أطفال الشوارع في السودان مأساة لا تنتهي وهاجس أمني كبير
آخر تحديث GMT 21:14:10
المغرب اليوم -

أطفال الشوارع في السودان مأساة لا تنتهي وهاجس أمني كبير

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - أطفال الشوارع في السودان مأساة لا تنتهي وهاجس أمني كبير

أطفال الشوارع
الخرطوم _المغرب اليوم

عثمان طفل لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر، يتسلق إحدى الجسور الرئيسية في الخرطوم، ولم يكترث للسيارات المسرعة التي تمر بجانبه، قبل أن يركض نحو مستوعب نفايات ويقفز إلى داخله بحثا عن طعام يسد به رمقه. عثمان واحد من أكثر من 40 ألف مشرد في السودان -بحسب إحصاءات مستقلة- في حين تقدر وزارة التنمية الاجتماعية عددهم بنحو 19 ألفا.وتشهد العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى زيادة كبيرة في معدلات الأطفال المشردين في الآونة الأخيرة، على الرغم من الجهود الحكومية لمحاربة الظاهرة التي يعزوها مسؤولون حكوميون إلى الفقر والتفكك الأسري والحرب الأهلية. ويعيش عثمان كغيره من مئات المشردين أسفل أحد الجسور الرئيسية جنوب العاصمة، إذ إن هؤلاء المشردين يفضلون التنقل في

مجموعات لتوفير الحماية لأفرادها.تعبر مديرة مكافحة وحدة العنف ضد المرأة والطفل سليمى اسحق عن قلقها البالغ من تعرض هؤلاء الأطفال إلى العنف الجسدي والجنسي في العاصمة والولايات. ويعتمد أغلب الأطفال المشردين على قضاء الليل والنوم في أماكن عامة بالأسواق والأزقة وبنايات تحت التشييد ويبحثون عن الأطعمة في مكبات النفايات والمكوث بداخلها، وفي بعض الفترات يتلقون رعاية صحية من موظفي الخدمات الاجتماعية في المنظمات والوكالات الحكومية لكنها غير مستدامة. من المتوقع ارتفاع العدد بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة بسبب الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها البلاد وإفرازات الحرب الأهلية التي استمرت في غرب البلاد أكثر من ثلاث عقود، مما يشكل هاجسا أمنيا واجتماعيا كبيرا.وتقول منظمة اليونيسيف أن هنالك 3

ملايين طفل في السودان خارج الفصول الدراسية، وجاء ذلك في تقريرها الذي صدر مؤخرًا. وعزا الأمين العام للمجلس القومي للطفولة عثمان أبوشيبة تصاعد نسبة تشرد الأطفال إلى الحرب الأهلية والفقر والتفكك الأسري.ويضيف أبوشيبة: "لا توجد إحصاءات دقيقة عن الأطفال المشردين لأنهم في حالة انتقال دائم من منطقة إلى أخرى".وينوه أبوشيبة إلى أن حركة الأطفال المشردين عالية جدًا في الانتقال من منطقة إلى أخرى، ولا يمكن حصرهم، وهناك فئات تلجأ إلى مكاتب الشرطة ليلًا، ولا يمكن الاكتفاء بحصرهم. ويضيف: "هناك ارتفاع في نسبة الأطفال من يمتهنون التسول، ويتم جلبهم من دول أخرى وتوزيعهم بواسطة الشبكات على إشارات المرور والأسواق".وتعمل شبكات منظمة على استغلال المشردين في التسول وعدد من الأعمال الإجرامية.

وتبدو هذه الظاهرة واضحة من خلال التحركات اليومية.ففي وقت مبكر من الصباح تتحرك سيارات تعرف شعبيًا بـ"التوك توك"، وهي تحمل مجموعة أطفال من الأحياء الطرفية بالعاصمة السودانية إلى أحياء شرق ووسط الخرطوم لامتهان التسول. وتعود السيارات الصغيرة وأحيانا الحافلات المتخصصة في نقل المتسولين، ومن بينهم مئات الأطفال في الخرطوم وأغلب هؤلاء الأطفال تحت سن العاشرة، وتتخذ الشبكات من منازل صغيرة في أحياء طرفية في العاصمة مأوى لجمع الأطفال مع كبار السن.تتفاقم المشاكل التي تواجه الأطفال المشردين، لا سيما في العاصمة السودانية، مع تطاول فترات التشرد بسبب الإدمان على المخدرات وتعاطي مادة "السلسيون". وتقول مديرة منظمة الملاذ الآمن للتنمية ملاذ عبد العزيز إبراهيم إن المخاطر التي تُقابل الأطفال

المشردين عدم رغبتهم في اللجوء إلى المراكز الصحية للعلاج، لأن الإجراءات معقدة، مثل طلب "أورنيك 8" الخاص من قسم الشرطة.وتوضح عبد العزيز أن نشطاء في مجال مكافحة التشرد تمكنوا من نقل بعض الأطفال المشردين إلى المستشفى وأُجريت لهم عمليات جراحية وإسعافات من إصابات تعرضوا لها أثناء حركتهم الدائمة وتعرضهم إلى العنف إما داخل المجموعة أو بين مجموعتين تتعاركان على النفوذ في منطقة معينة. مع تعرض نحو 275 ألف شخص في السودان بحسب إحصاءات صادرة عن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى الفيضانات والسيول بين أغسطس وسبتمبر 2020 تتوقع منظمات معنية بمكافحة التشرد بازدياد نسبة الأطفال المشردين كليًا أو جزئيًا بإرسالهم إلى الأعمال الاضطرارية أو التسول.وترى مديرة وحدة مكافحة العنف ضد

الطفل والمرأة سليمى إسحق ان هنالك نوعا آخر من التشرد الجزئي يتمثل في عمالة الأطفال. وتحذر المسؤولة المعنية بحماية الأطفال من أن التشرد الجزئي قد يتحول إلى تشرد كامل نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تؤدي إلى اتساع رقعة الشبكات الاجتماعية المعدمة.وتؤكد اسحق تزايد الأطفال المشردين من جراء الحرب الأهلية والأزمة الاقتصادية التي تسبب الفقر وتؤدي إلى تفكك المجتمعات الهشة والتخلي عن أطفالها أو هروبهم. وتضيف: "هناك أطفال ولدوا في الشوارع أثناء حياة التشرد نتيجة حدوث تناسل بين المشردين وهي ارتباطات اجتماعية تحدث داخل المجموعات التي تكفل الحماية لعناصرها من الأطفال والفتيات".وازدادت خلال الشهور الأخيرة أعداد الأطفال المشردين في الأسواق الرئيسية بالعاصمة السودانية إلى أضعاف ما كانت عليها

رغم توقف الحرب، لكن الفقر دفع بالآلاف إلى الانتقال نحو المدن والعاصمة السودانية. تبذل الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني جهودا كبيرة لتطويق الظاهرة، لكن تلك الجهود غالبا ما تصطدم بعقبات كبيرة. وتعثر مشروع "المدارس البديلة" منذ سنوات في السودان وهو نظام يستهدف الأطفال المشردين جزئيًا وكليًا عقب طرد نظام الرئيس المعزول في العام 2009 بعض المنظمات الدولية التي كانت توفر التمويل. وترى اسحق أن انهيار التعليم الحكومي أدى إلى تراجع مراكز الاستنارة وسط الأحياء الفقيرة والشعبية، متهمة النظام المخلوع بتحويل غالبية المدارس الحكومية في المدن إلى مراكز أمنية وسياسية.وتعتقد اسحق أن الحكومة الانتقالية بطيئة في الاستجابة لدعوات إحياء التعليم الحكومي في وقت لا يزال القطاع الخاص يهمين على المدارس، مما يجبر الأطفال من العائلات الفقيرة إلى التوجه نحو حياة التشرد.وترجح اسحق أن يرتفع أعداد المشردين خلال الفترة القادمة، لأن الفقر لا يتوقف عن التهام المزيد من المجتمعات.

قد يهمك ايضا

علماء الاجتماع يرصدون حياة أطفال الشوارع مع الأسباب والحل

إطلاق حملة للتشخيص الميداني لأطفال الشوارع في أغادير

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال الشوارع في السودان مأساة لا تنتهي وهاجس أمني كبير أطفال الشوارع في السودان مأساة لا تنتهي وهاجس أمني كبير



GMT 18:42 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط
المغرب اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 22:47 2012 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إشتقت إلى الرقص الشرقي وسعيدة بـ"30 فبراير"

GMT 11:34 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يرفض رحيل توماس توخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib