العلوي يؤكد أن فيروس كورونا منح المغرب فرصة تاريخية جديدة لا يمكن تضييعها
آخر تحديث GMT 12:34:18
المغرب اليوم -

العلوي يؤكد أن فيروس "كورونا" منح المغرب فرصة تاريخية جديدة لا يمكن تضييعها

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - العلوي يؤكد أن فيروس

هشام العلوي إبن عم الملك محمد السادس
الرباط - المغرب اليوم

في مقال له، نشرته صحيفة "لوسوار" البلجيكية، أكد "هشام العلوي"، إبن عم الملك محمد السادس، أن وباء كورونا منح المغرب فرصة تاريخية أخرى ولا يجب أن نضيعها، محذرا الدولة من خطر الاستسلام للإغراء المتمثل في تشجيع الوطنية الزائفة أو تعزيز طبيعتها الاستبدادية من خلال تحويل الوباء إلى قضية أمنية. 

وشدد هشام العلوي أن: "لحظات القطيعة التاريخية الكبرى التي تسمح بمثل هذا الاستبطان، تبقى نادرة في المغرب. لقد أتيحت لنا فرصة بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1999، وجاءت فرصة ثانية مع الربيع العربي في عام 2011 وها نحن نشهد اليوم فرصة جديدةً، يمكن أن تسمح للمجتمع المغربي بأسره أن يلتقط أنفاسه بعد كل تلك الصدمات والإحباطات ويستجمع قوته للوثوب إلى الأمام".

وفي ما يلي النص الكامل للمقال بعد ترجمته إلى العربية:

على مدى السنوات العشرين الماضية، لم أعد إلى المغرب إلا بشكل متقطع لزيارة عائلتي وأصدقائي. أنا أعيش هنا اليوم دون حد زمني، إلى أن ينتهي وباء فيروس كورونا. 

وبالتالي، فهذه فرصة كي ألاحظ عن كثب آثار الوباء على بلدي الأصلي كمغربي فخور ببلده، ولكن أيضاً كمتخصص في العلوم السياسية، يدقق في ردود فعل الدولة – ويحاول تحليل ما يمكن أن ينشأ عن هذه الأزمة من ديناميكيات اجتماعية جديدة. 

لقد وُصفت تدابير العزل الصحي التي فرضتها السلطات المغربية رسمياً بأنها نموذج للتفاعل مع الأزمة. وعلى الرغم من نقص التحاليل المخبرية وعدم ترحيل المغاربة العالقين في الخارج إلى وطنهم، فقد تم توفير موارد هائلة للمستشفيات وتم تعبئة ميزانيات كبيرة لدعم الاقتصاد. أما القوات العسكرية وقوات الأمن فقد طبقت سياسات صارمة للحجر الصحي. وعلى الرغم من أن معدلات الإصابة هي من بين أعلى المعدلات في أفريقيا، فإن الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كوفيد 19 لا تزال منخفضة نسبياً، وهو واقع يمكن لجميع المغاربة أن يعتزوا به. 

ومع ذلك، فإن هذه الاستجابة السريعة تخفي وراءها واقعا مقلقا. لقد تدخلت الدولة بسرعة لمحاصرة الوباء لأنها لم تجد خيارا آخر ، لا سيما بسبب التأخير الحاصل في القطاعات الرئيسية مثل التعليم والشغل، وهو نتيجة مباشرة للنموذج الاقتصادي النيوليبرالي الجامح الذي اعتمده المخططون الوطنيون على مدى عقدين من الزمن، على حساب التنمية الاجتماعية الحقيقية. أما القطاع الصحي فهو لا يستطيع استيعاب ولو زيادة طفيفة في حالات الاستشفاء وحجم الوفيات. وخلاصة القول إن استجابة المغرب كانت فعالة بالمقارنة مع موارده ولكن دون المستوى بالنظر إلى إمكانياته. 

لماذا هو واقع مقلق؟ لأن التنبؤات العلمية تتوقع موجة ثانية من الأوبئة خلال فصل الشتاء المقبل ، ولكن أيضا لأننا في المستقبل سنرى الـمزيد من التهديدات الوجودية من هذا النوع. وسيزيد تغير المناخ من تفاقم هذه الأخطار. ومن المتوقع أن تظل قطاعات كاملة من الاقتصاد المغربي في أزمة في المستقبل القريب. ويعمل جزء كبير من القوة العاملة في البلد في القطاع غير الرسمي، وهو نتيجة لنهج النيوليبرالية غير المقيدة، التي لم تسفر عن أي أثر إيجابي بسبب غياب سيادة القانون. وبدون انخفاض كبير في حجم الفوارق الاجتماعية لن تنفع العلاجات الفعالة لفيروس كورونا بالنسبة لغالبية السكان. نحن المغاربة ما علينا إلا أن نلاحظ ما حدث في منطقة الريف – في هذه المنطقة، أنتجت أوجه القصور المتراكمة ثورة اجتماعية – لنلمح الأحداث الخطيرة التي تنتظرنا.

وفي سياق هذه الأزمة، وضع العديد من المغاربة مظالـمهم ومطالبهم جانباً وعززوا ثقتهم في الدولة. من الناحية السياسية، لا يعيش المغاربة في سياق من الاستقطاب الشديد مثل غيرهم من مواطني المغرب الكبير. بالتأكيد، ليس لدى المغرب نظام شبيه بالنظام الديمقراطي في تونس، حيث تحافظ المؤسسات الانتخابية على الاستقرار . لكنه لا يعرف الانقسامات العميقة في الجزائر، حيث كشفت حركة الحراك، وهي حركة احتجاج شعبية، العام الماضي عن تآكل شرعية السلطة العسكرية وواجهتها المدنية ومن المؤكد أن البنية السياسية الجزائرية ستكون أكثر تصدعاً بعد الوباء. 

المغرب يوجد في وضعية وسطى : على عكس تونس، حيث تعمل المؤسسات الديمقراطية على استيعاب الأزمة و التحكم فيها ،لا تستطيع الدولة المغربية إلا أن تتجاهلها مؤقتاً وتأخير لحظة المواجهة الحقيقية، لا يشكو الحقل السياسي المغربي من الانقسامات الحادة ويرجع ذلك جزئياً إلى دور الملكية في توحيد الرؤى والاختيارات وهو ما يوفر فرصة للمغاربة لتصور مستقبل يمكن فيه تحسين الحكامة، حيث يمكن تجاوز أوجه القصور السابقة والسماح لنا بأن نكون مستعدين بشكل أفضل للتهديدات القادمة. وهذا ليس بديلاً عن التعددية السياسية الحقيقية، ولكنه يمكن أن يسهل بروزها.

في الآونة الأخيرة، أعلن الملك محمد السادس عن فشل نموذج التنمية الاقتصادية الحالي ومن ثم لدينا الآن فرصة لتجاوز هذا الفشل، عملا بالمثل الصيني القائل بأن كل أزمة تصاحبها فرصة ويجب أن نستعد لامتحانات جديدة في أعقاب الوباء، وهي التي ستكون مستدامة مع مرور الوقت. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن التحويلات المالية من الخارج، التي طالما كانت مورداً حيوياً للاقتصاد، ستنخفض، لأن المغاربة القاطنين في الخارج سيحتفظون على الأرجح بأموالهم ، وسيستغرق انتعاش قطاع السياحة سنوات عديدة. لكن المغرب يمكنه أيضا الاستفادة من الاضطرابات في سلسلة التوريد الدولية للانفتاح على أساليب إنتاج جديدة ولذلك يجب أن يصبح الاكتفاء الذاتي والإنفاق الاجتماعي من أولويات السياسات الوطنية.

وفي هذا السياق، من الأهمية بمكان عدم الاكتفاء بالتخلص من النموذج النيو ليبرالي الجديد واستبداله بمخطط ملكي جاهز ، فالمسألة ليست مجرد تقييم للأفكار التي تنبني عليها التنمية الوطنية، بل يجب التركيز على العملية التي تجعل هذه الأفكار حقيقة واقعة. إن لحظات القطيعة التاريخية الكبرى التي تسمح بمثل هذا الاستبطان نادرة في المغرب. لقد أتيحت لنا فرصة بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1999. وجاءت فرصة ثانية مع الربيع العربي في عام 2011 وها نحن نشهد اليوم فرصة جديدةً، يمكن أن تسمح للمجتمع المغربي بأسره أن يلتقط أنفاسه بعد كل تلك الصدمات والإحباطات ويستجمع قوته للوثوب إلى الأمام.

ولن تكون هذه العملية سهلة بعد أن فقد العديد من المغاربة كل الثقة في العمل السياسي بسبب تراكم الوعود الإصلاحية التي فشلت ، إن زخم الربيع العربي، الذي فرض الحق في التعبير والحق في الكرامة سيظل حاضرا أكثر من أي وقت مضى. وبالتالي، لا يمكن صياغة مبادرات اقتصادية واجتماعية جديدة بدون التشاور الوثيق مع المجتمع، من خلال مداولات شاملة تعزز المشاركة بدلا من فرض القرارات من الأعلى.

يجب على الدولة أن تتجنب الاستسلام للإغراء المتمثل في تشجيع الوطنية الزائفة أو تعزيز طبيعتها الاستبدادية من خلال تحويل الوباء إلى قضية أمنية. فضلاً عن ذلك فإن تكنولوجيات المراقبة المستخدمة لضمان المسافة الاجتماعية لا ينبغي استغلالها لقمع التعبئة السياسية، كما هو الحال في روسيا والصين. فقد افترض الكثيرون خطأً أن الأنظمة الاستبدادية أفضل استعدادا للتعامل مع الأزمة الحالية من خلال مقارنة الصين بالولايات المتحدة. هذه مقارنة زائفة . فلكل مثال على إدارة الأزمات على الطريقة الصينية، هناك ديمقراطيات مزدهرة مثل كوريا الجنوبية وتايوان أدارت الأزمة بشكل أفضل، من خلال التنسيق الوثيق بين الدولة والمجتمع وليس من خلال الاعتماد على الجيش أو الشرطة، بل من خلال ثقة المواطنين وشفافيتهم والتزامهم.

باختصار، لدينا في المغرب فرصة تاريخية أخرى ولا يجب أن نضيعها.

قد يهمك أيضًا : 

الملك محمد السادس يؤكد حاجة المغاربة لجهات فاعلة تتجاوب مع انشغالاتهم

محمد السادس يُؤكِّد العمل مع الشيخ تميم لتطوير الشراكة

 

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلوي يؤكد أن فيروس كورونا منح المغرب فرصة تاريخية جديدة لا يمكن تضييعها العلوي يؤكد أن فيروس كورونا منح المغرب فرصة تاريخية جديدة لا يمكن تضييعها



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 09:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت
المغرب اليوم - قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعادل رقماً تاريخياً في الدوري الإنكليزي

GMT 23:21 2021 الأحد ,05 أيلول / سبتمبر

أفضل فنادق شهر العسل في سويسرا 2021

GMT 01:18 2021 السبت ,24 تموز / يوليو

صارع دبا لمدة أسبوع وصدفة أنقذت حياته

GMT 04:34 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تنعي المخرج شوقي الماجري عبر "إنستغرام"

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

الآثار المصرية تنقل 4 قطع ضخمة إلى "المتحف الكبير"

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 15:11 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 19:42 2014 الثلاثاء ,26 آب / أغسطس

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها الذكي LG G3

GMT 04:38 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مارغريت ريدلمان تُشير إلى أسباب الصداع الجنسي

GMT 15:33 2022 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق لإضفاء المساحة على غرفة الطعام وجعلها أكبر

GMT 15:10 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة وراقية للنجمة هند صبري

GMT 11:44 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مذهلة لزينة طاولات زفاف من وحي الطبيعة

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

3 نصائح للرجال لاختيار لون ربطة العنق المناسب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib