التدخلات الجينية للإنسان تنذر بانقراض البقر الأنكولي
آخر تحديث GMT 02:18:33
المغرب اليوم -

ينفق الرعاة أموال كثيرة على الأدوية اللازمة لحمايته

التدخلات الجينية للإنسان تنذر بانقراض البقر الأنكولي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - التدخلات الجينية للإنسان تنذر بانقراض البقر الأنكولي

أبقار الأنكولي
واشنطن ـ رولا عيسى

تطورت أبقار الأنكولي في غرب أوغندا، والمعروفة بأبواقها الطويلة المميزة، على مدى آلاف السنين لتتحمل بيئتها القاسية، حيث فترات الجفاف الطويلة، وانتشار الأمراض المحلية مثل التريبانوزوما، وهو مرض ينتشر عن طريق ذبابة التسي تسي، ولكن بعد أن ازدهر هذا الحيوان منذ ما يقرب من 10000 عام، بدأ الأنكولي في الاختفاء بسرعة، نتيجة التدخلات الجينية للإنسان.
 
استبدال الماشية بأنواع ملقحة صناعيًا
 
وتتضاءلت الأراضي الزراعية في أوغندا بسبب زيادة عدد السكان، ولكن هذه الأبقار تتطلب مناطق واسعة للرعي، وقد استجاب الرعاة المحليون للضغوط من خلال استبدالهم، عبر تربية الماشية الأنكولي مع الأنواع الصناعية مثل هولشتاين الأوروبي، ولكن في الوقت الذي تكتسب فيه هذه المركبات الهجينة سمات وراثية مواتية من هولشتاين، تنتج المزيد من الحليب واللحوم، ولكن تحتاج مساحات واسعة من الأراضي للحفاظ عليها، ويتطلب هذا تكلفة ضخمة.
 
ويتم تخفيف التكييفات الجينية التي مكنت الأنكولي من البقاء في مثل هذا المناخ القاسي في الهجينة الجديدة، التي تفتقر إلى القدرات المناعية لمقاومة الأمراض المحلية، ولكن الآن بدلًا من جني الأرباح، ينفق الرعاة الآن الكثير من أموالهم على المضادات الحيوية والمبيدات الحشرية للحفاظ على صحة الحيوانات، وفي بوركينا فاسو، فقد المزارعون الذين اتخذوا قرارات مماثلة في السنوات الأخيرة تقريبًا كل ماشيتهم من الأمراض , ولكن هذه المشكلة لا تقتصر على الدول الأفريقية الفقيرة، لأن صناعة تربية الماشية في جميع أنحاء المملكة المتحدة وبقية أنحاء العالم تواجه  تحديات متزايدة بسبب الضغوط البيئية، بالإضافة إلى عواقب برامج الاختيار الوراثي التي تهدف إلى زيادة الدخل.
 
انقراض عدد كبير من الماشية
 
وأظهرت الأبحاث أن ما يقرب من 100 سلالة من الماشية في جميع أنحاء العالم قد انقرضت في الفترة ما بين عامي 2000 و2014، حيث حاول المزارعون تعزيز هوامش الربح المتساقطة إما عن طريق التكاثر المتبادل أو استبدالها بحفنة صغيرة من السلالات الصناعية.
 
وتقول كاتارينا جينغا، الباحثة في مجال التنوع البيولوجي والموارد الوراثية بجامعة بورتو في سيبيو "إذا لم نفعل شيئًا لتغيير هذا، فقد يؤدي ذلك إلى كارثة طويلة الأجل بالنسبة لصناعة الزراعة، لا سيما في سياق التغير المناخي"، مضيفة "قد لا تكون السلالات الصناعية قادرة على مقاومة أوبئة الأمراض الجديدة، والتي قد تنشأ مع ارتفاع درجة حرارة المناخ خلال القرن المقبل".
 
وأشارت" كان لدينا بالفعل بعض الأمثلة المثيرة للقلق بشأن مدى تأثر هذه السلالات بحدوث وباء مميت في الماضي القريب، على سبيل المثال، تفشي مرض جنون البقر في التسعينيات، على الرغم من أن ذلك لا يرتبط بتغير المناخ، ولكنه مصدر قلق خطير".
 
ويعد السبب في أن السلالات الصناعية معرضة بشكل خاص للإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية الجديدة، لأن لديها تنوع وراثي قليل جدًا بالمقارنة مع السلالات المحلية، بسبب عقود من زواج الأقارب، ويقدر جينجًا أنه بالنسبة لسلالات مثل هولشتاين، فإن الملايين من هذه الأبقار تنمو من الثيران.
 
التأثير على إنتاج الحليب
 
وعلى مدى السنوات الـ 15 الماضية، تفاقم هذا الأمر بسبب ظهور التسلسل الجينومي، ولكن يستطيع المربون الآن تحديد الماشية بمجموعات من الجينات المعروفة بتحسين إنتاج الحليب واللحوم , وقام علماء من هولندا هذا العام بنشر دراسة تبين أن التنوع الوراثي في الأبقار الهولندية انخفض بشكل مثير للجزع خلال العقود الثلاثة الماضية بسبب برامج التكاثر هذه، ولكن لأن المربين هم فقط الذين يعطون الأولوية للجينات التي تحسن إنتاجية اللبن واللحم، فإن أي جينات غير عادية قد تكون قد قدمت حماية من العدوى قد فقدت، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات الوراثية الناجمة عن طفرة واحدة هي الأكثر شيوعًا، حيث أن جميع الحيوانات مرتبطة بشكل فعال.
 
وهناك مشكلة شائعة لمربي الماشية في هولشتاين هي نقص التصاق الكريات البيض (Blad) التي يمكن أن تنتشر من ثور واحد، وهذه الماشية عرضة للعدوى المتكررة والشفاء ببطء شديد.
 
ويقول ستيفان غوست  الباحث في معهدÉcole polytechnique fédérale de Lausanne، الذي يرأس البحث الأوروبي عن المزارع "إن المربين يريدون أن ينتجوا أكثر وأكثر، ويعرفون الآن ما هي الصفات الوراثية التي يفضلونها في الماشية، من أجل زيادة إنتاج اللحوم أو الحليب، ولكن الأمر يشبه الرأسمالية بشكل عام , وأصبح متطرف للغاية, المفتاح هو إدراك أن هناك حدودًا لا يجب تمريرها أو تخطيها."
 
محاولة حل المشكلة
 
ويدرك المربون هذه المشاكل المحتملة، لكنهم يحاولون تعويضها بطرق مختلفة، بدلًا من تغيير إستراتيجيتهم العامة، ويقول غوست "إنهم يحاولون إبطال أي مشاكل صحية تنشأ عن طريق إعطاء الفيتامينات والعقاقير للحيوانات، وإذا كان علاجهم من مرض معين مكلفًا للغاية، فيتركون الحيوانات تموت , كما أنهم يشترون السائل المنوي المجمد من بنوك مختلفة في جميع أنحاء أوروبا، والتي تحتوي على المادة الجينية الأصلية لهذه الأنواع، وتقوم بحقنها في إناث القطيع على فترات منتظمة لمحاولة الحفاظ على التنوع الجيني عند مستوى معين."
 
وشراء المني والأدوية باهظة الثمن،  يعني أن الحفاظ على تربية الماشية اقتصاديًا هو توازن جيد جدًا، وكمثال على ذلك، أظهرت دراسة أجريت في العام الماضي أنه في حين أن حجم الحليب الذي تنتجه مزارع الألبان الأوروبية قد ازداد في السنوات الأخيرة، فإن هوامش الربح قد انخفضت مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، بدءا من موارد العمل إلى أعلاف الماشية، بشكل أسرع بكثير من أسعار الحليب، وأظهرت الدراسة أنه في عام 2013، كانت مزارع الألبان في سلوفاكيا تخسر بالفعل 165 يورو لكل طن من الحليب المنتج، نتيجة لذلك، يمكن لأي أحداث غير متوقعة أن تسبب مشاكل كبيرة.
 
ويشير غوست إلى أن الصيف الأوروبي غير المعتاد هذا العام تسبب في مشاكل كبيرة لمربي الماشية في جميع أنحاء القارة، وقد أجبر المزارعون على إنفاق الكثير على وحدات تكييف الهواء لتنظيم درجة الحرارة والرطوبة لقطعانهم، موضحًا"لأنهم غير قابلين للتكيف، لا يمكنهم التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة باستمرار، ما لم يتم تبريد البيئة بشكل مصطنع، ترتفع مستويات الإجهاد لديهم، وتبدأ في الضعف، وتبدأ عملية الأيض في التباطؤ، وتبدأ مجموعات الهرمونات المختلفة في التغير، وتصبح أقل إنتاجية , لكن التبريد الاصطناعي يكلف الكثير أيضًا."
 
المكسب المالي أولوية
ومع تأثير آثار تغير المناخ بفعل الإنسان على القرن المقبل وارتفاع درجات الحرارة، يخشى بعض العلماء أن تكون صناعة تربية الماشية متجهة إلى كارثة، ما لم يتم اتخاذ خطوات لتحسين التنوع الجيني لهذه الحيوانات , ويقول البروفيسور مايك بروفورد، عالم البيئة الجزيئية في جامعة كارديف "سيواجه معظم العالم تصاعدًا وجفافًا متزايدين، قد لا تكون برامج التربية الصناعية الحالية مستدامة , حيث تتغير درجات الحرارة ومقدار العلف المتاح" , ولكن في الوقت نفسه، فإن الرجوع إلى استخدام السلالات المحلية فقط ليس ببساطة خيارا مستداما للعديد من الشركات الزراعية، لأن العوائد الاقتصادية غير مجدية، والبصمة الكربونية الناتجة عن تنميتها عالية للغاية بسبب كثرة الأراضي التي تحتاج إليها، رغم أن ميزة السلالات مثل هولشتاين هي أنها تتطلب مساحة صغيرة نسبيًا.
 
ويعتقد العلماء أن نفس أدوات التسلسل الجيني التي عجلت من أزمة زواج الأقارب في الماشية الصناعية، يمكن أن تحل في الواقع بعض المشاكل التي من المرجح أن يواجهها المزارعون على كوكب تزداد حرارته، هذه الأدوات أصبحت أكثر قدرة على استخدامها لتحديد سمات مهمة أخرى، على سبيل المثال مجموعات من الجينات المتعلقة بتحمل الحرارة وجهاز المناعة، وهذا يمكن أن يساعد السلالات الصناعية على التعامل بسرعة أكبر مع التغير البيئي، وكذلك إنتاج ما يكفي من الحليب واللحوم، ومع ذلك ، يشير بروفود إلى أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات سيتطلب تخطيطًا دقيقًا وقد تحتاج إلى تنظيم من قبل السلطات الوطنية لضمان بقاء صناعة تربية الماشية على المدى الطويل.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدخلات الجينية للإنسان تنذر بانقراض البقر الأنكولي التدخلات الجينية للإنسان تنذر بانقراض البقر الأنكولي



النجمات يستعرضن أناقتهن في شهر رمضان بالعبايات الراقية

بيروت - المغرب اليوم

GMT 04:26 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك
المغرب اليوم - أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك

GMT 04:56 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

"هواوي" تُطلق نظام "HMS" للسيارات في معرض "LEAP 2024"
المغرب اليوم -

GMT 20:31 2024 الأحد ,18 شباط / فبراير

الجيش الملكي يتغلب بخماسية على مولودية وجدة

GMT 05:14 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

حالة الطقس في المغرب اليوم الأربعاء 31 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 03:04 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

انتقال كوكب الحب إلى برج العقرب المائي في كانون الأول

GMT 18:11 2024 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

موعد مباراة الرجاء المغربي ووهان الصيني

GMT 09:38 2024 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

منى زكي تكشف سبب عودتها للسينما بـ«رحلة 404»

GMT 06:15 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الأربعاء 20 ديسمبر/ كانون الأول 2023

GMT 05:20 2023 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

حالة الطقس في المغرب اليوم الإثنين 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2023

GMT 12:49 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد بذور دوار الشمس لقرحة المعدة

GMT 18:32 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

رونالدو أساسيا مع البرتغال ضد سلوفاكيا

GMT 14:04 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على اتيكيت الجلوس للرجل لعدم الانتقاص من مظهرك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib