار التفكير العلمي النقدي.

والأدهى من ذلك أن هذا الخراب يُدرس في المدارس الحكومية من الابتدائي إلى الجامعي، وتدعمه آلاف المساجد والزوايا وعشرات الجرائد والقنوات والدعاة والأحزاب الدينية الإسلامية. في حقيقة الأمر، لم تفعل سلطات الاستقلال ما يجب ليكون العلم سابقا على الدين، الجامعة على المسجد، المفكر على الإمام. ومن الطبيعي أن تنتشر الخرافات والتفكير الغيبي والتفسير اللاعقلاني للمرض والكوارث الطبيعية. لن أتردد في القول إن هناك سياسة تجهيل ممنهجة تهدف إلى تأبيد الفكر الخرافي الديني في بلداننا بمباركة بعض أشباه المثقفين المتشبثين بهوية معتلة مستوردة. ومن البديهي جدا أن ضعف التعليم العلمي الجاد هو الذي جعل التفكير الغيبي يتغوّل.

استغلت مجموعة من التيارات السلفية "أزمة كورونا" قصد تكريس النظرة الخرافية تجاه الوباء، مستندة في تبرير أقاويلها إلى الجانب التديّني الفولكلوري لدى شعوب المنطقة. بماذا يُمكن تفسير الردود المتوترة من لدن فقهاء الدين كلّما أُخْضِعت هذه المواضيع للنقاش العام؟

هذا الوباء عرّى هؤلاء الفقهاء وأظهر ترّهاتهم وضرب عرض الحائط بكل أكاذيبهم، حيث أظهر أن العلم وحده هو الذي يجب أن نعول عليه وما الدعاء سوى سلوك من مخلفات عصر ما قبل العلم لا يفيد في شيء. في نهاية المطاف، اعتمد المصابون على المراكز الاستشفائية وآلات التنفس الاصطناعي، وليس على خزعبلات الفقهاء.يبدو أن السلفية قد ضربها هذا الفيروس في مقتل، فضح ألاعيبها كما فضح دعاة الإعجاز العلمي. يكفي متابعة ما يحكى عنهم من نكت على مواقع التواصل الاجتماعي لنعرف أن قطاعات لا بأس بها من الشباب في بلداننا قد انتبهت إلى خداعهم المتواصل منذ عشريات.

بالعودة إلى مجال اشتغالك الفلسفي، تحدثت في إحدى مقالاتك عمّا أسميته بـ "الشريعة الناعمة" الرامية إلى عزل الجاليات المغاربية في الغرب بشتى الوسائل. لماذا يبقى التراكم الثقافي والعرفي والديني مترسّبا لدى جلّ المسلمين المقيمين في الدول الأوروبية القريبة من شمال إفريقيا ولا سيما فرنسا؟

قبل صعود حركات الإسلام السياسي في الغرب المدعم من طرف الحكومات العربية، كان المهاجرون يعيشون في سلام مع المجتمعات المضيفة. عمل الإسلاميون، وعلى رأسهم الإخوان، كل ما في وسعهم لإحداث شرخ بين المسلمين والمجتمع الفرنسي على سبيل المثال، من خلال محاولة عزلهم بشتى الوسائل.وقد ساعد الإسلاميون في مشروعهم جهتان؛ أولهما بعض الأحزاب اليسارية الفرنسية بغية الاستحواذ على أصوات المسلمين في معاركهم الانتخابية، وثانيهما السلطات في بلدان شمال إفريقيا بغية السيطرة على جالياتها في المهجر وتأبيد ارتباطها بالبلد الأم.

وبما أنها لا تستطيع تقديم أي شيء، قدمت لهم الدين؛ فالحكومات الجزائرية مثلا هي التي تكلفت ماليا لعشرات السنين بمسجد باريس، وهي التي ترسل كل عام الأئمة لإقامة التراويح في فرنسا، فكأن من مهام الدولة تسيير معتقدات مواطنيها وتمويلها. كل هذا شكل أرضية مثالية للحركات الإسلامية؛ إذ وجدت الجو مناسبا، فاستولت على جل المساجد الممولة من طرف بلدان الخليج.

ونحن الآن أمام ظاهرة ما يسمى في الأدبيات السياسية الفرنسية بـ"الأقاليم الضائعة من الجمهورية الفرنسية"، ويُقصد بها الأحياء المؤسلمة في ضواحي المدن الفرنسية الكبرى التي باتت تشكل مجتمعا موازيا تطبق فيه شريعة تبدو ناعمة في الظاهر لكنها تدخل فيما يسميه الإخوان المسلمون بـ"التمكين"؛ أي الوصول إلى تطبيق الشريعة الحقيقية تدريجيا، مثل السماح بغطاء على الرأس بالنسبة للفتيات، ثم الحجاب، وصولا إلى فرض النقاب.

المهاجرون أكثر تأثرا بالفكر الأصولي بسبب وجودهم كأقليات في مجتمعات حديثة متفتحة وعلمانية، وهو ما يجعلهم يخافون من الذوبان في تلك المجتمعات، فيلجؤون إلى التدين المبالغ فيه بدفع من الإخوان المسلمين، وغيرهم من الحركات الناشرة للتعصب والكره.تطرّقت إلى موضوع محوري يشغل بالَ المسؤولين في المنطقة المغاربية، يتعلق أساسا بزوجات مقاتلي "داعش" اللائي يأملن العودة إلى البلد الأم، حيث يتم تصويرهن على أساس أنهن لا يشكّلن أي خطر على المجتمع، مرجعين ذلك إلى بعض الكتابات التي تربط الحضور النسائي في التيارات الإرهابية بالإنجاب أو الزواج أو الهروب من مشكلات اجتماعية. ما منظورك لتفسير التحاق النساء بالتيارات الإرهابية؟

من وجهة نظر إسلامية/إسلاموية، المرأة دائما تابعة للرجل. وكما تعرف، جلّ النساء اللواتي التحقن بداعش في سوريا والعراق هن من البلدان الغربية؛ أي فرنسا وبلجيكا وهولندا وغيرها. وفي غالب الأحيان كنّ غير بالغات قبل التحاقهن، وتقريبا كلهن كن مخدوعات، تم اصطيادهن بطرق مختلفة، لكن لما وصلن إلى سوريا والعراق، تم توجيههن وتكوينهن.

كثيرات منهن أصبحن داعشيات بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لسن بريئات أبدا، ذلك أن تقارير كثيرة بينت أن بعضهن مارسن العنف، وكن مقتنعات تماما بما تفعل داعش من شرور. بالنسبة للجزائريات والتونسيات والمغربيات، لم يكن عددهن معتبرا في صفوف المنظمات الإرهابية.

أسهمت الأنظمة السياسية للمنطقة المغاربية في تمهيد الطريق لتغلغل التيارات السلفية والدينية داخل المجتمعات من أجل إضفاء الشرعية عليها، لكن هذه الاستراتيجية أعطت مفعولا عكسيا خلال العقدين الأخيرين، بعدما تكرّس الفكر المحافظ، وأحيانا المتشدد، لدى المواطنين. إلى أين تسير مجتمعات المنطقة في ظل انقلاب ميزان القوى لصالح الجماعات الدينية؟

كما أسلفت، دول الاستقلال هي التي عملت كل ما في وسعها لأسلمة المجتمع. في الجزائر نقول دائما إن "الفيس هو ابن الافلان". الأصولية بصفة عامة تدرس في المدارس، ويتعلم التلاميذ في مدارس الأنظمة أن الدولة الإسلامية هي الدولة المثلى إلخ، وتنص كل الدساتير على أن الإسلام هو دين الدولة.طبيعي جدا أن من تعلّم شيئا بأنه مثالي، سيعمل ويطالب بتطبيقه على أرض الواقع، فلا يختلف خطاب الأئمة في المساجد وخطاب الإرهابيين. الهدف واحد هو تطبيق شرع الله كما يقولون. المسألة هي أن هذه البلدان لا تستطيع تطبيق الشريعة كاملة ولا رفضها كاملة، هي بلدان شبه إسلامية وشبه حديثة، هذا هو الاختلال الذي يولد الأزمات الاجتماعية والسياسية والنفسية.

تُوجه لأنماط التدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الكثير من الانتقادات المتعلقة بطريقة فهم الحياة، بحيث يُعاب عليها أنها حبيسة عالمها الخاص دون الانفتاح على ما يجري خارج ذلك العالم من خلال إعادة فهمها للدين. ما الذي جعل الإسلام في المنطقة لم يستوعب حركة التاريخ؟

يجب أن يعترف سكان هذه المناطق ذات الأغلبية المسلمة أن المشكلة الأساسية تكمن في طبيعة الدين الإسلامي ذاته. هو دين تدخلي، يتدخل في شؤون الفرد من يوم مولده إلى يوم مماته، ويحاول تنظيم تفاصيل حياته، حتى الحميمية منها.لا يمكن أن ينفتح المسلم على العالم ودينه يضع حوله سياجا من الممنوعات. كيف يمكن استيعاب حركة التاريخ حينما تعتقد أنك تملك الحقيقة ولك كل الحلول لكل المشاكل في تراثك، بل حتى للمشاكل التي لم تطرح بعد؟ بكل صراحة، ليس من السهل، كي لا أقول إنه من المستحيل، تبين الفرق بين الإسلام والإسلاموية اليوم.

وقد يهمك ايضا:

أوجار ينتقد الإسلام السياسي ويَصِف "الفكر العربي الجديد" بالجهادي

سجل حافل لـ "الإخوان" في عمليات التصفية الجسدية لخصومها

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حميد زناز يؤكد أن وباء فيروسكورونا يعرّي فقهاء الدين حميد زناز يؤكد أن وباء فيروسكورونا يعرّي فقهاء الدين



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال

GMT 18:55 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أجدد صيحات الأحذية من أسبوع الموضة في ميلانو

GMT 22:19 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

مقاييس الأمطارالمسجلة خلال 24 ساعة في المغرب

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 03:55 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ليكسوس العرائش يفوز خارج ميدانه على الفتح الرياضي بـ (88-65)

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الرجاء الرياضي يمنح المدرب لسعد الشابي هدية بعد إقالته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib