ما بين النظام السوري والجولان

ما بين النظام السوري والجولان

المغرب اليوم -

ما بين النظام السوري والجولان

بقلم - خيرالله خيرالله

ما تفعله إسرائيل حاليا هو قبض ثمن إبقاء بشّار الأسد في دمشق التي هي على مرمى حجر من الجولان. يدخل كلّ ما قاله دونالد ترامب في سياق طبيعي.

الجولان تمت مقايضتها مرة أخرى
هل حاول النظام السوري في يوم من الأيّام استعادة الجولان أم أن الجولان كان دائما ضمانة لبقائه؟

يطرح هذا السؤال نفسه بعد التغريدة التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب عن أن الوقت حان للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

لعلّ أهم ما في التغريدة الإشارة إلى أن إسرائيل تحتل الجولان منذ 52 عاما. ما الذي فعله النظام السوري طوال ما يزيد عن نصف قرن عندما احتلّت إسرائيل الجولان في العام 1967 في وقت كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع؟


Donald J. Trump

@realDonaldTrump
 After 52 years it is time for the United States to fully recognize Israel’s Sovereignty over the Golan Heights, which is of critical strategic and security importance to the State of Israel and Regional Stability!

178K
6:50 PM - Mar 21, 2019
Twitter Ads info and privacy
74K people are talking about this
الجواب، بكل بساطة أن الجولان كان في كلّ وقت ضمانة للنظام الذي أسّسه حافظ الأسد. فبعد ثلاث سنوات من احتلال إسرائيل للجولان في حزيران – يونيو 1967، انتقل حافظ الأسد إلى موقع المسيطر كلّيا على سوريا ابتداء من السادس عشر من تشرين الثاني – نوفمبر 1970.

بقدرة قادر، لم يلق الأسد الأب أي مقاومة في الانقلاب الذي نفّذه على خصومه. على العكس من ذلك، كانت هناك إحاطة دولية لـ”الحركة التصحيحية” التي قام بها. كذلك كان هناك تعاطف عربي مع ما قام به من منطلق أنّه كان لا بدّ من التخلّص من “البعث المغامر” ذي الميول اليسارية، الذي كان يتزعمه في سوريا ضابط علوي آخر اسمه صلاح جديد. كان صلاح جديد الرجل الأقوى في سوريا بين 1966 و1970، ما لبث حافظ الأسد أن وضعه في السجن الذي بقي فيه إلى آخر أيّام حياته.

منذ أصبح حافظ الأسد الحاكم المطلق لسوريا، خصوصا بعدما أصبح أوّل رئيس علوي للجمهورية في شباط – فبراير 1971، كان الرهان الدائم للنظام على حال اللاحرب واللاسلم، التي يرمز إليها وضع الجولان.

وجد النظام السوري في اتفاق فكّ الاشتباك مع إسرائيل مطلع العام 1974 بديلا من أيّ سعي فعلي للبحث جدّيا في أي انسحاب إسرائيلي من الجولان. أكثر من ذلك، كان الهدوء الذي تنعم به جبهة الجولان مدخلا للوجود العسكري السوري في لبنان الذي باركته إسرائيل بعد وضعها خطوطا حمراء له في 1976.

منذ توقيع اتفاق فك الاشتباك، أصرّ النظام السوري على بقاء مدينة القنيطرة التي انسحب منها الإسرائيليون مدمّرة. كانت حجته أن تدمير المدينة شاهد على وحشية إسرائيل. هل من حاجة إلى ما حلّ بالقنيطرة لمعرفة ما هي إسرائيل، بدل إعادة بناء المدينة وإعادة أهلها إليها؟

بالنسبة إلى النظام السوري، كان الجولان موضوع تجارة رابحة استخدم فيها لغة خشبية من نوع الإصرار على انسحاب إسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران– يونيو 1967، علما أن هذه الحدود لم تعد عند ضفاف بحيرة طبريا التي انخفض منسوب المياه فيها.

بقي حافظ الأسد متذرّعا في السنة 2000 بمياه بحيرة طبريا كي يفشل المحاولة الجدّية الأخيرة للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل تنسحب بموجبه من الجولان. قال في اللقاء مع الرئيس بيل كلينتون في جنيف قبل أسابيع من وفاته إنّه كان يصطاد السمك في مياه بحيرة طبريا عندما كان ضابطا صغيرا. تجاهل أن هذه المياه انخفض مستواها مع مرور السنوات وأن خط وقف النار في الرابع من حزيران – يونيو 1967 لم يعد حيث كان.

في الواقع، لم يرد حافظ الأسد يوما استعادة الجولان، بل كان كلّ همّه محصورا بالمتاجرة به واستخدامه كخط دائم لوقف النار مع إسرائيل. منذ توقيع اتفاق فك الاشتباك، الذي أمكن التوصل إليه مطلع العام 1974 بفضل هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأميركي وقتذاك، لم تعكّر رصاصة واحدة الجو في الجولان. كان هناك اتفاق سوري – إسرائيلي على إبقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة لتبادل الرسائل بين الجانبين، إن في أيّام السيطرة الفلسطينية على الجنوب اللبناني أو بعد ذلك عندما أصبح الجنوب في عهدة إيران، أي في عهدة “حزب الله”، الذي بقي محافظا على المهمّة المكلّف بها حتّى صيف العام 2006 عندما افتعل حربا مع إسرائيل. أجبرت تلك الحرب إسرائيل على تغيير قوانين اللعبة المتفق عليها وذلك عبر قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي سمح للجيش اللبناني بالعودة إلى جنوب لبنان للمرّة الأولى منذ العام 1975.

من حافظ الأسد إلى بشّار الأسد، انتقلت سوريا من عالم إلى آخر، خصوصا بعدما بدأت ثورة الشعب السوري في مثل هذه الأيّام من العام 2011. كان أفضل من عبّر عن طبيعة العلاقة الجديدة – القديمة بين إسرائيل والنظام السوري شخص اسمه رامي مخلوف، ابن خال بشّار الأسد.

في وقت كانت الثورة الشعبية في سوريا في بدايتها ربط رامي مخلوف في حديث مع الصحافي الأميركي اللبناني الأصل، أنتوني شديد الذي كان يعمل لصحيفة “نيويورك تايمز”، بين بقاء النظام السوري وحال الهدوء السائدة مع إسرائيل. كشف بكلّ صراحة عن تلك المعادلة التي تحكمت بالعلاقة بين النظام الذي أسّسه حافظ الأسد في 1970 والذي مهّد عمليا لقيامه باحتلال الجولان في 1967 من جهة والضمانة الإسرائيلية للنظام من جهة أخرى.

قال ما حرفيته في عدد “نيويورك تايمز” الصادر في العاشر من أيّار – مايو 2011، “إذا لم يكن هناك استقرار هنا، لا يمكن بأي شكل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل”.

لم تتدخل إسرائيل في سوريا على نحو مكشوف، علما أنّه كان في استطاعتها، منذ البداية، قلب المعادلة الداخلية بسبب قربها من الجنوب السوري ومن درعا تحديدا التي انطلقت منها الثورة السورية. لجأت إسرائيل إلى ضربات جوّية في مرحلة لاحقة اقتربت فيها إيران من خط وقف النار في الجولان، بقيت هذه الضربات الجويّة في إطار معيّن لا يؤثّر مباشرة على مصير النظام الذي لم يعد بالفعل موجودا بعدما صار تحت رحمة الإيراني والروسي.

ما تفعله إسرائيل حاليا هو قبض ثمن إبقاء بشّار الأسد في دمشق التي هي على مرمى حجر من الجولان. يدخل كلّ ما قاله دونالد ترامب في سياق طبيعي. في أساس هذا السياق معادلة جديدة تقوم على الربط بين التسليم باحتلال إسرائيل للجولان نهائيا من جهة، وبقاء بشار الأسد في دمشق بحماية الإيراني والروسي من جهة أخرى. هل هذه معادلة دائمة أم مجرّد معادلة مرحلية في انتظار ما سيفسر عنه الصراع بين موسكو وطهران على سوريا؟

لا يمكن الكلام عن معادلة دائمة بين سوريا وإسرائيل في ظلّ الخلل السوري الذي رفض رامي مخلوف الاعتراف به. فابن خال بشّار الأسد لم يستوعب منذ البداية أنّ النظام انتهى في اليوم الذي خرج فيه من لبنان في نيسان – أبريل 2005 نتيجة مشاركته في عملية اغتيال رفيق الحريري والتحضير لها.

ما لم يستوعبه أكثر من ذلك أن لعبة المحافظة على الاحتلال الإسرائيلي للجولان وعلى حال اللاحرب واللاسلم لا يمكن إلّا أن تنقلب على النظام الذي تأسّس بالفعل قبل 52 عاما وكان ثمنا قبضه طوال ما يزيد على نصف قرن. كان ذلك الثمن كافيا كمكافأة على ما حدث في 1967… بعدما تبيّن أن الكثير تغيّر على الأرض السورية وبعدما استفادت إسرائيل من كل الفرص التي أضاعها الأسد الأب والأسد الابن من أجل استعادة الجولان على غرار استرجاع أنور السادات لسيناء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين النظام السوري والجولان ما بين النظام السوري والجولان



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال

GMT 18:55 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أجدد صيحات الأحذية من أسبوع الموضة في ميلانو

GMT 22:19 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

مقاييس الأمطارالمسجلة خلال 24 ساعة في المغرب

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 03:55 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ليكسوس العرائش يفوز خارج ميدانه على الفتح الرياضي بـ (88-65)

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الرجاء الرياضي يمنح المدرب لسعد الشابي هدية بعد إقالته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib