الخرطوم - عبد القيوم عاشميق
رفض السودان الاتهامات الأميركية له بانتهاكه لحقوق الانسان، فيما قال "إن ما جاء في بيان الخارجية الأميركية بشأن حقوق الإنسان غير صحيح، كما أكدت الخارجية السودانية في بيان وصل "المغرب اليوم" نسخة، منه مساء الخميس، "إن بيان الخارجية الأميركية الصادر عن أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية والإتجار بالبشر في العالم، شمل أوضاع حقوق الإنسان في السودان، مما يدعو للأسف أن تقريراً صادراً من إحدى أهم مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة يكون مفتقراً للمهنية بعيداً عن الموضوعية مجافياً للحقيقة، يعتمد مصادر مجهولة ويلوي عنق الحقائق لتتسق مع موقف سياسي ثابت ضد السودان مستمر منذ ما يزيد عن العقدين من الزمان".
و استهل تقرير الخارجية الأميركية تغطيته للسودان متناولاً الانتخابات العامة التي أجريت في عام 2010م؛ ليعيد تكرار حديث مغلوط درج عليه لـ3 سنوات سابقة مشككاً في نتائج الانتخابات التي اعترفت بها حكومة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. ورغم تصنيفها ضمن الانتخابات الأكثر تعقيداً إلا أنها حُظيت بدرجة عالية من الاعتراف، وهي ذات الانتخابات التي وصل عبرها الرئيس الحالي لجنوب السودان وحكومته للحكم فما الذي جعل مشروعية الحكومة السودانية منقوصة ومشكك بها ولا يسري ذلك على الطرف الآخر، وقال بيان الخارجية السودانية .
و تحدث التقرير عن تجاوزات لقوات الأمن والجيش في مناطق النزاعات و هو مما تكرر زعمه من اتهامات أثبتت عدم مصداقيته تقارير بعثة الأمم المتحدة العاملة في السودان يوناميد ( UNAMID ) والعديد من المنظمات الدولية والوطنية العاملة في السودان، كما أن تشكيل محكمة جنائية برئاسة مدعي عام خاص بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم حقوق الإنسان في دارفور وصدور أحكامها المعروفة والمنشورة ومحاكماتها المفتوحة، ورفعها لحصانة عدد من الأشخاص ومحاكمتهم بأحكام وصل بعضها للإعدام نفذت بحق من أدينوا، ذلك فضلاً عن إتاحة الحصول على المعلومات للجميع ومنها وزارة الخارجية الأميركية التي كان يمكنها الحصول على المعلومات من الصحف السودانية إن كانت متكاسلة عن الوصول إلى المحاكم والاطلاع على صحيفة الأحكام القضائية الدورية المتاحة للراغبين.
كما تناول التقرير السجون السودانية ومراكز الاعتقال والاحتجاز وأورد ادعاءات بأصناف من الإساءات تمارس ضد المعتقلين. وتكفينا للإجابة على ذلك شهادة الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان مشهود بادرين، الذي زار البلاد مؤخراً وأشاد بأوضاع السجون السودانية. كما أن الإنتربول والمؤسسات الشرطية التابعة للجامعة العربية والاتحاد الأفريقي قد اقرت بأداء ومهنية الشرطة في السودان التي تعد من أعرق المؤسسات في أفريقيا والشرق الأوسط وقد تجاوز عمرها المائة عام، وهي مؤسسة منفتحة وتشرف على تدريب ودعم عدد من أجهزة الشرطة في الإقليم. كل ذلك يدحض ما ورد في التقرير من اتهامات سيقت جزافاً.
وأعربت الخارجية عن أسفها على المنهج المعيب في مثل هذه التقارير التي درجت الإدارة الأميركية عبر مؤسساتها المختلفة على إصدارها ،وأكدت أن السودان بلدٌ حرٌ ذو سيادة ، يعد مجتمعه من أكثر المجتمعات تماسكاً ، وهو من الدول الأقل في معدلات الجريمة حسب التقارير الموثوقة لعدد من المنظمات المحترمة والمهنية ، وهو مفتوح أمام من يرغب في الحقيقة ومن يرغب في الاستفادة من تجربته المتفردة كبلد بدأت الحرب الأهلية فيه قبل أن ينال استقلاله وفي ظل احتلال ثنائي ( إنجليزي / مصري ) لتستمر منذ 1956م حتى العام 2005م وتنتهي بتوقيع اتفاقية السلام السودانية التي نالت احترام وتقدير المنصفين في العالم ، والتي وقعتها حكومة السودان طوعاً بحثاً عن السلام وحقناً للدماء، وحينما اختار مواطنو جنوب السودان الانفصال، في استفتاء حرٍ نظمته ذات الحكومة التي يشكك التقرير في مصداقيتها بادرت حكومة السودان بالاعتراف بنتائجه وبدولة جنوب السودان الجديدة. هل كان الأولي بذل الجهد لتزوير إرادة الشعب في انتخابات رئاسية أم تزوير إرادة الشعب للحفاظ على وحدة ترابه؟ .
وفي رد على ما جاء في التقرير بشأن أوضاع المرأة فإننا نقول إن المرأة ف تمثل (41%) من جملة العاملين بسلك المحاماة في السودان، وهناك ثمانون (80) قاضية ضمن قضاة المحكمة العليا، وتولت سيدة منصب رئيس محكمة الاستئناف العليا. كما أن أحد أبرز أعضاء المحكمة الدستورية سيدة وهي أعلي محكمة في السودان ، بل أن أول قاضية في أفريقيا والشرق الأوسط كانت سيدة سودانية وهي كذلك أول قاضي محكمة عليا منذ عام 1976م. كذلك تمثل النساء أكثر من (36%) من وكلاء النيابة العامة في السودان ولقد ظل في منصب مستشار الرئيس للشؤون القانونية أكثر من عقدين سيدتين قانونيتين متميزين كانت إحداهما رئيس محكمة الاستئناف العليا، و(82%) من القوة العاملة في النظام المصرفي ووزارة المالية والاقتصاد السوداني سيدات وأكثر من (60%) من طلاب التعليم العالي فتيات. وقد حصلت المرأة في السودان منذ الخمسينات على الأجر المتساوي والمعاش المتساوي في العمل. وهي تمثل (25%) من نواب البرلمان وهناك (9) وزيرات في الحكومة الاتحادية فضلاً العشرات في الحكومات الولائية، فكيف يستقيم عقلاً الحديث عن عنف وتمييز ضد المرأة وهي بهذه الحيوية والفاعلية والانتشار والمشاركة في الحياة العامة .ويفخر السودان بحسب بيان الخارجية السودانية ، أنه ورغم ظروف الحرب والحصار الاقتصادي والعقوبات الأحادية التي تمارسه حكومة الولايات المتحدة بأننا الأفعلفي الإقليم في محاربة الإتجار بالبشر ، فهو دولة عبور طوال تاريخ السودان القديم والحديث تربط بين شمال وجنوب أفريقيا وشرقها وغربها، ويستشعر السودان مسوؤليته الأخلاقية في محاربة هذه التجارة التي تستهدف الشباب والنساء والأطفال بالحد الأقصي الذي تسمح به إمكاناته المحدودة ، ويواجه قوافل هذه التجارة القبيحة العابرة للمتوسط التي أعادت للأذهان رحلات العبيد عبر الأطلسي في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر، وقد أصدرت الدولة قانوناً يحرم الإتجار بالبشر وصلت العقوبة فيه للإعدام. وليس من التجار أو الضحايا سودانيون وهو أمر معلوم حتي لسفارة الولايات المتحدة في الخرطوم ، إن سجل الولايات المتحدة المليء بالجرائم ضد الإنسانية يندى له الجبين ، فهو ملئ بانتهاكات حقوق الإنسان من هيروشيما ونجازاكي إلى فيتنام، مروراً بالعراق الذي قتل فيه أكثر من مليون ونصف برئ، وكذلك أفغانستان وما يشهده العالم بصورة مستمرة من القصف الجوي العشوائي الذي قتل فيه وما يزال يقتل الآلاف في أفغانستان وباكستان مخلفاً ألاف الأيتام من الأطفال والأرامل والدمار حيث مسحت قري بكاملها من الوجود هذا بالإضافة إلى سجون غوانتانامو وبإغرام وأبو غريب وغيرها.
وقال البيان "إن ضحايا الحصار الأميركي والعقوبات الأحادية والتدخلات الأمريكية في السودان، هم الشعب بأكمله، حيث يموت العديد من المرضي بسبب أدوية أمريكية ممنوعة عن السودان ، أو ضحايا سقوط الطائرات لامتناع الشركات الأمريكية عن توفير قطع الغيار أو تعطل السكك الحديدية لعقدين من الزمان لذات السبب الأمر الذي حرم الفقراء من أرخص وسيلة للتنقل، بل وأمتدت العقوبات حتى لمنع الطلاب والأكاديميين السودانيين من الإستفادة من الخدمات العلمية عبر مواقع الأنترنت. إن العقوبات الأحادية الأمريكية هي شكل من أشكال العقوبة الجماعية لأسباب غير مبررة وغير موضوعية، إذ لا يعقل أن تعبر الولايات المتحدة عن الحرص على حقوق الإنسان في السودان وهي تنتهكها كل يوم عبر استخدام سلاح العقوبات الجائرة ، وليس هناك أحرص على السودان من السودانيين ولا من هو أكثر اهتماما من الحكومة المنتخبة بشعبها .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر