أكدت الولايات المتحدة أنها «ليست في حالة حرب مع روسيا»، وأن الوقت قد حان لإنهاء حربها على أوكرانيا؛ لأن الملايين والملايين من الناس يتأثرون كل يوم بهذه الحرب بشكل أو بآخر. وقال الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، خلال إحاطة صحافية في البنتاغون، الخميس، إنه من وجهة نظر الولايات المتحدة، نحن لسنا في حالة حرب مع روسيا، بل نركز على دعم أوكرانيا حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها وعن سيادتها. وأضاف أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب، والتي تحتاج في الحقيقة، إلى قرار روسي بالانسحاب من أوكرانيا، وإعادة أراضيها المحتلة إلى الشعب الأوكراني. غير أنه أضاف قائلاً: «لكننا نعلم أن هذا الأمر لن يحدث الآن، لذا سنواصل التركيز على دعم أوكرانيا، والعمل مع حلفائنا وشركائنا؛ لضمان حصولهم على ما يحتاجونه للدفاع عن بلادهم».
اختراقات تنذر بتداعيات أكبر
في هذا الوقت، يصف مسؤولون عسكريون أميركيون، التطورات الميدانية الأخيرة التي حققت فيها أوكرانيا «تقدماً» على جبهات القتال، بأنها قد تكون «مفتاحاً» لتداعيات أكبر، خصوصاً أن الاختراقات التي حققتها القوات الأوكرانية للخطوط الروسية، هذا الأسبوع، ورغم أنها خطوة صغيرة فإنها تفتح الباب على إمكانات كبيرة. فالأوكرانيون يحاولون شق طريقهم تدريجياً عبر الخط الدفاعي الروسي الرئيسي في الجنوب الشرقي تحت نيران كثيفة لتوسيع الشقوق التي فتحوها، وتحقيق اختراق واسع النطاق. وبعد 3 أشهر من إطلاق كييف هجومها المضاد، تبدو اللحظة الراهنة حاسمة؛ لأن اختراقاً واسع النطاق من شأنه أن يسمح لأوكرانيا بإدخال المركبات المدرعة وإحداث الفوضى بين القوات الروسية.
تقول صحيفة «وول ستريت جورنال» إن التقدم بضع كيلومترات عبر الدفاعات المحيطة بفيربوف، وهي بلدة صغيرة في جنوب شرقي البلاد، غير معروفة حتى من معظم الأوكرانيين، قد يمثل مكسباً متواضعاً، مقارنة بنحو 20 في المائة من الأراضي التي تحتلها روسيا، أو بالمكاسب السابقة التي حققها الأوكرانيون. وهو الأمر الذي كان ينتظره القادة العسكريون الغربيون. ولكن إذا تمكنت القوات الأوكرانية من عبور حقول الألغام والخنادق والحواجز الإسمنتية المعروفة باسم «أسنان التنين»، فإنها بذلك تكون قد تغلبت على العوائق التي تأمل روسيا أن يكون من الصعب تجاوزها، حيث يتمركز العديد من أفضل قوات موسكو على خط المواجهة. فكل كيلومتر من تقدم القوات الأوكرانية يجعل مدفعيتها أقرب إلى ضرب الأهداف الروسية التي ظلت حتى الآن بعيدة المنال، بما في ذلك الطرق وخطوط القطارات عبر مدينة توكماك الإقليمية، وخصوصاً الطريق السريع، «أم 14»، الذي يمتد على الشاطئ الجنوبي الشرقي للبلاد، والذي تعتمد عليه روسيا لنقل الإمدادات الحيوية.
ومن شأن الاختراق الناجح للدفاعات التي أمضت قوات موسكو شهوراً في بنائها، أن يسمح للقوات الأوكرانية بالاستيلاء على المزيد من الأراضي، واستهداف المزيد من خطوط الإمداد الحيوية لروسيا، وتقويض قدرتها على شن حرب عبر منطقة أوسع بكثير. ويتمثل هدف كييف الأوسع في اختراق شريط الأراضي التي تحتلها روسيا والممتدة من الحدود الشرقية لأوكرانيا مع روسيا إلى شبه جزيرة القرم. ومن المحتمل أن يؤدي قطع الجسر البري إلى قطع الطرق المؤدية إلى شبه جزيرة القرم، حيث يتمركز أسطول البحر الأسود الروسي.
حتى الآن، لم يعلق المسؤولون الروس على التقدم الأوكراني في فيربوف، والذي أعقب استعادة أوكرانيا لقرية روبوتين، على بعد نحو 10 كيلومترات غرباً. وقال بيلي فابيان، وهو خبير استراتيجي سابق في البنتاغون وضابط مشاة بالجيش الأميركي: «كل العقبات ليست سوى مطبات سرعة، إذا لم يتم التحكم فيها بالنيران ولم تكن جزءاً من خطة دفاعية أكبر».
وفي حين أن توكماك هي أكبر هدف قريب للقوات الأوكرانية المتقدمة، فإنها قد لا تشن هجوماً على المدينة، التي تقع على بعد نحو 20 كيلومتراً جنوب روبوتين، وتحيط بها الآن التحصينات الروسية، حسبما قال محللون غربيون.
تهديد الخطوط اللوجستية الروسية
وقال ترينت تيلينكو، المسؤول السابق في وكالة إدارة العقود الدفاعية التابعة للبنتاغون، إنه إذا تمكنت قوات كييف من دفع خط المواجهة إلى نحو 10 كيلومترات خارج توكماك، فإن قوات المدفعية الأوكرانية المزودة بمدافع وفيرة من عيار 155 ملم ستكون قادرة على استهداف خطوط السكك الحديدية والطرق اللوجيستية العسكرية الروسية. وقال تيلينكو إن توسيع الجبهة إلى مسافة 10 كيلومترات، «سيجعل توكماك عديمة الفائدة كعقدة نقل على الطرق والسكك الحديدية». وعند تلك المسافة، يمكن للمدفعية الأوكرانية البقاء على بعد نحو 16 كيلومتراً خلف الجبهة، وهي مسافة قال إنها كافية لتكون آمنة نسبياً من نيران البطاريات الروسية المضادة.
وحتى من دون الاقتراب من الهدف، فإن كل تقدم يسمح للصواريخ الأوكرانية طويلة المدى، مثل «هيمارس» و«أم270» التي يصل مداها إلى أكثر من 80 كيلومتراً، بضرب المزيد من الأصول الروسية. ورغم أن طريق «أم14» يبعد هذه المسافة، لكن يجب أن تبقى منصات إطلاق تلك الصواريخ بعيدة بشكل كاف من أجل الأمان، حيث إن المكاسب التي حققتها أوكرانيا أخيراً، لم تؤد بعد إلى حمايتها من الاستهداف الروسي.
ويأمل القادة العسكريون الأوكرانيون أن يسمح لهم اختراق الجبهة الروسية في فيربوف، بفتح ثغرة أكبر بكثير وإغراقها بالعشرات من الدبابات والمركبات المدرعة الغربية الصنع. ولحماية مثل هذه القوة البارزة من الهجوم الروسي، يقول المحاربون القدامى إن القوات الأوكرانية يجب أن تمهد طريقاً بعرض لا يقل عن 16 كيلومتراً أو أكثر، وهو أمر لا يزال صعباً. وقال ديف ديمورو، وهو ضابط صف متقاعد بالجيش الأميركي قضى سنوات في الاستخبارات العسكرية في الخطوط الأمامية خلال الحرب الباردة وفي العراق، إنه حتى الفجوة الأصغر تهدد القوات الروسية. وأضاف أن المركبات الأصغر والأقل تدريعاً، مثل عربات «همفي» أو فرق الهجوم السريعة التي تعمل خلف الخطوط الأمامية لروسيا، يمكن أن تسبب الفوضى. وأضاف ديمورو: «لا يستطيع الروس القتال بزاوية 360 درجة، فهم غير مدربين على ذلك». وقال: «حتى عربة الهمفي المزودة بمدفع رشاش من عيار 50 ملم ستمزق وحدة مدفعية؛ لأنها لن تكون مجهزة للرد على النيران من مسافة قصيرة».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
البنتاغون يرفض تحديد موعد بشأن تزويد قوات كييف بقذائف اليورانيوم المنضب الخاصة بدبابات "أبرامز" الأميركية
البنتاغون يناقش إبقاء الحشود الأميركية في محيط الخليج العربي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر