القري يترجم الفيلسوف الفرنسي أُندري كونت
آخر تحديث GMT 21:39:41
المغرب اليوم -

القري يترجم الفيلسوف الفرنسي "أُندري كونت"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - القري يترجم الفيلسوف الفرنسي

إدريس القري مترجم الكتاب من الفرنسية إلى العربية
الرباط -المغرب اليوم

كيف يمكن أن تكون السعادة وليدة اليأس؟ سؤال جوابه يعني “عيش حياة أكثر حكمة”، وهو ما يعالجه الفيلسوف الفرنسي أُندري كونت سبونفيل، في كتاب صدرت حديثا ترجمته إلى اللغة العربية، أعدّها الباحث في الجماليات البصرية إدريس القري.صدرت هذه الترجمة بعنوان “السعادة وليدة اليأس”، ضمن سلسلة آفاق فلسفية، وهي ترجمة لمحاضرة لسبونفيل، بعدما صحّحها ونقّحها مؤلّفها، ألقاها يوم 18 أكتوبر سنة 1999.

هذا المؤلّف حول “السعادة”، لكنها ليست سعادةً تكتسَب بأقصر الطرق وبغضّ الطّرف عن كل ما يبدو غير سارّ أو مقلق، بل هي سعادةٌ هدفٌ، معيارُها الحقيقة، أي سعادة مرتبطٌ تحقُّقُها بـ”معرفة الفلسفة، من خلال الحكمة واليقظة، واليأس من التّرجّي والتمركز في الحاضر عوض التيه في الماضي”.في ظهر غلاف المؤلف، يرد مقتطف من حديث أندري كونت سبونفيل، يسلط عبرَه الضوء على معنى “السعادة وليدة اليأس”: “(كم سأكون سعيدا لو كنتُ سعيدا!) ربما تقول هذه العبارة للسينمائي الأمريكي وودي آلان الأساسيَّ: نحن منفصلون عن السعادة من خلال الترجّي الذي يلاحِقُها، هنا نلتقي بدروس أبيقور والرواقيّين أو في الشرق بدروس بودا. لن ندرك السعادة إلا بنسبة اليأس التي نحن قادرون على تجاوزها، وتلك هي الحكمة: السعادة وليدة اليأس”.

وكتب إدريس القري، مترجم الكتاب من الفرنسية إلى العربية، أن صدور كتاب كونت سبونفيل “حدثٌ بكلّ المقاييس”؛ فهو يدخل ضمن “الشجاعة الفكرية، والواجب التنويري الذي يقاوم علّات العصر وكلّ العصور”، مضيفا أن “دفء وأُنس الأوهام كما قال نيتشه، وسيادة أشكال التضليل، لم تولد مع تكنولوجيا التواصل الجماهيري اليوم، بل إن التلفزيون الفضائي والإنترنت وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي، عبر كل الحوامل، إنما تُقَوّي انتشارها وتعميمها ودمقرَطتها، ويا لها من دَمَقرَطَة! دمقرطة مدمِّرة لنسق قيم كونية يبدو أنها بصدد التغيُّر تحت وطأة تطور متسارع منفلت من عقاله”.

ويرى الباحث المغربي أن السعادة وعيٌ بالسعادة، أكثر مما هي شروط مادية تتحقّق بكميات معلومة. ويضيف شارحا: “إن كانت الفكرة في حد ذاتها بسيطة ومتضمَّنة في كتب الأديان ونصوص المفكرين وبنيات الكثير من الروايات العالمية، لكنها مع ذلك مستعصية على الاستيعاب، فبالأحرى على الالتزام في اليومي، ليس لعامّة الناس فحسب، بل حتى لما يمكن تسميته، بالكثير من الغموض والتّحفّظ، بالنّخب”.


 
ويسجّل القري في مقدمته أن الترجمة “بوّابة بل وشرط جوهريّ، ولعلها كانت دائما كذلك، لتقدم وتطور الثقافات، ولتحقيق الكينونة الكونية للإنسان”، ويؤكد على ألا آفاق، عموما، للتقدم الفكري والثقافي والمعرفي دون ترجمة. ولا مجال، بدونِها، لتجاوز الانغلاق في الهويات التي قد تصبح “قاتلة” جراء ذلك.

ويقول القري إن أساس الترجمة هو معرفة “الغير” الذي ليس في نهاية المطاف سوى “آخر الأنا الذي لا بد لنا لحدوث الوجود ولاستمراريّته”، وبالتالي فالترجمة ليست مجرّد “نقل” لوجود مؤلِّف ومؤلَّف من ثقافة ومن بيئة مجتمعية إلى أخرى، بل هي “تمديد أفقي وعمودي لحياة مؤلِّف ومؤلَّف في الوجود التاريخي للأثر الإنساني”.

ويسلط الباحث المغربي الضوء على الفعل الحضاري الذي تمثّله الترجمة؛ بفتحها مسالك تحقّق التنوع والتعدّد الثقافي بتقاسمه بين الأفراد والثقافات والمجتمعات، لتحتلّ، بالتالي، مكانة المعالج لكلّ نظرة، فلسفيّة كانت أو غير فلسفيّة، تزيد بالتبرير أو التنظير (كما هو شأن كبار منظِّري النيوليبرالية المعاصرة الساعية لإعادة تنظيم خرائط العالَم النافع وعلى رأسه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) من عدم كفاية معرفة الآخر واحترامه، واعتباره أقل من شرطٍ لوجود الأنا والغير معا.

وكتب أُندري كونت سبونفيل في مقدمة خاصة بالطبعة العربية أن هذا العمل صادر عن رغبة في مواجهة السعي الإنساني لتحقيق السعادة، الذي هو مشترك بين الناس، مع ما يبعث على اليأس في شروط الوجود الإنساني، خاصة بالنسبة لغير المؤمنين.

ويذكر كونت سبونفيل أن هذه كانت طريقته لمقاومة اليأس: “التفكير في الأمر حتى النهاية، ليس لبلوغ أمل جديد حيث لن يكون إلا خَيبَة، ولكن لغَزو مساحة فرح ممكن هو السعادة ذاتها”.

تحدي هذه المحاضرة المكتوبة، وفق ملقيها، تمثّل في تقديم مضامين مؤلَّفه الضخم المتشعِّب الصادر في مجلّدين، “مقالة في اليأس والغبطة”، فطرح سؤال: “كيف يمكنني الاحتفاظ، في ساعة أو ساعتين، بمحتويات 600 صفحة من الفلسفة، وأن أقدّم للحاضرين الأساسي في هذا التخصص (الأنا، والسياسة، والاستيطيقا، والأخلاق، والأخلاقيات، والميتافيزيقا، والروحانية…، وأن أقترح حكمة لعصرنا، إذْ كان ذلك هو الطموح من تنظيم المحاضرة”.

ويورد الأكاديمي الفرنسي أن نصّه هذا عندما نشر قبل عشرين عاما ببلده، بدا له منعزلا ومفارقا وجريئا ومتجاوزا وضد التيار، لكونه “فيلسوفا معاصرا يتحدث عن السعادة مثل القدماء!”. وهو ما انعكس في السنوات الأخيرة، حيث يوجد هذا الموضع “في قلب الموضة”.

ويذكر الفيلسوفُ أن من يعتقد أن الفلسفة توصل إلى السّعادة عبر الطريق الأقصر قد “أخطأ في فهمها”؛ لأن “كل فلسفة مسارٌ ملتفّ، عن طريق التفكير والمفهوم والاستدلال، لا قيمة لهُ إلا من خلال الهدف الذي ينزع نحوه: حياة أكثر تبصّرا وحرية وإدراكا، وأكثر سعادة وحكمة”.

الحكمة، وفق الكاتب، هي “أكبر قدر من السعادة في أقصى قدر من الوضوح”، وتصلح الفلسفة “للعيش بأذكى قدر ممكن، بالتفكير بشكل أفضل لأجل العيش بشكل أحسن”.

ويرى أندري كونت سبونفيل أن السعادة تختلف باختلاف الحضارات، لسببين؛ أوّلهما أن رغباتنا وأفكارنا تحمل علامة تاريخ اجتماعي قبل أن يكون فرديّا هو تاريخ سبقنا بعدّة قرون، بل بآلاف السنين، كما أنه، أخيرا، تاريخ جعل منا ما نحن عليه.

لكن، يستدرك الفيلسوف، الإنسانية واحدة والعقل كوني، وكونية العقل تسمح لنا بفهم بعضنا البعض، رغم تعددية اللغات، أو ربما بفضلها.

من هذا المنظور، يرى سبونفيل أن أيّ ترجمة “مرافعةٌ من أجل الإنسانية”، لتأكيدها أن “ما يجمعنا (العقل والإنسانية والروح) أكثر أهمية مما يفرّقنا أو يواجهنا ضدّ بعضنا في بعض الأحيان (اللغات والأديان والثقافات)”، ثم يجمل قائلا إن “هذا سببٌ لفرحي بهذه الترجمة”.

قد يهمك ايضا :

مسلمو هولندا يستقبلون شهر رمضان بمبادرة جديدة وبث صلاة التراويح عبر الإنترنت

موظفو الحرم المكي ينفذون إجراءات التباعد الاجتماعي في صلاة التراويح

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القري يترجم الفيلسوف الفرنسي أُندري كونت القري يترجم الفيلسوف الفرنسي أُندري كونت



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib