طاحت الصمعة علقوا الحضرمي

طاحت الصمعة علقوا الحضرمي

المغرب اليوم -

طاحت الصمعة علقوا الحضرمي

توفيق بوعشرين

سابقة من نوعها تلك التي حدثت في جهة كلميم-السمارة، حيث خرج المواطنون وجمعيات المجتمع المدني وممثلو عدد من الأحزاب السياسية للاحتجاج على وزارة الداخلية، التي أقالت الوالي عمر الحضرمي من منصبه بعد مرور سنة واحدة فقط على تعيينه فيه، وتعيين والٍ جديد في الوقت الذي استبشر السكان هناك خيرا بمنهجية عمل الحضرمي، وتواصله معهم، وقيامه بفتح عدة أوراش اجتماعية واقتصادية وبيئية… والأهم أن سكان المنطقة رأوا في الوالي الجديد شخصا يحارب الفساد ويناهض التهريب المنتعشة تجارته هناك «على عينك يا ابن عدي»، وبرعاية سياسية من بعض المنتخبين الذين أقاموا شبكة لوجستيك كاملة لتهريب المواد المدعمة من الصحراء وإعادة بيعها في أكادير ومدن الداخل، والاستفادة من فارق السعر الكبير…

أول أمس نزل وزيرا الداخلية معا، حصاد والضريس، لتنصيب الوالي الجديد، وعرفت مدينة كلميم إجراءات أمنية مشددة لكي يمر حفل تنصيب الوالي الجديد دون حوادث تذكر، لكن المواطنين الذين مُنعوا من دخول قاعة التنصيب، نظموا تظاهرة احتجاجية في مكان قريب من مقر الحفل، رفعوا خلالها شعارات تقول: «الفساد برا برا كلميم حرة حرة».. «يا وزير الداخلية أنت شريك ولا ضحية؟».. «اللي معقول عفيتوه والشفار زكيتوه»…
هل سمعتم من قبل تظاهرة خرجت ضد إقالة والٍ أو عامل؟ أنا لم أسمع بذلك. أعرف عمالا وولاة تحسر الناس على إقالتهم، لكن آراءهم بقيت حبيسة المقاهي والدردشات، ولم تخرج تظاهرات ترفض قرار الدولة المركزي القاضي بتغيير ممثلها في الجهة…

ماذا يعني هذا؟

كان على وزارة الداخلية والحكومة أن تشرحا للسكان في كلميم والسمارة، وغيرها من مناطق الجهة، السبب الذي دفعهما إلى تغيير الوالي الحضرمي، الذي لم يمر على تعيينه في منصبه إلا سنة واحدة، هل أخفق في مهامه؟ هل سجلت عليه مخالفات أو تجاوزات أو تقصير في عمله؟ طبعا الداخلية لا تفسر قرارها لأحد، ورئيس الحكومة، الذي يتحدث في كل المواضيع، لم يشرح للرأي العام لماذا وافق على إقالة الحضرمي من منصبه؟ وما هي دواعي ذلك؟
انطباع الصحراويين الذين خرجوا يتظاهرون يقول إن الداخلية ظلمت الحضرمي، وإن الذين كان يجب عزلهم من مناصبهم هم خصوم الوالي وليس ممثل الدولة… هذا ما يستشف من التظاهرات التي خرجت، والبيانات التي وقعت، والعرائض التي تجوب البيوت في كلميم باب الصحراء، وأهل مكة أدرى بشعابها، فالمواطنون يعتقدون أن الذي أطاح بالوالي الحضرمي من منصبه ليس قرار الإدارة المركزية، ولا قرار وزير الداخلية، ولا قرار رئيس الحكومة.. الذي أطاح بالحضرمي من منصبه هو لوبي قوي في المنطقة، له تحالفات في الرباط نافذة، فبعد أن تضررت مصالحه في عهد الوالي الحضرمي، الذي تصدى لبعض للمنتخبين هناك وبدأ يحاسبهم ويدقق معهم ويراقب تجارتهم ويفضح أساليبهم، قرروا التخلص منه، وها هم قد نجحوا في ذلك، لهذا لم يتقبل الناس قرار إقالة الوالي…

هل هذا صحيح أم لا؟ أنا لا أملك الجواب الآن على الأقل، وإلى أن تتشكل لجنة للتحقيق مستقلة في هذه النازلة، فإن منهجية إعداد لائحة العمال والولاة بحاجة إلى مراجعة كبيرة، وطرق إعداد التقارير حول أداء الولاة والعمال بحاجة إلى مناقشة عميقة، وطرق تسرب ضغط اللوبيات إلى لوائح التعيين في المواقع الاستراتيجية بحاجة إلى شفافية ومعايير موضوعية، وإلى عقلانية أكبر، هذا هو عمق حادثة السير التي وقعت في كلميم، وستقع غداً في مدن وعمالات وولايات وأقاليم أخرى، لكن الجديد هو أن المواطنين لم يعودوا يخشون أحدا، ولا يلتزمون بقانون الصمت والخوف.. هذا هو الجديد في مغرب اليوم…

عندما كان وزير الداخلية، محمد حصاد، يخطب، أول أمس، في حفل تنصيب الوالي الجديد في كلميم، وعندما جاء على ذكر محاربة الفساد والتحلي بالنزاهة، قاطعه أحد المنتخبين الذي ينتمي إلى المعارضة، وقال له: «إن الوالي الحضرمي حارب الفساد»، فرد وزير الداخلية عليه قائلا: «كل شيء سيأتي في وقته.. ثقوا في دولتكم».

المنتخب الذي قدم شهادته عن الوالي أراد أن يقول للوزير: إن الحضرمي كان يحارب الفساد فلماذا أقلته، وجئت إلى هنا للحديث عن ضرورة محاربة الفساد؟ لكن الوزير لم يجبه؟ طلب منه أن يثق في دولته، والثقة -يا سيادة الوزير- لا تعطى بل تبنى. الثقة ليست شيكا على بياض يوقعه المواطن للدولة.. الثقة عقد موقع من الطرفين فيه حقوق وواجبات…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طاحت الصمعة علقوا الحضرمي طاحت الصمعة علقوا الحضرمي



GMT 18:25 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 18:23 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 18:19 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 18:17 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 18:14 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 18:10 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

GMT 18:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

شيطنة الجسد الأنثوى

GMT 18:01 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 22:02 1970 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها
المغرب اليوم - اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها

GMT 22:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي
المغرب اليوم - التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 15:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

التعليم عن بعد في مؤسسة في سطات بسبب انتشار "كورونا"

GMT 00:41 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

Ralph&Russo Coutureِ Fall/Winter 2016-2017

GMT 01:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نورتون يعرض منزله المميّز المكوّن من 6 غرف نوم للبيع

GMT 15:06 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تألق كيني ومغربي في نصف ماراثون العيون

GMT 00:29 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 08 أغسطس/آب 2025
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib