المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

المغرب اليوم -

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

بقلم : سارة طالب السهيل

تعاني المرأة من العنف في كل بيئات العالم، ويقع العنف على أساس نوع الجنس، فالتفوق الذكوري للازواج والاباء والابناء الذكور يدفع بوقوع العنف بحق النساء، في بعض الحالات بدلا من ان يكون البيت هو الملاذ الآمن للمرأة يتحول الى موطن الخطورة عليها.

غير تعنيف المرأة في عالمنا العربي له خصوصية ثقافية ترتبط بعادات وتقاليد تفرض على النساء أن يتكتمن على خلافاتهن الأسرية، ومآسيهن من عنف واهانة، نتيجة سيادة العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية التي تكرس للخصوصية والحفاظ على سمعة البيوت.

وسرعان ما تفقد المرأة المعنفة إنسانيتها اذا ما تعرضت للاهانة والضرب والطرد من بيت الزوجية وعدم النفقة وتواجه مصيرا مجهولا مع صغارها في الوقت الذي يلومها المجتمع ويلقي عليها بمسئولية الفشل في حماية بيتها واطفالها، وهكذا تكون الضحية التي تحتاج الى المساعدة في نظر الاعراف البالية هي الجاني!!!

فالثقافة العربية تفرض على المرأة لزوم الصمت والتحمل، وعدم التذمر أو الشكوى، والصبر على سوء معاملة الأب أو الأخ، ومن بعدهم الزوج أو حتى أهل الزوج، كما تحملها مسئولية الحفاظ على الاسرة مهما بالغ الزوج في بطشه وقسوته.

وكالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال تكرس الاعراف الاجتماعية لثقافة الطمس والصمت تجاه الفتيات ضحايا الاعتداء الجسدي اللواتي لا يجدن من يساعدهن من الاهل للخروج من هذه الكارثة، بل يعمد المجتمع الى اخفاء هذه الجريمة بوصفها عار اجتماعي يتوجب قهر الضحية مجددا اما بقلتها فيما يعرف بجرائم الشرف او تزويجها قسراً بنفس المجرم الذي اعتدى عليها.

بيوت الرعاية
الكثير من دولنا العربية أقامت مراكز وبيوت لإيواء النساء المعنفات، ولتوفير إقامة مؤقتة وآمنة لهن مع تقديم خدمات من الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية بما يسهل عمليات اعادة التأهيل والدمج الاجتماعي.
والبعض القليل من بيوت الرعاية، تعيد تأهيل المرأة وتمكينها اقتصاديا بالتدريب على اعمال تدر عليهن دخل يخفظ كرامتهن، غير ان اكثر هذه البيوت لا توفر آليات التمكين الاقتصادي، وتعاني من نقص التمويل.

وبالرغم من هذه التجربة المهمة لبيوت الرعاية الا ان عددها قليل قياسا على زيادة عدد النساء المعنفات، كما انها 
تحتاج الى التزود ببرامج لتأهيل المرأة مهنيا، في الوقت نفسه، فان المجتمعات العربية قد تصنف النساء المعنفات والهاربات من بطش الاب او الزوج على انهن سيئات السمعة رغم انهن اطهار وشرفاء، وان سوء السمعة تلحق بيوت الرعاية التي يتواجدن بها.

هذه النظرة المغلوطة قد تدفع مسئولي بيوت الرعاية الى التشديد مع النزيلات الضحايا مما قد يحول هذه الدور الى سجن موازي لعنف الآباء والازواج، وهذا يعني اننا في أشد الحاجة لاعادة تثقيف المجتمع بأهمية بيوت الرعاية ومقاصدها الشريفة في حماية المرأة المعنفة من التشرد والضياع الاجتماعي.

في ظني ان عالمنا العربي في اشد الحاجة للتوسع في انشاء المراكز الخاصة برعاية النساء المعنفات، والأخرى الخاصة بنشر الوعي وتغيير النظرة الدونية للمرأة، وكذلك التوسع في انشاء مراكز تأهيل الشباب قبل الزواج بحقوق المؤسسة الاسرية.

ولان الوقاية خير من العلاج، فان تجنيب المجتمع تعنيف المرأة يبدأ من الصغر عبر تعليم الطفل قيم احترام المرأة وتقديرها بعيدا عن الضرب، وتعليمه داخل الاسرة وداخل المؤسسة والمناهج التعليمية قيم المساواة في التعامل بين البنت والولد، مع اصلاح المنظومة الاعلامية التي تكرس لضعف المرأة واهانتها، مع نشر الوعي المتواصل بخطورة العنف ضد المرأة، وتحذير الرجال من العقاب الذي ينتظرهم حال ارتكابهم جرائم العنف بحق النساء.

و تلاشيا لهروب المرأة خارج البيت و انجرافها مع رفاق السوء او سفرها للخارج وهو بنظري خطأ فادح تقع به الفتاة او المرأة حين توسع دائرة المشكله للمجتمع الدولي فمن المؤكد ان بكل دولة مؤسسات داخليه تحمي المرأة من العنف و البطش سواء من والدها او اخيها او زوجها او ابنها 

ومن هذا المنطلق نطالب بحل المشكلات داخليا باحتواء المرأة المعنفه و التفاعل مع مشكلتها اولا بتوعية الأسرة سواء الاب او الزوج بثقافة احترام المرأة فهي كائن مساوي للرجل بالحقوق و الواجبات و هي مواطن درجة أولى مثلها مثل الرجل و لها حقوق في دولتها و حكومتها مثلها مثل الرجل فالتوعية تبدا من المدارس و الجامعات و دور العبادة و الخطاب الديني و وسائل الاعلام ببث برامج توعوية تكرس قيمة المراة و حقها بالعيش الكريم و حرية الرأي و الفكر و حقها في التعليم والعمل 

وثانياً سن القوانين التي تجرم الاعتداء علو المرأة سواء اللفظي او الجسدي بكافة أنواعه و تطبيق القانون بعيدا عن التستر بسبب العادات و الأعراف الاجتماعية فالمشكلة لا يمكن ان تحل الا بجذورها 

ثالثا وجود منصة شرعية تابعة للدولة تلجأ لها الفتاة او المراة في خال تعرضها للإهانة او الضرب و التعنيف تتكون هذه المنصة من سيدات ورجال منصفات يتبعن القانون و الأعراف الاخلاقية الرحيمة لكل الديانات وبهذا البند نكون قد جنبنا المراهقات او الفنيات من الشكوى او أخذ النصيحة ممن ليسوا اهلًا لها فينصحوها بالانحلال و الانحراف و الخروج عن القيم و المثل التي تحفظ لها كرامتها و تصونها كإنسانة كما تجنبها الهروب خارج إطار الاسرة او الوطن 
رابعا يشترط على منصة الشكوى ان تكون مربوطة بشكل أساسي بعد تفنيد المشكلة و تحليلها بمراكز متابعة مع المشتكية و اسرتها و التعهد و الالتزام بحل المشكلة و المتابعة اليومية مع المشتكية الى ان تحل مشكلتها 
خامسا بما يخص المشكلات الكبيرة التي لا يمكن ان تحل في ضَل تواجد الفتاة في نفس بيئتها ومحيطها يجب نقلها الى دار الرعاية والتأهيل بعلم اَهلها و إجبارهم على تقبل حكم المؤسسة التي تعمل بشكل حكومي وقانوني لحماية المواطنين لانهم في عهدة الدولة 

سادسا دور التاهيل ليست فندق او مكان للنوم والأكل و إنما مركز معد بشكل حرفي للتأهيل النفسي و دورات تدريبية لتقوية المرأة من الداخل لمواجهة الحياة و توازيا مع التأهيل النفسي يكون التأهيل المهني بتعليمها حرفة او صنعة تستطيع من خلالها العمل وكسب الرزق الحلال 

سابعا اذا اردنا كمجتمعات عربية محافظة على الإطار الأسري و شكل الاسرة التي نعهدها في مجتمعاتنا من ترابط و محبة يجب بالتوازي العمل على معالجة المُعَنٓف المعتدي على المراة بعلاج تربوي اخلاقي وتعديل القيم والسلوك المنحرف الذي يسلكه و الا كيف يمكننا اعادة ارسال المرأة المعنفه الى ذات البيت و ذات البيئة دون تغيير فتعود المشكلة وكأننا نرمي بجهودنا في البحر 

وفي النهاية أوجه كلمة لأولياء الامور بإعادة النظر بالقيم المغلوطة والانتباه الى نتائج أساليبهم الظالمة فهل فعلا أدت الى الانظباط ام الى الانحلال فالضغط يولد الانفجار اما المحبة و الرعاية الطيبة و زرع القيم الحميدة بأسلوب راقي وحنون ينتج أفراد صالحة لبيتها وأسرتها كما انني أوجه رسالة لكل رجل بأن المرأة ليست ملك احد اشتراها بل هي انسان خلقه الله ليعمر الارض يدا بيد مع الرجل وهي كائن صالح طالما زرعتم به الصلاح . و لا يزرع الصلاح بالعنف والقسوة ابدا وإنما بحسن التربية وإعطاء الوقت والاهتمام لهذا الزرع .و لم يكن أبدا تعليم المراأة و عملها مدعاة للفساد بل العكس لا تفسد الا المراة الجاهلة المعنفة الفاقدة للثقة بنفسها والتي تشعر بعدم أهميتها وعدم تأثيرها الإيجابي في مجتمعها هي التي تلجا للانحراف 

وختاما اتمنى ان يصل صوتي لاصحاب القرار لتبني مثل هذا المشروع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح



GMT 09:29 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

GMT 16:37 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 10:05 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

الطفولة العربية والمستقبل

GMT 12:12 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

العنف ضد المرأة حاجزا فى سبيل المساواة والتنمية

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib