الدار البيضاء - محمد خالد
لم يكن رئيس "الرجاء" الرياضي البيضاوي لكرة القدم محمد بودريقة، يعتقد في يوم من الأيام أنه سيتعرض إلى السب والشتم من طرف جماهير النادي التي رفعت في وجهه كلمة "إرحل"، بعد توالي الخيبات والنتائج السلبية التي بصم عليها الفريق منذ موسمين، والتي ازدادت سوءًا خلال مطلع الموسم الجاري.
بودريقة كان مُخطئًا، لأنه " تزبب قبل أن يتحصرم"، أي تخطى المراحل الطبيعية التي يجب أن يتبعها أي رئيس نادٍ، حين ما يتولى رئاسة فريق ذو تاريخ عريق ومثقل بالألقاب ويتوفر على قاعدة جماهير كبيرة وشعبية جارفة داخل وخارج المغرب مثل "الرجاء".
فالمنطق كان يقتضي من بودريقة أنّ لا " يبيع الوهم" إلى جماهير الفريق، من خلال إطلاق وعود بإنجاز مشاريع ضخمة، لم يتحقق منها سوى القليل جدًا إلى الآن، وإنّ ما كان عليه أن يبدأ المشوار بالتدرج والواقعية خطوة خطوة، ليتمكن من بناء فريقًا قويًا قادرًا على المنافسة على الألقاب المحلية والقارية.
رئيس "الرجاء" أراد حرق الخطوات، وركز على "الشوو" والمظاهر والوعود، وتناسى أنّ العمل الجاد ينجز بترو وواقعية، بعيدًا عن الفرقعات الإعلامية الفارغة، صحيح أنه أتيحت له فرصة ذهبية بعد إنجاز "الرجاء" في مونديال الأندية في أواخر 2013، في أول عام لرئاسته للنادي، لكنه لم ينجح في استثمارها بالشكل الصحيح.
لم يكن على بودريقة أن يرفع سقف الطموحات لدى جماهير "الرجاء" التي تبدو الآن مصدومة من الوضعية الصعبة التي يمر بها الفريق، بعد ما كانت تُمني النفس برؤية فريقها ضمن صفوة القارة السمراء، بناءً وتماشيًا مع ما كان يروجه ويعد به الرئيس المغضوب عليه، لتستفيق من الأحلام الوردية التي عاشتها، على إيقاع كابوس مرعب يبدو أنّ بودريقة هو من سيدفع ثمنه، بسبب توجهاته، وسوء تدبيره.
فكيف إلى نادِ لا يؤدي أجور موظفيه في وقتها المحدد أن يتحدث عن دخول الاحتراف، وكيف يمكن لنادِ غيّر 7 مدربين في ظرف أقل من أربعة أعوام أن ينجح في بلورة استراتيجية تقنية واضحة ويحقق نتائج إيجابية، لهذا كان على بودريقة قبل أن يعد بالصعود إلى القمة، أن يُهيئ الظروف المناسبة لسلوك هذا الطريق من "الألف إلى الياء"، فالعنب أول ما يخرج يكون حصرمًا حامضًا، ثم ينقلب إلى عنب حلو، ثم إذا ترك بعد ذلك مدة جف الماء الذي في حباته وذبلت قشرته، وتحول إلى زبيب، هذا هو التطور الطبيعي لهذه الثمرة، والتسلسل المنطقي الذي يجب إتباعه في كل مناحي الحياة، عوض القفز فوق المراحل، الذي غالبًا ما يأتي بنتائج عكسية، كما حدث إلى صديقنا بودريقة.