باتت بلدية إسطنبول محور تنافس شديد بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، الذي تتبعه البلدية حالياً ويرأسها أكرم إمام أوغلو.
وبدأ تداول أسماء في أروقة الحزبين كمرشحين محتملين لرئاسة البلدية التي يسعى الرئيس رجب طيب إردوغان لاستعادتها، بعدما خسرها الحزب للمرة الأولى في انتخابات 2019 المحلية لمصلحة حزب الشعب الجمهوري. ويؤكد إردوغان دائماً أهمية إسطنبول، ويقول إن «من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا». وفي أول خطاب ألقاه عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة التي أجريت في 28 مايو (أيار) الماضي، وعد إردوغان باستعادة المدينة التي تحظى بمكانة خاصة لديه، خصوصاً أنه كان رئيساً لبلديتها في التسعينات، حتى قبل ظهور حزب العدالة والتنمية الحاكم.
على الجانب الآخر، شدد كليتشدار أوغلو على أن رؤساء البلديات يجب أن يخدموا البلديات التي انتخبوا فيها، وذلك بعدما تحدث رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، عن ضرورة التغيير في حزب الشعب الجمهوري، ولمح إلى رغبته في رئاسة الحزب. ويخشى كليتشدار أوغلو، بعد خسارته الانتخابات الرئاسية، أن يخسر حزبه بلدية إسطنبول على وجه الخصوص، وأن تذهب إلى حزب العدالة والتنمية.
بدوره، قال إمام أوغلو إن حزب العدالة والتنمية الحاكم بدأ بالفعل الاستعداد لاستعادة البلدية بعد هزيمته المدوية في 2019، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن 60 في المائة من الناخبين في إسطنبول يدعمون حزب الشعب الجمهوري لرئاسة البلدية. وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية فوز كليتشدار أوغلو على إردوغان في المدن الكبرى، وفي مقدمتها إسطنبول وأنقرة، إلى جانب إزمير وأضنة ومرسين التي فاز بها الحزب في الانتخابات المحلية في 2019.* حظوظ صويلو
وحسب تسريبات من داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن إردوغان وجّه بالعمل على الانتخابات المحلية، واستعادة البلديات التي خسرها الحزب في 2019، استغلالاً لحالة الزخم التي أنعشت آمال حزبه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وقالت مصادر في الحزب لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، الذي يتولى حالياً رئاسة لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، يرغب في أن يدفع به الحزب في الانتخابات المحلية مرشحاً لرئاسة بلدية إسطنبول.
وخاض صويلو، الذي يحظى بدعم كبير من حليف إردوغان رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، الانتخابات البرلمانية في الدائرة الثانية في إسطنبول. وأكدت المصادر أنه يصر على الترشح في إسطنبول، وأنه قد يقبل ببلدية أنقرة على أقل تقدير، بسبب طموحه لتولي رئاسة البلاد بعد ذلك.
وتحدثت تقارير في وسائل الإعلام التركية، خلال الأيام الأخيرة، عن 4 أسماء متداولة في كواليس حزب العدالة والتنمية، أحدها صويلو، إلى جانب وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي السابق مراد كوروم الذي يرأس حالياً لجنة البيئة في البرلمان، والرئيس السابق لبلدية أسنيورت في إسطنبول توفيق جوكصو، ورئيس بلدية توزلا شادي يازيجي.
ويعتبر بعض المراقبين أن صويلو هو الأقرب للترشح لرئاسة البلدية، في ظل ما تبين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة من تركيز إردوغان على الناخبين القوميين، وذلك لأن صويلو ينحدر من حزب الحركة القومية ويحظى بدعم بهشلي.
لكن على الجانب الآخر، قد يصطدم ترشيح صويلو بعقبات أهمها الخلاف العميق بينه وبين صهر إردوغان وزير الخزانة والمالية السابق برات البيراق.
وعبّر الكاتب المحلل السياسي، مراد يتكين، عن اعتقاده أن إردوغان لن ينسى أبداً أنه اضطر إلى إبقاء صويلو في منصبه وزيراً للداخلية بسبب دعم بهشلي، على الرغم من استقالته بعد مشاجرة مع وزير الصحة فخر الدين كوجا خلال المرحلة الأكثر خطورة من جائحة «كورونا» عام 2020، بسبب التراخي في تطبيق الإجراءات الأمنية للحد من تزاحم المواطنين في بعض مناطق التسوق.
وكان صويلو نشر خطاب استقالة على حسابه في «تويتر»، لكن إردوغان أعلن رفضه استقالته، وواصل في منصبه، لكنه جاء بعد ذلك ضمن 16 وزيراً طلب منهم إردوغان خوض الانتخابات البرلمانية، ما يعني أنهم لن يكونوا ضمن الحكومة، وأبقى فقط على وزيرين من حكومته السابقة، أحدهما وزير الصحة الذي اصطدم مع صويلو، والثاني وزير الثقافة والسياحة محمد نوري أكصوي.
ولفت يتكين إلى أن أحد أسباب استبعاد إردوغان كلاً من صويلو ووزير الدفاع خلوصي أكار من حكومته الجديدة، انتشار الادعاءات بأنهما كانا قريبين جداً في الشعبية مع إردوغان في استطلاعات الرأي عامي 2020 -2021 لقيادة حزب العدالة والتنمية.
وأشار إلى أن تصريحات صويلو الخاصة بالسياسة الخارجية، التي وضعت وزارة الخارجية في موقف صعب، بخاصة تلك الموجهة ضد الولايات المتحدة وألمانيا، والتنافس بين صويلو وأكار، دفع إردوغان إلى إبعادهما بالطريقة ذاتها في الانتخابات الأخيرة.
* البحث عن مرشح المعارضة
على الجانب الآخر، ترجح مصادر في حزب الشعب الجمهوري أن كليتشدار أوغلو يفكر في الدفع بنائب أرزينجان بالبرلمان، مصطفى صاري غل، في انتخابات بلدية إسطنبول، بعدما أمضى سنوات طويلة من قبل في رئاسة بلدية شيشلي في إسطنبول، قبل أن يترك حزب الشعب الجمهوري، ويؤسس حزب «التغيير»، ثم العودة إلى الحزب مرة أخرى في الانتخابات الأخيرة، حيث أعلن دعمه كليتشدار أوغلو في انتخابات الرئاسة، ونجح في العودة إلى البرلمان بعد 30 عاماً مرشحاً على قوائم «الشعب الجمهوري».
وأشارت المصادر إلى أن كليتشدار أوغلو قد يلجأ إلى هذا الخيار لسببين؛ أحدهما الضجة التي أثارها رئيس البلدية الحالي أكرم إمام أوغلو حول التغيير في رئاسة الحزب، واحتمال أن يتم تأييد حكم بالسجن وحظر نشاطه السياسي لخمس سنوات ما يمنعه من الترشح في الانتخابات المحلية في 2024.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر