إيران تلجأ للخطاب القومي بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية
آخر تحديث GMT 17:28:05
المغرب اليوم -

إيران تلجأ للخطاب القومي بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - إيران تلجأ للخطاب القومي بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية

طهران - المغرب اليوم

كان المشهد مألوفاً بطابعه التقليدي: طقوس عاشوراء، حيث تصطف الحشود مرتدية السواد، منحنية، وتضرب صدورها بإيقاع موحد. لكن وسط هذه الأجواء، فاجأ المرشد الإيراني، علي خامنئي، الحضور حين استدعى المنشد الواقف أمامه، وهمس في أذنه.

ابتسم المنشد، ثم بدأ يغني مقطعاً بدا في غير محله ضمن هذه المناسبة الدينية: نشيد وطني قديم بعنوان «أي إيران، إيران».

وأنشد قائلاً: «في روحي ووجداني، تبقين يا وطن»، وردد الجمهور خلفه: «خاب القلب الذي لا يخفق من أجلك».

خرجت إيران من الحرب الأخيرة مع إسرائيل - التي انضمت إليها الولايات المتحدة لفترة وجيزة - وهي مثقلة بالجراح. دفاعاتها العسكرية تضررت، وبرنامجها النووي تعرّض لضربات قاسية، وسكانها دفعوا ثمناً باهظاً جراء الخسائر المدنية خلال الحرب الـ12 يوماً.

ورغم قتامة المشهد، ترى القيادة الإيرانية فرصة سانحة، فالغضب الشعبي من الهجمات أطلق موجة من المشاعر القومية، وتأمل الحكومة في تحويل هذه اللحظة إلى طاقة وطنية تُسهم في ترسيخ دعم داخلي لنظام الحكم الذي يواجه أزمات اقتصادية وسياسية متراكمة.

وقد أدى ذلك إلى تبنّي رموز فلكلورية وقومية كانت، حتى وقت قريب، حكراً على التيارات القومية العلمانية. أما الآن، فتتبنّاها منظومة دينية كانت تميل إلى إقصاء التراث الإيراني ما قبل ثورة 1979.

وفي مدينة شيراز التاريخية، ظهرت لوحة دعائية تُظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو راكعاً أمام تمثال شابور الأول، الملك الساساني في القرن الثالث، في محاكاة ساخرة لأحد نقوش مدينة برسيبوليس الأثرية.

في ساحة ونك بشمال طهران، وهي منطقة تسوّق شهيرة، نُصبت لوحة إعلانية تُظهر «آرش ذا القوس»، الشخصية الأسطورية التي يُقال إنها رسمت حدود إيران بإطلاق «قوة حياته» عبر رأس سهم. واليوم، لم تعد السهام هي ما يُطلَق من فوق قوسه، بل صواريخ الجمهورية الإسلامية.

قال محسن برهاني، أستاذ القانون في جامعة طهران والمعلق السياسي المعروف: «نحن نشهد ولادة اندماج بين الهوية الشيعية والقومية الإيرانية، وهذه نتيجة للهجوم على إيران».

وبغياب بيانات استطلاع موثوقة تعكس المزاج الشعبي، لا يزال الجدل قائماً بين الإيرانيين والمحللين حول مدى فاعلية هذه الموجة القومية الجديدة.

يرى بعض الإيرانيين بتشكك أن هذا المد القومي لن يؤدي إلى زيادة شعبية الحكومة، معتبرين أنه مجرد انعكاس لغضب شعبي واسع من الهجمات الإسرائيلية والأميركية.

قبل تلك الهجمات، توقّع بعض المحللين الإيرانيين أن تشهد البلاد اضطرابات داخلية هذا الصيف، في ظل أزمة اقتصادية حادة، وانهيار في خدمات المياه والكهرباء والوقود مع ارتفاع درجات الحرارة.

لكن يبدو أن الحرب أدّت إلى نتيجة معاكسة؛ إذ بات بعض الإيرانيين أكثر استعداداً لتقبل مزيد من القيود الحكومية، بما في ذلك تشديد الرقابة على الإنترنت. كما بدأت الحكومة الإيرانية حملة أمنية واسعة النطاق ضد من تصفهم بـ«المتسللين والجواسيس»، في حين تقول منظمات حقوقية إن هذه الحملة تطال أيضاً معارضين وأفراداً من الأقليات العرقية.

أما دعوات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإيرانيين بالنهوض ضد حكومتهم، عقب الضربات، دفعت حتى بعض منتقدي النظام إلى القول إنهم لا يستطيعون تأييد أي احتجاجات في الوقت الراهن.

قالت ليدا، وهي تعمل في طهران، في رسالة صوتية إلى «نيويورك تايمز»: «الناس لا يريدون تغييراً داخلياً تدفع به حكومات أجنبية». وطلبت عدم ذكر اسمها الكامل، نظراً لتحذيرات الحكومة من التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية.

وقالت: «يتعارض هذا مع كبريائي الوطني أن تأتي دولة وتنتهك أرضي وتضرب منشآتنا النووية. صحيح أن البرنامج النووي ليس حلمي أو طموحي، لكنه في النهاية جزء من أرضي وسيادتي».

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها قادة الجمهورية الإسلامية إلى الخطاب القومي أو الرموز التقليدية في أوقات الأزمات. فبحسب المؤرخين، كثيراً ما استعانت القيادة الإيرانية في نهاية حربها مع العراق في ثمانينات القرن الماضي بالرواية القومية لحشد الدعم الشعبي. لكن خبراء الشأن الإيراني يرون أن حجم ونطاق الحملة الحالية لتعبئة الرأي العام مختلفان بشكل واضح.

وقال علي أنصاري، المدير المؤسس لمعهد الدراسات الإيرانية في جامعة سانت أندروز: «القيادة الثورية باتت تدرك أنه حين تشتد الأزمات، لا بد من الغوص عميقاً في الخطاب القومي لتوحيد الصفوف». وأضاف: «إنهم يريدون استخدام الحرب أداةً لتعزيز التضامن الوطني، وهو ما كانوا يفتقرون إليه منذ سنوات طويلة».

وقد برز هذا التوجّه بشكل لافت مع دخول إيران في أواخر يونيو (حزيران) شهر محرم، وهو فترة الحداد في المذهب الشيعي، وتستمر قرابة شهر.

ويُعد يوم عاشوراء، الذي يصادف اليوم العاشر من محرم، ذروة هذه الطقوس. لكن هذا العام، طغى الطابع السياسي على تلك المراسم؛ إذ قام المنشدون الدينيون بدمج التراتيل الدينية مع أغانٍ وطنية كانت محظورة في السابق، من بينها نسخة دينية من نشيد كُتب خلال الحرب العالمية الثانية، كثيراً ما ارتبط بعهد الملكية البهلوية، الذي أطاحت به الثورة الإيرانية عام 1979.

لم يرحّب بعض الإيرانيين بدمج الخطاب القومي بالخطاب الإسلامي، ومن بينهم عائلة الشاعر توراج نكاهبان، مؤلف نشيد «أي إيران». فقد أدرج المنشد الذي أنشد النشيد أمام خامنئي عبارات دينية مثل: «إيران كربلاء» و«إيران عاشوراء».

وكان نكاهبان، الذي توفي في المنفى بلوس أنجليس عام 2008، من المنتقدين المعروفين للجمهورية الإسلامية.

وكتبت عائلته في منشور على صفحة «إنستغرام» تحمل اسمه: «لسنوات، قمتم بإسكات أصواتنا. محوتم أسماءنا من الكتب ووسائل الإعلام. والآن، بعدما لم يعد لديكم ما تهتفون به، أصبحتم تغنون الأناشيد نفسها التي كنتم تلعنونها».

ويقول بعض الإيرانيين، مثل برهاني، إن لجوء النظام الثيوقراطي إلى القومية يكشف عن أن الأناشيد الدينية لم تعد كافية وحدها لتحفيز السكان، ولا سيما أولئك دون سن الثلاثين، الذين يشكلون الغالبية في بلد يقترب عدد سكانه من 90 مليون نسمة.

في المقابل، يرى آخرون أن إدماج الألحان الوطنية في طقوس عاشوراء على نطاق واسع في مختلف أنحاء البلاد أنتج شكلاً جديداً وأصيلاً من التعبير القومي الإيراني.

أما شهرزاد، وهي طالبة جامعية في طهران، فوصفت هذا التوجه بأنه «قومية مصطنعة»، قائلة في رسالة صوتية: «القومية الأصيلة لا تأتي من منابر الحكومة، بل من الشارع، من الاحتجاجات، من الألم الجماعي».

حتى وإن ساعدت الحرب - والموجة القومية التي رافقتها - الحكومة الإيرانية في تعزيز قبضتها الداخلية، إلا أن كثيرين يتساءلون عن مدى قدرة هذا التأثير على الاستمرار.

قال علي أنصاري: «حين تهدأ العاصفة، ويبدأ الناس في طرح الأسئلة، سيكتشفون أن المياه لا تزال مقطوعة، والغاز مفقود، والكهرباء منقطعة. كل شيء مرهون بنهضة اقتصادية شاملة، وهي أمر لا تستطيع البلاد تحقيقه حالياً».

قد يهمك أيضــــــــــــــا

إيران تعقد محادثات نووية مع روسيا والصين قبيل اجتماعها مع الترويكا الأوروبية وتستبعد التفاوض مع واشنطن

إيران تعلن استئناف المحادثات النووية مع القوى الأوروبية في إسطنبول يوم الجمعة

 

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تلجأ للخطاب القومي بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية إيران تلجأ للخطاب القومي بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 16:26 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

هاجر أحمد تعود إلى دراما رمضان بشخصية جديدة
المغرب اليوم - هاجر أحمد تعود إلى دراما رمضان بشخصية جديدة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib