مراكش ـ محمد الحازم
وصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة "القاضي عياض" في مراكش محمد الغالي إصلاح القضاء في المغرب بأنه معركة خاسرة، مؤكدًا على أن الأزمة التي تعيشها البلاد على طريق إصلاح هذه المنظومة ليست أزمة نصوص بل أزمة فعل.
واستدل الغالي، في مداخلته، الأحد، في ندوة حملت عنوان "قراءة في ميثاق إصلاح منظومة العدالة"، التي نظمتها الكتابة الجهوية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بغية توضيح وجهة نظره، عبر فلسفة "بول ريكور"، في كتابه "النص والفعل" كإيحاء، بأن "الأزمة في المغرب ليست أزمة نصوص بل أزمة تفعيل لهذه النصوص"، مبرزًا أن "ملازمة الزئبقية للإصطلاح هو ما يجعل المغاربة يعيشون وعيًا شقيًا"، مشيرًا إلى أن "الجهود المبدولة في مسار الإصلاحات، التي انخرط فيها المغرب، في حاجة لمخرجات حقيقية"، محددًا المخرجات في "القضاء الفعال والناجع، والمدخل الثقافي، عبر تخليق الحياة، وهو أمر مرتبط مع طبيعة الثقافة السائدة في المجتمع"، مشددًا على أن "الأمن اليومي للمواطنين ضروري، وهو غاية لا يمكن لأي كان ضمانه سوى المؤسسة القضائية في الدرجة الأولى"، داعيًا إلى "ضرورة إعادة النظر في معايير انتقاء القضاة، حيث لا يعقل أن يكون القاضي ابن 23 عامًا، ويبث في نوازل كبيرة، علاوة على التفكير في تغيير المناهج المعتمدة في التكوين، حتى تجعل القاضي يترفع عن التعامل مع النوازل القضائية بصورة أوتوماتيكية".
ومن جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حزب "العدالة والتنمية" عبد العالي حامي الدين أن "ورش إصلاح القضاء ابتدأت مع خطاب الملك محمد السادس، في تموز/يوليو 2011، والذي وضع الأسس العريضة لإصلاح المنظومة"، التي وصفها بأنها "معطوبة كآلية للإرتقاء بصلاحية القضاء، عبر استقلالية سلطته، وتعزيز سمو الدستور، وهو الأمر الذي عكسه الدستور القائم، الذي خصص 22 فصلاً للقضاء"، معتبرًا ذلك "مكسب تاريخي للمغاربة"، لافتًا إلى أنه "أصبح من اللازم علينا ألا نؤمن بأن المشكلة اليوم في التطبيق"، مشددًا على أن "رؤية الإصلاح قائمة على المرتكزات الدستورية، وتمت بلورتها بالمشاورة والتشارك، الأمر الذي مكن وزير العدل والحريات من بلورة 19 نصًا قانونيًا من بوابة التشاور مع الأفراد الفاعلين داخل الدولة"، مشيرًا إلى أن "المطلوب في الوقت الراهن هو تنزيل هذه القوانين، وهذا دور الجهاز التنفيذي، المتثمل في الحكومة، إلى جانب باقي الفاعلين".
وأوضح حامي الدين أنه "في إطار تقوية الجسم القضائي، أصبح المغرب يتوفر على مجلس أعلى للقضاء، الذي يعد واحدًا من أهم التغييرات الجوهرية، وواحدًا من المؤسسات الدستورية"، مبرزًا أن "الدستور الجديد خصص مقتطفات هامة للقاضي، بغية حماية وضعه الاعتباري، لذلك لا يجوز عزله أو نقله، كما أنه لا يتلقى أية أوامر أو تعليمات".
وكانت الهيئة العليا للحوار الوطني بشأن إصلاح القضاء في المغرب، قدمت منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، ميثاق "إصلاح منظومة العدالة"، الذي صاغت فيه توصياتها النهائية لجلسات الحوار، التي عقدتها على مدار عام كامل.
وخلال كلمة له، في افتتاح لقاء ما سمي بـ "تقديم ميثاق إصلاح العدالة"، في العاصمة الرباط، قال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران أن "حكومته جعلت من إصلاح القضاء أولوية"، مشيرًا إلى أن "أمر البلاد لا ينصلح دون قضاء نزيه"، مشيرًا إلى أن "إصلاح القضاء شكل مطلبًا ملحًا، وتحديًا حقيقيًا، لاعتباره قطاع أساسي، يعزز التوجه الديمقراطي، ويشجع على الاستقرار والاستثمار في البلاد"، مجددًا عزم الحكومة على "توفير كل الوسائل لتنفيذ مضامين ميثاق إصلاح العدالة، خلال المواعيد المحددة، وبمبدأ تشاركي".
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعلن، في أيار/مايو 2012، عن انطلاق "الحوار الوطني بشأن إصلاح منظومة القضاء"، تحت إشراف هيئة استشارية، ضمت 40 عضوًا، برئاسة وزير العدل والحريات مصطفى الرميد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر