ألف عام من المدرسة الوڭاڭية و أول مؤسسة تكوينية في البادية المغربية
آخر تحديث GMT 22:37:35
المغرب اليوم -

ألف عام من المدرسة الوڭاڭية و أول مؤسسة تكوينية في البادية المغربية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - ألف عام من المدرسة الوڭاڭية و أول مؤسسة تكوينية في البادية المغربية

المدرسة العِلمية
الرباط - المغرب اليوم

قصة صرح علمي مغربي يفوق عمره 1000 سنة، وكان له أثره في بناء الدولة المغربية في صيغتها المرابطية، وأثره في الغرب الإسلامي، يحكيها كتاب لـ جامع بنيدير، معنون بـ”المدرسة العِلمية الوَڭاڭية بأڭلو”، صادر عن منشورات مركز أڭلو للبحث والتوثيق.

ونظرا لأثر المدرسة منذ عهودها الأولى، يخلص الكتاب إلى أن “المنظور العام للمشهد الديني ما كان ليكون على ما هو عليه، ماضيا وحاضرا، أي أشعريا مالكيا، لولا وڭاڭ ورباطه ومدرسته، وذلك ليس في سوس والصحراء، منشأ الدولة المرابطية فحسب، ولكن في المغرب كله، وربما الغرب الإسلامي كله بما هو مجال نفوذ هذه الدولة”.

ولا يقتصر الباحث بنيدير على توثيق وتركيب تاريخ هذه المدرسة وحاضرها، وموقعها، ومراحلها، وأعلامها الأُوَل والمعاصرين، بل يتوقف أيضا عند ما تعانيه من تفريط في تاريخها وبناياتها وكنوزها الإنسانية والمخطوطة ورسالتها؛ كما يقدم جوانب من هوية مؤسسها الشيخ وڭاڭ، ومراحل حياته التعلمية وشيوخه، ومراحل عطائه، وملابسات تأسيس هذا الرباط المدرسة.

ويسجل الكتاب، من بين ما يسجله، أن المحطة الرئيسية في الرحلة العلمية للطالب وڭاڭ كانت القيروان، التي كان أبرز شيوخه بها أبو عمران الفاسي، الذي بعث إلى تلميذه بعدما أسس رباطه كتابا مع يحيى بن إبراهيم الـ ڭدالي، ملتمسا منه أن يبعث معه من تلامذته من يرجعون إليه في نوازلهم وقضايا دينهم ممن يثق بدينه وفقهه؛ فكان عبد الله بن ياسين هو هذا التلميذ، “وكان من ذلك لاحقا ما كان من تأسيس إحدى كبريات الدول التي عرفها تاريخ الغرب الإسلامي.”

ويصف المؤلف رباط وڭاڭ بأنه “مركز تربوي، أو مؤسسة تكوينية ذات وظائف تشمل إلى جانب التعليم والتلقين، مهام الإرشاد والتوجيه الدينيين، وكذا المرابطة والجهاد الفكري، مع ما يقترن بذلك من ممارسات تعبدية وأنماط سلوك صوفية”.

كما ينبه الكتاب إلى أن هذا الفضاء كان “أول مؤسسة تربوية وتكوينية هادفة، ليس في بادية سوس فحسب، ولكن في بادية المغرب كلها”، ويورد نصوصا تاريخية تصف مهامها الأساسية بـ”التعبد والتدريس والدعوة إلى الخير”.

لكن، رغم تاريخ هذا الفضاء لا يعرف الباحثون شيئا عن الكتب والمؤلفات التي كانت معتمَدة في التلقين، باستثناء المصادر المرجعية، من قرآن وكتب حديث ومصادر المذهب المالكي في الشريعة، والأشعري في العقيدة.

وإذا كان الإشعاع العلمي للرباط قويا في مرحلته الأولى، ووصل سطوعه إلى القيروان بتونس “في زمن كان التواصل بطيئا جدا”، إلا أنه في مرحلة لاحقة ساد صمت المصادر حول المدرسة منذ أواسط القرن الخامس الهجري، ثم جاءت مرحلة ثالثة في أواسط القرن الحادي عشر الهجري، حيث “عاد اسم المدرسة، وكذا اسم البلدة في ارتباط بها، إلى التردد، معلنا عن استمرار حضورها أو عن عودتها إلى الحضور”.وحول خزانة كتب المدرسة، رجح الباحث أن “هذه المؤسسة رغم عراقتها لم تكن تحتضن خزانة لإيواء وحفظ ما يحبّس عليها من كتب مخطوطة كانت أم مطبوعة”، ثم يسترسل: “وهي مازالت كذلك إذا تمعنا في واقعها اليوم، وترتد الأسباب التي تضافرت على ذلك في تقديرنا إلى الذين توالوا من آل القرية على تدبير الشؤون التنظيمية العامة للمدرسة، فهم في الغالب من عوام القوم كما تفيد ذلك عقود الشيخ وڭاڭ (…) ويفتقرون بذلك إلى ثقافة التعامل مع الكتاب وإلى الوعي بقيمته وأهميته، فكان من ذلك ضياع الكثير من كتب المدرسة في تنقلاتها من بيت هذا المؤتمن عليها إلى بيت ذاك، ومن يد الفقيه السابق إلى يد اللاحق”.

كما ذكر الباحث في موقع آخر من الكتاب أن “الجهل بالأحرى هو الذي ينتج التفريط، وذلك في ما يبدو هو حال معظم من توالى على مدرسة أڭلو ممن له صلة بتدبير مختلف شؤونها من أئمة ومقدمين ومتعلمي البلدة وأعيانها”، وزاد: “يمكن أن نضيف، دونما قصد الإساءة إلى أي من هؤلاء، أن هذا التفريط مازال ماثلا هنا أيضا إلى اليوم”.

ومن بين ما ينتقده الكتاب التدخل الثاني سنة 1983 لتوسيع قاعة الصلاة، حين “امتدت الفؤوس إلى مآثر تاريخية مفعمة بالدلالات، منها صومعة المسجد المأسوف عليها، فمحتها من الواقع إلى الأبد؛ فكأن الفؤوس، بما هي فؤوس، هي وحدها التي تتصرف، وليس وراءها أدمغة آدمية مفكرة”.

لكن هذه الإصلاحات، بجيدها وسيئها، لم تكن الوحيدة التي تسببت في “اندثار الملامح”، بل سبق للمختار السوسي في “خلال جزولة” أن كتب: “ليت شعري أين مكان الرابطة التي بناها الشيخ وڭاڭ هنا؟ ثم سألت: هل بقي مكان ينسب إلى الشيخ؟ (…) وهكذا ذهب الشيخ وڭاڭ، وذهبت كل آثاره، وكلما سألت عن أي أثر من آثاره لا أجاب إلا بالنفي”.

ورغم هذه الإشارات، لا يفتأ الكتاب يوثقُ تاريخ هذه المعلمة ونفَسها وامتداد أثرها، ومن بين ما يورده دليلا على إشعاع ماض، وعلى تجدد التاريخ وإشاراته، رسالة تعود إلى سنة 1914، وقعها التهامي بن أحمد بن أبي بكر، الذي كان من شيوخ الطريقة الصوفية الناصرية بمراكش، ووجهها إلى أحد علماء المدرسة محمد بن محمد بن أحمد من آل احساين.

وتقول الرسالة من بين ما تقوله: “(…) ثم ننهي لعلمكم أننا كنا كتبنا لأخينا سيدي عبد السلام وهو إذ ذاك بطرفكم بالبحث لنا على طالب علم من نبلاء عرب الصحراء وعلمائهم، شناڭطة وغيرهم، وكتب لنا أنه أوصى سيادتكم بالبحث عليه، حيث إن بلدكم الميمونة هي بوغاز الصحراء، ولما أبطأ عنا الخبر حررناه لكم تأكيدا، والفضل من سيادتكم وجميلكم معنا أن توجهوا لنا هذا الطالب كما وصفناه، بحيث يكون ذو (هكذا) دراية، له المشاركة في كل الفنون فقها ونحوا ولغة وحسابا وأدبا وعروضا، وغير ذلك معقولا ومنقولا، مقصودنا رفقته والقراءة عليه والانتفاع به، وعلينا في نظير ذلك أن نؤثره على أنفسنا، ونبالغ في إكرامه، ولا يرى منا إلا فوق ما يظن (…)”.

ويعلق جامع بنيدير على ما أورده قائلا: “إنها إذن رسالة تكاد تكون، أو هي فعلا إعادة لملابسات الرسالة التي حملها يحيى بن إبراهيم الڭدالي من أبي عمران من القيروان إلى وڭاڭ منذ أكثر من تسعة قرون، إذ إن مقاصد كل منهما هي ذاتها، وهي البحث عن فقيه أو عالم قصد الإرشاد والانتفاع بعلمه، مع اختلاف في الظروف والسياق، وكذا في الأشخاص والمواقع والأدوار، لكنهما لا تختلفان في الإشهاد على المكانة العلمية لبلدة أڭلو، بما هي بوغاز الصحراء، وذلك بوجود مدرسة وڭاڭ في كنفها”.

قد يهمك ايضاً

“المختار جازوليت” بالرباط تفُوز بلقب المدرسة المتميزة ضمن مسابقة تحدي القراءة العربي في دبي

قتل عائلته بسبب حرمانه من الهاتف والتلفاز لدرجاته فى المدرسة الحكم 6 سنوات على مراهق أسبانى

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألف عام من المدرسة الوڭاڭية و أول مؤسسة تكوينية في البادية المغربية ألف عام من المدرسة الوڭاڭية و أول مؤسسة تكوينية في البادية المغربية



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib