لبنان مشاريع انقلابية مؤجلة

لبنان... مشاريع انقلابية مؤجلة

المغرب اليوم -

لبنان مشاريع انقلابية مؤجلة

بقلم - مصطفى فحص

لم ينجح رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في مناورته الدستورية، وعاد وسحب تهديده بنقل أزمة تشكيل الحكومة إلى مجلس النواب، بعد مرور أكثر من 200 يوم على تكليف الرئيس الحريري تشكيلها.

أراد عون ومن خلفه حلفاؤه تخيير الحريري بين القبول بشروطهم في التشكيل وبين خيار الإقصاء عبر مجلس النواب، من خلال التلويح بمخرج قانوني يستندون إليه في قراءتهم للمادة الدستورية التي تمنح رئيس الحكومة المكلف مدة غير محدودة زمنياً للتأليف، وكان من المرجح أن يناقش مجلس النواب الذي يمتلك فيه «حزب الله» الأغلبية، المخرج المناسب للالتفاف على هذه العقدة الدستورية، عبر طرح نواب قوى «الثامن من آذار» مشروع سحب تكليفهم من الحريري، والطلب من رئيس الجمهورية الدعوة إلى مشاورات نيابية جديدة، للاتفاق حول تكليف شخصية سنية أخرى تشكيل الحكومة، وكان من المرجح أن يكلف النائب عن مدينة طرابلس فيصل كرامي بهذه المهمة، وقد ظهر ذلك بعد تلميحه قبل أيام عبر حسابه على شبكة «تويتر» إلى أنه مستعد لتحمل المسؤولة والقيام بتشكيل الحكومة إذا تم تكليفه بذلك، وقد عزز هذا الاعتقاد ما نقلته وسائل إعلام لبنانية عن مصدر مسؤول في «حزب الله»، قوله: «إذا كان يحق بالدستور للنواب سحب الثقة من الحكومة ورئيسها بعد التأليف، فمن البديهي أن يحق لهم سحبها قبل التأليف، ونوابنا السنة جاهزون للبدء بسحبها فور إعطائهم الضوء الأخضر». فيما رجحت بعض المصادر أن تقوم كتلة نواب «8 آذار» بمطالبة الحريري بتقديم تشكيلته الوزارية إلى مجلس النواب، والتي ستفشل في نيل الثقة، فيتم إسقاطها، وعندها يكون التكليف قد سقط تلقائياً من الحريري.
رغم تراجع الرئيس عون عن قرار اللجوء إلى البرلمان الذي سربته الدائرة الإعلامية في القصر الجمهوري منذ أسبوع تقريباً، فإنه لم يقدم حتى الآن حلاً متوازنا للأزمة الحكومية يرضي كافة الأطراف. وبعد استقباله رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي رفض الإدلاء بأي تصريح بعد خروجه من قصر بعبدا، فإن مصادر مقربة من قصر عين التينة مقر إقامة بري، سربت أن الرئيس بري نصح عون بالتشاور مع الحريري، بدلاً من بعث رسالة إلى مجلس النواب. كما استقبل عون رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي قال بعد الاجتماع إنه سيغادر إلى خارج لبنان، وفي هذا الوقت يكون الرئيس عون قد استكمل مشاوراته، وبعدها يكون هناك حلول.

كلام الرئيسين بري والحريري بعد اجتماعهما برئيس الجمهورية يوم الاثنين الفائت، يوحي بأن الأخير لم يقدم حتى الآن حلاً عملياً للخروج من أزمة تمثيل نواب «حزب الله» السنة، الذين استخدمهم في عرقلة التأليف، هذه المعضلة جعلت ما تبقى من مؤسسات الدولة رهينة بين إرادتين: صعوبة الوصول إلى تسوية ترضي الحريري المتمسك برفض إعطاء مقعد وزاري لسنة «حزب الله»، وبين «حزب الله» الذي يرهن مشاركته في حكومة الحريري العتيدة بشرط انضمام حلفائه السنة إلى التشكيلة الوزارية. هذا التجاذب بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، وضع الرئيس عون الحائر في منطقة رمادية ضيقة، لا يمكنه أن يقيم فيها طويلاً، نتيجة لعوامل عدة داخلية وخارجية، فما يسمى «العهد» بات عالقاً بين معضلتين: الأولى الحفاظ على التسوية الرئاسية التي قامت على التفاهم مع الحريري، والثانية كيفية حفاظ عون على ورقة تفاهم «مار مخايل» بينه وبين «حزب الله»، حماية للامتيازات التي حصل عليها التيار الوطني، نتيجة ارتباطه السياسي بـ«حزب الله».

وعليه، فإن بموقف الرئيس بري المرن من الرئيس الحريري، وتقديمه طرحاً يقضي بتنازل الرئيس عون عن مقعد وزاري من حصته لصالح سنة «8 آذار»، يكون «حزب الله» عبر المخرج الذي قدمه بري قد رمى الكرة في ملعب عون، وهذا ما يعكس تحولاً ظرفياً في موقف «حزب الله» من أزمة التشكيل، وعلى الأرجح أن الحزب يرغب في تهدئة الجبهة الداخلية في هذه المرحلة، نظراً لظروف اقتصادية داخلية وإقليمية مقلقة، نتيجة تضييق خناق العقوبات على إيران، إضافة إلى أن «حزب الله» لا يمانع من إشراك الحريري في سلطة يطوقها بقوته ويخضعها لشروطه، التي تمكن من خلالها من إخضاع كافة الأطراف الشريكة في السلطة، ففي هذه المرحلة يتعامل «حزب الله» كعادته مع القوى السياسية اللبنانية «بالقطعة»، وهي علاقة لا تتجاوز فكرة التفاهمات المؤقتة المرتبطة بظروف إقليمية، تفرض عليه في بعض الأحيان حماية مصالحه باللجوء إلى تسويات داخلية، ليس بالضرورة أن تدوم طويلاً؛ لكنها في النهاية ستمنحه الوقت من أجل تنفيذ مشروعاته، الأمر الذي يدعو إلى طرح السؤال الأخطر على التركيبة اللبنانية: هل ما كان يُحضر للبنان هو انقلاب على الحريري، أم أنها مقدمات للانقلاب على «الطائف»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان مشاريع انقلابية مؤجلة لبنان مشاريع انقلابية مؤجلة



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد
المغرب اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib