المشاهد العربي وشيزوفرينيا الممنوعات المرغوبة

المشاهد العربي وشيزوفرينيا "الممنوعات المرغوبة"!

المغرب اليوم -

المشاهد العربي وشيزوفرينيا الممنوعات المرغوبة

بقلم - غيث حمور

ينددون بها، لكنهم يتابعوها.. يمقتوها، لكنهم يشاهدوها.. يسهبون في ذكر سيئاتها، لكنهم يحفظون ما يقال فيها عن ظهر قلب...
عبارات الشجب والتنديد تملأ الأثير المجتمعي خاصة الافتراضي منه، وبين العيب والحرام تتأرجح التعليقات المنددة، وبين الاتهام بالفجور واللاأخلاق تأتي المنشورات..
أما خدش الحياء، والإسفاف، والوضاعة، والانحطاط، فهي الأوصاف الأكثر استخدمًا في النعت.

هذا هو حال المواطن العربي مع الدراما العاطفية، المليئة بالجرأة، والتي تقدم الممنوع مجتمعيًا وعلى مستوى العرف والعادات والتقاليد، والمرغوب على ما يبدو واقعيًا.
فالمشاهد العربي، الذي يتهافت على مشاهدة ومتابعة هذه الأعمال، يبدو أنه تواق لها، ويجد فيها ما لا يمكن أن يكونه بحكم المجتمع.

إذ أن المسلسلات الجريئة أو الأفلام التي تكسر المباح وتدخل في المحظورات، بغض النظر عن جنسيتها، عربية، تركية، أوروبية، أم أميركية، أو مستواها فنيًا وفكريًا، فإنها تحصد أكبر نسب مشاهدة في الوطن العربي.

فيما تتصدر صور نجمات ونجوم هذه الأعمال، صفحات مواقع التواصل العربية، الفردية كانت أو العامة، في دليل آخر على إعجاب المشاهد العربي بما يقدمه هؤلاء النجوم وما يطرحوه في أعمالهم.

البعض يرى أن ذلك يعود للكبت المجتمعي الذي يعاني منه المواطن في الدول العربية على مختلف المستويات، إن كان ذلك من قبل المجمع الديني أو المجمع السياسي أو المجمع "العاداتي" المتعلق بالتقاليد.

فيما يعتقد آخرون أن السبب الأساسي وراء هذا الاعجاب والانبهار هو حالة الانفصال عن الواقع الذي يعيشه المواطن العربي، وحالة انفصام الشخصية "الشيزوفرينيا" المتأصلة في مجتمعاتنا والتي يعاني منها عدد كبير من سكان المنطقة العربية.

لكل مشاهد الحق في اختيار ما يريد متابعته، وأن يحب أو يكره ما يريد من الأعمال، وأن يختار قائمة أعماله، ولكن أن يشاهد بشغف عملًا ما، ويتابعه بكل تفاصيله ولا يفوت أي جزء منه، ويعود ليقول إن هذا العمل فيه انحلال أخلاقي مثلًا، أو إن العمل يخدش الحياء، فهنا تكمن المشكلة؟
 
 
الأمثلة كثيرة على ذلك، إن كانت عربية كما شهدنا متابعة حثيثة لبعض الأعمال السورية والمصرية "الجريئة" في رمضان الماضي، أو لاحقًا مع الأعمال التركية والأميركية التي تبث على مدار السنة.

كما ذكرت نحن هنا لسنا بصدد تقييم الأعمال فنيًا أو فكريًا، خاصة أن معظمها يفتقر لأبجديات المهنة، خاصة المصرية والسورية والتركية، وفي بعض الأحيان جزءً من الأعمال الأميركية.

ولكن أن يحصد مثلًا مسلسل تركي أو سوري، فيه ما فيه من مشاهد ساخنة وصور قوية وقصص عشق وغرام وانتقام وخيانة، أكبر نسب المشاهدة، فيما تتلقى هذه الأعمال ذاتها، من الجمهور ذاته، سيلًا من أحكام القيمة التي تتعلق بخدش الحياء والفجور واللاأخلاق وغيرها من الأحكام المشابهة، فهذا أمر يدعو للوقوف عنده.

وهنا يأتي السؤال الأهم: إذا كانت هذه الأعمال تزعجك لهذه الدرجة، وتخدش حيائك لهذا الحد، وفيها كل هذا الانحدار الأخلاقي الذي تتحدث عنه، فلماذا تشاهدها؟ ولماذا لا تتوقف عن مشاهدتها بعد الحلقات الأولى منها؟
والجواب يأتي من البعض: إما لأنك تحب أن تشاهد هذه الأعمال، وترغب في أن تكون بطلًا للقصص المقدمة فيها، وتحلم أن تقوم بهذه الأفعال اللاأخلاقية من وجهة نظرك؟
أو لأنك تعاني من انفصام شخصية، ولا تستطيع أن تميّز بين الوقع والخيال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشاهد العربي وشيزوفرينيا الممنوعات المرغوبة المشاهد العربي وشيزوفرينيا الممنوعات المرغوبة



GMT 13:35 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 11:06 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 20:08 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 10:17 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 12:46 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعاون جديد بين محمد سعد وغادة عادل بعد 25 عاما
المغرب اليوم - تعاون جديد بين محمد سعد وغادة عادل بعد 25 عاما

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 01:36 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

سميرة شاهبندر المرأة التي رأت صدام حسين باكيا

GMT 03:52 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامي ريكاردو كرم يُطلق مبادرة لدعم أطفال لبنان

GMT 15:23 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

كاف ترفض مقترح الوداد بدوري أبطال أفريقيا

GMT 07:05 2012 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تغريم مطعم لبناني بسبب لافتة خادشة للحياء

GMT 11:31 2015 الجمعة ,27 شباط / فبراير

المُـثـقـفـون والاصـلاح الـديـنـي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib